توضيح لأسس الديمقراطية في الدستور العراقي الدائم
القسم الاول
المحامي : كامران عبدالرحمان الداودي الدستور مظهر حضاري حديث يدل على التمسك السياسي والاجتماعي للأمة ، ويضمن الحريات لينشئ مجتمعا مدنيا متحضرا تتكافأ فيه الفرص ويساهم الجميع في الواجبات ويتساوون في الحقوق.
وقد شهد العراق صدور أول دستور عام 1925 بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة وسمي في حينه ( بالقانون الاساس ) ، وكان ذلك بعد اختيار الامير فيصل الاول ملكا على العراق حيث كان يتكون من 125 مادة موزعة على مقدمة وعشرة ابواب وقد مر هذا الدستور بثلاثة تعديلات خلال فترة نفاذه ، حيث جرى التعديل الاول في 29/تموز من عام 1925 وشمل التعديل ثماني مواد وعلل هذا التعديل لتلافي النواقص التي ظهرت اثناء التطبيق اما التعديل الثاني فقد جرى في عام 1943 وعلل التعديل الثاني بعدم كفاية التعديل الاول عام 1925 بعد تطور العراق في مجالات متعددة ، اما التعديل الثالث فتم إثر الاعلان عن قيام الاتحاد الهاشمي بين مملكة العراق والمملكة الاردنية الهاشمية ، واستمر العمل به الى حين سقوط الملكية في العراق في عام 1958 .
لقد لعبت المبادئ التي تضمنها اعلان حقوق الانسان الصادر عام 1789 دورا واضحا في الدساتير التي صدرت بعد الثورة الفرنسية سواء في فرنسا ام في بقية البلدان ومن ضمنها القانون الاساس الذي افرد بابا تحت عنوان حقوق الشعب تضمن مواد عن المساواة والحرية الشخصية والحرية الدينية وحرية التعبير وحرية التملك وتكوين الجمعيات وحرية العقيدة وحق التعليم والعقيدة.
ان هذه الحقوق والحريات التي هي اساس ومن متطلبات الديمقراطية لم تكن سوى مجرد نصوص لم يعمل النظام السياسي على احترامها خلال مرحلة تطبيق القانون الاساسي ، وانما عمل النظام على مخالفتها صراحة من خلال اصدار قوانين جاءت مقيدة لهذه الحريات والتمتع بالحقوق.
وبعد التغير السياسي الذي حدث في 14 تموز 1958 وانهاء حكم النظام الملكي في العراق القائم منذ 1921 كان التغيير متوقعا نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتخلفة التي كان العراق يعيشها خلال فترة حكم النظام الملكي ، وعند الاعلان عن سقوط الملكية حصلت تغيرات عديدة في المجالين الداخلي والخارجي ومن اهم التغيرات في المجال الداخلي كان تغير النظام السياسي من الملكي الى الجمهوري وكذلك حصل التغير في النظام الدستوري للبلد ، حيث قام القائمون بالثورة بإلغاء القانون الاساسي (الدستور ) الصادر في عام 1925.
وتم اصدار دستور مؤقت ( الدستور المؤقت الاول ) في 27 تموز عام 1958 واستغرق اعداد هذا الدستور المؤقت يومين فقط ، وعرض على مجلس الوزراء الذي اقره بالإجماع ولم يغير فيه اي نص.
لاشك ان اقرار وتشريع الدستور المؤقت من قبل مجلس الوزراء يعد اضعافا لقيمة القواعد الدستورية ولشرعيتها التي تستمد من الموافقة الصريحة للشعب ، وقد احتوى هذا الدستور المؤقت على 30 مادة موزعة على اربعة ابواب بالإضافة الى الديباجة ، وقد تناول هذا الدستور العديد من المواد التي تبين الحقوق والحريات للمواطنين فضمن المادة العاشرة على حرية الاعتقاد والتعبير نصت المادة العاشرة ( ان حرية الاعتقاد والتعبير مضمونة وتنظم بقانون ).
الا ان دستور عام 1958 عانى من خلل كبير في تحديد مهام المؤسسات الدستورية حيث اناط السلطة التشريعية والتنفيذية بمجلس الوزراء وبالذات في يد رئيس الوزراء عبدالكريم قاسم فاصبح رئيس الوزراء يملك زمام السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وعهد مهام رئيس الجمهورية الى مجلس السيادة الذي يقوم بمهام التصديق على التشريعات التي يصدرها مجلس الوزراء.
واستبدل هذا الدستور بقانون مجلس قيادة الثورة رقم 25 ( الدستور المؤقت الثاني ) الذي تسلم زمام الحكم في العراق بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 وتم وضع هذا الدستور في 4 نيسان عام 1963 من قبل لجنة مؤلفة من قبل المجلس الوطني لقيادة الثورة تضم بعض الوزراء والشخصيات السياسية وعرض على المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي اقره.
ان تسمية قانون المجلس الوطني بالدستور هي تسمية مجازية لأنه لم يكن له صلة لا من قريب ولا من بعيد لأي مبدأ دستوري ، ولم يتضمن اي توضيح لاتجاهات النظام السياسي وجاء خاليا من الافكار والمبادئ السياسية ، وينص هذا الدستور ان الحاكم الحقيقي للعراق هوالمجلس الوطني لقيادة الثورة اما المؤسسات الاخرى كرئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء فكانت اختصاصاتهما محدودة ومكملة لصلاحيات المجلس اومستندة اليها .
اما الاسباب الموجبة لصدوره فيذكر انه اصبح لازما اصدار قانون يبين تكوين المجلس الوطني لقيادة الثورة وسلطاته وحصانة التي يتمتع بها اعضائه بصفتهم يمارسون السلطة التشريعية والسلطة العليا كقيادة جماعية في العراق.
وفي 29 نيسان عام 1964 صدر قانون جديد كدستور مؤقت للعراق ( الدستور المؤقت الثالث ) وحل محل الدستور السابق وقد صدر هذا القانون من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وليس من قبل المجلس الوطني لقيادة الثورة حيث اعطى دورا بارزا لرئيس الجمهورية ، وتم الغاء هذا الدستور واعلن عن صدور دستور جديد ( الدستور المؤقت الرابع ) في 21 ايلول سنة 1968 بعد انقلاب 17 تموز عام 1968.
وفي 16 تموز من عام 1970 تم الغاء هذا الدستور واصدر دستور اخر جديد اعتبر الدستور المؤقت للعراق (الدستور المؤقت الخامس ) الذي حكم العراق 33 سنة مساوية تقريبا للفترة التي حكم بها الدستور الدائم في العهد الملكي ( القانون الاساس ) والذي شُرّع عام 1925 بأشراف بريطانيا.
اذا كان العهد الملكي على الرغم من جميع عيوبه فقد اتسم بوجود دستور دائم واستقرار سياسي نسبي فقد شهد العهد الجمهوري دساتير مؤقتة وانقلابات عسكرية الى ان وقعت البلاد تحت الاحتلال الاجنبي واطيح بنظام صدام حسين في 2003.
وتم سن قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية في عام 2004 والذي نقل الكثير من اسسه ونصوصه ومواده الى الدستور الدائم الذي صدر في عام 2005 ، حيث اصبح للعراق دستور دائم بعد سبعة واربعين عاما من الدساتير المؤقتة ، وان اختلفت وتعارضت وجهات النظر والانتقادات بشأنه ولكنه على الرغم من مساوئه اذ يقول الكثيرون انه صيغ وصدر على عجل وانه صدر في زمن الاحتلال الاجنبي ، الا انه يحتوي على الكثير من الايجابيات والمفاهيم الحضارية التي تتعلق بالحقوق والحريات والمرتكزات التي تقوم عليها الديموقراطية ولان العراقيين لم يصوغوا دستورهم في الماضي ، حيث كانت الدساتير اقرب الى المنحة اوتصدر من جهة السلطة الحاكمة فان مناقشاتهم وحواراتهم لبورة الدستور الدائم كانت اكثر سخونة اثناء كتابة دستور العراق الدائم.
