طرق ممارسة السلطة
تختلف الانظمة السياسية فيما بينها حول كيفية تشكيل مؤسساتها الدستورية المركزية و طريقة عملها و اختصاصاتها و علاقتها ببعضها البعض كما تتباين بشأن مدى أولويتها على الاخرى و طبيعة اشراك الشعب في ممارسة السلطة و لكل منها طريقتها في تنظيم كيفية ممارسة السلطة التي تعتمد على الانتخاب الذي هو مجال تدخل الاحزاب و تنافسها و اداة وصولها إلى السلطة .
-المبحث الأول : المؤسسات المركزية الأساسية للدولة :
تقوم الانظمة السياسية المختلفة على مؤسسات اساسية مركزية منظمة بواسطة الدستور الذي يبين كيفية تشكيلها و اختصاصاتها و علاقتها ببعضها و هذه المؤسسات هي المؤسسة التنفيذية و التشريعية و القضائية و سوف نحاول في هذا الباب دراسة هذه السلطات في مختلف الانظمة و علاقتها ببعضها البعض
المطلب الأول : المؤسسة التنفيذية
يوجد على رأسها شخص واحد ملكا او امبراطورا او ديكتاتورا او رئيس جمهورية يهيمن عليها و يطلق عليه ايضا رئيس الدولة و هو الذي يعين مساعديه غير ان هذه الهيمنة تختلف من نظام لآخر من حيث القوة فتكون قوية و مركزة في النظام المطلق (ديكتاتوري,امبراطوري,ملكي مطلق) و الشمولي . و تتدرج الى اقل قوة في النظام الرئاسي حيث يهيمن رئيس الدولة على السلطة التنفيذية دون منازع , ثم الى النظام شبه الرئاسي الذي تشارك فيه الوزارة رئيس الدولة في ممارسة السلطة التنفيذية الى النظام البرلماني حيث الرئيس او الملك لا يمارس اية سلطة تذكر و انما تعهد دساتير هذه الانظمة بممارستها الى الوزارة التي تكون مسؤولة امام البرلمان اما الرئيس او الملك في هذا النظام فدوره شرفي . ثم تتدرج هذه القوة الى حكومة الجمعية التي يتعين فيها على الحكومة و لو نظريا التقيد بتوجيهات البرلمان.
اما فيما يتعلق بمفهوم السلطة التنفيذية فيشمل كل الموظفين الذين يشاركون في تنفيذ القوانين بدءا من رئيس الدولة حتى آخر موظف في السلم الاداري للدولة و الاختصاص المعقود لها.و تختلف الانظمة فيما بينها في كيفية اختيار الرئيس لذلك سنقوم بتقسيم هذه الانظمة الى برلمانية و غير برلمانية حتى يتسنى لنا دراسة كل نظام على حدى
الفرع الاول : السلطة التنفيذية في النظام غير البرلماني :
حيث يقوم تشكيل السلطة التنفيذية في النظام غير البرلماني على مبدأ تجميع السلطة التنفيذية في يد جهة واحدة هي الملك او الامبراطور او الديكتاتور او الرئيس و تختلف اختصاصات رئيس السلطة في هذه الانظمة بحسب اسلوب الحكم
اولا في النظام الملكي : و تختلف اختصاصات الملك بحسب ما اذا كان النظام ملكيا مطلقا او مقيدا ففي النظام المطلق تكون السلطة مركزة في يد الملك لا يمارسها الا من يسمح له الملك بذلك اما في النظام الملكي المقيد فالسلطة بيد الشعب يمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين على شاكلة النظام البرلماني
ثانيا : في النظام الرئاسي: حيث تتجمع السلطة التنفيذية في يد الرئيس و تكون منفصلة عن السلطتين التشريعية و القضائية
ثالثا : في النظام شبه الرئاسي : رغم هيمنة رئيس الدولة على السلطة التنفيذية تشاركه في ممارستها الوزارة التي غالبا ما تكون مسؤولة امام البرلمان
رابعا :في النظام الكلي:و هو النظام الذي تتسم به الدول التي تأخذ بالاشتراكية حيث تكون السلطة في يد رئيس الدولة الذي يكون غالبا امينا عاما للحزب
خامسا : في النظام الديكتاتوري : و يتميز هذا النظام عن غيره بتجميع كل السلطات في يد الرئيس فيكون بذلك هو المشرع و المنفذ و المطبق له مساعدون لا يملكون سلطة و لا ممارستها الا بالقدر الذي يسمح به الديكتاتور اذ ان الوزير في هذا النظام يعين دون استشارته و لا يحق له ان يستقيل لان ذلك معناه معارضة النظام
الفرع الثاني : السلطة التنفيذية في النظام البرلماني :
يقوم تشكيل السلطة في النظام البرلماني على مبدأ الازدواجية للرئيس و الوزارة
أولا الرئيس : الرئيس او الملك في النظام البرلماني لا يملك سلطة فعلية ذلك ان كل التصرفات ذات الصلة بالمجال التنفيذي معقودة للوزارة و من ثمة فإن التصرفات التي يجريها الرئيس لا تترتب عنها مسؤوليته و انما تترتب عنها مسؤولية الوزارة لاشتراط موافقتها او احد اعضائها على تصرفات الرئيس حتى تكتسب الصفة القانونية الملزمة
و مهما يكن فإن رئيس الدولة في ظل هذا النظام يقوم بدور اساسي في استقرار النظام لترفعه عن التنافس و الصراع السياسي بين الاحزاب
ثانيا : الوزارة : و تتألف من رئيس الوزراء و الوزارة و غالبا يكون رئيس الوزراء هو نفسه رئيس الحزب الذي يتمتع بالاغلبية البرلمانية و باعتباره المهيمن على السلطة التنفيذية تناط به مهمة توحيد جهود الوزراء و رسم السياسة العامة و الوزارة و هي على العموم تنقسم الى فئتين : فئة مسؤولة على وزارات كالخارجية و الداخلية و مختلف الوزارات السياديةو الفئة الثانية ليس لاعضائها وزارات و ان كانو يعاملون كأعضاء الفئة الاولى و تختص الوزارة في ظل النظام البرلماني ببمارسة السلطة التنفيذية من تنفيذ القوانين و رسم السياسة العامة للدولة و تقديم مشاريع قوانين للبرلمان و ادارة المرافق العمومية و الاشراف على الهيئات اللامركزية.
السلطة التشريعية :
تقوم الأنظمة السياسية عالديمقراطية الحرة على على أسس سياسية و اقتصادية و قانونية و تبدو في الهيئات القائم عليها النظام السياسي و مدى رقابة احداهما للأخرى و فقا لما يلي :
المبحث الأول : تنظيم البرلمان :
تختلف الأنظمة السياسية فيما بينها من حيث تكوين برلماناتها فقد يتكون من مجلس واحد أو من مجلسين يختص بالوظيفة التشريعية و يمكن القول أن البرلمان هو تلك الهيئة السياسية المشكلة من مجلس او مجلسين يضم كل منهما عددا من النواب و يتمتع بسلطة البت في المواضيع التي تدخل في اختصاصه و اهمها التشريع و المراقبة و لكل مجلس لجان مشكلة من عدد قليل من الاعضاء في غالب الحالات
المبحث الثاني : اختصاصات المؤسسة التشريعية
تمارس السلطة التشريعية وظيفتين رئيسيتين : تشريعية و رقابية اضافة الى وظائف اخرى كالمالية الاقتصادية و شبه القضائية
اولا – الوظيفة التشريعية :
يقوم البرلمان باعداد النصوص القانونية و ذلك بدراستها داخل اللجان المختصة و مناقشتها مع الحكومة ثم عرضها على النواب للتصويت فان حصلت على الاغلبية ارسلت الى رئيس الدولة لاصدارها و نشرها و السهر على تنفيذها غير انه تجدر الاشارة الى ان هذا الاختصاص لم يعد حكرا على المؤسسة التشريعية بل اصبحت تمارس ايضا من طرف المؤسسة التنفيذية سواء بطريق التفويض او مستمدة من الدساتير
ثانيا الوظيفة الرقابية : يمارس البرلمان الى جانب الوظيفة السابقة وظيفة المراقبة التي تتعدد وسائلها فقد تبدا من ابداء الرغبات الى الاسئلة فالاستجواب و تقصي الحقائق ة التحقيق و طرح الثقة بوزير أو الوزارة ككل.طبعا تجنبا للتعسف تستوجب هذه الاجراءات توفر جملة من الشروط و اتباع اجراءات محددة وفقا للدساتير كما ان بعض الدساتير اسندت للبرلمان وسائل اخرى للمراقبة منها شرط الموافقة على المعاهدات او اعلان الحرب …الخ.
المبحث الثالث : مدى استقلال البرلمان عن الحكومة :
يبدو هذا الاستقلال في ما يلي :
اولا : من حيث النواب :
اذ نتيجة لانتخاب اعضائه مما يحقق استقلالهم عن الهيئات الاخرى بحيث لا يحق للحكومة تعيينهم او عزلهم الا في حالة حل المجلس و عضو البرلمان كما انه لا يكون مسؤولا جزائيا عن الافعال و الاقوال التي تصدر عنه اثناء اداء مهامه وفقا للقانون
ثانيا من حيث التسيير :
بعد ان كانت دعوة البرلمان للانعقاد قاصرة على الحكومة التي كانت تسعى لابعاده عن الاجتماع حتى لا يقوم بمراقبتها غير انه على اثر الصراعات القائمة تمكن ان يحقق استقلاله في الانعقاد في عدة دورات وفقا للانظمة القائمة من تلقاء نفسه
ثالثا من حيث الاختصاص :
يتمتع البرلمان باستقلاله في سن القوانين المعبرة عن سياسة الدولة و التي تتقيد الحكومة بتنفيذها دون تعديلها و ان كانت هذه الاخيرة تتمتع بحرية في التنفيذ كما ان المصادقة على الميزانية و تحديد الضرائب يقيد من حرية الحكومة و فضلا عن ذلك فان المصادقة على المعاهدات تعتبر بمثابة قيد على الحكومة اضافة الى تمتعه بحرية مراقبة اعمال الحكومة.
اترك تعليقاً