وضعية القاصر في ظل مدونة الأسرة
الحماية القانونية للطفل القاصر في مدونة الأسرة.
وضعية القاصر بعد انحلال ميثاق الزوجية
حق الطفل في النفقة والسكن
من الحقوق التي أثبتتها الشريعة الإسلامية للأولاد على الأباء النفقة التي تدخل في إطار نفقة الأقارب فالأولاد يستفيدون من نفقة الأب ذكورا كانوا أو إناثا إلى حين بلوغهم سن الرشد القانوني أي مرحلة الاعتماد على النفس غير أنه لا تسقط في كل الأحوال نفقة البنت إلا بتوفرها على الكسب أو بوجوب نفقتها على زوجها فالنفقة تبقى مستمرة حتى تتزوج وحينئذ تسقط عن الأب النفقة المفروضة لها لأن نفقتها تجب على زوجها بمجرد البناء و كذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها أما إذا كانوا الأولاد يطلبون العلم في إحدى المدارس أو الكليات فإن نفقته تجب دائما على الأب إلى أن ينهوا دراستهم خصوصا إذا أبانوا عن رغبة ونشاط ونتيجة في الدراسة الأمر الذي دفع بالمشرع إلى تحديد مدة انتهاء النفقة في سن الخامسة والعشرين في مدونة الأسرة عوض إحدى وعشرين سنة في مدونة الأحوال الشخصية فالرفع من هذه المدة ليسمح للطالب النجيب بإكمال دراسته في ظروف ملائمة .
وتبقى نفقة الأولاد واجبة على الأب ما عدا إذا عجز كليا أو جزئيا عن الإنفاق وفي هذه الحالة وجبت النفقة على الأم إذا كانت مسيورة بمقدارها عجز عنه الأب ويتضح أن مساهمة الأم الميسورة في النفقة جاءت على سبيل الاحتياط فقط حيث اشترط المشرع أن تكون ميسورة ومفهوم الشرط أنه إذا لم تكن الأم ميسورة فهي غير ملزمة بالإنفاق عليهم ويتجلى أيضا أن وجود الأولاد هو الذي يبرر هذه المساهمة لأنه يحق للزوجة أن تطلب التطليق بسبب إخلال الزوج بالنفقة الواجبة عليه ويستمر إنفاق الأب على الأولاد المصابين بإعاقة والعاجزين عن الكسب. ويحكم بنفقة الأولاد من تاريخ التوقف عن الأداء طبقا لما تقتضي به المادة 200 من مدونة الأسرة وكل توقف ممن تجب عليه النفقة على الأولاد لمدة أقصاها شهر عن الأداء دون عذر مقبول تطبق عليه أحكام إهمال الأسرة .
أما حق الطفل في السكن وبما أن في الأصل أن المحضون يسكن مع والديه لكن المشكل يطرح عند انحلال ميثاق الزوجية بسبب الطلاق أو التطليق حيث يحدد القاضي مبلغ النفقة والحضانة وكذا السكنى لكن المشرع إعتبر تكاليف سكن المحضون منفصلة من حيث تقديرها عن بقية التكاليف وعلى هذا الأساس فإنه ملزم بأن تحدده المحكمة ” لأولاد ” محلا لسكناهم وأن يؤدي المبلغ الذي تحدده المحكمة حيث تقدره حسب يسر أو عسر الأب .
وسنقوم بتخصيص هذا المبحث إلى أربعة مطالب المطلب الأول نتناول فيه ماهية النفقة والمطلب الثاني مقدار النفقة والمطلب الثالث طرق استخلاص النفقة والمطلب الرابع نتحدث فيه عن حق الطفل في السكن .
المطلب الأول : ماهية النفقة
النفقة لغة الإخراج والذهاب يقال نفقت الدابة إذا خرجت من ملك صاحبها بالبيع والهلاك، كما تطلق على معنى الصرف يقال أنفق ماله أي صرفه ” وفي الاصطلاح” فهي إخراج الشخص مؤونة من تجب عليه النفقة من خبر وكسوة وما يتبع ذلك من ثمن ماء ودهن ومصباح ونحو ذلك وحكمها التي توصف به وهو الوجوب فتقول النفقة واجبة على الزوج أو الأب أو السيدة فالنفقة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع فنجد أولا بالكتاب هناك آيات عديدة في هذا الإطار من بينها قوله تعالى ” الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم “ أما بالنسبة للسنة النبوية فهناك أحاديث كثيرة في هذا الموضوع منها ما يلي قوله صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب المسلمين في حجة الوداع ” اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن فكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف” أما دليل وجوبها بالإجماع فقد أجمع الأئمة باختلاف مذاهبهم ومنذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على وجوب النفقة على الزوج لزوجته ولم يخالف ذلك أحد أما بالنسبة لوجوبها القانوني فقد نظم المشرع المغربي النفقة الزوجية باعتبارها التزاما يتقل كاهل الزوج وذلك في المواد من 194 حتى 196 من مدونة الأسرة .
المطلب الثاني : مقدار النفقة
تشمل النفقة حسب مقتضيات المادة 189 من مدونة الأسرة الغداء والكسوة والعلاج وما يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد مع مراعاة أحكام المادة 168 من نفس المدونة وحسب المشرع دائما يراعي في تقدير النفقة الواجبة على الزوج التوسط ودخل الملزم بالنفقة وحال مستحقها ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي تعرض فيه تلك النفقة .
ويظهر من هذا المقتضى أن تقرير النفقة مما يندرج ضمن السلطة التقديرية لمحكمة الأسرة، وان العناصر المشار إليها في المادة 189 إنما هي توجيهات وهي أساسا إلى توحيد كيفية إعمال تلك السلطة من جانب القضاء ومن ثمة يجب أن تحتل مكانا في التعليل .
ومما يجب أخذه بعين الاعتبار كذلك إعمالا لتلك السلطة وما قررته المادة 19 من مدونة الأسرة التي تقضي بما يلي :
تعتمد المحكمة في تقدير النفقة على تصريحات الطرفين وحججهما استنادا إلى أحكام المادتين 85 و 189 أعلاه ولها أن تستعين بالخبراء في ذلك ” ويتعين البث في القضايا المتعلقة بالنفقة خلال شهر ” .
المطلب الثالث : طرق استخلاص النفقة
تعتمد المحكمة في تقدير النفقة على تصريحات الطرفين وحجمها مراعية أحكام المادتين 85 و 189 أعلاه ولها أن تستعين بالخبراء ويتعين البث في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد، وتعمل المحكمة على إصدار حكم يقيد في تقدير النفقة تقديرا منصفا تراعي فيه مداخيل الملزم ولكي يتأتى لها ذلك لابد من الإعتماد على جميع الوسائل الإثباتية التي تبين مداخيل الملزم بالنفقة ولها في ذلك أن تستند على أية وثيقة تساعد في الوقوف على المداخيل الحقيقية. إضافة إلى تصريحات الطرفين ، أي الملزم بالنفقة والمستفيد منها خصوصا الزوجة في حالة انحلال ميثاق الزوجية . وتراعي في ذلك مقتضيات المادة 85 من حيث مستوى الإنفاق على الأبناء وسكناهم عند الافتراق إضافة إلى مراعاة مشمولات النفقة ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة طبقا لمقتضيات المادة 189 وعلى هذا الأساس فإن الوقوف على تقدير النفقة يحتم على المحكمة أن تراعي ما سبق وأن تعمل على اعتماد جميع الوسائل الإثباتية ولها أن تستعين بالخبرة أو إجراء بحث اجتماعي في تقدير النفقة وقد حدد المشرع للمحكمة أجل شهر للبث في القضايا المتعلقة بالنفقة حيث عليها أن تعمل بهذا من أجل إصدار حكمها خلال هذه المدة حفاظا على مصالح المرأة والأبناء .
والمسألة هنا تصطدم بصعوبات تتمثل في أن الزوجة تريد الإبقاء على البث لحضانة أبناءها وستر نفسها لأنه من الصعب عليها إيجاد سكن وهي بذلك تعتبر محتلة لبيت الزوجية .
والقضاء المغربي عند النظر إلى الموضوع تطبيقا لأحكام مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لم يستقر على رأي, فهناك قرارات متضاربة في الموضوع فإذا اعتبرت محتلة لبيت الزوجية فإن الأمر يثير مشاكل اجتماعية جمة عندما يقدف بها خارج البيت هي وأبناؤها وعلى اعتبار أن الطلاق يأتي بعد محاولات صلح كثير ولا يلجأ إليها الزوج إلا بعد استنفاد جميع سبل الصلح بل إن الزوجة قد تكون هي السبب فإذا أخذت السكنى تكون قد أزمت الموقف بأخدها السكن الذي هو في ملكية مطلقها الذي يقدف به إلى الشارع هل يلجأ لكراء منزل آخر بنصف مرتبه بينما ديون البيت الأول لازالت تلاحقه إذن الأمر في غاية الصعوبة مما جعل بعض الفقه يذهب إلى ضرورة وضع نص تشريعي خاص أو الحسم في الأمر أمام القاضي .
ومن هذا المنطلق ونظرا لما خلفته مقتضيات مدونة الأحوال الشخصية من مشاكل فيما يخص سكن المحضون ونظرا للمناداة بإعادة النظر في هذا الموضوع جاءت مدونة الأسرة لتقرر عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون بمعنى أن يهيئ لأبنائه سكناهم .
المطلب الرابع : حق الطفل في السكن
حسب المادة 168 من مدونة الأسرة تعتبر تكاليف سكن المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرهما ولهذا يجب على الأب أن يهيء لأولاده محلا لسكناهم وأن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه مراعية في ذلك أحكام المادة 191 , لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان إستمرار تنفيد هذا الحكم من قبل الأب المحكوم عليه .
والأصل أن المحضون يسكن مع والديه لكن المشكل يطرح عند انحلال ميثاق الزوجية بسبب الطلاق أو التطليق حيث يحدد القاضي مبلغ النفقة والحضانة وكذا السكنى فالمشرع إعتبر تكاليف سكنى المحضون منفصلة من حيث تقديرها عن بقية التكاليف وعلى هذا الأساس فإنه ملزم بأن يخص للمحضون محلا لسكناه وأن يؤدي الأب المبلغ الذي تحدده المحكمة لكراء هذا البيت حيث تقدره حسب يسر أو عسر الأب وكذا حسب ما نصت عليه المادة 191 وإذا بقي المحضون وحاضته أمه في بيت الزوجية بعد أن غادر الأب بعد الانفصال الأمر الذي يثير الكثير من المشاكل للحاضنة في مواجهة صاحب البيت حيث يعتبرها محتلة له بدون سند قانوني وقد ترفض مغادرته بعد انتهاء العدة الأمر الذي يجعل مالك البيت يطالبها بالإفراغ اللائق بهم وأن يؤدي مبلغ السكن الذي حددته المحكمة ، وربما ستتير هذه الأحكام مشاكل كثيرة فيما يخص واجبات المكري وبقاء المرأة في البيت خصوصا، وإذا تماطل الأب في تنفيذ أو غاب أو فر دون واجباته بما في ذلك تكاليف السكنى وتفاديا لما قد يقع من مشاكل فإن المحكمة ملزمة بتحديد الإجراءات الكفيلة في ضمان استمرار تنفيذ نتائج الحكم من طرف الأب المحكوم عليه .
اترك تعليقاً