الإرهاب الفكري
القاضي عبد الستار بيرقدار
الإرهاب الفكري وهو نوع من أنواع الأيديولوجية التي تؤمن بعدم احترام الرأي الآخر وتسلبه حقه بحرية التعبير وحرية العقيدة، وهو يحجر على العقول والحريات ويحرم عليها التعبير عن ذاتها بحجة أن هذا مخالف لثقافةٍ أو لمذهبٍ أو عقيدةٍ أو رأيٍ ما، وهو يحمل مفاهيم مثل التعصب والتطرف والتكفير.
فالإرهاب الفكري هو أخطر أنواع الإرهاب، وهو تجميد العقل وقتل الحريات وتكميم الأفواه ومصادرة كل حقوق الإنسان في الإبداع والتفكير واتخاذ القرار وحق الاختيار ويحوله إلى آلة ينفذ ما يؤمر به دون أي اعتراض، ويجعله مستسلم الإرادة لا حول ولا قوة له فيما يحدث حوله، فهو يدمر الإنسان من الداخل ويتمدد عموديا وأفقيا ليشمل المجتمع كله، حتى يتقزم المجتمع ويجبر الناس على تزوير أفكارهم وأنفسهم فيسقطوا في قاع الخنوع والذل والهوان والعبودية، حتى تتلاشى شخصيتهم المعنوية ليصبحوا مرغمين على تقبل كل ما يملى عليهم طائعين خاضعين تحت قوة التهديد والوعيد.
والإرهاب الفكري يتلخص بجملة «كل من ليس معنا فهو ضدنا» وهو موجود في كل المجتمعات بنسب متفاوتة وهو ظاهرة عالمية ولكنه ينتشر في المجتمعات المنغلقة وذات الثقافة الشمولية لذلك تلتقي مصالح التنظيمات الإرهابية على اختلاف مسمياتها وتوجهاتها على أرضية واحدة رغم وجود كل منها على طرف نقيض للآخر وذلك في إتباع النهج الفكري والأسلوب ذاته عندما يتعلق الأمر بالإرهاب الفكري والفروق بين هذه الجهات شكلية إلا أنها تتلاقى في ممارسة التهميش والطغيان والاستهزاء وتحقير الآخرين مهما اختلفوا عقائديا وفكريا معهم والهدف هو إسكات الأشخاص وإخراسهم ليتسنى لهذه التنظيمات نشر أفكارها دون أي معارضة من الآخرين والويل لمن تسول له نفسه بمعارضة أفكارهم.
لذا فان معالجة الإرهاب الفكري لا يمكن أن تتم دون إشاعة الديمقراطية الحقيقية واحترام الرأي الآخر وصيانة الحقوق والحريات العامة والحيلولة دون انتهاكها والإيمان المطلق بأن الوطن للجميع وليس لحزب أو كتلة أو فئة ما لم تكن الأهداف والطموح أبعد من الديمقراطية المطلوبة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً