احتكار الأراضي ومكافحة الفساد
وفاء بنت فهد
مستشارة في التخطيط الاستراتيجي
اتفق الفقهاء على أن الحكمة من تحريم الإحتكار رفع الضرر عن عامة الناس، لذا كان القول بتحريم الإحتكار، سواء كان هذا بحبس السلع ونحوها، أم برفع سعرها مع حاجة الناس إليها وتفرد التاجر بها، فكل ما يعود بالضرر على عموم المسلمين في هذا الباب يكون داخلا في الإحتكار المحرم.
وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أضر وشاق على الناس عامة بقوله: “من ضار أضر الله به، ومن شاق شاق الله عليه” حيث نجد مساحات شاسعة من العقار داخل المدن الرئيسية يرفض ملاكها بيعها أو تطويرها، ما فاقم أزمة العقارات التى تمر بها البلاد في الوقت الحالي. فسوق الاسكان في السعودية يعاني من عدة مشاكل أبرزها النقص الشديد في المعروض والزيادة المستمرة في أسعار الإيجارات، والمضاربة على الأراضي غير المطورة، وطول فترة الحصول على التراخيص إلى جانب عدم توافر القدرة المالية بين معظم الشرائح التي يتركز فيها الطلب. كما أن نقص المعلومات الموثوقة تؤدي إلى صعوبة تحديد حجم النقص في المساكن في المملكة والتي من المتوقع أن تشهد نموا سكانيا بنسبة 2.1% حتى 2015 وهو رقم يزيد كثيرا على المتوسط العالمي البالغ 1.1%.
ويتركز معظم الطلب على العقارات بين محدودي ومتوسطي الدخل الذين لا يستطيعون برواتبهم التأهل للحصول على قروض مصرفية لشراء المنازل، وفي الوقت ذاته ينفقون جزءا كبيرا من دخولهم على الإيجارات التي ترتفع بين 7 و10 بالمائة سنويا ونحو 45% من السعوديين غير مؤهلين للحصول على قروض سكنية . وكل هذا يؤدي إلى فجوة بين العرض والطلب حيث أن الكثير من الدراسات تشير إلى أننا نحتاج إلى بناء 150 إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا على أقل تقدير لسد الفجوة بين العرض والطلب. لذا لابد من انخفاض الإيجارات وهو أمر لم يحدث حتى الوقت الراهن، كما أن برامج الإسكان لم تنجح حتى الآن في هبوط أسعار العقارات. أضرار احتكار الأراضي المباشرة وغير المباشرة:
1- تعذر تملك المواطنين لسكن.
2- ارتفاع الإيجارات السكنية والتجارية.
3- ارتفاع التثمين الحكومي لتوسعة الشوارع وغيرها.
4- صعوبة إيجاد مباني حكومية للدوائر والمدارس والمساجد.
5- الضغط على التاجر الصغير (المتسبب) فيلغي مشروعه خوفا من تعثر الربح بما يكفي للإيجار.
6- غلاء السلع حيث أن التاجر يحسب إيجاره وتملكه للعقار فيحمله على المستهلك مما يؤدي إلى زيادة تضخم الأسعار.
7– عدم قدرة رب الأسرة على الادخار لأنه يأخذ حوالي 30% من مصروف الأسرة مما يزيد المشاكل الاقتصادية والأسرية.
8– تأخر الزواج لدى الشباب بسبب أعباء مصروفات السكن والمعيشة. لذا نحتاج إلى تحرك حكومي رسمي لرفع الاحتكار، حيث أنه بمقدور الدولة اتخاذ عدة قرارات تجاه هذه الازمة منها فرض رسوم على المساحات الكبيرة الغير مستغلة سيسهم في تهدئة الأزمة العقارية وسيدفع إلى قيام مشاريع تطوير عقارية كبرى تسد جزءا من الاحتياج السكاني عند موازنتها بالمشاريع السكنية الحكومية المزمع إنشاؤها.
وأيضا وجود شراكة بين الحكومة بقدرتها المالية والدعم والأراضي وبين القطاع الخاص بخبرته وقدرته على معرفة احتياجات السوق.
كما يقترح إنشاء شركة حكومية تتخصص في التطوير العقاري تعمل بشكل أوثق مع القطاع الخاص. وفرض الضرائب على الأراضي غير المطورة يساعد في الحد من المضاربات.
وأيضا النظر في زيادة فترات القروض على التمويل كل هذا سيساهم بالقضاء على الأزمة. ولكي نتمكن من مكافحة الاحتكار نحتاج إلى أجهزة حكومية قوية مزودة بالكفاءات والصلاحيات والحصانات اللازمة لإداء هذه المهمة الصعبة. إن تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم م / 25 بتاريخ 1425/4/5 بخصوص إقرار نظام المنافسة العادلة ومكافحة الممارسات الاحتكارية على جميع تجار العقار وهذا الحل من أهم الحلول التي تساعد على زيادة المعروض من الأراضي ومن ثم انخفاض الأسعار. العوامل التي تساعد على الانتعاش العقاري:
1 – إنشاء مدن إسكانية متكاملة الخدمات. 2 – توفير القوانين اللازمة التي تمنع الاحتكار في السوق العقاري. 3 – طرح منتجات عقارية متجددة لتحقيق التنافس لدعوة القوة الشرائية في السوق السعودي. 4 – تخفيض تكلفة البناء في النشاط العقاري. 5 – وضع خطط جدية لحل المشكلة الإسكانية وتنمية السوق العقاري. 6 – الاستعانة بخبرات القطاع الخاص لتطوير القطاع العقاري. لذا نأمل فتح المجال للاستثمار الأجنبي في تخطيط الأراضي والتطوير العقاري وتنفيذ بناء المشاريع السكنية وفق مخططات عملية وبأسعار محددة وجودة عالية، حيث أن نظام البناء في المدن الكبرى بحاجة إلى التغيير ليشمل بناء شقق سكنية في أبراج متعددة الطوابق، لا يمكن للمدينة أن تظل تنمو أفقيا لأن ذلك سيخلف مشاكل تتعلق بالبنية التحتية والسكنية. ألا يكفي هذا يا مكافحة الفساد لإ دراج احتكار الأراضي ضمن الفساد ؟!
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً