مفهوم العـدل
العدل لغة معناه المساواة الإنصاف ، ومفهومه البسيط هو إعطاء كل ذي حق حقه أما المفهوم العميق فهو يتمثل في مجموعة القواعد التي بكشف عنها العقل ويوحي بها الضمير ويرشد إليها النظر الصائب فهذه القواعد هي روح العدل أو هي الفطرة التي فطره الله الناس عليها .
– العدل من حيث الشكل :
أن تحقيق فكرة العدل يستوجب تطبيق القانون بصفة ملزمة ولو عن طريق القوة إذا تطلب الأمر ذلك فالقانون هو إدارة الحاكم يجب احترامها حيث يرى الفيلسوف الإنجليزي أوستن أن القانون الذي يحقق العدل هو إدارة الحاكم ومشيئته يطبقها بالقوة على الأفراد عند الضرورة فالعدل لديه مصدره ضمير الحاكم وينبع من إدارته فالحاكم يراقب ويشرف على توزيع العدل بين الناس توزيعا متساويا ، أما أنصار مذهب الشرح على المتون فيرون أن فكرة تقديس النصوص التشريعية واحترامها باعتبارها شاملا لكل مواضع الحياة فالتشريح وحدة هو الذي يتضمن جميع الأسس التي من شأنها تجسيد فكرة العدل ومفهوم العدالة .
حيث يرى هيجل أن تحقيق فكرة العدل يقوم على تطبيق القانون الذي يكون أساسه من صنع الدولة (يعر عن إرادة الحاكم) فالدولة هي المنوطة باحترام القانون وإجبار الأفراد على طاعتها بما لها من وسائل الإكراه لأجل تحقيق العدالة .
– العدل من حيث المضمون :
يرى أصحاب مذهب القانون الطبيعي ذو المضمون المتغير أن فكرة تحقيق العدل ليست نابعة من قواعد قانونية ثابتة بل أنها مستلهمة من القواعد متغير ومختلفة باختلاف الظروف المحيطة بكل مجتمع .
إن القانون الطبيعي الذي يدركه الإنسان بعقله يتصف بالكمال والمثل العليا هي العدل.
إن فكرة إقامة نظام قانوني على أساس العدل ومحاربة الظلم وجدت في ضمير الإنسان منذ الأزل وستبقى ثابتة لا تتغير أما الذي يتغير فهو الزمان والمكان ولكل جماعة تصورها الخاص لفكرة العدل وفقا لظروفها الاجتماعية فمما يعتبر عدلا في مجتمع ما قد يصبح ظلما مع مرور الزمن في نفس المجتمع ، مثال : الرق ، وقد وجهت انتقادات لهذا الاتجاه يحث أ، فكرة العدل عندهم تؤدي إلى فكرة القانون الطبيعي ذاتها . لأن القانون هو الذي يجعل من العدل مثلا أعلى خاصا بجماعة معينة وفق لظروفها وتصورها لفكرة العدل، فما هو عدل في مكان معين وزمان معين يصبح ظلما في مكان آخر وزمان آخر وهذا ما لا يمكن التسليم به فالعدل ليس تصورا شخصي بل هو إنساني عام فظاهرة الرق مثلا إذا كانت قد أجيزت في مجتمع ما وفي وقت ومكان معين فهذا النظام ليس عادلا فالرق في حكم حقيقة العدل ظالم .
يرى ديجـي أن الشعور بالتضامن الاجتماعي لدى الأفراد هو أساس القاعدة القانونية وهو يتمثل في الشعور القائم لدى الجماعة بماهية العدل كما هو وليس العدل وليس المثل الأعلى للعدل أو فكرته في ذاتها فليست القاعدة القانونية هي التي توضع وفق المثل العليا (العدل) بل هي القاعدة التي تشعر بها الجماعة أنها ضرورية ولازمة إلى صيانة التضامن الاجتماعي ومن العدل تسخير قوة الإجبار في الجماعة لكفالة احترامها
إن هذا الرأي قد يؤدي إلى تحكيم الأهواء والنزعات الفردية في حين انه يجب أن يسند هذا المثل الأعلى إلى حقائق موضوعية فالعدل يفرضه لعقل وليس ما تعتقده الجماعة .
اترك تعليقاً