توضيخ قانوني للفرق بين الوكالة المدنية و التجارية
في حياتنا اليومية هناك العديد من العقود المتنوعة التي يبرمها الشخص تلقائيا أثناء تعاملاته اليومية، وتتنوع بين بيع وشراء وإيجار ونحوها، والوسيلة في ذلك هي العقد، وهو أخص من الاتفاق، لأنه توافق ارادتين على إنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه.
والجانب الأهم في العقد أن يكون محدثا لأثر قانوني، فإذا لم يكن محدثا لأي أثر فلا يعتبر هنالك عقداً بالمعنى القانوني، فليس كل اتفاق يعتبر عقدا، بل يجب ان يشتمل على خصائص العقد، من إحداث الأثر القانوني، والدخول في دائرة المعاملات، وحدوث الإيجاب والقبول بين الأطراف.
ثم إن من العقود ما يعتبر عقدا اساسيا محدثا للأثر القانوني، ومنها ما يعتبرعقدا مكملا للعقود الأساسية – إن صح التعبير – ويمكن أن نحصر تسمية العقود المكملة في عقد الوكالة الذي يعتبر في الأصل نوعا من عقود التراضي، لأنه يكفي لانعقادها تراضي الطرفين، ولا يخرجها من دائرة العقد الرضائي، اشتراط القانون الكتابة لعقد الوكالة فالكتابة هنا إجراء الهدف منه الاثبات، وليس ركنا شكليا ومن العقود الجائزة غير الملزمة للجانبين، فيجوز للموكل ان يعزل الوكيل، وللوكيل أن يتخلى عن الوكالة سواء قبل اتمام التصرف القانوني محل الوكالة او حتى قبل البدء فيه، ولكن هناك حالة يكون فيها عقد الوكالة ملزما للجانبين، وذلك في حال اشتراط الوكيل أجراً من الموكل لأجل القيام بالتصرف القانوني تمثيله له فيه، – كما أن عقد الوكالة يصنف من العقود المسماة التي ترد على العمل، فالوكالة محلها عمل الوكيل وهي عقد كسائر العقود يشترط لأجل انعقادها التراضي والمحل والسبب.
لكن متى تكون الوكالة عقدا مدنيا ومتى تكون عقدا تجاريا؟ ترجع هذه المسألة إلى الموكل والتصرف القانوني الذي ابرم لأجله عقد الوكالة.
فإذا كان الموكل تاجرا او صدر منه توكيل لشخص ما في تصرف قانوني يعتبر عملا من أعمال التجارة، كانت الوكالة بالنسبة له عقدا تجاريا، كذلك اذا كان الموكل غير تاجر، وصدر منه توكيل لشخص في تصرف قانوني يعتبر عملا من أعمال التجارة والمضاربة، كانت الوكالة بالنسبة إليه عقداً تجارياً أيضاً.
وتكون الوكالة عقدا مدنيا بالنسبة للموكل سواء أكان تاجراً أو غير تاجر، اذا كان التصرف القانوني الذي صدرت فيه الوكالة عملا مدنيا، كالتوكيل لشراء منزل لأجل السكنى ونحو ذلك.
أما الوكيل فتكون الوكالة بالنسبة اليه تجارية اذا كان تاجرا والتصرف القانوني الذي تولى الوكالة فيه يدخل في أعمال تجارته.
وتعتبر الوكالة في حق الوكيل مدنية اذا كان التصرف القانوني محل الوكالة من الأعمال المدنية، حتى لو كان هذا الوكيل تاجراً.
فالوكالة عقد يجمع الوصفين لطرفيه، فقد تكون تجارية من جانب الموكل، مدنية من جانب الوكيل، او العكس. فمثلا أعمال المحاماة تعتبر من الأعمال المدنية، فلو أن تاجرا أوكل محامياً في تصرف يتعلق بعمل من أعمال تجارته، كان عقد الوكالة المبرم بينهما مدنياً بالنسبة للمحامي (الوكيل)، تجارياً بالنسبة للتاجر (الموكل). ثم إن أهمية معرفة تصنيف عقد الوكالة – إن صح التعبير – بالنسبة للموكل والوكيل، تتضح في جانب معرفة الاختصاص، وطرق الإثبات، ولكن لعل النقطة المهمة في ذلك هي (طرق الاثبات) فاذا كانت الوكالة عقدا مدنيا لم يجز الاثبات الا بالكتابة او ما يقوم مقامها من الطرق المباشرة للاثبات التي تدل مباشرة على الواقعة المراد اثباتها، اضافة إلى كون الكتابة من الطرق المهيأة عادة للاثبات، يعدها اطراف العلاقة مقدما، لأجل اثبات تصرف قانوني، ويطلق عليها احيانا سند الاثبات، لكونها معدة لتكون دليلا يستند اليه عند نشوء النزاع.
اما اذا كانت الوكالة عقدا تجاريا جاز الاثبات بالكتابة وغيرها كالبينات والقرائن، ولم تعد المسألة حكرا على الكتابة كطريق للاثبات، فيجوز اثبات الواقعة بجميع طرق الاثبات المباشرة وغير المباشرة، التي يستخلص الاثبات منها عن طريق الاستنباط.
منقـــول
اترك تعليقاً