يمكن تسمية الدائن الذي يطلب اتخاذ إجراءات التنفيذ اسم طالب التنفيذ، كما يمكن أن نطلق عليه اسم المحكوم له، وهو الاسم القانوني المستعمل لدى محاكمنا الفلسطينية ، والمحاكم الأردنية، أما الشخص الذي تتخذ ضده إجراءات التنفيذ يسمى المنفذ ضده ويطلق عليه أيضا، المحكوم عليه، وإجراءات التنفيذ لا تتخذ إلا ضد الشخص المنفذ ضده والذي يجب أن يكون صاحب صفة بالدين، وأن تتوافر فيه الأهلية اللازمة لذلك(1)، كما أن المحكوم له، والذي يطالب بالتنفيذ في مواجهة مدينه، أو إكراهه من أجل تنفيذ التزامه، يجب أيضا أن يكون صاحب صفة، وحق حتى يطالب بالتنفيذ، أو الإكراه، وإلا كانت مطالبته باطلة باعتبار أنه طالب بما ليس له حق به(2)، وهذا استنادا إلى نص المادة 7 تنفيذ فلسطيني. واستنادا لما تقدم يمكن أن أبحث في أطراف التنفيذ بوصفهم ركنين من الأركان الموضوعية لدعوى التنفيذ، وسيكون البحث هنا في فرعين، الأول: المحكوم له ، وفي الفرعالثاني: المحكوم عليه.
الفرع الأول: المحكوم له
وهو الدائن بطبيعة الحال، حيث أنه الشخص الذي يعطيه القانون سلطة مباشرة إجراءات التنفيذ، باعتباره شخصيا صاحب الحق الثابت في السند التنفيذي(3)، الذي يبدأ التنفيذ مستندا عليه)4)، والذي لا يجوز التنفيذ إلا به استنادا لنص م 8ف 1 تنفيذ فلسطيني، والتي تنص على أنه :”-1 لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحقوق مؤكدة في وجودها، ومحددة في أطرافها، ومعينة في مقدارها، وحالة الأداء.” ووافقت ذات النص م 6 من قانون التنفيذ الأردني بقولها: “لا يجوز التنفيذ إلا بسند تنفيذي اقتضاء لحق محقق الوجود، ومعين في المقدار، وحال الأداء…… “.
والمحكوم له هو: من يظهر بداية على مسرح التنفيذ من أشخاص، طالبا إجراء التنفيذ لصالحه على مدينه في حال الحبس ؛ من أجل إكراهه على الوفاء بما ترتب في ذمته من التزام، أو التنفيذ على أموال مدينه في أحوال أخرى. ويسمى دائنا باعتباره صاحب حق التنفيذ، أو صاحب الحق الموضوعي الثابت في السند التنفيذي، وهو طرف ايجابي في علاقة التنفيذ ، إذ لا يشرع في التنفيذ إلا بناء على طلبه، ومن الطبيعي أيضا،أن يتوافر في طالب التنفيذ الصفة عند طلبه لإجراءات التنفيذ،لا بعده ا.”ويثبت الحق في التنفيذ لمن يؤكد السند حقه سواء كان دائنا أم مرتهنا، والذي له أن يتخذ إجراءات . التنفيذ في مواجهة مدينه” (5)
كما أنه قد يمثل الدائن في إجراءات التنفيذ وكيله القانوني، كالوصي، والقيم ، وأمين التفليسة (6) أو وكيله الاتفاقي، كما أن النيابة العامة تكون صاحبة صفة في متابعة معاملات التنفيذ العائدة لمؤسسات الدولة، وهو ما أكدته م 7 تنفيذ فلسطيني حيث نصت على أنه: 1-يقدم طلب التنفيذ من صاحب الحق المحدد في السند التنفيذي، أو من يقوم مقامه قانونا 2- تتولى النيابة العامة تعقب معاملة التنفيذ التي تعود للدوائر الحكومية. وبحلول أي – شخص مهما كانت الصفة التي حل بها – محل الدائن سواء أكانت اتفاقا، أم قانونا فمن الطبيعي أن يكون له الحق في أن يحل محله بكل ما اتخذ من إجراءات التنفيذ ، وأن يطبق عليه ما يطبق على الدائن من عوارض تحول بينه وبين الاستمرار في متابعة إجراءاته، وهذا ما نصت عليه م 12 تنفيذ فلسطيني على النحو التالي: 1- من حل قانونا أو اتفاقا محل الدائن في حقه، حل محله فيما اتخذ من إجراءات التنفيذ 2- يطبق الحكم المنصوص عليه في البند ( 1) أعلاه على جميع الحالات التي يطرأ فيها عارض، يحول بين الدائن ، وبين الاستمرار في متابعة الإجراءات، كالغيبة، وزوال الأهلية، وزوال صفة من كان يمثله. كما يجب أن تتوافر صفة أخرى في المحكوم له، أو من يمثله، وهي الأهلية ، وبما أن طلب التنفيذ يهدف “إلى الحصول على حق دون أن يقابله التزام يمس مال القائم به، ولذلك فانه من المسلم به، أن طلب التنفيذ يعد من الأعمال النافعة، وبالتالي يكفي لتوافر أهلية الإدارة دون أهلية التصرف”(7)، أما بالنسبة لثبوت الصفة في ورثة الدائن، فتثبت بتقديم الوثائق التي تثبت صفتهم، وعلى ذلك نصت م 7 من قانون التنفيذ الفلسطيني بأنه:” 1- يقدم طلب التنفيذ من صاحب الحق المحدد في السند التنفيذي، أو ممن يقوم مقامه قانونا”. وقد نصت م 11 تنفيذ أردني على أنه:” 1- إذا توفي الدائن قبل تقديم طلب التنفيذ ، فلورثته تقديمه مرفقا بالوثائق التي تثبت صفتهم 2- إذا وقعت وفاة الدائن أثناء التنفيذ ، يحل ورثته محله، إذا أبرز أي منهم الوثائق التي تثبت صفتهم”.
الفرع الثاني: المحكوم عليه
وهو الطرف السلبي بالنسبة للحق في التنفيذ، أو هو الطرف الذي يتم “اتخاذ إجراءات الحماية التنفيذية في مواجهته، ويعتبر الطرف الثاني من أطراف إجراءات التنفيذ”(8)، حيث أنه يجري التنفيذ في مواجهة الملتزم بالأداء الثابت في السند التنفيذي، الذي يتم التنفيذ بمقتضاه، وذلك بصرف النظر عما إذا كان المدين الأصلي، أو كان كفيلا شخصيا، له ويترتب على ذلك ، أنه إذا ما اتخذت إجراءات التنفيذ في مواجهة من ليس ملتزما في السند التنفيذي، وليس بينه وبين الملتزم أية علاقة، يعتبر باطلا، لسريانه في حق من ليس طرفا في الإجراءات.
فالتنفيذ يجب أن يقع في مواجهة المدين، لأنه ابتداء يترتب عليه وحده تنفيذ ما التزم به، ويجب توافر شرطا الصفة والأهلية في المدين لمواجهته، والمقصود بالصفة: صفة المديونية ، والتي تثبت لمن كان مسؤولا عن الدين، “كما يمكن أن تتخذ اجراءات التنفيذ في مواجهة الخلف، اضافة إلى أن القانون يسمح باتخاذها في مواجهة بعض الأشخاص، مثل الكفيل العيني: وهو من ليس مدينا شخصيا، وليس من الخلف “(9)، حيث تنص المادة 161 من قانون التنفيذ الفلسطيني على أنه:” لا حاجة لطلب إثبات اقتدار الأشخاص المذكورين أدناه عند طلب حبسهم: 1-الذين صدق كاتب العدل على اقتدارهم، والذين كفلوا المدين في دائرة التنفيذ “. وبهذا النص إشار ة صريحة للكفيل، كما أنه يجب أن يكون مسؤولا بشخصه عن الدين، وهو ما يفهم من مخالفة م 163 تنفيذ فلسطيني، وقد منعت ذات المادة إصدار قرار الحبس على الولي، والوصي ، كونهم غير صاحبي صفة، لعدم مسؤوليتهم الشخصية عن الدين باعتبار أن هذا الاجراء شخصي يتخذ ضد من توفرت به الصفة المحددة قانونا ، أما بالنسبة لتوافر الأهلية )10) في حالات الحبس في التنفيذ، فان القانون أوجب أن تكون كاملة غير منقوصة وفقا لنص م 163 ف 2 تنفيذ فلسطيني. ويعتبر الشخص بالغا سن الرشد، إذا ما أتم 18 سنة شمسية كاملة وفقا لنص المادة 43مدني أردني، حيث نصت على أنه: 1- كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ، ولم يحجر عليه، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية. 2 – سن الرشد هي 18 سنة شمسية كاملة (11). ” و إن كان الغرض من الأهلية، هو حماية مصالح خاصة هي مصالح الأفراد، إلا أنها تمس الأفراد في مجموعهم، لذا فإنها تعتبر من المسائل المتعلقة بالنظام العام” (12)
ولهذا لا يجوز التعديل فيها، أو الاتفاق على ما يخالفها، وهذا ما نصت عليه المادة 4 مدني أردني بقولها: ” ليس لأحد النزول عن حريته الشخصية ولا عن أهليته، أو التعديل في أحكامها ” وهذا النص صريح وكاف لأن يجعل البطلان حليف كل اتفاق يخالفه. ويعتبر حبس المدين استثناء، ” لا يجوز التوسع في تفسيره، أو القياس عليه؛ لأن الحبس طريقة قسرية وردت على خلاف الأصل، وهو تعلق التنفيذ بمال المدين لا شخصه” (13) فالتنفيذ ضد المدين يباشر بالأداء الذي يحدده السند التنفيذي، وتتخذ إجراءات التنفيذ في مواجهة المدين وفقا للقانون. كما أنه، لا يمكن للمدين اتخاذ إجراءات التنفيذ في مواجهة نفسه ، في هذه الحالة “الحبس”، فما عليه إلا أن يفي اختياريا، ومن يستطيع أن يطلب التنفيذ هو الدائن، وليس المدين ،إلا أنه يجوز للمدين مباشرة إجراءات التنفيذ بحق نفسه، إذا كان للدائن مصلحة في المماطلة في استرداد حقه من قبل المدين، ولكن هذا التنفيذ ليس الحبس، وإنما أمور أخرى كالإيداع… أما في حالة وفاة المدين، فان الجبر على التنفيذ بطريق الحبس، يقع على الورثة (14) بعد وضع اليد(15)، وسيكون هناك تفصيل للأشخاص الذين يقع عليهم الحبس، وكذلك الأشخاص الذين منع القانون إيقاع الحبس عليهم، والشروط الواجب توافرها في الحبس في فصول لاحقة.
_____________
1- قسم الفقه العقود من حيث الأهلية إلى أربعة عقود على النحو التالي: ” عقود اغتناء، يغتني من يباشرها دون أن يدفع
تعويض كالهبة بالنسبة للموهوب، وعقد ادارة، ترد على الشيء لاستغلاله كالايجار، وعقود تصرف، ترد على الشيء
المتصرف فيه بعوض، كالبيع، وعقود تبرع وترد على الشيء المتصرف فيه بغير عوض كالهبة بالنسبة للموهوب.
فمن توافرت فيه الأهلية الكاملة كان صالحا لمباشرة هذه الاقسام الاربعة من العقود ومن نقصت أهليته لا يصلح الا
لمباشرة بعض هذه الأقسام ” مشار اليه في: السنهوري، عبد الرزاق: الوسيط في شرح القانون المدني. مصادر الالتزام.
. الجزء الأول. طبعة 2007 . تنقيح المستشار: أحمد مدحت المراغني. طبعة نقابة المحامين المصريين. ص 224
2- م 7 من قانون التنفيذ الفلسطيني. رقم 23 لسنة 2005
3- السند التنفيذي هو: عمل قانوني يتخذ شكلا معينا ويتضمن تأكيد حق الدائن الذي يريد الاقتضاء الجبري والاسناد التفيذية
ترد على سبيل الحصر لا على سبيل المثال وقد حددها قانون التنفيذ الفلسطيني في م 8 منه على أن الإسناد التنفيذية هي:
“الأحكام والقرارات والأوامر القضائية والنظامية والشرعية وأحكام المحكمين القابلة للتنفيذ والسندات الرسمية والعرفية
وغيرها من الأسناد التي يعطيها القانون هذه الصفة “.
وفي م 6 من قانون التنفيذ الأردني حدد القانون السندات التنفيذية حيث أضاف عن القانون الفلسطيني أحكام المحاكم
الجزائية المتعلقة بالحقوق الشرعية كما أضاف الأحكام الأجنبية واجبة التنفيذ بمقتضى أي اتفاق والسندات الرسمية والعادية
والأوراق التجارية القابلة للتداول.
4- عمر، نبيل إسماعيل:الوسيط في التنفيذ الجبري للاحكام. الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر. ا 200 .ص 227
5- القضاة، مفلح. أصول التنفيذ وفقا لقانون الإجراء الطبعة الثالثة. عمان: دار الثقافة. 1997. ص 143
6- هو الذي يقوم مقام المفلس في إدارة أمواله، ويعين في متن الحكم القاضي بشهر الإفلاس. ويشترط ألا يكون قريبا أو
مصاهرا للمفلس حتى الدرجة الرابعة ويجوز أن يكون للتفليسة أكثر من وكيل شريطة ألا يتجاوز عددهم الثلاثة ويتقاضون
2008/5/12 الساعة http://www.f-law.net/law/showthread.php . مرتبات تتحدد من قبل القاضي المنتدب
1966 .الجريجدة الرسمية عدد 1910 ص 469 /3/ 19:00 . نظم قانون التجارة رقم 12 لسنة المنشور بتاريخ 30
اجراءات الافلاس في الفصل الثالث في المواد 338 وما بعدها .
7- خليل، أحمد: قانون التنفيذ الجبري. الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة للنشر. 1997 . ص 245
8- مصطفى، محمد صادق: قواعد التنفيذ الجبري وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية. القاهرة: دار النهضة العربية.
. 1996 . دون رقم طبعة. ص 304
9- خليل، أحمد: قانون التنفيذ الجبري. مرجع سابق. ص 246
10- ينصرف اصطلاح الأهلية إلى أهلية أداء وأهلية الوجوب وان كان بالغالب ما يقصد بالأهلية أو انعدامها أو نقصها أهلية
الأداء لا أهلية الوجوب، لأنه إذا انعدمت أهلية الوجوب فلا يتصور البحث في أهلية الأداء وأهلية الأداء هنا كذلك هي
المقصودة وتعرف بأنها صلاحية الشخص لأعمال إرادته إعمالا من شأنه ترتيب الأثر القانوني الذي ينشده، وهذه الأهلية
قد تكون كاملة أو ناقصة أو معدومة.
. سلطان، أنور: مصادر الالتزام في القانون المدني الأردني. مرجع سابق. ص 35
11- القانون المدني الأردني رقم 43 لسنة 1972 . المنشور بتاريخ 1/8/1976. الجريدة الرسمية عدد 2645ص2.
12- سلطان، أنور. مصادر الالتزام في القانون المدني الاردني دراسة مقارن. الطبعة الأولى .
. عمان: دار الثقافة. 2002. ص 36
13- استانبولي، أديب. تقنين أصول المحاكمات المدنية السوري في المواد المدنية والتجارية .
. الجزء الخامس. الطبعة الثانية. 1996
. ص 235
14- تنص م 14 تنفيذ فلسطيني ف 1 ” إذا فقد المدين أهليته أو توفي، يباشر التنفيذ ضد من يقوم مقامه قانونا أو ورثته بعد
عشرة أيام من تبليغهم بالأوراق المتعلقة بالتنفيذ “.
15- تنص على ذلك م 163 تنفيذ فلسطيني ف 1 وستكون لها دراسة مفصلة في سياق البحث
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً