جريمة اختلاس أو تبديد المنقولات التي تسلم على وجه الوديعة أو الاجارة أو الرهن – عقود الأمانة .
الطعن 1292 لسنة 46 ق جلسة 1 / 5 / 1977 مكتب فني 28 ق 113 ص 532 جلسة أول مايو سنة 1977
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدي، وأحمد علي موسى، ومحمد وجدي عبد الصمد.
————–
(113)
الطعن رقم 1292 لسنة 46 القضائية
(1)تبديد. خيانة أمانة. جريمة. “أركانها”.
[1]حكم المادة 341 عقوبات. لا ينصرف إلى عقد الوكالة حسبما هو معرف في القانون المدني فحسب. انصرافه أيضاً إلى كل من يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره. متى بدد هذا الشيء.
تسليم العامل أخشاباً لتصنيعها لحساب مالكها. امتناعه عن رد ما تبقى منها. تبديد.
(2)إثبات. “خبرة”. محكمة الموضوع. “سلطتها في تقدير الدليل”.
حق المحكمة الجنائية. في الأخذ بتقرير خبير مقدم في دعوى مدنية. متى اطمأنت إليه. لها المفاضلة بين تقارير الخبراء.
—————-
1 – لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم تسلم الأخشاب من المدعية بالحق المدني بموجب عقد اتفاق مؤرخ في الخامس من نوفمبر سنة 1971 لتصنيعها وتركيبها في عمارتها إلا أنه لم يقم بتصنيعها كلها وامتنع عن رد ما تبقى منها ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن في شأن تكييف العقد ورد عليه بقوله “وحيث إنه لما كان لمحكمة الموضوع حق تفسير العقود على الوجه الذي تراه مفهوماً منها فإن عقد الإنفاق المبرم بين المدعية والمتهم هو عقد من عقود الأمانة التي حصلتها المادة 341 ع”. لما كان ذلك، وكانت المادة 341 من قانون العقوبات إذ نصت على تجريم اختلاس أو تبديد الأشياء التي تسلم على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن وذكرت في نهاية عقود الأمانة حالة من “….. كانت (الأشياء ) سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو لغيره…..” فإن مفاد هذه العبارة من النص أن حكم هذه المادة لا ينصرف إلى حالة عقد الوكالة – حسبما هو معرف في المادة 699 من القانون المدني – الذي بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل فحسب ، بل يندرج تحت حكمها أيضاً حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشيء أو غيره. يؤكد ذلك أنه في النص الفرنسي للمادة 341 وضعت كلمة “عامل” بعد كلمة “وكيل” بما يقطع أن حكمها يشمل الأشخاص الذين يكلفون بعمل قانوني أو بعمل مادي لمنفعة المالك أو غيره ومن ثم فإن اختلاس أو تبديد العامل للأشياء المسلمة إليه لتصنيعها أو إصلاحها لمنفعة مالكها أو غيره يكون مؤثماً في حكم المادة 341 من قانون العقوبات. لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في أنه قد تسلم الأخشاب من المدعية بالحق المدني لتصنيعها لحسابها مقابل أجر، فإن امتناعه عن رد ما تبقى منها يكون مؤثماً وفق نص المادة 341 سالفة الذكر. ولا مصلحة للطاعن من تعييب الحكم فيما أخطأ فيه – في موضع منه – من تكييفه عقد الاتفاق المبرم بين الطاعن والمدعية بالحق المدني بأنه عقد وديعة طالما أن الوصف القانوني الصحيح للواقعة حسبما تقدم – تنطبق عليه المادة 341 من قانون العقوبات التي عامل الحكم الطاعن بها وأوقع عليه العقوبة المنصوص عليها فيها، ومن ثم فإن ما ينعيه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير منتج .
2 – لما كان من حق المحكمة أن تستنبط معتقدها من أي دليل يطرح عليها، وليس ثمة ما يمنع محكمة الجنح من أن تأخذ بتقرير خبير قدم للمحكمة المدنية متى اطمأنت إليه ووجدت فيه ما يقنعها بارتكاب المتهم للجريمة، ولها أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير دعوى إثبات الحالة من وجود عجز في الأخشاب التي تسلمها الطاعن وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام استنادها إلى التقرير السابق ذكره سليماً وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب خبير ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر ضد الطاعن بوصف أنه بدد المنقولات المبينة بعريضة الدعوى والمملوكة لها وطلبت معاقبته بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسة عشر جنيهات وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأيد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن الطعن يعني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابة القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم اعتبر العقد المحرر بين الطاعن والمجني عليها عقد وديعة في حين أنه عقد استصناع تسلم الطاعن بموجبه الأخشاب من المجني عليها لتصنيعها لحسابها مقابل أجر ولم يلتزم بردها بعينها، هذا إلى عدم توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لوجود محاسبة بين الطرفين لم يتم تصفيتها بعد وأنه على استعداد إذا ما ثبت وجود عجز في عهدته أن يخصم من حسابه أو يوفي بقيمته هذا وقد طلب الطاعن من المحكمة الاستئنافية تعيين خبير مرجح في الدعوى لإثبات عدم وجود عجز في الأخشاب إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب ولم تتناول في حكمها ما ورد بتقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعن للتدليل على عدم وجود عجز في عهدته وذكرت أن الخبير الاستشاري انتهى في تقريره إلى وجود عجز في الأخشاب عهدة الطاعن مع أن التقرير ورد به أن الأخشاب المتبقية في العمارة بالإضافة إلى ما صنع والعادم يكون في مجموعها كل ما سلم إلى الطاعن من أخشاب كما أطرحت المحكمة تقرير الخبير الاستشاري وعولت في إدانة الطاعن على تقرير خبير دعوى إثبات الحالة بأسباب قاصرة ومعيبة في مسائل فنية.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم تسلم الأخشاب من المدعية بالحق المدني بموجب عقد اتفاق مؤرخ في الخامس من نوفمبر سنة 1971 لتصنيعها وتركيبها في عمارتها إلا أنه لم يقم بتصنيعها كلها وامتنع عن رد ما تبقى منها، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن في شأن تكييف العقد ورد عليه بقوله “وحيث إنه لما كان لمحكمة الموضوع حق تفسير العقود على الوجه الذي تراه مفهوماً منها فإن عقد الاتفاق المبرم بين المدعية والمتهم هو عقد من عقود الأمانة التي حصلتها المادة 341 ع”. لما كان ذلك، وكانت المادة 341 من قانون العقوبات إذ نصت على تجريم اختلاس أو تبديد الأشياء التي تسلم على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن وذكرت في نهاية عقود الأمانة حالة من “……. كانت (الأشياء ) سلمت له بصفة كونه وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو بيعها أو استعمالها في أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره….. فإن مفاد هذه العبارة من النص أن حكم هذه المادة لا ينصرف إلى حالة عقد الوكالة – حسبما هو معرف في المادة 699 من القانون المدني – الذي بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل فحسب ، بل يندرج تحت حكمها أيضاً حالة الشخص الذي يكلف بعمل مادي لمنفعة مالك الشئ أو غيره. يؤكد ذلك أنه في النص الفرنسي للمادة 341 وضعت كلمة “عامل” بعد كلمة “وكيل” بما يقطع أن حكمها يشمل الأشخاص الذين يكلفون بعمل قانوني أو بعمل مادي لمنفعة المالك أو غيره، ومن ثم فإن اختلاس أو تبديد العامل للأشياء المسلمة إليه لتصنيعها أو إصلاحها لمنفعة مالكها أو غيره يكون مؤثماً في حكم المادة 341 من قانون العقوبات. لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في أنه قد تسلم الأخشاب من المدعية بالحق المدني لتصنيعها لحسابها مقابل أجر، فإن امتناعه عن رد ما تبقى منها يكون مؤثماً وفق نص المادة 341 سالفة الذكر. ولا مصلحة للطاعن من تعييب الحكم فيما أخطأ فيه – في موضع منه – من تكييفه عقد الاتفاق المبرم بين الطاعن والمدعية بالحق المدني بأنه عقد وديعة طالما أن الوصف القانوني الصحيح للواقعة حسبما تقدم – تنطبق عليه المادة 341 من قانون العقوبات التي عامل الحكم الطاعن بها وأوقع عليه العقوبة المنصوص عليها فيها، ومن ثم فإن ما ينعيه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير منتج، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن – على الوجه المتقدم واستناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها والتي لا يجادل الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى وأخصها عقد الاتفاق المحرر بينه وبين المدعية بالحق المدني وتقرير الخبير المقدم في دعوى إثبات الحالة – أنه بدد قدراً من الأخشاب التي تسلمها من المدعية بالحق المدني لتصنيعها وتركيبها في عمارتها، فإنه يكون قد دلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن في جريمة التبديد التي دانه بها ذلك أنه لا يشترط لبيان القصد الجنائي في هذه الجريمة أن يتحدث عنه الحكم بعبارة صريحة مستقلة، بل يكفي أن يكون مستفاداً من ظروف الواقعة المبينة به – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أنكر وجود عجز في الأخشاب التي تسلمها – على خلاف ما أثبته تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه – فإنه لا يؤثر في وقوع الجريمة ادعاؤه من بعد بوجود حساب بينه وبين المدعية بالحق المدني لما تم تصفيته، كما لا يؤثر في وقوعها استعداده لسداد قيمة العجز، ذلك أنه من المقرر أن الوفاء اللاحق لارتكاب جريمة خيانة الأمانة لا يمحوها ولا يدل بذاته على انتفاء القصد الجنائي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد طلب الطاعن تعيين خبير مرجح ورد عليه في قوله: “وحيث إن المحكمة ترى الأخذ بما انتهى إليه الخبير في دعوى إثبات الحالة والمقدم ضمن مستندات المدعية بالحق المدني خاصة وأن تقرير الخبير الاستشاري قد أثبت وجود عجز بكمية الأخشاب المسلمة للمستأنف (الطاعن) وإن كان قد اختلف في مقدار هذا العجز عن الوارد بتقرير خبير الدعوى. وحيث إن ما ذكره الخبير الاستشاري من تبرير للعجز في الأخشاب (زيادة العادم من الأخشاب فإن المحكمة لا تطمئن إلى الأخذ به ولا تعول عليه في حكمها”. لما كان ذلك، وكان من حق المحكمة أن تستنبط معتقدها من أي دليل يطرح عليها، وليس ثمة ما يمنع محكمة الجنح من أن تأخذ بتقرير خبير قدم للمحكمة المدنية متى اطمأنت إليه ووجدت فيه ما يقنعها بارتكاب المتهم للجريمة، ولها أن تفاضل بين تقارير الخبراء وتأخذ بما تراه وتطرح ما عداه إذ أن الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير دعوى إثبات الحالة من وجود عجز في الأخشاب التي تسلمها الطاعن وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية تقرير الخبير الاستشاري فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام استنادها إلى التقرير السابق ذكره سليماً وهي غير ملزمة من بعد بإجابة الدفاع إلى ما طلبه من ندب خبير ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء ويضحى منعي الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح تقرير الخبير الاستشاري فإنه لا يعيبه خطؤه فيما نقله عن هذا التقرير ما دام أن هذا الخطأ بفرض حصوله لم يكن بذي أثر في عقيدة المحكمة وانصب على دليل أطرحته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
[(1)] والطعن 497 لسنة 46 ق 11/ 10/ 1976 لسنة 27 قاعدة 166 ص729.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً