أوصاف الحكم الجزائي ومدى دستورية إحضار المتهم الموقوف الممتنع عن الحضور بالقوة لجلسة المحكمة
يفرق المشرع الجزائري بين أوصاف ثلاثة للحكم الجزائي
1- الحكم الغيابي
2- الحكم الحضوري وفيه وصفان ( حكم وجاهي وآخر غير وجاهي)
3- والحكم المعتبر حضوريا
والعبرة بالوصف القانوني لا بالوصف القضائي طبعا لأن القاضي بشر وقد يخطئ في الوصف بينما التشريع هو الحكم عند الإختلاف حول تفسير الوصف المعطى للحكم لأن لكل وصف آثار تترتب عليه من حيث مدى تبليغيه من عدمه وكذا وسائل الطعن المتاحة وآجالها
وفي هذه المداخلة البسيطة سنتطرق للتعريف المبسط وفقا للإجتهاد القضائي لأنواع الاحكام ثم نتطرق إلى تساؤلات مشروعة حول مدى دستورية بعض مواد قانون الإجراءات الجزائية الجزائري فيما يتعلق بقواعد الحضور والغياب وبالتبعية أوصاف الحكم الذي يصدر في الدعوى العمومية ودعواها التبعية طبعا
الأحكام الغيابية :
ونفرق فيها بين الأحكام الصادرة من محاكم الجنح والمخالفات وبين الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات لأن التفرقة مهمة في ترتيب الآثار القانونية المترتبة عن هذا الوصف
أ)- احكام محاكم الجنح والمخالفات/
طبقا للمادة 346 من ق ا ج يحاكم المتهم المتخلف عن الحضور غيابيا اذا ثبت للقاضي عدم تسلمه شخصيا لورقة التكليف بالحضور
ويتميز الحكم الصادر من هذه المحاكم بكونه قابلا للطعن بطريق المعارضة او بالإستئناف ابتداء من تاريخ تبليغه لا من يومالنطق به
ب)- واما احكام محكمة الجنايات/
فإن الحكم الصادر على المتهم محض حكم تهديدي لا يحوز قوة الشيء المقضي فيه كما لا يجوز الطعن فيه بطريق المعارضة – وان كان العمل القضائي يكرس معارضة شكلية امام النائب العام- وبالتالي فإن القبض على المتهم الغائب او المتخلف عن الحضور او تقديمه لنفسه يسقط حكم محكمة الجنيات المتخذ طبقا لإجراءات التخلف عن الحضور ويجعله كأن لم يكن وتعاد محاكمة المتهم من جديد
2- الأحكام الحضورية
أ) -الأحكام الوجاهية :
ان المشرع الجزائري فرق بين نوعين من الأحكام الحضورية فعرف الأحكام الحضورية الوجاهية او بمعنى آخر الأ؟حكام الحضورية بالمعنى الضيق وعرف الأحكام الغير وجاهية أو ما تسمى بالأحكام الحضورية
فالأحكام الحضورية بالمعنى الأول هي التي تصدر في مواجهة المتهم أذا حضر كان هذا الأخير موقوفا- وعادة ما يكون حاضرا بالجلسة- او اذا كان المتهم طليقا وحضر في الجلسة التي تمت فيها المرافعات ووقع النطق فيها بحضوره
ب)- الأحكام الحضورية غير الوجاهية
صدرت في شأن الأحكام الحضورية غير الوجاهية عدة قرارات من المحكمة العليا تفسر تطبيق مقتضيات المادة 345 من ق ا ج منها:
*توصل المتهم شخصيا بورقة التكليف بالحضور
القرار الصادر في 24/02/1981 الحامل للرقم 21646 الذي جاء فيه أن عدم حضور المتهم في الجلسة لايمنع المحكمة او المجلس من الحكم عليه حضوريا وفقا لمقتضيات المادة 345 من ق ا ج متى ثبت أنه توصل شخصيا بالتكليف بالحضور وانه لم يقدم اي عذر مقبول لتبرير غيابه
**غياب المتهم المبلغ شخصيا يعد متغيبا عمدا ويقضى في حضوره
كما اعتبر القرار رقم 61392 الصادر في13/02/ 1990 المنشور في المجلة القضائية العدد 3 لسنة 1992 والذي جاء فيه انه اذا كانت ورقة التكليف بالحضور قد سلمت الى المتهم شخصيا ولم يقدم هذا الاخير الى المحكمة عذرا مقبولا يبرر عدم حضوره اعتبر متعمد العغياب لذلك يجوز للمحكمة أن تقضي في غيبته ويكون الحكم الصادر حضوريا بالنسبة اليه .
ومتى كان القانون يجيز للمحكمة أن تقضى بحكم حضورى على المتهم الذي تسلم شخصيا التكليف بالحضور فإنه يجوز لها بمفهوم المحالفة أن تقضي بحكم غيابي على الرغم من قرار المحكمة العليا الصادر في 15/12/1970 المنشور في نشرة القضاة عدد 1 لسنة 1971 كون القاضي الجزائي غير ملزم بقرارات المحكمة العليا.
ويترتب على هذا الوصف او ذاك معرفة وسائل الطعن المتاحة وآجالها.
3- الأحكام المعتبرة حضوريا
وهي الأحكام التي تصدر في الحالات المنصوص عليها حصرا في المادة 374 من من قانون الإجرءات الجزائية الجزائري وهي تكون على المتهم الطليق الذي:
– يجيب على نداء اسمه ويغادر باختياره قاعة الجلسة
-الذي رغم حضوره بالجلسة يرفض الإجابة او يقرر التخلف عن الحضور
-الذي بعد حضوره لأحدى الجلسات الاولى يمتنع بإختياره عن الحضور بالجلسات التي تؤجل اليها الدعوى او بجلسة الحكم.
وطبعا يترتب على هذا الوصف حرمان المتهم من المعارضة وبقاء حقه في الإستئناف قائما من يوم التبليغ
تساؤلات مشروعة:
وهنا تثور عدة ملابسات وإشكالات قانونية معقدة منها
1- إذا كانت المادة تنص صراحة على أن المتهم الطليق هو الذي يستفيد من هذا الوصف فماذا لو أحضر المتهم الموقوف ورفض الإجابة عن التهمة الموجهة إليه أو إلإجابة عن الأسئلة التي قررتها المحكمة للتحقيق في التهمة؟
2- هل يحق للمتهم الموقوف أن يمتنع مختارا عن حضور الجلسة أم أنه سيساق بالرغم عنه وبالقوة العمومية لحضور الجلسة طبقا للمادة 344 من ق ا ج ؟ وما مدى دستورية هذه المادة
واتفاقها مع مبادئ حقوق الإنسان التي صادقت عليها الجزائر؟
اترك تعليقاً