فالدستور الاول (القانون الاساس ) فقد وضع مسودته الاولى وزارة المستعمرات البريطانية ، اما الدساتير الجمهورية الخمسة المؤقتة فكلها اصدره الحكام بمعزل عن الشعب ولم تتم مناقشتها من قبله بل كانت تصوغها وتصدرها الجهة التنفيذية صاحبة السلطة الفعلية في العراق ، ولم تاخذ راي الشعب في مادة واحدة من مواده .
ومن حيث التطبيق فان المشكلة الاساسية التي نراها من خلال التجربة الدستورية في العراق في جميع الدساتير ومنها الدستور العراق الدائم الصادر في 2005 هي مشكلة الانتقائية في التطبيق وعدم الالتزام بالكثير من مواده فليس هناك مشكلة كبيرة في الدستور لان الكثير من نصوص الدستور وخاصة الدستور الدائم الحالي هي نصوص مثالية في غاياتها ان لم يكن جميعها ، ولكن كم من نصوص الدستور موجودة في حيز التطبيق؟، الجواب هوالقليل.
فلو طبقت اي مادة اوفقرة تخص الحقوق والحريات في الدساتير العراقية وبالأخص الدستور الحالي لما وجدنا اية مشكلة نعالجها ، وكما ان المشكلة هي ليست في عدم التطبيق فقط ، بل ان المشكلة اننا نجد ان الدستور اصبح يطبق بمزاج الطبقة الحاكمة والمسيطرة على السلطة وهذا حال اغلب الدساتير العراقية السابقة ومنها كذلك الدستور العراق الدائم الحالي.
ان اي دستور في اي بلد في العالم لابد ان يتضمن بالأساس القواعد المتعلقة بالتنظيم السياسي للدولة ، غير ان هناك الكثير النصوص والمواد الدستورية لا تمت الا بصلة ضعيفة وغير مباشرة بالتنظيم السياسي اولا علاقة لها بالسلطات العامة في الدولة ، كالنصوص التي تؤكد مستوى المعيشية اللائق للمواطنين وتلك المتعلقة بترسيغ متطلبات الديمقراطية والمرتكزات الاساسية اللازمة لتوطيد وتدعيم اركان العملية الديمقراطية في البلد.
ومن المرتكزات الاساسية التي يجب ان نشير اليها عند الحديث عن المرتكزات الاساسية للديمقراطية في اي بلد ديمقراطي بداية ان يكون الدستور الذي يحكمه دستورا ديمقراطيا ، فلا ديمقراطية في اي بلد ان لم يكن لها دستور ديمقراطي صادر بإرادة الشعب اي ان يكون للشعب الدور الرئيسي في الموافقة على جعله الدستور الذي يحكم الدولة .
ان مشروع الديكتاتورية في اي بلد يتعارض حتى النخاع مع المشروع الديمقراطي ، فالأول يقوم على أساس احتكار السلطة ومنع تداولها وإقصاء المواطنين عن ممارسة حقهم في السلطة والمشاركة في إنتاج القرارات المتعلقة بحياتهم ومجتمعهم ودولتهم وانتقالها وتداولها سليما بموجب إرادة الشعب المعبر عنها دوريا في الانتخابات العامة التي يحق لجميع المواطنين المؤهلين المشاركة فيها من حيث الترشح للمناصب العامة من جهة ، والتصويت في صناديق الاقتراع من جهة ثانية.
وهذا يعني ان الانتخابات الحرة والنزيهة تلعب دورا كبيرا ومهما في بناء المفهوم الديمقراطي في الدولة ، ولكن الانتخابات العامة لانتخاب البرلمان أورئيس السلطة التنفيذية أورئيس الدولة في أي بلد لا تعني بالضرورة تطبيقا كاملا للديمقراطية وليست كافية لكي يكون تلك البلد حرا ديمقراطياً.
فالديمقراطية كشكل من أشكال الحكم هي إشراك جميع أفراد وطوائف الشعب في حكم البلد وفي جميع مفاصل ومؤسسات الدولة .
وتعني الديمقراطية بطبيعة الحال أكثر من مجرد انتخابات دورية ، غير ان الانتخابات الحرة والنزيهة بطبيعة الحال تعد حلقة حاسمة في سلسلة إقرار الديمقراطية المتواصلة الحلقات ووسيلة أساسية لتعبير الشعب عن إرادته الذي هوأساس سلطة الحكم.
فللديمقراطية مرتكزات وأسس لابد من تحقيقها وتطبيقها حتى نصل إلى وطن يحترم فيها الحريات ويقدس فيها الحقوق ، ومن هذه المرتكزات هي وجود دستور ديمقراطي فالدستور يقع في قمة الهرم القانوني للدولة وتحتاج إليه كل دولة قانونية ، اذ هوالذي يحدد طبيعة الدولة (هل هي بسيطة ام اتحادية؟) وشكل نظام الحكم ، كما يحدد علمها وعاصمتها ولغتها وعقيدتها الفكرية والسياسية.
وقد جاء في الدستور العراقي الدائم في المادة الأولى منه (( جمهورية العراق دولة اتحادية مستقلة ، ذات سيادة كاملة ، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ( برلماني) ديمقراطي ، وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق )).
كما جاء في المادة (116 ) (( يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية )) .
وأشار الدستور العراقي كذلك إلى اللغة الرسمية لجمهورية العراق حيث جاء في المادة(4):
أولا : (( اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق ويضمن حق العراقيين بتعليم أبنائهم باللغة الأم كالتركمانية والسريانية والارمنية في المؤسسات التعليمية الحكومية وفقا للضوابط التربوية اوبأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة )). كما ان الدستور العراقي أشار في المادة ( 11) إلى عاصمة جمهورية العراق وكذلك في الفصل الثالث في المادة (124 ) اولا (( بغداد بحدودها البلدية عاصمة جمهورية العراق وتمثل بحدودها الادارية محافظة بغداد )) .
واشار في الفقرة الثالثة الى انه لا يجوز ان تنظم بغداد لأي إقليم ، اما بالنسبة الى علم وشعار ونشيد الوطني والذي يجب ان يرمز الى مكونات العراق فيجب ان ينظمه قانون يصدر من مجلس النواب يصدر لهذا الغرض.
والمسألة الثانية التي ينظمها الدستور هي السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) من حيث تشكيلاتها واختصاصاتها وطبيعة العلاقة الدستورية فيما بينها وقد اشار الدستور العراقي الى السلطات الاتحادية في العراق بانه يتكون من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية في المادة 47 فيما نصه ( تتكون السلطة الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدا الفصل بين السلطات)
ونص في المادة 48 من الدستور ( تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد ) .
اما المادة 66 فينص الى تكوين السلطة التنفيذية الاتحادية في العراق بالقول ((تكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ، تمارس صلاحيتها وفقا للدستور والقانون)).
كما ان السلطة القضائية الاتحادية فإنها حسب المادة 89 من الدستور تتكون من مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام ، وهيئة الاشراف القضائي والمحاكم الاتحادية الاخرى التي تنظم وفقا للقانون.
وينظم الدستور كذلك الحقوق والحريات السياسية والمدنية ، حيث قد اشار الدستور العراقي الصادر في 2005 الى الحقوق المدينة والسياسية في الفصل الاول من المواد 14 – 36 بكل فقراتها .
اما الحريات فأشار اليها في الفصل الثاني من المواد 37 – 46 وكما يتضمن الدستور في نصوصه على مبادئ حقوق الإنسان ، والأهم من كل ذلك ليس نصوص الدستور على اي مبدئ من المبادئ الانسانية ، بل تطبيق نصوص الدستور فالنصوص التي لا تجد طريقها الى التنفيذ تعد نصوصا معطلة.
والدستور الديمقراطي يتم صياغته في الغالب عن طريق لجنة اوهيئة منتخبَ انتخاباً مباشرا من قبل الشعب اويتم انتخاب هذه الهيئة من قبل البرلمان المنتخب من الشعب تضم في تشكيلته كافة الكتل والتيارات ومكونات الشعب ومن الأخصائيين في مجال القانون والدستور ، ومن ثم عرض مشروع الدستور في استفتاء شعبي عام لقبوله بالإيجاب من الشعب أورفضه وهذا ما تم في حينه عند صدور الدستور العراقي الدائم في عام 2005 ، حيث شكل البرلمان العراقي هيئة سمي في حينه بـ ( هيئة كتابة الدستور) متكون من جميع الكتل البرلمانية التي تشكل منها البرلمان العراقي وتم صياغة الدستور العراقي من قبل هذه الهيئة وجرت حوله العديد من الندوات والدراسات والبحوث وطبع من مسودة الدستور الملايين من النسخ ليطلع عليه الشعب وشرائح المجتمع وجرت عليه الكثير من المداولات والتعديلات والمقترحات بما يضمن حقوق ومطالب جميع مكونات وافراد الشعب العراقي ثم عرض مشروع الدستور في استفتاء شعبي عام بتاريخ 15 / تشرين الاول / 2005 وكانت نسبة القبول لمشروع الدستور 78 % من المقترعين من أبناء الشعب العراقي اما نسبة المشاركة في هذه الاستفتاء فكانت تقدر بـ 63 % .
اذن فالدستور الديمقراطي المستفتى عليه من الشعب اهم ما يميز أي دولة ديمقراطية من دولة استبدادية دكتاتورية حيث لا يوجد لدى الدولة الاستبدادية دستور ديمقراطي اوتكون دستورها عن طريق المنحة تمنحه السلطة سواء أكان رئيسا للجمهورية اوزعيما اوملكا الى الشعب رغما عنه ، فيصوغه على هواه ولا نجد في مثل هذه الدساتير أي متنفس للديمقراطية فالسلطات في هذه الحالة كلها ترتكز بيد الحاكم المستبد اوالقائد الأوحد الذي لا منافس ولا بديل له.
ومن اهم خصائص الدستور الديمقراطي والتي تبلورت عبر سنوات طويلة من الصراع بين انصار اطلاق السلطة وانصار تقيدها وهي :
أ- لا سيادة لفرد اولقلة على الشعب
في الممارسات الدستورية الديمقراطية المعاصرة ليس هناك حق مطلق وغير مقيد يعطي لصاحبه الحق في اصدار الاوامر ، اما الشعب فيمارس سلطاته بموجب احكام الدستور وكل دستور ديمقراطي معاصر مقيد بحقوق وحريات عامة لا يجوز ان تمس وشرائع يجب مراعاتها.
ان وضع هذا المبدأ موضع التطبيق يتطلب ضرورة انتخاب اعضاء البرلمان المناط بهم مهمة التشريع في ظل قيود الدستور بمعنى ان لا تخالف التشريعات التي يضعونها احكام الدستور كما يتطلب انتخاب المسؤولين عن السلطة التنفيذية المناط بهم دستوريا السيطرة على قرارات الحكومة وسياساتها والقيام بمساءلة السلطة التنفيذية عن اداء مهامها وفقا لاختصاصاتها الدستورية.
ب – مبدأ سيادة القانون
ان القانون هواعلى سلطة في الدولة ولا يعلوعليه احد ، ان تطبيق هذا المبدأ على ارض الواقع هوما تتميز به الحكومة الدستورية الديمقراطية ، ومن اجل تطبيق هذا المبدأ لا بد من وجود ضمانات لاحترامه وتتمثل هذا الضمانات في وجود جزاء على مخالفة احكام هذا المبدأ ، وافضل ادة لتحقيق ذلك هي وجود هيئة قضائية تتوافر فيها ضمانات الاستقلال والنزاهة وتكون مهمتها الغاء القرارات المخالفة للقانون .
وابرز مظاهر هذا المبدأ هومبدأ سموالدستور أي انه لا يوجد أي نص قانوني اعلى من نصوص الدستور اويساويه في المرتبة ومن ثم لا يجوز مخالفة احكامه ولكون الدستور اعلى مرتبة من القوانين فقد نشأ مبدأ سموالدستور.
وقد اشار الدستور العراقي الى سمو نصوصه في المادة (13 ) اولا (( يعد هذ الدستور الاسمى والاعلى في العراق ويكون ملزما في انحائه كافة وبدون استثناء)) ،
وثانيا ((لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ويعد باطلا كل نص يرد في دساتير الاقاليم اوأي نص قانوني اخر يتعاض معه ).
والحقيقة ان القوانين هي الاخرى سامية ولكن بالنسبة للأنظمة والقرارات واللوائح لادارية ولذلك انحصر السموعلى الدستور فحسب ، والتي تكون على نوعين السمو الموضوعي للدستور ويتضمن قواعد بشان شكل الدولة ونظام الحكم فيها والسلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) أي كيفية ممارسة السلطة ومصادرها والعلاقة ين الحكام والمحكومين اضافة الى حقوق وحريات الافراد.
اما السموالشكلي فانه يتضمن شكل واجراءات وضع القواعد الدستورية وهي اصعب من طريقة وضع القوانين العادية .
ومن المرتكزات الأخرى للديمقراطية بالإضافة إلى وجود الدستور الديمقراطي والتي من الضروري أن يتضمنها نصوص الدستور الديمقراطي هي :
اولا : – حرية التعبير :-
إن حقوق المواطن وحرياته الأساسية جميعا هي كلُ لا يمكن ان يتجزاء ، أي إن كل حقوقه واجبة الاحترام والحماية والرعاية ، الا أن حقه في إبداء رأيه والتعبير عنه بحرية كاملة هي من أهم الحقوق في كافة الدول والمجتمعات التي تهتم بالتطبيق الديمقراطي على أرضيها كون ذلك حقا ثابتا لا يتغير .
كما إن حرية الرأي والتعبير تشكل العمود الفقري لحرية الإعلام فبدون هذه الحرية يصبح الإعلام بجميع قنواته فارغا من مضامينه الأساسية خاصة مع التطور التكنولوجي الهائل في عالم الاتصالات الذي جعل دور الإعلام يتعاظم ويتغلغل لحياة الأفراد والمجتمع ويغير من اتجاهاتهم وأساليبهم ومعتقداتهم.
وكذلك تعتبر حرية الراي والتعبير من المرتكزات الأساسية للديمقراطية حيث أن الديمقراطية لا تتحقق الا بهذه الحرية والذي يعد الشريان الرئيسي للديمقراطية والأساس الذي يقوم عليه ، حيث ان لكل فرد في المجتمع الحق في الحرية عن الراي والتعبير دون أية قيود من المجتمع اوالحكومة .
وحرية التعبير تعني الحرية في التعبير عن الأفكار والآراء عن طريق الكلام أوالكتابة أوالأعمال الفنية من دون رقابة أوقيود حكومية ، بشرط أن لا يمثل طريقة عرض الأفكار والآراء أومضمونها ما يمكن عدّها خرقا أومخالفة لقوانين وأعراف الدولة أوالمجموعة التي سمحت بحرية التعبير.
وتحمي الشرعية الدولية في مجال حقوق الإنسان حرية الراي و التعبير ، فقد نصت عليها قوانين عالمية وعربية ومحلية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 19 منه :-
( لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية).
وتلتزم الدول المُنظمة إليها بحماية هذه الحرية عن طريق سن وتشريع القوانين والنُظم المحلية وتطبيقها لتشجيع تداول الآراء والأفكار وحماية أصحابها وعدم تجريم الآراء المخالفة وإيقاع العقوبات.
وقد اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعلان العالمي الاعلان العالمي لحقوق الانسان في 10 / 2/1948 واصدرته وطلبت من البلدان الاعضاء ان تعمل بنص الاعلان ونشره وتوزيعه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً