مفهوم المسؤولية الدولية
فرضت التطورات السريعة للمجتمع الدولي ظهور المسؤولية الدولية فهو موضوع حديث في الدراسات القانونية مازال محل نقاش واسع في الفقه والعمل الدولي فلجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة والتي شرعت بالعمل منذ العام 1961 لم تصل بعد إلى وضع نص قرار دولي حول المسؤولية الدولية.
وقد تعددت التعريفات التي قيل بها بخصوص المسؤولية الدولية، الا انها تتفق على ان المسؤولية الدولية هي : خرق لالتزام دولي من قبل دولة، ما يوجب مساءلتها من الناحية القانونية تجاه الدولة المعتدى عليها أو المتضررة من العدوان .
وتتميز المسؤولية الدولية في أنها تقع هذه المسؤولية على عاتق دولة، وهي وحدها ملزمة إصلاح الضرر الذي سببه تصرّفها غير المشروع، ولا يمنع أن تترتب المسؤولية على منظمة دولية ، كما انها لا تتقرر إلا لمصلحة دولة استنادًا إلى مبدأ مراقبتها لحسن تطبيق القانون الدولي ومواجهة كل تقصير قد يوقعه تطبيق القانون حيالها ، ويقع على عاتق الدولة المتضررة من فعل مخالف لهذا القانون بأعمال قواعد المسؤولية الدولية.
وللمسؤولية الدولية عناصر لابد من توافرها وهي : الفعل غير المشروع أو الخطأ الصادر عن دولة أخرى ، فالمسؤولية الدولية لا تقوم من دون عمل غير مشروع يمثل إخلالاً بالتزام دولي مفروض على الدولة، وثابت ونافذ في حقها، وذلك سواء كان مصدره قاعدة عرفية ام اتفاقية أم قاعدة تمثل مبدأً من المبادئ العامة للقانون الدولي العام، والتي أقرتها الأمم المتحدة في ميثاقها، أو كان التزامًا نص عليه قرار من القرارات التي تشكل قواعد عامة صادرة عن المنظمات الدولية وأهمها على الإطلاق قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويستوي أن يكون الإخلال بالالتزام عملاً غير مشروع، أي إخلالاً إيجابيًا أو مباشراً بالالتزام الدولي المفروض على الدولة (الخطأ) أم سلبيًا كالامتناع عن القيام بعمل يترتب عليه تطبيق التزام دولي.
ويمثل العنصر الثاني للمسؤولية الدولية الضرر الذي يترتب على العمل غير المشروع، والذي يمثل إخلالاً بالتزام دولي، ضرر لشخص من أشخاص القانون الدولي، بحيث يقال أن حقًا من حقوق الدولة قد تم المس به أو أن مصلحة مشروعة لها تعرضت للانتهاك. ولابد لاعمال المسؤولية الدولية من انتساب الفعل غير المشروع إلى شخص القانون الدولي (رابطة السببية)
ويلاحظ أن هذا العنصر مرتبط بمبدأ سيادة الدولة داخليًا وخارجيًا. ويشار إلى مسؤولية الدولة ضمن حدود معقولة عن الأضرار اللاحقة بالأجانب المقيمين على إقليمها.
وبناء على ذلك فان المسؤولية الدولية تنعقد متى ارتكب شخص من اشخاص القانون الدولي (دولة أو منظمة)عملاً غير مشروع ترتب عليه ضرر لشخص دولي قانوني آخر أو لأحد رعاياه، وكانت القوانين والأدلة كلها مجتمعة تشير الى نسبة هذا العمل المسبب للضرر لذلك الشخص الدولي القانوني ويترتب على ذلك التزام يقع على عاتقه بإصلاح كل ما يترتب على فعله من أضرار.
وقد أكد العرف والفقه والقضاء الدولي وقرارات المحافل الدولية وما نصت عليه اتفاقيات دولية عديدة تتعلق بالمسؤولية الدولية والعرف الدولي، التزام الدولة المسؤولة بإصلاح الضرر بطريقة كافية، اي اتخاذ مجموعة من الإجراءات من قبل الدولة التي اقترفت الخطأ بغية إصلاح جميع ما ترتب على فعلها الخاطئ من أضرار . والمسؤولية الدولية نوعان: تعاقدية وتقصيرية ، وتنشأ المسؤولية التعاقدية عن إخلال الدولة بالتزاماتها التعاقدية مع الدول الأخرى، كأن تخل بالاتفاقات المالية أو التجارية.
وعندما يحصل إخلال تلتزم الدولة المخلة التعويض عن الأضرار التي نتجت ولو لم ينص على ذلك في الالتزام الذي أخلت به.
اما النوع الثاني من المسؤولية الدولية هو المسؤولية التقصيرية التي تنشأ عن أفعال أو تصرفات صادرة عن إحدى سلطات الدولة أو هيئاتها العامة، وتشكل إخلالاً بقواعد القانون الدولي، ولو كانت هذه الأفعال لا تتعارض مع أحكام القانون المدني. وفي حالات أخرى تتحمل الدولة المسؤولية الدولية عن أعمال سلطاتها الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً