جريمة الاكراه :
ان للإكراه- حمل الشخص على فعل ما لا يريد- له مكانة كأحد اهم النظريات في القانون المدني يستوجب التوقف عنده لبيان موقف القانون المدني من مفهوم الاكراه، فقانون العقوبات لم يتطرق الى تعريف الاكراه وانما نظم فقط الاثار القانونية المترتبة عليه في الفروض المتعددة، سواء لامتناع المسؤولية او لتجريم بعض الافعال او تشديد العقوبة او انتفاء القيمة القانونية لبعض ادلة الاثبات على اجبار الفرد على ان يعمل عملاً او منعه بغير حق ومن دون رضاه والاكراه… بمعناه العام ينطوي على عنصر مادي «القوة القاهرة» وعنصر معنوي «تهديد من شخص إلى آخر بوسيلة ما».
والاكراه له محددات وشروط يجب توافرها، لأنه يشكل تهديدا بوسيلة غير مشروعة «سلاح» عليه او على احد محارمه ومعارفه او التهديد بالضرب أو الإيذاء أو بانتهاك العرض والكرامة او بإحراق المنزل أو إتلاف المحصول أو قتل الحيوانات التي يملكها، كما ينبغي ان يؤدي الاكراه الى إحداث رهبة في النفس- حالة من الخوف والفزع- وهو معيار شخصي من حيث تقدير درجة الإكراه والشدة والتأثير والأحوال والموضوعية، وكذلك سنّه وحالته النفسية ودرجة إدراكه وقوته ومركزه الاجتماعي والوظيفي والمادي والاسري، وحالته الصحية ودرجة انفعاله خصوصا اذا استطاع الفرد ان يثبت حالة- فعل- الاكراه من خلال البيّنة الشخصية- الشهادة- والقرائن ويمكن إثباته بالإقرار واليمين الحاسمين، وعندها يترتب ابطال التصرف او السلوك الذى تم تحت تأثير الاكراه وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التصرف وبالتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء الإكراه على أساس قواعد المسؤولية التقصيرية.
نخلص مما تم ذكره أن المكرَه هو شخص سويّ، لكنه مختل الإرادة وتفقده حرية اختياره فأي عمل يقوم به او يمتنع عنه هو امر طبيعي ومنطقي، ولا يعتبر آثماً ومستحقاً للعقوبة ويتفق ومبادئ العدالة والقانون الطبيعي.
الإكراه الحسي والإكراه النفسي :
وسائل الإكراه أما أن تقع على الجسم ، كالضرب المبرح والإيذاء بأنواعه المختلفة ، وهذا ما يسمى بالإكراه الحسي ( violence physique ) لنه يقع على الحس ، وهو نادر لاسيما في الأوساط المتحضرة . وإما أن تكون الوسيلة تهديداً بإلحاق الأذى دون إيقاعه بالفعل أو إحداثاً لألم نفسي ، وهذا ما يسمى الإكراه النفسي ( violence morale ) لأنه يوقع في النفس رهبة أو ألماً ، وهذا هو الإكراه الأكثر وقوعاً في الحياة العملية . وليس هناك فرق بين الإكراه الحسي والإكراه النفسي ، فكل وسيلة من وسائل الإكراه ، سواء وقعت على الجسم أو على النفس ، تفسد الرضاء وتجعل العقد قابلا للإبطال .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً