جريمة النصب والاحتيال بين انتشارها وعدم وجود نظام لمكافحة تلك الجرائم وتأثيرها على الاقتصاد السعودي
بقلم المستشار القانوني / عبد الحليم عمار
انتشرت في الأونه الأخيرة جرائم النصب والاحتيال بطريقه واضحة سواء للأفراد او الشركات المحلية منها أو الاجنبية.
فجريمة النصب والاحتيال تؤدي تغيير معايير المجتمع الاجتماعية، ليكون معيار المجتمع، وشعاره الغش، والنفاق، والتدليس، مما ينتج عنه عدة آثار سلبية على الجانب التنظيمي منها فقدان الثقة في كيفية تطبيق الأنظمة على ارض الواقع، ومدى فاعليتها في تحقيق الاهداف العظيمة التي انشئت من اجلها ومدى جدواها في محاربة ومجابهة تلك الجرائم في محاربة النصابين والمحتالين،
كما تؤدي جريمة النصب والاحتيال الى ازهاق الجانب الاقتصادي من خلال انخفاض قيمة العملة الوطنية، وانتشار البطالة، والفقر، وجذب الاستثمارات الاجنبية، لعدم الثقة بالاستثمارات الداخلية، وعرقلة النمو الاقتصادي، ، وعدم استقرار المناخ الاقتصادي للدولة، وكثرة تكاليف الضمان، والتأمين فيها، وتشويه التعامل التجاري في العلاقات الاقتصادية، وانحصار النشاط التجاري، ووضع القيود المعقدة عليه، حتى على الشرفاء منهم (كما هو مطبق الان بجرائم الغش التجاري التي تحاربها وزارة التجارة برئاسة معالى الدكتور توفيق الربيعية والتي يلمسها المواطن البسيط) فهذا النموذج الجيد الذى يلمسه المواطن من اتخاذ إجراءات رادعة وصارمة نحن بحاجة الى تكراره في جرائم التزييف والتزوير وجرائم النصب والاحتيال وكافة الجرائم التي تفقد ثقة المواطن والمستثمر الأجنبي في قدرة الأجهزة الأمنية على تطبيق الأنظمة على ما يخالفها.
لذا فإن المطالبة بسنّ نظام لجرائم النصب والاحتيال اسوة بنظام الرشوة والتزوير والاختلاس أصبحت ضرورة فرضها الواقع ومتغيرات المجتمع فلابد من وجود نظام للنصب والاحتيال بالإضافة الى تشديد العقوبات الجزائية على المحتالين والنصابين وفضح اساليبهم ومنعهم من مزاولة ثمة عمل تجاري في المستقبل والتشهير بهم في الصحف ووضعهم بالقائمة السوداء ؛ حيث أن عدم وجود نظام خاص بها، يضبط أحكامها، ويحدد معالم الأفعال ومعاييرها المندرجة تحتها، ويضع لها العقوبات التي تكفي لردعها، تفتح الباب على مصرعيه لكل من تسول له نفسه ان يبيح اعراض واموال الناس وأكل أموالهم بشتى الحيل، في ظل عدم وجود تعاملاً جاداً وحازماً يكفل ردع هذا المحتال عن احتياله، وحفظ حقوق الناس التي استولى عليها،
وإذا كانت أعمال الغش والتزوير والاختلاس كلها يمكن أن تدخل ضمن جرائم النصب والاحتيال، إلا أنه يفضل ان يكون هناك تشريع خاص لجرائم النصب والاحتيال لاسيما وان تلك الجرائم تعتمد على استعمال الجاني وسائل احتيالية، أقوالاً كانت أو أفعالاً، لحمل المجني عليه على الغلط، والتصديق وتسليم ماله له. وهي بهذا الوصف تصيب سلامة المجني عليه وإرادته، وتقضي على مبدأ حسن النية في التعاملات.
وختاما فإنه ومن الواقع العملي الذي نعيشها من خلال مكتبنا بإحدى القضايا والمتهم فيها عدد من المؤسسات التي قامت بالتزوير والاستيلاء على ما يقارب من 20.000.000 عشرون مليون ريال من إحدى الشركات الأجنبية التي تستثمر بالمملكة العربية السعودية حيث قمنا باتخاذ الإجراءات النظامية تجاه تلك المؤسسات ولكن للأسف واجهنا صعوبات عديده منها على سبيل المثال البطء الشديد في دراسة القضية واتخاذ الإجراءات اللازمة سواء باستدعاء الأطراف المتهمة بالتزوير أو اصدار امر بالتوقيف سندا لقرار صاحب السمو وزير الداخلية رقم (2000) الذي نشر في جريدة أم القرى بتاريخ (25) جمادى الآخرة (1435ه) بتحديد (20) جريمة على أنَّها من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف،
لذا فإن هذا البطء الشديد في اتخاذ الإجراءات التي تحمى حقوق المواطن وحقوق المستثمرين الأجانب وعدم وجود جزاء رادع لمرتكبي تلك الجرائم تعطي انطباعاً بأن الميدان فسيح لكل من أراد النصب على الناس بأدنى الحيل، لذا فلابد من إعادة النظر في كثير من الدعاوى القضائية القائمة حالياً التي يطالب فيها الضعفاء المغلوبون على أمرهم ببعض حقوقهم التي استولى عليها أشخاص أو شركات ومؤسسات بصور احتيالية، وغالب هذه القضايا لا تنتهي بصدور الأحكام فيها، إذ تبقى تلك الأحكام بلا جدوى نظراً لإفلاس من صدرت الأحكام بحقهم أو هروبهم أو تهربهم بلا محاسبة ولا ردع!.
هذه قضية قمت بالتطرق لها من خلال المعاناة العملية لأحدى القضايا التي يُشرف عليها مكتبنا،
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش الكريم سبحانه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً