موقف الأنظمة القانونية من السلطة التقديرية للمحكم
تعترف أغلب الأنظمة القانونية بطريقة صريحة بالسلطة التقديرية للمحكم حيت تنص المادة 39 من قانون التحكيم المصري لسنة 1994 على مايلي تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان، وادا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اختصت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين مالم يتفق على غير دلك.
وإذا لم يتفق الأطراف على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي تراه أنه الأكثر اتصالا بالنزاع.
يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع، شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة.
يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح، أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام العقد.
ويتضح من خلال دراسة هاته المادة أن قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 يقر وبشكل صريح بالسلطة التقديرية للمحكم، ونظرا للوقت الذي صدر فيه هدا القانون فإنه كان أكثر انسجاما مع التطورات الحاصلة في مجال التجارة الدولية، حيث أكد وبشكل صريح عكس الاتفاقيات المنوه بها سابق والتي تقضي بضرورة تطبيق قواعد الإسناد، حيث أن هذا القانون ومن خلال فقرته الثانية نص صراحة على أن تطبق هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي تراه أكتر اتصالا بالنزاع وبه يكون هذا القانون قد تجاوز الشكل التقليدي أو المنهج التقليدي إن صح التعبير إلى منهج القواعد الموضوعية، وإذا كان هذا هو الوضع بخصوص المشرع المصري، فإن المشرع المغربي وإن كان الأمر يتعلق بالمجال الداخلي في إطار قواعد المسطرة المدنية حيت نص في المادة 317 على أنه { بجب على المحكمين ومن يحكم من الغير أن يرجعوا إلى القواعد القانونية المحددة المطبقة على النزاع إلا اذا قرر الأطراف في عقد التحكيم أو في شرطه الفصل بإنصاف كوسطاء بالتراضي دون التقيد بالقواعد القانونية أو كانت السلطات التي خولها الأطراف للمحكمين تسمح بتأكيد أن ذلك هو إرادة الأطراف قطعا.
إذا كانت للمحكمين المعينين سلطة البت كوسطاء بالتراضي تقيد بدلك من يحكم من الغير.
وبقراءة هذه المادة يتبين انه فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق على الموضوع، أن على المحكمين مراعاة القواعد القانونية العامة والحكم وفقا لمقتضيات هذه القواعد، هذا مالم يكن عقد التحكيم يخولهم سلطة الفصل كوسطاء بالصلح أما بالنسبة مشوع القانون رقم 05/08 فقد نص في مادته 327-41 ” على أنه تحدد في اتفاق التحكيم ، بكل حرية، القواعد القانونية التي يتعين على على الهيئة التحكيمية تطبيقها على جوهر النزاع، وفي حالة عدم اختيار الأطراف للقواعد المذكورة ، فإن الهيئة التحكيمية تفصل في النزاع طبقا للقواعد التي تراها ملائمة .
مضيفة في فقرتها الثانية، على أنه وفي جميع الأحوال، تأخذ الهيئة التحكيمية بعين الإعتبار مقتضيات العقد الذي يربط بين الأطراف والعادات السائدة في ميدان التجارة ”
وبذلك يكون المشرع المغربي من خلال المشروع السالف الذكر، قد واكب بالفعل التطورات الحاصلة في مجال التحكيم وبالتبعية إعلاء لإرادة الأطراف والمحكمين في حالة غياب إرادة الأطراف الفاعلة في عملية التحكيم، مشددا في نفس الوقت على ضرورة مراعاة الأعراف والعادات السائدة في ميدان التجارة.
وتنصص المادة 1496 من قانون التحكيم الفرنسي الصادر في العام 1981 على مايلي
يحسم المحكم النزاع طبقا لقواعد القانون الذي اختاره الأطراف وفي حالة غياب مثلا هذا الاختيار فطبقا لما يراه مناسبا، وفي كلتا الحالتين ينبغي على المحكم أن يضع في الاعتبار الأعراف التجارية.
ويتضح من هذه النصوص أن قانون التحكيم الفرنسي السالف الذكر أنه يعترف صراحة بالسلطة التقديرية للمحكم في تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، وإن كان القانون الفرنسي أكتر تطورا وحداثة وهذا الأمر له مايفسره بطبيعة الحال.
عموما إذا كان هذا هو الوضع بخصوص الأنظمة القانونية، فإنه يحق لنا أن نتساءل عن الوضع بخصوص موقف الهيئات الدائمة للتحكيم.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً