مدى قيام فكرة الوكالة الضمنية
استند البعض لتبرير حكم محكمة التنازع الفرنسية المشار إليه وما تلاه من أحكام مجلس الدولة الفرنسي بل وما قرره زميله المصري استند لفكرة الوكالة الضمنية أو المفترضة بينما أنكر البعض قيام تلك الفكرة لتبرير أصباغ الصفة الإدارية على العقد الذي يقال انه تم باسم ولحساب الإدارة 0
المطلب الأول :- الرأي المؤيد لقيام فكرة الوكالة الضمنية
يذهب جانبا من الفقه أن العقد الإداري يجب أن يكون أحد طرفيه من أشخاص القانون العام سواء تعلق الأمر بالدولة أم بأحد الأشخاص المعنوية الإقليمية أو المرفقية فالأصل – من وجهة نظر هذا الاتجاه – أن العقد الذي يبرم بين شخصين من أشخاص القانون الخاص أفرادا كانوا أم شركات لا يمكن أن يعتبر عقدا إداريا يخضع لأحكام القانون العام إلا انه استثناء من ذلك قضت محكمة التنازع الفرنسية في حكم شهير لها بتاريخ 8يوليه عام 1964 بأنه يعتبر عقدا إداريا العقد الذي ابرم بين شركة اقتصاد مختلط صاحبة امتياز وبين أحد المقاولين متعلقا بمسائل تعد من الأشغال العامة وذلك رغم أن العقد تم بين شخصين من أشخاص القانون الخاص ولهذا ينتهي هذا الرأي الفقهي إلى انه إذا كان الأصل هو أن العقد الإداري لا يكون إلا إذا كان أحد أطرافه شخصا من أشخاص القانون العام إلا أن هناك استثناءان الأول خاص بالعقد الذي يتعلق بأشغال بطبيعتها تخص الدولة والثاني في حالة التفويض الصريح أو الضمني ويرى هذا الاتجاه أن محكمة التنازع في حكمها سالف الذكر ” قد نظرت إلى شركة الاقتصاد المختلط في القضية المذكورة كما لو كانت وكيلة عن الإدارة في إبرام العقد وذلك لأهمية العمل المعهود به إليها 0 ( 1 )
المطلب الثاني :- الرأي المنكر لقيام فكرة الوكالة الضمنية
• ذهب رأي إلى انتفاء فكرة الوكالة كأساس لتحديد الطبيعة الإدارية لعقود الشركات المختلطة في المجال المحدود على أساس أن المقصود بالعمل ” باسم ولحساب الإدارة وهو اصطلاحات الذي اخذ به القضاء الإداري الفرنسي ليطبق استثناء من شرط وجود الإدارة طرفا في العقد – لا يعني ولا يفيد المعنى القانوني للوكالة والذي لا يمكن تطبيقه دون مناقشة خاصة إذا كانت الشركة الملتزمة ليست وكيلا حقيقيا بالمعنى القانوني المحدد لهذه الكلمة حيث أن قواعد
( 1 ) الأستاذ الدكتور / ماجد راغب الحلو – المرجع السابق – ص – 11 وما بعدها
الوكالة لا تنظم علاقة الدولة ويؤيد هذا القول أن أحكام مجلس الدولة الفرنسي ومحكمة التنازع تستعمل اصطلاح ( باسم ولحساب الإدارة ) دون إشارة لفكرة الوكالة وهو ما يرى صراحة في الأحكام السابقة لمحكمة التنازع الفرنسية أو محكمة القضاء الإداري في مصر أو المحكمة الإدارية العليا حين قررت في حكمها السابق الإشارة إليه ” إلا انه متى استبان أن تعاقد الفرد أو الهيئة الخاصة إنما كان في الحقيقة لحساب الإدارة ومصلحتها فان التعاقد يكتسب صفة العقد الإداري ” كما قررت المحكمة العليا أيضا صراحة انه إذا نص صراحة في العقد على وجود الوكالة فهذا لا يمنع من احترام القواعد المدنية الخاصة بها والتي وردت في المادة 105 من التقنين المدني فضلا عن أن تحليل نظرية النيابة حسب أصولها لدى شراح القانون الخاص يصعب معه القول في حالة التعاقد باسم ولحساب الإدارة بأننا بصدد نيابة اتفاقية من مقتضاها النائب يتعاقد باسم ولحساب الأصيل بمقتضى عقد الوكالة ( 1 )
• إضافة إلى ذلك أن هناك ما يؤكد أن القضاء الفرنسي لم يتبنى فكرة الوكالة الضمنية حيث ذهب في أحد أحكامه إلى القول بان الشخص الخاص الذي يتصرف لحساب شخص عام يمكن أن يبرم عقد إداريا وليس من الضروري أن يكون هذا الشخص وكيلا بالمعنى المتعارف عليه في القانون المدني كما أن محكمة التنازع الفرنسية سارت على هذا الاتجاه وقت طويل واستمرت عليه متفقة في ذلك مع مجلس الدولة ( 2 ) بل أن محكمة التنازع الفرنسية في حكمها الشهير السابق الإشارة إليه قررت أن إنشاء الطرق هو بطبيعته شان الدولة وان العقود
( 1 ) دكتورة / عزيزة الشريف – دراسات في نظرية العقد الإداري – دار النهضة العربية – ص –40
( 2 ) دكتور / انس جعفر – العقود الإدارية – ط الثالثة – دار النهضة العربية – ص 22
المبرمة لهذا التنفيذ تخضع للقانون العام ثم تضيف ويجب أن يكون الأمر كذلك بالنسبة للعقود المبرمة لا نشاء طرق السيارات أيا كانت الأوضاع المتبعة و حتى حين يعهد بالإنشاء إلى شركة اقتصاد مختلط تعمل في مثل هذه الحالة لحساب الدولة وليس لهذا التعبير الأخير إحالة كافية إلى الفكرة العامة للوكالة التي لا يمكن من جهة أخرى تطبيقها في هذا النطاق دون مساوئ ففي الحقيقة ليست الشركة الملتزمة وكيلا حقيقيا بالمعنى المحدد للاصلاح؛ ولا تنظم قواعد الوكالة علاقتها بالدولة.ولكن محكمة التنازع قدرت أن الشركة أحلت محل الدولة وان لعقودها ذات الطبيعة كما لو كانت الدولة نفسها أبرمتها لأنها ترتبط بتنفيذ مهمة هي بطبيعتها من شان الدولة فهي لم تضع الثقل كما فعل مفوض الحكومة علي الطبيعة الخاصة لشركات الاقتصاد المختلط و إنما علي غاية هذه العقود فغلبت غائية العملية علي أسلوب تكنيك technique تنفيذ الأعمال0 ( 1 )
( 1 ) الدكتور / احمد يسري – المرجع السابق – ص- 601
اترك تعليقاً