تأثر المشرع المصري بالقانون الفرنسي، فألغى حبس المدين في الديون المدنية والتجارية ولكنه أجازه في بعض المواد الشرعية والجنائية (1) إذ أن القاعدة العامة في القانون المصري هي مسئولية المدين فددي أمواله دون شخصه، لأن علاقة الدائنية ليست سوى علاقة بين ذمتين ماليتين، فمحل الضمان ليس شخص المدين وانما ماله، وقد أجاز المشرع المصري حبس المدين المماطل على سبيل الاستثناء (2) ونظمت أحكام الحبس في ديون النفقة وما في حكمها بموجب المادة )347) (3) من لائحة ترتيب المحاكم قبل إلغاء العمل بها وذلك إعمالا لنص المادة (76) مكرر من القانون)1) لسنة 2000 م، بالإضافة للمادة )293) عقوبات مصري(4) حيث وسع المشرع في القانون رقم (1) لسنة 2000 م من نطاق الاستثناء بإمكانية الحبس في الديون المتعلقة بالأجور وما في حكمها بجانب ديون النفقة، وان كان هذا يدل على شيء، فإنما يدل على رغبة المشرع في تبني نظام حبس المدين المماطل، وذلك بعد أن أثبتت التجربة العملية مدى فاعلية هذه الوسيلة في تحقيق أهدافها وايصال الحقوق لأصحابها.
حالات حبس المدين:
أولا: حبس المدين في ديون النفقة والأجور وما في حكمها :
تضمنت المادة (76)(5) مكرر من القانون رقم (1) لسنة 2000 عدة شروط كالآتي (6)
1- أن يكون الحكم صادر في مواد النفقة أو الأجور أو ما في حكمها، إذ يحبس المدين في ديون النفقة والأجور وما في حكمها.
2- أن يقدم المحكوم له طلبا لحبس المدين إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو محكمة التنفيذ أيهما يختار، وعلى ذلك ليس للقاضي المختص أن يصدر أمرا بحبس المدين من تلقاء نفسه والا كان حكمه مشوبا بالبطلان.
3- صدور حكم نهائي: حماية لمصلحة المحكوم عليه، حيث لا يجوز الحبس إلا بعد ثبوت الحق المطلوب حبس المدين اقتضاء له، وهذا لا يتم إلا بعد تحقيق كامل لادعاءات الخصوم وحججهم أمام المحكمة، وعليه لا يكفى لطلب الحبس أن يكون حق الدائن ثابتا في سند من السندات التنفيذية الأخرى، مثل أحكام المحكمين أو محاضر الصلح أو غيرها من الأوراق التي يعطيها المشرع صفة السندات التنفيذية(7)
4- امتناع المدين عددن تنفيذ الحكم رغم يساره، لأن مناط الحبس هو يسار المدين وتعنته في ذات الوقت عن أداء ما عليه من التزامات.
5- أن يثبت المدعي قدرة المدعي عليه على السداد.
6- أن تأمر المحكمة المحكوم عليه بالتنفيذ ولا يمتثل للأمر.
7- ألا يكون دين النفقة أو الأجور أو ما في حكمها قد سقط لسبب ينال من قوته، فإذا كان الدين قد سقط فإنه لا يجوز حبس المدين، فمتى توافرت شروط حبس المدين فان للمحكمة التي تنظر دعوى الحبس أن تأمر بحبس المدين بشرط ألا ت زيد مدة الحبس عن ثلاثين يوما (8) وفقا لما يقرره القانون، ولها أن تمهل المدين فترة يقوم خلالها بسداد دينه، ولها أن ترفض طلب الحبس إذا انتفى شرط أو أكثر من الشروط، وجدير بالذكر أن المشرع في القانون رقم(1) لسنة 2001قد أغفل بعض الجوانب الإنسانية التي لا يجوز فيها حبس المدين(9)
ثانيا: حبس المدين لتحصيل المبالغ الناشئة عن الجريمة المقضي بها لصالح الحكومة :
وتشمل الغرامة والمصاريف والرد والتعويضات للحكومة (10) ويجيز المشرع المصري حبس المدين في التعويضات المحكوم بها لغير الحكومة وذلك إذا تحققت الشروط الآتية: (11)
1- أن يصدر حكم بالتعويض لأي شخص باستثناء الحكومة.
2- امتناع المحكوم عليه عن التنفيذ.
3- أن تأمر المحكمة المحكوم عليه بالتنفيذ ولا يمتثل.
4- قدرة المحكوم عليه على تنفيذ الحكم.
5- أن يكون الحكم صادر من محكمة جنائية أو أن يكون صادر من محكمة مدنية بعد ثبوت قيام الجريمة بحكم جنائي وأن يكون التعويض عن ضرر نتج مباشرة من الجريمة على ألا تزيد مدة
الحبس عن ثلاثة أشهر، ولا أثر للحبس على مبلغ التعويض. وقد استثنى القانون المصري بعض الفئات من الإكراه البدني لبعض الاعتبارات وذلك في الحالات الآتية:
1- لا يجوز حبس من لم يبلغ الخامسة عشر من عمره أو من كان مريضا بالجنون أو مصابا بمرض يعرض حياة المدين للخطر بذاته أو بسبب الحبس.
2-لا يجوز التنفيذ بطريق الإكراه البدني على من حكم عليه بعقوبة حبس مع وقف التنفيذ وذلك حرصا من المشرع على تحقيق الغرض من وقف التنفيذ.
3- تأجيل حبس المحكوم عليها إذا كانت حبلي في الشهر السادس حتى تضع حملها وينقضي شهران من الوضع.
4- تأجيل التنفيذ بالحبس على أحد الزوجين إذا كان الآخر محبوسا وذلك إذا كان لهما ولد لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره وكان لهما مقر إقامة معروف.
___________________
1- احمد محمد الرفاعي ،مدخل للعلوم القانونية ،نظرية القانون 2007-2008،ص38.
2- أحمد هندي، أصول التنفيذ، الدار الجامعية، الإسكندرية، 1993،ص11.
3- نصت لائحة ترتيب المحاكم المصرية في المادة (347) من المرسوم بقانون رقم (87) لسنة 1931، على انه اذا امتنع المحكوم علية من تنفيذ الحكم الصادر في النفقات وفي اجرة الحضانة او الرضاعة او المسكن يرفع ذلك الى المحكمة التي اصدرت الحكم والتي بدائرتها محل التنفيذ ومتى ثبت لديها ان المحكوم علية قادرا على القيام بما حكم بة وامرته ولم يمتثل حكمت بحبسة ولايجوز ان تزيد مدة الحبس عن ثلاثين يوما اما اذا ادى المحكوم علية ما حكم او احضر كفيلا فانة يخلي سبيلة وهذا لا يمنع من تنفيذ الحكم بالطرق الاعتيادية ” العدد 103 ، الجريدة الرسمية 10يوليو 1947.
4- نص قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 المصري في المادة 293 على انة كل من صدر علية حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجة او أقاربه او اصهاره او اجرة حضانة او رضاعة او مسكن وامتنع عن دفع نفقة لزوجة وأقاربه او او اصهاره واجر حضانة او رضاعة اومسكن وامتنع عن دفع مع قدرته علية مدة ثلاثة شهور بعد التنبيه علية بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامه لاتجاوز خمسمائة جنية اوباحدى هاتين العقوبتين ، ولاترفع الدعوى عليه الابناء على شكوى من صاحب الشأن ، واذا رفعت بعد الحكم علية دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة وفي جميع الاحوال اذا ادى المحكوم علية ما تجمد في ذمته او قدم كفيلا يقبله صاحب الشأن فلا تنفذ عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة .وفي جميع الاحوال اذا ادي المحكوم علية ماتجمد في ذمتة او قدم كفيلا يقبله صاحب الشأن فلا تنفذ العقوبة ” العدد 71 الجريدة الرسمية 5 اغسطس 1937 .
5- نص قانون الحوال الشخصية رقم 1في المادة (76) مكرر على انه اذا امتنع المحكوم علية عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في دعاوى النفقات والاجور وما في حكمها جاز للمحكوم علية ان يرفع الامر الى المحكمة التي اصدرت الحكم او التي يجري التنفيذ في دائرتها ومتى ثبت لديها ان المحكوم علية قادر على اداء ماحكم بة او حضر كفيلا يقبله الصادر لصالحة الحكم فانه يخلي سبيلة وذلك كلة دون اخلال بحق المحكوم له التنفيذ بالطرق العادية . ويجوز في الاحوال التي تطبق فيها هذه المادة السير في الاجراءات المنصوص عليها في المادة 293من قانون العقوبات ما لم يكن المحكوم له قد استنفذ الاجراءات المشار اليها في الفقرة الاولى واذا نفذ بالإكراه البدني على شخص وفقا لحكم هذه المادة ، تم حكم علية بسبب الواقعة ذاتها بعقوبة الحبس طبقا للمادة 293 من قانون العقوبات استنزلت مدة الاكراه البدني الاولى من مدة الحبس المحكوم بها فاذا حكم علية بغرامة خفضت عند التنفيذ بمقدار خمسة جنيهات عن كل يوم من ايام الاكراة البدني الذي سبق انفاذه عليه ماحكم بة لكل منهم الجريدة الرسمية 19/1/2000م.
6- وهي ذات الشروط الواجب توفره بموجب المادة (347) من لائمة ترتيب المحاكم الشرعية ، أحمد صدقي محمود، حبس المدين المماطل في الشريعة الإسلامية والقانون، دار النهضة العربية، القاهرة ،ص2.
7- نص قانون المرافعات والمدنية والتجارية في الفصل الثاني السند التنفيذي وما يتصل به مادة 280 على انه لايجوز التنفيذ الجبري الا بسند تنفيذ اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الاداء . والسندات التنفيذية هي الاحكام والاوامر والمحررات الموثقة ومحاضر الصلح التي تصدق عليها المحاكم او مجالس الصلح والاوراق الاخرى التي يعطيها القانون هذه الصفة . ولايجوز التنفيذ في غير الاحوال المستثناة بنص القانون الابموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ التالية على الجهة التي يناط بها التفيذ ان تبادر الية متى طلب منها وعلى السلطات المختصة ان تعين على اجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب اليها ذلكمنشور على الموقع الالكتروني http://mohamedbamby.blogspot.com/2013/06/1-2000.html
8- احمد محمد مليجي ، التنفيذ على شخص المدين بحبسه ، دراسة في قانون دولة الامارات والقانون المقارن والشريعة الاسلامية ، بحث منشور على الموقع الالكتروني http://bota.forumarabia.net/t7430.topic ،ص 215.
9- أحمد صدقي محمود، حبس المدين المماطل في الشريعة الإسلامية والقانون، دار النهضة
العربية، القاهرة ،ص82.
10- نص قانون الاجراءات الجنائية المصري في الباب السادس في الاكراه البدني مادة 511على انه يجوز الاكراه البدني لتحصل المبالغ الناشئة عن الجريمة المقضي بها للحكومة ضد مرتكب الجريمة ، ويكون هذا الاكراه بالحبس البسيط وتقدر مدته با عتبار يوم واحد عن كل خمسة جنيهات اواقل ومع ذلك ففي مواد المخالفات لاتزيد مدة الإكراه على ثلاثة اشهر للغرامة وثلاثة اشهر للمصاريف وما يجب رده والتعويضات العدد 25 الجريدة الرسمية 19 يونيو 2003.
11- ونصت المادة 519 من قانون الاجراءات الجنائية المصري على انه اذا لم يقم المحكوم علية بتنفيذ الحكم الصادر لغير الحكومة بالتعويضات بعد التنبيه علية بالدفع ، جاز لمحكمة الجنح التي بدائرتها محله ، اذا ثبت لديها انه قادر على الدفع وامرته به فلم يمتثل ان تحكم علية بالإكراه البدني ولايجوز ان تزيد مدة هذا الاكراه على ثلاثة اشهر ولايخصم شيء من التعويض غير الاكراه في هذه الحالة وترفع الدعوى من المحكوم له بالطرق المعتادة .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً