ثبوت النسب في أحكام الفقه والقانون الكويتي .
من المقرر في فقه الشريعة الإسلامية أن النسب يثبت بالفراش ، وذلك إعمالاً للحديث الصحيح للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش وللعاهر الحجر”(الجامع لأحكام القرآن، الإصدار 1.48 للإمام القرطبي – الجزء 9)
والمقصود بالفراش هي علاقة الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة وقت ابتداء الحمل ، فالبنوة تثبت للرجل الذي تربطه بمن ولدت عقد زواج قبل علوق الحمل الذي نشأ عنه ذلك المولود ، فإذا جاءت الزوجة بولد حملت به وقت قيام الزوجية بينها وبين الزوج – فيثبت بالفراش نسب ولدها مادامت قد توافرت شروط ثبوت النسب بذات الفراش دون حاجة إلى بينة أو إقرار الزوج بالبنوة .
وتثبت واقعة الولادة في فقه الإمام مالك ولدى الجعافرة بشهادة الشهود، وتقبل في هذه الحالة شهادة امرأتين ، وعلى ذلك فإذا ثار الخلاف حول ما إذا كانت الزوجة هي التي ولدت المولود، كان للزوجة أن تثبت واقعة ولادتها للمولود بالبينة الشرعية التي يكتفي فيها بشهادة امرأتين ، كما يجوز إثبات تلك الواقعة أيضاً – في رأي الفقهاء – بشهادة الطبيب الذي قام بعملية التوليد على ما شاع في الوقت الراهن خاصة، وأن شهادته تعادل شهادة المرأتين طبقاً للمفتى به في مذهب الإمام مالك واجب التطبيق.
كما يكون للزوج أن ينفي الولادة بشهادة الشهود ، والنفي هنا هو شهادة أربعة شهود ذكور أو بملاعنة الزوجة.
والمقصود بالزوجة في مفهوم القانون والشرع بمجال إثبات النسب بالفراش – هي المرأة المعقود عليها مع إمكان الدخول بها دون اشتراط ثبوت تمام الدخول والمعاشرة بالفعل ، وذلك إلا إذا ثبت استحالة التلاقي بين الزوجين أو عدم إمكانه بينهما – ففي هذه الحالة لا تعتبر المرأة زوجة تعقب نسلاً في إطار مفهوم ثبوت النسب بالفراش .
ويتناول نص المادة 169 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي إثبات النسب في الزواج الصحيح ، أما إذا كان الزواج فاسداً فإن الحكم يختلف حسبما تناولته المادة (172) من ذات القانون .
أوجب نص المادة المطروحة لثبوت النسب بالزواج الصحيح توافر شرطين يتعين اجتماعهما ولا يغني توافر أحدهما عن الآخر.
أما الشرط الأول:
فهو أن تمضي أقل مدة للحمل على عقد الزواج. وأقل مدة للحمل شرعاً في مذهب الإمام مالك هي ستة أشهر قمرية تحتسب من تاريخ إبرام العقد ويغتفر النقص لخمسة أيام كحد أقصى.
وأما الشرط الثاني :
فهو ألا يثبت انتفاء إمكان التلاقي بين الزوجين بمانع حسي من تاريخ العقد إلى تاريخ الولادة ، فالأصل هو إمكان التلاقي بين الزوجين طالما ثبت قيام الفراش ويقع على من يدعي عدم حدوث تلاقي بين الزوجين أو عدم إمكان حدوثه بينهما عبء إثبات مدعاه ، ويثبت ذلك بكافة طرق الإثبات ، إلا أنه إذا ارتكن إلى البينة الشرعية وجب أن تكون من رجلين لا امرأة فيهما .
أما الجعافرة فإنهم يشترطون الدخول الحقيقي ولا يكتفون بثبوت انتفاء إمكان التلاقي بين الزوجين فإذا اختلف الزوجان في زمن المقابلة كان القول لمن أقام الدليل على صحيح قوله ، فإذا فقدت الأدلة كان القول للزوجة بيمينها.
كما نصت الفقرة (ب) من المادة المذكورة على أنه إذا انتفى أحد الشرطين السابق تناولهما لا يثبت النسب إلا بإقرار الزوج، بأن يدعيه ولا يصرح أنه من الزنا، وذلك مراعاة من الشارع الإسلامي لمصلحة الولد وتصحيحاً لكلام العاقل ما أمكن بحمل إقراره على أسباب مشروعة للنسب، وهو أدرى بواقع أمره وسر حياته ، مما مؤداه وجوب اجتماع الشرطين لإثبات النسب بطريق الفراش بحيث إنه إذا تخلف أحدهما انتفى ثبوت النسب بالفراش إلا إذا أقر الزوج بالنسب باجتماع شروطه المنصوص عليها في المواد 173 وما بعدها .
ومؤدى ما تقدم أن النص المطروح يكون قد أخرج الحالات الآتية من ثبوت النسب :
1 – إذا لم يمض بين عقد الزواج والولادة أقل مدة للحمل، وأن تلاقى الزوجان وتم الدخول، لأنه لم يمض زمن كاف لتكوين الولد من هذا الزواج .
2 – إذا ثبت عدم التلاقي بين الزوجين لقيام مانع حسي مستمر من وقت العقد لحين الولادة مهما طالت المدة بين الزواج والولادة ، لأن السبب هنا هو قيام المانع وليس قصر المدة.
3 – إذا حدث المانع بعد إمكان التلاقي أو بعد تحققه ثم استمر المانع أكثر من 365 يوماً .
4 – إذا زال المانع ولم يمض بين زواله والولادة أقل مدة للحمل .
وتقول محكمة التمييز الكويتية في هذا الشأن:
“من المقرر أن نسب الولد من أبيه يثبت بالفراش وبالإقرار وبالبينة والفراش في الزواج الصحيح عبارة عن الزوجية القائمة بين الرجل والمرأة وقت ابتداء الحمل ، فإذا جاءت الزوجة بولد حملت به وقت قيام الزوجية بينها وبين زوجها فيثبت بالفراش نسب ولدها منه مادامت قد توافرت شروط ثبوت النسب بنفس الفراش بدون حاجة إلى بينة أو إلى إقرار الزوج بالبنوة ، كما أنه لا يقبل من الزوج أن ينفي نسب الولد بعد أن يقر بأنه منه”.
[[الطعن رقم 5/83 – جلسة 17/3/1983م – ص 175]]
وتقول أيضاً:
“من الأصول المقررة في فقه الشريعة الإسلامية أن النسب يثبت بالفراش، وهو الزواج الصحيح ، كما أنه من المقرر أيضاً في مذهب الإمام مالك وبإجماع الأئمة أن أقل مدة للحمل شرعاً هي ستة أشهر ، من تاريخ الزواج وهي مدة الحمل التام ، وكما أنه لا يعتد بإقرار المطلقة عند طلاقها بخلوها من الحمل؛ لأن الحمل مما يخفى على المرأة طبقاً لمذهب الإمام مالك الواجب التطبيق على واقعة الدعوى يثبت نسب الولد من أبيه بالفراش والإقرار والبينة ، ويراد بالفراش علاقة الزوجية التي بين الرجل وامرأته فهو مرجع ثبوت النسب الشرعي” .
[[الطعن رقم 23/86 – جلسة 19/1/1987م – ص 365]]
كما أن النص في المادة 166 من قانون الأحوال الشخصية على أن “أقل مدة للحمل ستة أشهر قمرية ، وأكثرها ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً” .
وفي المادة 169 منه على أن “أ – ينسب ولد كل زوجة في الزواج الصحيح إلى زوجها بشرطين : 1 – مضي أقل مدة للحمل على عقد الزواج . 2 – ألا يثبت انتفاء إمكان التلاقي بين الزوجين بمانع حسي من تاريخ العقد إلى الولادة أو حدث بعد الزواج واستمر أكثر من ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً …”.
وفي المادة 176 على أنه “في الأحوال التي يثبت فيها نسب الولد بالفراش في زواج صحيح قائم يجوز للرجل أن ينفي عنه نسب الولد خلال سبعة أيام من وقت الولادة أو العلم بها بشرط ألا يكون قد اعترف بالنسب صراحة أو ضمناً” .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً