جرائم الإخلال بواجبات الوظيفة العامة
مجيد اللامي
تعد الوظيفة، امانة مقدسة وخدمة اجتماعية ينبغي على القائم بها (الموظف) تحقيق المصلحة العامة لذا خول مجموعة من الصلاحيات التي تمكنه من مباشرة مهماته وواجباته الوظيفية بما يحقق اهداف المرفق العام ويمكن الادارة من الاضطلاع بمهماتها وواجباتها العامة على النحو المقرر لها بيد ان الموظف العام قد يسيء التصرف بما خول من مسؤوليات ليتخذ منها وسيلة للعبث والافساد وتحقيق غير الغايات التي وجدت من اجلها مرتكباً الافعال التي تمثل مساساً بالمال العام والمصلحة العامة مما يقع في طائلة القانون كما هو الحال في جريمة الرشوة او الاختلاس او الاضرار بالمال العام وافشاء الاسرار الوظيفية وغيرها من الجرائم المتعلقة بالوظيفة.
مظاهر الاخلال..
ان جرائم الاخلال بواجبات الوظيفة العامة تمثل خروج الموظف العام عن مهمات وواجبات وظيفته لاعتبارات شخصية بعيدة عن مقتضيات المصلحة العامة والذي يتخذ مظاهر عدة منها:
*اداء عمل من اعمال الوظيفة.. وهي الاعمال والتصرفات القانونية الايجابية التي يقوم بها الموظف بشكل مشروع او غير مشروع والتي تتطلبها المباشرة الطبيعية للوظيفة في حدود اختصاص وظيفته وتطبيقاً على ذلك ان يحرر رجل المرور مخالفة سير لشخص مخالف فعلاً او ان يحررها لشخص غير مخالف اصلاً.
*الامتناع عن عمل من اعمال الوظيفة.. وهو ان يأتي الموظف بفعل سلبي يهدف من خلاله الامتناع عن تأدية العمل بشكل مشروع او غير مشروع والتي لا تتطلبها المباشرة الطبيعية للوظيفة.
*مخالفة واجبات الوظيفة.. وهي كل الاعمال والتصرفات ايجابية كانت او سلبية قام بها الموظف العام المختص على نحو غير مشروع مخالفاً بذلك لاوامر ونواهي القانون فتعبير الاخلال بواجبات الوظيفة له مدلول واسع اذ يندرج تحته كل عبث يمس عمله وينطوي على خيانة الثقة والامانة الوظيفية ويخل بواجبات ادائها على الوجه السوي القويم والتي قد لا تنص عليها القوانين صراحة الا انها تستلهم من المصلحة العامة التي ينبغي على الموظف مراعاته..
جرائم الاخلال بالوظيفة
تمثل جرائم الاخلال بواجبات الوظيفة بجريمة الرشوة والاختلاس والاضرار بالمال العام.. تعد جريمة الرشوة من الجرائم الخطيرة اذ انها تشكل اعتداء على المصلحة العامة والادارة العامة للدولة على حد سواء ومن هنا تقرر فرض العقوبات على كل من تسول له نفسه العبث بمقتضيات وظيفته ..
وهي تعرف بانها (اتجار الموظف العام بوظيفته وذلك بان يقوم بعمل من اعمال وظيفته او الامتناع عن القيام بها او تأخير اجرائها او مخالفته لواجباتها نظير حصوله على مقابل من صاحب المصلحة او الوسيط فالموظف العام في هذه الجريمة يطرح وظيفته كأي سلعة اخرى تباع في الاسواق يحصل من خلالها على نفع يعود بالمصلحة الخاصة اليه دون آبه بما يشكله ذلك من اعتداء ويؤدي الى الاضرار بالمصلحة العامة فالرشوة بمعناها الواسع تتكون في الاصل من اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة بمقتضاه ويحصل الاول على فائدة او لمجرد الوعد بالحصول على نظير تحقيق ما يبتغيه صاحب المصلحة منه.
تقتضي الصورة الاصلية لجريمة الرشوة وجود طرفين اساسيين هما الموظف ويسمى (مرتشياً) وهو الذي يطلب او يقبل او يأخذ ما يعرض عليه من نفع وصاحب المصلحة ويسمى (راشياً) وهو من يقدم للموظف النفع ابتغاء ان يقوم له بأداء العمل المطلوب والذي يتمثل في كل عمل يؤديه الموظف بشكل يخدم صاحب المصلحة ويحقق له النفع سواء اكان هذا العمل ايجابياً (اداء عمل) او سلبياً (الامتناع عن اداء العمل) أو تأخير ادائه او مخالفة واجبات الوظيفة جريمة الاختلاس …
اما دور الموظف او المكلف بخدمة عامة في جريمة الاختلاس فعد استغلال وظيفته والاستيلاء بغير حق على مال او متاع او ورقة مثبتة لحق او غير ذلك مملوك للدولة او لإحدى المؤسسات او الهيئات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب او سهل ذلك لغيره مرتكباً لهذه الجريمة كما يشير المشرع الى عقوبة السجن لكل موظف او مكلف بخدمة عامة عهدت اليه المحافظة على مصلحة للجهة التي يعمل فيها في صفقة او قضية بسوء نية او تسبب بالأضرار لهذه المصلحة ليحصل على منفعة لنفسه ولغيره تجاوز الموظفين..من المسلم به بان القانون الزم الموظف الانصياع لحكم القانون ومقتضيات المصلحة العامة للحد من تجاوز الموظفين لحدود واجباتهم واستغلالها لغير الاهداف المحددة..
وان الذي يعنينا هنا ممارسة الموظف لاختصاصه الوظيفي في ارتكاب جريمة من شانها الاخلال بواجباته الوظيفية كما هو الحال موظف او مكلف بخدمة عامة عهد اليه ادارة او حراسة المواقف او السجون او غيرها من المنشآت المعدة لتنفيذ العقوبات او التدابير الاحترازية او امتنع عن تنفيذ امر صادر بإطلاقه سراح شخص او ابقائه الى ما بعد الاجل المحدد لتوقيفه او حجزه او حبسه وكذلك فيما يخص كل موظف او مكلف بخدمة عامة دخل اعتماداً على وظيفته منزل احد الأشخاص او احد ملحقاته بغير رضا صاحب الشأن او حمل غيره على الدخول وكذلك كل موظف او مكلف بخدمة عامة افشى امراً وصل الى علمه بمقتضى وظيفته لشخص يعلم وجوب عدم اخباره به وكذلك كل موظف او مكلف بخدمة عامة فتح او اتلف او اخفى رسالة او برقية اودعت او سلمت للدوائر المذكورة او سهل لغيره ذلك او افشى سراً تضمنته الرسالة او البرقية وذات الامر نجده في بقية الجرائم التي تتعلق بتجاوز الموظفين لحدود اختصاصاتهم لوظيفية والتي عبر عنها بعبارة (استغل وظيفته) (امتنع عن اداء عمل من اعمال وظيفته).
اترك تعليقاً