نص الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 في المادتين ( 69 – 75) منصب نائب الرئيس . وبموجب المادة (69 /ثانيا ) للرئيس نائب أو أكثر . واستناداً لنص المادة (75 / ثانيا) يحل نائب الرئيس حكماً محل لرئيس عند غيابه لأي سبب من الأسباب ما يعني أن ليس للرئيس سلطة تقديرية في اختيار النائب أو غيره للحلول محله وينطبق ذات الحكم عند خلو منصب الرئاسة بصفة دائمة لأي سبب من الأسباب (1) وتناط هذه الصلاحية برئيس مجلس النواب إذا ما تزامن شغور منصب الرئيس مع شغور منصب النائب . والملاحظ أن الدستور العراقي عالج حالة شغور منصب الرئيس ومنصب نائبه في ذات الوقت ، لكنه لم ينص على من يحل محل الرئيس في حالة غيابه مؤقتاً ، إذا ما تزامن هذا الغياب مع غياب نائبه في ذات الوقت . وجاء الدستور المصري لعام ١٩٧١ أكثر تفصيلاً في تنظيمه لمنصب نائب الرئيس ، فقد أشارت المادة ( 82) إلى أن نائب الرئيس يحل محل الرئيس إذا حال مانع مؤقت من مباشرة الرئيس لمهام عمله وتنتقل هذه الصلاحية لرئيس مجلس الوزراء إذا لم يكن للرئيس نائب أو تعذر نيابته .
ومثل هذا الحكم ينطبق على اتهام الرئيس بالخيانة العظمى أو بارتكاب جريمة جنائية (2) بنصهما الأصلي كانتا تنيطان بنائب – والجدير بالذكر أن المادتين ( 82 -85 ) الرئيس تحديداً مسؤولية رئاسة الدولة لحين زوال المانع المؤقت أو الفصل بالاتهام الموجه للرئيس براءة أو إدانة (3) وبخلاف هذا الحكم ، يحل رئيس مجلس الشعب محل الرئيس في حالة خلو منصبه بصورة دائمة أو إذا عجز عن ممارسة مهام عمله نهائياً . وإذا ما تزامن خلو المنصب مع حل مجلس الشعب ، تناط مهام الرئاسة برئيس المحكمة الدستورية العليا لحين انتخاب رئيس جديد (4) ومنذ دخول أحكام دستور عام ١٩٧١ حيز النفاذ حتى الآن ، حل رئيس مجلس الشعب مرة واحدة محل رئيس الدولة ، حيث تولى الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب آنذاك رئاسة الدولة للفترة من ٦ نوفمبر/تشرين الثاني ١٩٨١ ولغاية ١٤ نوفمبر/تشرين ثاني ١٩٨١ على آثر اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في ٦ نوفمبر /تشرين ثاني ١٩٨١ والجدير بالذكر أن منصب نائب الرئيس ظل شاغراً في مصر منذ عام ١٩٨١ وحتى الآن ، حيث لم يسند الرئيس محمد حسني مبارك هذا المنصب لأي شخص بعد مغادرته هذا المنصب شخصياً على أثر اختياره من قبل مجلس الشعب رئيساً للدولة (5) وأفرد الدستور الإماراتي نائب الرئيس بمركز قانوني خاص ، حيث نظم الدستور انتخاب نائب الرئيس ومدة ولأيته في ذات النص الذي نظم فيه انتخاب الرئيس ومدة ولأيته (ينتخب المجلس الأعلى للاتحاد من بين أعضائه رئيساً للاتحاد ونائباً لرئيس الاتحاد ، ويمارس نائب رئيس الاتحاد جميع اختصاصات الرئيس عند غيابه لأي سبب من الأسباب )(6) . (مدة الرئيس ونائبه خمس سنوات ميلادية ويجوز إعادة انتخابها لذات المنصب ….)(7). بل أن الرئيس ونائبه يؤديان ذات القسم عند توليهما مهام منصبهما استنادا لنص المادة ( ٥٢) من الدستور.
ويحل نائب الرئيس محل الرئيس لأجل أقصاه ثلاثون يوماً من تاريخ شغور المنصب بصفة نهائياً ، وخلال هذه المدة يلتئم المجلس الأعلى للاتحاد لاختيار رئيس جديد ، ومثل هذا الاجتماع يعقده المجلس الأعلى للاتحاد عند شغور منصب نائب الرئيس . والملاحظ أن الدستور الإماراتي النافذ لم يخول صلاحيات الرئيس لأي سلطة دستورية أخرى ، إذا تزامن شغور منصب الرئيس مع منصب نائبه ، ولكن أوجب التئام المجلس الأعلى فوراً بناء على دعوة أي من أعضائه أو بناء على دعوة رئيس مجلس الوزراء لانتخاب رئيس ونائب رئيس جديدين .(8) والجدير بالذكر أن نائب الرئيس الإماراتي الشيخ راشد بن سعيد أل مكتوم مارس صلاحيات الرئيس ليوم واحد ( ٢ نوفمبر/تشرين ثاني ٢٠٠٤ ) في أعقاب وفاة الرئيس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، حيث ألتئم المجلس الأعلى للاتحاد في اليوم التالي لوفاة الرئيس ( ٣ نوفمبر/تشرين ثاني ٢٠٠٤ ) وأنتخب نجل الرئيس الراحل الأكبر الشيخ خليفة بن راشد آل مكتوم رئيساً للاتحاد . وفي سوريا للرئيس نائب أو أكثر ، فبموجب المادة ( ٩٥ ) من الدستور السوري يختص الرئيس بتسمية نائب له أو أكثر وتحديد صلاحياتهم . ومن بين الصلاحيات التي يمارس نائب الرئيس ، الحلول محل الرئيس إذ قام مانع مؤقت يحول بين الرئيس ومباشرة صلاحياته ، ومثل هذا الاختصاص يمارسه النائب الأول في حالة شغور منصب الرئيس أو قيام مانع دائم يمنع الرئيس من الاستمرار في مهام عمله وفي حالة الوفاة والاستقالة(9) ومنذ دخول أحكام دستور عام ١٩٧٣ حيز النفاذ حتى الآن تم اللجوء للمادة ( ٨٨ ) ( الحلول محل الرئيس في حالة شغور المنصب ) مرة واحدة ، حينما حل نائب الرئيس السابق عبد الحليم محل – خدام ولمدة سبعة وثلاثون يوماً ( ١٠ حزيران ٢٠٠٠- ١٧ تموز ٢٠٠٠ ) الرئيس حافظ الأسد في سد الرئاسة بعد وفاة الأخير ( 1٠ ) وإذا تزامن شغور منصب الرئيس ونائبه في ذات الوقت ، يمارس رئيس مجلس الوزراء جميع صلاحيات الرئيس وسلطاته ولأجل أقصاه تسعون يوماً حيث يتم الاستفتاء خلال هذه الفترة على الرئيس الجديد .
وفي اليمن بعد أن أشارت المادة ( ١١٥ /ب ) إلى أن للرئيس نائب يختص بتعيينه ، أشار ذات النص إلى سريان الأحكام الخاصة بشروط انتخاب الرئيس وتحديد رواتبه ومخصصاته والنصوص التي تحدد المحظورات على الرئيس وتلك التي تنظم اتهامه ومحاكمته وإدانته وعزله على نائب الرئيس ( يكون لرئيس الجمهورية نائب يعينه الرئيس وتطبق بشأن النائب أحكام المواد ١٠٦ (11) -116 (12) -117 (13) – 126(14) من الدستور (15) ما يوحي ولو ظاهراً بأهمية المركز القانوني لنائب الرئيس وإن كان أهمية هذا المنصب تبرز من خلال الصلاحيات التي يتمتع بها نائب الرئيس دستورياً وواقعياً. والملاحظ أن الدستور اليمني نظم أحكام شغور منصب الرئيس بصفة دائمة دون أن، يشير صراحة إلى من يحل محل الرئيس في حالة غيابه أو اتهامه بموجب أحكام المادة ( ١٢٦ ) من الدستور . فبموجب المادة ( ١١٥ /أ ) من الدستور يحل نائب الرئيس محل الرئيس في حالة شغور منصب الرئيس أو عجزه الدائم عن الاستمرار في ممارسة مهام عمله وإذا ما تزامن خلو منصب الرئيس ونائبه معاً في ذات الوقت ، تولت مهام الرئاسة مؤقتاً رئاسة مجلس النواب مجتمعة . أما إذا كان المجلس منحلاً أسندت هذه المهمة للحكومة مجتمعة أيضاً . على أن يتم انتخاب الرئيس الجديد خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ أول اجتماع لمجلس النواب الجديد . مع ملاحظة أن الدستور حدد أمداً زمنياً أقصى لانتخاب الرئيس الجديد في حالة حلول النائب محل الرئيس في سدة الرئاسة ( ستين يوماً ) ، دون أن يحدد أمداً زمنياً لحلول رئاسة مجلس النواب أو الحكومة محل الرئيس إذا تزامن خلو منصب الرئيس ونائبه في ذات الوقت . الأمر الذي يستوجب معالجة تشريعية حسماً لأي خلاف يمكن أن، يثار بشأن، ذلك كما لم يحدد الدستور اليمني صراحة من يحل محل الرئيس في حالة اتهامه بالخيانة العظمى أو خرق الدستور أو أي عمل آخر يمس استقلال وسيادة البلاد ، لكن هذا الحكم يمكن استنتاجه ضمناً من نص المادة ١٢٦ التي تشير إلى (…..،فإذا كان الاتهام موجهاً إلى رئيس الجمهورية ونائبه تباشر هيئة رئاسة مجلس النواب مهام رئيس الجمهورية مؤقتاً ……) الأمر الذي يوحي ضمناً إلى حلول نائب الرئيس محل الرئيس في حالة اتهامه وإلا لما أشار النص صراحة إلى حلول هيئة رئاسة مجلس النواب محل الرئيس في حالة اتهامه ونائبه . وفي السودان في ظل الدستور الانتقالي النافذ لسنة ٢٠٠٥ مثل منصب نائب الرئيس مركزاً دستوريا سيادياً ، إذ يعد النائب الأول للرئيس الرجل الثاني في الدولة بعد الرئيس وتأتي أهمية هذا المنصب في السودان انطلاقا من الظروف الداخلية الاستثنائية التي تمر بها السودان ( مشكلة الجنوب والتي أفرزت دستوراً جديد ” ٢٠٠٥ ” أشار صراحة لشراكة الدولة مع إقليم الجنوب في أغلب المؤسسات الدستورية ومن بينها مؤسسة الرئاسة .
فبموجب المادة ( 51/1) تتكون مؤسسة الرئاسة من رئيس الجمهورية ونائبي الرئيس وإبرازاً لدور النائب الأول للرئيس ، فقد أشارت الفقرة الثانية من المادة (51) إلى أن القرارات في مؤسسة الرئاسة تتخذ بروح الشراكة والزمالة بهدف الحفاظ على استقرار البلاد وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل . وتأكيداً لأهمية دور النائب الأول للرئيس في إدارة شؤون مؤسسة الرئاسة أشارت الفقرة الأولى من المادة ( ٦٢ ) إلى أن للرئيس نائبان ، أحدهما من الجنوب والآخر من الشمال ، وإذا كان الرئيس المنتخب من الشمال كان النائب الأول من الجنوب ( رئيس حكومة جنوب السودان )، وإذا كان الرئيس المنتخب من الجنوب ، كان النائب الأول من الشمال . بل أن الفقرة الثانية من المادة ( ٦٢ ) أوجبت فيمن يتولى منصب نائب الرئيس توافر ذات الشروط الواجب توافرها في الرئيس . وميزت المادة ( ٦٨ ) من الدستور السوداني الانتقالي في آلية تعيين النائب الأول للرئيس عند شغور هذا المنصب ، فإذا حدث الشغور قبل الانتخابات يتولى هذا المنصب مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان ( 16 ) . أما إذا حدث الشغور بعد إجراء الانتخابات ، انفرد الرئيس بتعيين نائبه الأول على أن يكون من إقليم الجنوب( 17 ). ومثل هذا التمييز تبناه الدستور السوداني لشغل منصب الرئيس عند خلوه . فبموجب المادة ( ٦٦ /أ) يتولى مهام الرئيس عند شغور منصبه قبل الانتخابات مجلس رئاسي مؤلف من رئيس المجلس الوطني والنائب الأول والثاني للرئيس . على أن يرأس المجلس رئيس المجلس الوطني ( 18 ) . أما إذا حدث الشغور بعد الانتخابات ، فيتولى مهام الرئاسة أيضا مجلس رئاسي ( رئيس المجلس الوطني – النائب الأول للرئيس – النائب الثاني للرئيس ) لكن هذا المجلس يرأسه هذه المرة النائب الأول للرئيس . على ذلك أن الدستور السوداني الانتقالي النافذ لسنة ٢٠٠٥ يفرد نائب الرئيس ولاسيما الأول ، بمركز دستوري خاص استجابة للظروف الاستثنائية التي تحكم البلاد وبالرغم من ذلك لم يسند الدستور للنائب الأول للرئيس مهام رئيس الدولة في حالة شغور المنصب ولكن أسنده لمجلس رئاسي ، يكون النائب الأول عضواً فيه مرة ورئيسه مرة أخرى .
______________
1- راجع م ( ٦٦ ) من النظام الأساسي السعودي لعام ١٩٩٢ .
2- م ( ٧٥ / ثالثاً) من الدستور العراقي .
3- م ( ٨٥ ) من الدستور المصري .
4- أثار نص المادتین ( ٨٢ -85) قبل تعدیلھما ، نقاشاً فقھي إذ ذھب رأي في الفقه إلى أن الرئیس ملزم بموجب ھذین النصین بتعیین نائب له ، وبخلاف ھذا الرأي ذھب رأي آخر إلى أن ھذا الإلزام یتعارض ونص المادة ( ١٣٩ ). التي نصت على أنه (لرئیس الجمهورية أن یعین نائباً أو أكثر ……). فالدستور لا یلزم بذلك ، ونص المادتین ( ٨٢- ٨٥ ) في شأن المانع المؤقت أو اتھام الرئیس ھما حالتان استثنائیتان یجب فھمھما في ضوء السلطة الجوازیة للرئیس بتعیین نائب له طبقاً للمادة ( ١٣٩ ) ، أي أن ھاتین المادتین تواجھان الحلول المؤقتة لنائب الرئیس محل الرئیس في حالة وجود النائب أو في حالة استخدام الرئیس لسلطته الجوازیة في ھذا التعیین .
انظر د.مصطفى آبو زید فھمي – الدستور المصري – ١٩٨٥ -ص ٣٦٧ .وانظر كذلك د.محمد رفعت عبد الوھآب –القانون الدستوري –منشأة المعارف – الإسكندریة –دون سنة نشر ص ٣٩٠
5- أنظر م ( ٨٤ ) من الدستور المصري .
6- تجدر الإشارة إلى أن الرئیس محمد أنور السادات كان یشغل منصب نائب الرئیس قبل اختیاره رئیساً للدولة ، حیث اختیر لھذا المنصب من قبل الرئیس جمال عبد الناصر قبل وفاته بفترة قصيرة .
7- م ( ٥١ ) من الدستور الإماراتي .
8- م ( ٥٢ ) من الدستور الإماراتي .
9- م ( ٥٣ ) من الدستور الإماراتي .
10- م ( ٨٨ ) من الدستور السوري .
11- بعد أن شغل حقیبة الخارجیة في سوریا . اختیر عبد الحلیم خدام نائباً أول للرئیس عام ١٩٨٤ . وظل یشغل ھذا المنصب حتى ٣١ كانون أول ٢٠٠٥ حیث أعلن انشقاقه على الرئیس بشار الأسد .
12- حددت الشروط الواجب توافرھا في المرشح لمنصب رئیس الجمھوریة .
13- حددت مرتبات ومخصصات رئیس الجمھوریة .
14- حددت المحظورات على الرئیس خلال مدة ولأیته .
15- حددت إجراءات اتھام الرئیس والجرائم التي یمكن أن یدان بسببھا .
16- م ( ١١٥ /ب) من الدستور الیمني .
17- أنظر م ( ٦٨ /1 ) من الدستور السوداني.
18- أنظر م (68/2) و م (62/1) من الدستور السوداني .
المؤلف : علي يوسف الشكري
الكتاب أو المصدر : مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية / العدد الاول / منصب نائب رئيس الجمهورية
الجزء والصفحة : ص79-84
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً