جرائم البيتكوين
المحامي:خالد السريحي
مع التطور المذهل في عالم الانترنت وشبكات المعلومات ؛ أصبح من الطبيعي أن لا يمر يوم إلا وأنت تسمع عن تطور جديد فيها ، في الغالب يكون هذا التطور أو الاختراع مواكب ومصاحب للشبكات وخاصة الاجتماعية منها ، ولكن عندما يمس هذا التطور أو الاختراع الحياة اليومية للبشر بل يمسهم في أهم شيء يتعاملون به ويعملون من أجله ؛ أني اتحدث عن النقود أو ما يعرف بالمسمى الاقتصادي ورق البنكنوت طبعًا مع احتفاظه بقيمته .
مؤدى هذه المقدمة المختصرة هي الحديث بشكل محدد عن (البيتكوين) ؛ هذه العملة التي شغلت العالم هذه الأيام منذ أن بدأت أن تنتشر وتحل محل النقود في التعاملات الإلكترونية في شبكة الانترنت والتي بدأت تقفز لتشغل حيز كبير جدًا من التعاملات اليومية حيث ورد في أحد التقارير الصحفية بأن إجمالي الصفقات اليومية التي تُبرم بهذه العملة تقدر بـ مليار دولار ! نعم مبلغ ضئيل مقارنةً بما يُبرم بالنقود العادية ، ولكنه مبلغ ملفت ويستحق التوقف عنده ومعرفة أبعاد هذه العملة …
في البداية فلنعرج سريعًا على تعريف (البيتكوين) وسنأخذ التعريف الموجود في الموسوعة ويكبيديا والتي عرفتها كما يلي : “هي عملة إلكترونية يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع عدة فوارق أساسية، من أبرزها أن هذه العملة هي عملةإلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها ، كما تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية ، وصف بيتكوين بأنها عملة رقمية ذات مجهولية أنونيموس، بمعنى أنها لا تمتلك رقما متسلسلا ولا أي وسيلة أخرى كانت من أي نوع تتيح تتبع ما أنفق للوصول إلى البائع أو المشتري، مما يجعل منها فكرة رائجة لدى كل من المدافعين عن الخصوصية، أو بائعي البضاعة غير المشروعة (مثل المخدرات) عبر الإنترنت على حد سواء ؛ تقوم بيتكوين على التعاملات المالية وتستخدم شبكة الند للند (Peer-to-Peer) والتوقيع الإلكتروني والتشفير بين شخصين مباشرة دون وجود هيئة وسيطة تنظم هذه التعاملات، حيث تذهب النقود من حساب مستخدم إلى آخر بشكل فوري ودون وجود أي رسوم تحويل ودون المرور عبر أي مصارف أو أي جهات وسيطة من أي نوع كان.
أيضا هذه الخدمة متوفرة على مستوى العالم ولا تحتاج لمتطلبات او اشياء معقدة لاستخدامها. عند الحصول على العملات يتم تخزينها في محفظة الكترونية. ومن الممكن استخدام هذه العملات في اشياء كثيرة منها شراء الكتب و الهدايا او الأشياء المتاح شرائها عن طريق الانترنت وتحويلها لعملات اخرى مثل الدولار او اليورو.”.
فمن خلال التعريف الوارد بعاليه يتضح لنا أن هذه العملة هي بيئة خصبة لكثير من الجرائم ومنها على سبيل المثال لا الحصر “غسل الأموال ، الاتجار بالمخدرات ، الدعارة ، التهرب الضريبي ، الغش التجاري والتقليد ، تمويل الأنشطة الإجرامية بشكل متكامل” ، لماذا تمتاز البيتكوين بذلك ؟ الإجابة بسيطة كون هذه العمليات تتم بأسماء مستعارة أو وهمية ؛ ولا يمكن لأحد التقصي ورائها أو الوصول لأطرافها فضلاً على أنها خالية من الضرائب أو الرسوم المصرفية كونه لا يوجد وسيط (بنك) بين طرفي الصفقة.
وقد قامت ألمانيا بالاعتراف الرسمي بهذه العملة لتخضعها تحت طائلة التنظيم الحكومي وتفرض عليها الضرائب ، وكذلك صدر مؤخرًا حكم قضائي من قاضِ فبدرالي باعتبار بيتكوين من أنواع العملات النقدية ولكن الولايات المتحدة لم تعترف بها رسميًا رغم وجود أول صراف آلي في العالم لهذه العملة بالقرب منها وتحديدًا كندا.
موقف المملكة منها
وحتى تقوم المملكة بالاعتراف بها أو حظر التعامل بها رسميًا ، يجب أن يعمل القانونيين والاقتصاديين على تكييف هذه العملة وبيان أضرارها على الاقتصاد الوطني والأمن الوطني بحكم أنها الطريق الأسهل لتمويل الجرائم كما أسلفت مسبقًا ، وكذلك يجب أن يتم تكييف الجرائم التي ترتكب من خلال تمويلها بهذه العملة وإدراجها تحت أحد الأنظمة الجزائية الخاصة ، وهذه الخطوة ملقاة على عاتق جهات التحقيق في المقام الأول وكذلك المحامين والأكاديميين والباحثين المتخصصين في الشق الجنائي من القانون.
اترك تعليقاً