جرم التشويش في جلسات المحاكمة
نرى في الكثير من المحاكمات ولا سيما في دور القضاء المصرية رد الفعل الفوري على مضمون الحكم بعد النطق به وفي الغالب يكون الاستحسان والهتاف بصوت عال :
يحيا العدل ……… يحيا العدل
حيث يشعر المتهم المبرئ بوصوله لحقه فيما لو صدر القرار بتبرئته
أو ينطق بها الادعاء الشخصي عند الحكم على المتهم بعقوبة شديدة ولا سيما بالإعدام في حال الجرائم الخطيرة كالقتل والسلب فيشعر ورثة المغدور بإحقاق العدالة من خلال النتيجة التي وصلت إليها المحكمة وأثلجت صدورهم
وقد أتى المشرع السوري على هذه الجرائم في سياق نص قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري وليس قانون العقوبات حيث ورد في القانون المذكور ما يلي :
المادة 396
1-إذا بدر من احد الحاضرين أثناء انعقاد المحكمة في جلسة علنية أو أثناء إجراء تحقيقات في محل ما على مرأى من الجمهور علامة استحسان أو استهجان أو حركة ضوضاء بأية صورة كانت أمر رئيس المحكمة أو المحقق بطرده.
2- فإذا أبى الإذعان أو عاد بعد طرده أمر القاضي بتوقيفه وإرساله مع الأمر الصادر بهذا الشأن إلى محل التوقيف فيبقى موقوفا أربعاً وعشرين ساعة على الأكثر.
المادة 397
1- إذا تخلل الضوضاء إهانة أو اعتداء آخر يستلزم عقوبة تكديرية أو جنحية أثناء المحاكمة أجرت المحكمة تحقيقا في الحال وقضت بالعقوبة التي يستوجبها الفعل قانونا.
2- يخضع حكمها هذا لطرق المراجعة التي تخضع لها الأحكام الصادرة عنها.
المادة 398
إذا كان الجرم الواقع جناية نظم رئيس المحكمة محضرا بالواقع وأمر بتوقيف المدعى عليه وإحالته على النائب العام لإجراء المقتضى.
-===
ثم أتى قانون العقوبات ضمن الباب الرابع حول الجرائم المخلة بالإدارة القضائية تحت عنوان الحصانة القضائية والأعمال التي تعرقل سير العدالة داعماً لهذا النص بعد أن تم الحكم وفق قانون الأصول حيث نصت المادة 408 على ما يلي :
من وجد في مكان يجري فيه تحقيق قضائي وخالف أمر الإخراج الصادر عن القاضي الذي يدير الجلسة، أوقف بأمر القاضي وحكم عليه بالحبس التكديري أربعاً وعشرين ساعة فضلاً عما قد يتعرض له من عقوبات أشد تنزلها به المحكمة ذات الصلاحية عند الاقتضاء .
والتساولات التي تطرح نفسها بعد هذه النصوص :1
ـ في كل جرم يكون إما هناك حق شخصي يتوقف تحريك الدعوى العامة على التقدم به أو يمكن ذلك كما في جرم التزوير على سبيل المثال وغيره من الجرائم التي لا يتوقف تحريك الدعوى العامة فيها على الشكوى فهل جرم التشويش هذا المنصوص عنه في المادة 396 ملزم للقاضي أم له السلطة التقديرية ؟؟ حيث جاء الصياغة عامة غير موضحة فلم ترد بصيغ وجوب أو جواز بل وردت :
أمر رئيس المحكمة أو المحقق بطرده .
فهل يعتبر الجرم واقع على السلطة القضائية كسلطة عامة أم حق شخصي للهيئة لها التنازل عنه ؟؟
2 ـ في المادة 397 ورد :
1- إذا تخلل الضوضاء إهانة أو اعتداء آخر يستلزم عقوبة تكديرية أو جنحية أثناء المحاكمة أجرت المحكمة تحقيقا في الحال وقضت بالعقوبة التي يستوجبها الفعل قانونا.
2- يخضع حكمها هذا لطرق المراجعة التي تخضع لها الأحكام الصادرة عنها.
أولاً : هنا نرى محاكمة سريعة فورية الهيئة المعتدى عليها هي الخصم والحكم هذا من ناحية فهل هذا جائز قانوناً ؟؟ إذا كان القانون ينص على أنه لا يجوز لقاض تولى وظيفة النيابة العامة بدعوى في مرحلة الحكم فيها بمرحلة أخرى حيث ورد في المادة 24 أصول محاكمات جزائية سوري :
المادة 24
لا يجوز لقاض أن يحكم بالدعوى التي تولى وظيفة النيابة العامة فيها.
ثانياً : بخصوص طرق المراجعة فلو فرضنا أن الجرم وقع في محكمة الاستئناف فهل هذا يعني حرمان المدعى عليه من درجة من درجات التقاضي وخضع الحكم للنقض فوراً ؟؟ رغم أن الجنحة المماثلة له لو وقعت خارج هذا المكان لحكم بها من درجة أولى ثم استئناف ثم نقض فهل هذا النص دستوري ؟؟
ثالثاً : ورد النص على ذات الفعل في قانون العقوبات تحت عنوان عرقلة سير العدالة فهل الاستحسان أو الاستهجان بعد صدور الحكم يعتبر منطبقاً عليه هذا الوصف بأنه معرقل لسير العدالة ؟؟ وما وجه العرقلة بعد أن رفعت المحكمة يدها عن الدعوى بالنطق بالحكم ؟
هذا بعض ما وجدته في هذه النصوص من تساؤلات لا بد وأن نقاشكم المثمر سيكشف عن مزيد .
__________________
المحامية مجد عابدين
سوريا
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً