جرائم الشرف في القانون الإماراتي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
في بعض المجتمعات هناك ما يسمى «جرائم الشرف»، حيث تنص قوانينها على عقوبة مخففة تصل إلى الحبس سنة واحدة فقط لمن يقتل أنثى من أهله، إذا رآها في وضع مريب مع أجنبي عنها، أو حتى شكّ في سلوكها وتصرفاتها، باعتبار أنه «غسل لعار العائلة».
والقانون في الإمارات لا يعترف بشيء اسمه «جريمة شرف»، لكنه يقرر عقوبة مخففة لمن يقتل زوجته أو ابنته أو أخته إذا فوجئ بها وهي في حالة تلبّس بالزنا، ويقرر العقوبة نفسها بحق الزوجة إذا فوجئت بمشاهدة زوجها حال تلبّسه بالزنا في مسكن الزوجية.
والفارق واضح بين هذا وبين «جرائم الشرف»، فالتخفيف في القانون الإماراتي يشترط للاستفادة منه أن يرى القاتل الموقف حال حدوثه، وليس بمجرد الشكّ، كما لا يستفيد من التخفيف حتى لو تأكد من حدوث الأمر من خلال فيديو مثلاً، إذ لا تتوفر هنا حالة التلبّس، ويكون الإقدام على القتل عندها بدافع الانتقام والتشفي.
ومع هذا، فأعتقد أن القانون يحتاج إلى إعادة نظر في مسألة التخفيف بالنسبة للأخ، فإذا كان الزوج يستفيد من العذر لأنه رأى زوجته مع آخر، والأب يستفيد لأنه وليّ ابنته ويعلم بالبداهة أنها غير متزوجة، أو يعلم من هو زوجها، فإن الأخ لا يعد ولياً على أخته في الأصل، وربما كانت مع زوجها الذي لم يشهد هو زواجهما لسبب ما، كسفر، أو غياب، أو هَجر للأسرة وخصومة.
وهكذا أيضاً مع إعطاء العذر للزوجة، فهو يصطدم مع حق الزوج في الزواج من أخرى، خصوصاً أن القانون لا يشترط إخطار الزوجة في حال زواج زوجها بأخرى، ورغم أن القانون احتاط لذلك، فأعطى العذر للزوجة إن حصل ما حصل في مسكن الزوجية فقط، إلا أن هذا الاحتياط لا يحل الإشكالية، فقد يأخذ الزوج زوجته الأخرى إلى مسكن الزوجية لسبب أو آخر.
القانون راعى في هذا كله المشاعر الغاضبة التي تجتاح الزوج أو الأب أو الأخ حين يفاجأ بزوجته أو ابنته أو أخته في علاقة آثمة، والاستفزاز الخطير الذي يتعرض له، وهو يرى ذلك، فقرر له عقوبة السجن من 3 إلى 15 سنة، بينما القتل في الأحوال العادية تكون عقوبته السجن المؤبد أو الإعدام، وهكذا فعل أيضاً مع الزوجة، فراعى مشاعرها وهي ترى زوجها مع أخرى في مسكن الزوجية.
لا إشكالية إذن في مبدأ التخفيف، لكن الإشكالية في إدخال الأخ ضمن من يحصلون على عذر التخفيف من العقوبة، وكذلك الزوجة، خصوصاً أنه لا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي عن النفس ضد من يستفيد من هذا العذر، فمن يدافع عن نفسه من هجوم أخا زوجته عليه، بعد أن اعتقد أنه أجنبي عنها، لا يعد مدافعاً عن نفسه في نظر القانون، وكذلك الأمر مع هجوم الزوجة.
وبطبيعة حال مجتمع الإمارات المحافظ، فمثل هذه الأمور لا تحدث، لكن إن حدث ذلك، فإننا سنكون في مواجهة مشكلة حقيقية، إذ قد يستغل ذلك التخفيف في الانتقام والتشفي، بادعاء الأخ عدم علمه بزواج أخته، وادعاء الزوجة بعدم علمها بأن التي مع زوجها في مسكن الزوجية هي زوجة له.
اترك تعليقاً