الطبيعة القانونية للتحويل المصرفي
المؤلف : امير احمد فتوح الحجة
الكتاب أو المصدر : اثار عقد الحوالة المدنية
يتناول هذا الموضوع مدى انطباق المادة ( 122 ) تجارة أردني، على الحوالة المصرفية، وهل فعلا يمكن قياس الحوالة المصرفية، على الحوالة المدنية في القانون المدني الأردني، أم لا يستقيم قياس هذه المادة على الحوالة المصرفية، وهو ما سيتضح جليًا في هذا الموضوع .
اتفق فريق من الفقهاء مع موقف المشرع الأردني، فذهبوا إلى أن الحوالة المصرفية تعد حوالة حق، لان الرصيد المودع في حساب الآمر، يمثل دينًا مستحقًا له في مواجهة البنك، وبالتالي فان هذا الدين سينتقل من حساب الآمر بالتحويل، إلى حساب المستفيد منه، ولذلك فلابد وان يبدو التحويل المصرفي في جوهره حوالة حق. (1) سندًا لهذا التكييف، يكون الآمر بالتحويل، هو “المحيل” والمستفيد من أمر التحويل “المحال له” والبنك المسحوب عليه أمر التحويل “محال عليه”، وهذا يعني أن للبنك بوصفه هذا التمسك قبل المستفيد بكافة الدفوع التي كانت ثابتة له قبل الآمر بالتحويل “المحيل”، وفي ذلك ما يقيد إجراءات تداول الحوالة المصرفية، حيث أن أي خلافًا قد ينشأ بين أطرافها، قد يحول دون تنفيذها، كما أن ذلك لا يستقيم مع طبيعة عمل البنك بصفته وكيلا. (2)
هذا التكييف للحوالة المصرفية، بقياسها على حوالة الحق بالقانون المدني، لم يستقم الأخذ به لكثرة التعقيدات التي تعيق الحوالة المصرفية بسبب ذلك، وضرورة تحررها من قيود القانون المدني التي تؤخر تنفيذها للمستفيد منها، كما أن هذا الوصف لا يمكن الأخذ به في الحالة التي يتم فيها التحويل المصرفي بين حسابين لشخص واحد. (3)
إضافة إلى أن ما ذهب إليه المشرع الأردني، من ضرورة أن يكون المحيل مدينًا للمحال له لصحة عقد الحوالة عملا بالمادة ( 997 ) مدني يحول دون قياس الحوالة المصرفية على حوالة الحق، فالآمر بالتحويل المصرفي قد لا يكون مدينًا للمستفيد، ومع ذلك تتم الحوالة المصرفية وتصح (4) لذلك فلا يجوز هذا التكييف للحوالة المصرفية، بل هي عملية مصرفية انبثقت عن النظم القانونية الحديثة، وهي بذلك عملية مادية شكلية تشبه عملية تسليم النقود من الناحية المادية والقانونية (4) ويتفق الحكم الذي توصلت إليه، بعدم جواز قياس الحوالة المصرفية على حوالة الحق في القانون المدني، مع ما قضت به محكمة النقض الفلسطينية الموقرة والتي يتلخص موقفها بالآتي:
توصلت محكمة الاستئناف الفلسطينية في قرارها موضوع الطعن إلى أن النزاع الناشئ عن الحوالة المصرفية بين المتنازعين يعد نزاعًا مدنيًا نشأ عن علاقة تعاقدية خاصة وليس من العقود المصرفية المنصوص عنها في الباب الخامس من قانون التجارة رقم ( 12 ) لسنة 1966 ويخضع بالنتيجة لأحكام القانون المدني طبقًا لنص المادة ( 122 ) من قانون التجارة. طعنت الجهة المحكوم عليها بقرار محكمة الاستئناف وما توصلت إليه، وبعد المداولة قررت محكمة النقض الآتي:
“لقد اعتبرت محكمة الاستئناف، العقد مدنيًا بالنسبة للمطعون ضده دون أن تعالج ما إذا كان المذكور تاجرًا وفق نص المادة ( 9) من قانون التجارة رقم ( 12 ) لسنة 1966 وما إذا كان التعاقد بين الفريقين يشكل عملا تجاريًا بماهيته أم انه عمل تجاري بالتبعية، فالأعمال التجارية بالتبعية هي بالأصل أعمال مدنية لكنها تكتسب الصفة التجارية إذا صدرت عن تاجر وكانت تتعلق بشؤون تجارية.
والقاعدة المعروفة “البينة على من ادعى” تطبق عندما يراد إثبات صفة التاجر بالنسبة لشخص معين ويستطيع الغير أن يثبت صفة التاجر كما يستطيع التاجر نفسه، ويجوز إثبات الصفة المذكورة بكافة طرق الإثبات كالقرائن والشهادة، وذلك لان الإثبات في هذه الحالة يتعلق بوقائع مادية. وعلى ذلك وحيث أن ذلك يشكل قصورًا في التعليل والتسبيب، فإننا نقرر قبول الطعن من هذه الجهة ونقض القرار المطعون فيه وإعادة الأوراق لمحكمة الاستئناف، للتثبت من صفة المطعون ضده وإتاحة الفرصة للفريقين لإثبات ذلك وفق نص المادة ( 123 ) من قانون البينات رقم ( 4) لسنة 2001 ثم إصدار الحكم المقتضى.(10)
______________
1- عبد المنعم حمدي، العمليات المصرفية في قانون المعاملات التجارية، الاتحادي، رقم 18 / لسنة 1983 ، ط 1، القاهر ة، دار النهضة العربية للنشر، دون سنة نشر ص 74
2- ذوابة، محمد عمر، عقد التحويل المصرفي الالكتروني، (دراسة قانونية مقارنة )، رسالة ماجستير منشورة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، سنة 2006 ص 41 ، وعوض علي جمال الدين، عمليات البنوك، من الوجهة القانونية ، بدون ط ، مكتبة النهضة العربية للنشر سنة 1988 ص201.
3-الجبر محمد حسن، العقود التجارية، وعمليات البنوك في المملكة العربية السعودية، دون ط، الرياض عم ادة شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود، سنة 1984 ص 235
4- محمد عمر ذوابة، المرجع السابق ص 75
5- الجبر، محمد حسن. المرجع السابق ص 236
6- نقض مدني فلسطيني. رقم 14/2004 عن موقع التشريعات الفلسطيني المقتفي. هذا القرار يأتي مع تسع صفحات تفصل أحكام الطعن وأسبابه وقد لخصت ما ينبغي من ذلك حول صحة تجارية الحوالة المصرفية.
7- عبد المنعم، حمدي، الأوراق التجارية في قانون المعاملات التجارية، الاتحادي، لدولة الإمارات ، (الكمبيالة ، السند ، الاذني، الشك) ط 1 منشورات المجمع الثقافي، سنة 1996 ص 60 ، وسامي محمد فوزي شرح القانون التجاري ، ج 2 الأوراق التجارية (سند السحب، السند لأمر “الكمبيالة، الشيك) ط 1 مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، سنة 1999 ،ص 127
8- يونس، علي حسن، الأوراق التجارية، بدون ط، دار الفكر العربي للنشر، سنة 1964 ص 186
9- عبد المنعم، حمدي. المرجع السابق ص 61
10- أنطاكي، رزق الله، السفتجة أو سند السحب. بدون ط، مطبعة جامعة دمشق، سنة 1965 ص125.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً