جرائم “الشرف”: قانون تسعى الكويتيات لتغييره منذ 14 عاما
حصلت المرأة في الكويت على حقها السياسي بالترشح للبرلمان عام 2005، ولكن في العام ذاته بدأ حراك آخر للحصول على حق آخر للمرأة، أو بالأحرى لحماية حياتها.
بدأت مجموعة ناشطات كويتيات في ذاك العام حملة للمطالبة بإلغاء مادة من القانون تعاقب الرجل الذي يقتل امرأة تحت ذريعة “حماية الشرف” بالحبس مدة 3 سنوات فقط، أو بغرامة قيمتها 45 دولارا أمريكيا، أو بكلتا العقوبتين.
تقول سندس حمزة، وهي جزء من هذه الحملة، إنه بسبب المادة 153 من قانون الجزاء الكويتي يمكن “لخلاف شخصي أن ينهي حياة امرأة، ويمكن للمجرم الإفلات من العقاب بذريعة أنها جريمة قتل للدفاع عن الشرف”.
والكويت ليست الدولة العربية الوحيدة التي لا تزال تخفف عقوبة جريمة قتل النساء تحت ذريعة “الشرف”، حيث تنتشر مواد مشابهة في قوانين كثير من البلاد العربية.
45 دولارا
طوال سنوات تتبعت سندس (ذات الـ 53 عاما) كثيرا من القضايا، وتقول إن رجالا ارتكبوا جرائم قتل ولم يعاقبوا عليها كما يجب بسبب وجود هذه المادة.
عملت سندس لسنوات طويلة في الشأن العام وتطوعت في عديد من الجمعيات، وتعمل حاليا مستشارة في تقنية المعلومات في إحدى الوزارات.
تتذكر ما تقول إنها جريمة وقعت في الكويت عام 2006 عندما شكّت أم بأن تكون ابنتها غير المتزوجة حامل، عندما لم تأتها الدورة الشهرية لأشهر، فقتلها الأب الذي استفاد من تخفيف فترة العقوبة. وتضيف أنه بعد فحص الجثة تبين أن المراهقة لم تكن حاملا بل كانت تعاني من مشكلة صحية.
لكني لم أستطع العودة لأرشيف صحف لمعرفة تفاصيل القضية، أو غيرها مما يتناقله الناس، فنظرا لحساسية تناول مثل هذه المواضيع في المجتمع الكويتي، كان الإعلام المحلي يتجنب تغطيتها.
وتنص المادة 153 من قانون الجزاء على أن “من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنى، أو فاجأ ابنته أو أمه أو أخته حال تلبسها بمواقعة رجل لها، وقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو يواقعها، أو قتلهما معا، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 3 سنوات وبغرامة لا تتجاوز 3 آلاف روبية (45 دولار ) أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
علما أن هناك قانون آخر يسمى “قانون الزنى” (المادة 195 و196) والذي يعاقب الشخص المتزوج (سواء أكان امرأة أو رجلا) بالحبس وغرامة مالية.
غياب الإحصائيات
لإلغاء تلك المادة، أطلقت مجموعة كويتيات ناشطات في حقوق المرأة، من بينهن سندس، حملة ضد هذا القانون قبل 14 عاما، وانضمت إليهن مؤخرا نور المخلد ذات الـ 24 عاما فور تخرجها من الجامعة، بتخصص تسويق، وكان لنور نشاطات في العمل النقابي الطلابي.
بدأت معرفة نور بالحملة حين استضافت قبل نحو عام النساء اللاتي بدأن الحملة لإلقاء محاضرة في الجامعة، وبعد تخرجها قررت الانضمام لهن. “شعرت أني أريد أن أكون جزءا من هذا التغيير الذي يحتاجه المجتمع بشدة”، تقول نور.
وحول إمكانية تعرضها للخطر لدفاعها عن مثل هذه القضايا، تقول نور إنها “لا تشعر بأي خطر”، خاصة وأنها تحرص دائما على الحصول على الاستشارات القانونية قبل أن تتخذ أي خطوة ضمن الحملة.
لكن عموما، تلجأ النساء الناشطات في هذه الحملة إلى وسائل “ناعمة ” منعا للصدام مع المجتمع الذي تقول سندس إنه لا يرى خطرا في هذه المادة، فكثيرا ما قيل لهن إن “وجود حالة أو حالتين لا يجب أن يدفع للتعميم” وإلغاء مادة من قانون.
فعلى سبيل المثال تعقد دورات تدريب للنساء في وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات للتوعية بمخاطر هذا القانون، وكيف يحاول مجرمون الإفلات من خلاله، كما أنتجت أفلام قصيرة وتوعوية حول هذا القانون.
ولم أستطع الوصول لأرقام أو إحصائيات رسمية أو إثباتات فعلية لوقوع جرائم تحت غطاء هذا القانون.
لكن سندس تؤكد أن ما يسمى جرائم “الشرف” ترتكب في الكويت.
تواصلت مع وزارة الداخلية، وكان من الصعب الحصول على تصريح رسمي منهم، فالوزارة لا تفضل عادة التعليق على مثل هذه المواضيع.
وتقول سندس إن الأولوية يجب أن تعطى لضمان حق الحياة لكل النساء، قبل الحديث عن الحقوق السياسية. “كيف يمكن تمكين المرأة إذا لم تكن تشعر بالأمان على حياتها؟”.
دعم من عضو برلمان واحد
العضوات المؤسسات للحملة لم ينتظرن البيانات الرسمية ولا الاحصائيات، بل سعين لإدخال تعديلات في القوانين والتشريعات، واتجهن إلى أعضاء البرلمان الكويتي.
ومنذ عامين فقط حصلن على تأييد النائب عمر الطبطبائي مع عدد قليل من زملائه لتبنى الموضوع الذي أدرج على قائمة القوانين المستعجلة التي تحتاج إلى تعديل.
لكن تلك القائمة المستعجلة تحوي أكثر من 300 موضوعا – ما يعني أن الأمر قد يحتاج سنوات، كما تقول سندس.
وتنتشر مواد تخفف عقوبة القتل تحت ذريعة “الشرف” في قوانين كثير من البلاد العربية.
ويعتقد أن أصل هذه المواد المسماة “جرائم الشرف” تستند إلى قانون فرنسي قديم (المادة 337 من قانون العقوبات الفرنسي القديم) والذي لا تزال تستند إليه عدد من الدول العربية ومنها الكويت والسعودية وقطر وعمان.
وعدّلت الأردن هذا القانون مطلع عام، 2019 في حين ألغته تونس تماما؛ حيث يعاقب القاتل وفقا للقانون المطبق على مرتكبي الجرائم – فلا وجود حاليا “لجرائم شرف” في القانون التونسي.
لذا تتفاءل سندس بنتيجة حملات التوعية المستمرة، لكنها تصر على ضرورة وجود تحرك في المجتمع تجاه هذه القضية.
وقالت “نحتاج إلى تحرك وطني شعبي لتغيير قوانين التمييز ضد النساء، يجب أن يشاركنا جميع أفراد المجتمع في الضغط على ممثلينا في البرلمان لتعديل والغاء هذه القوانين المجحفة بحق المرأة”.
بدور المطيري
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً