جريمة التستر اين موقعها من الجرائم ؟
جريمة التستر من جرائم الفاعل المتعدد أليس كذلك ؟!
إن جريمة القتل أو السرقة أو الاغتصاب تتحقق إذا كان السلوك المادي صادراً من شخص واحد أو أكثر بينما جرائم السلوك المتعدد كالزنا ونحوها لا تحقق إلا بتعدد الأشخاص .
ويستحيل قيام جرائم الفاعل المتعدد دون أن يتقاسمه بحكم طبيعة الأمور شخصان ؛ لأن طبيعة الجريمة ذات الفاعل المتعدد تحتم في سبيل وقوع الفعل ازدواجاً من جانب فاعلين اثنين ، فمثلاً جريمة الزنا لا تقع إلا من رجل وأنثى بحيث يكون صدور السلوك لازما منهما .
والأمر دقيق قانوناً فلا يُظنّ أن جريمة المعاكسة من جرائم السلوك المتعدد كما لا يُظنّ أن اشتراك عصبة من أهل الإثم في جريمة السرقة من جرائم السلوك المتعدد ، فالفتاة في جريمة المعاكسة وجودها لازم في تحقق جريمة المعاكسة لكن وجودها محلاً لوقوع الجريمة فذلك لا يفقد وصف جريمة الفاعل الوحيد .
إذن جريمة السلوك المتعدد تتحقق من شخصين أو أكثر ويلزم لظهور الجريمة إلى حيّز الوجود أن يصدر سلوك إيجابي من شخص بالإضافة إلى صــدور سلوك سلبي من آخر يزدوجان ويكوِّنا الركن المادي لتلك الجريمة .
لكن هل تعد جريمة التستر من جرائم السلوك المتعدد أم من جرائم السلوك الواحد ؟!
فإن كانت الأولى فلا تقع جريمة التستر إلا ازدواجاً من جانب فاعلين اثنين وإن كانت الثانية فيجوز أن تقع الجريمة من غير السعودي .
وللجواب على هذا التساؤل نقول وبالله التوفيق :
إن نص المادة الأولى من نظام مكافحة التستر يجرم غير السعودي الذي يقيم في المملكة العربية السعودية ويمارس أو يستثمر في نشاط غير مرخص له في ممارسته أو الاستثمار فيه .
حيث يشترط في سلوك الفاعل الأول ما يلي :
1- أن يكون أجنبياً .
2- أن يمارس أو يستثمر في نشاط غير مرخص له في ممارسته أو الاستثمار فيه، ويخرج من يمارس العمل وهو الجهد المبذول في النشاطات الإنسانية كافة بصرف النظر عن طبيعتها أو نوعها ، صناعية كانت أو تجارية ، أوزراعية أو فنية ، أو غيرها ، عضلية كانت أو ذهنية كما أن العمل لا يشترط فيه أن يكون مرخصاً فيه من جهة الاختصاص فلا يحتاج صاحب العمل إلى رخصة عندما يرغب في عامل يحرس منزله .
والناظر إلى هذين الشرطين يجد أنه لا يمكن لغير السعودي أن يمارس أو يستثمر في نشاط غير مرخص له فيه إلا إذا مكنه السعودي من تلك الممارسة أو الاستثمار والذي لا يمكن أن يرخص للسعودي أصلاً إلا إذا كان له سجلاً تجارياً أو استعمل اسمه أو ترخيصه أو بأي طريقة أخرى المهم أن تكون الممارسة والاستثمار في نشاط غير مرخص .
حيث يشترط في سلوك الفاعل الثاني :
1- أن يكون سعودياً .
2- أن يمكن غير السعودي من الاستثمار في أي نشاط محظور عليه الاستثمار فيه أو ممارسة أي نشاط محظور عليه ممارسته، سواء كان ذلك عن طريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجاري، أو بأي طريقة أخرى .
وبناء عليه فإن جريمة التستر تعتبر جريمة فاعل متعدد لأن الفاعل الأول لا يمكن أن يمارس أو يستثمر في نشاط مرخص إلا عن طريق الفاعل الثاني الذي يمكِّن الفاعل الأول من الممارسة أو الاستثمار في النشاط المحظور .
ويعلم الجميع أن نظام مكافحة التستر نُظّم لحماية الممارسات أو الاستثمارات في الأنشطة المرخصة ولا يشمل الممارسات والأنشطة غير المرخصة أصلاً وآية ذلك أن نص المادة الثالثة من نظام مكافحة التستر يؤكد على ذلك أن على كل جهة تصدر تراخيص بممارسة أي نشاط متابعة المنشآت والمحلات التي رخصت لها ؛ للتحقق من نظامية أوضاعها، وإبلاغ وزارة التجارة والصناعة بما تكتشفه من مخالفات في مجال التستر.
فالجهات المختصة لا ترخص تجارة الشنطة ولا ترخص البيع في عربة والتجول في الشوارع لبيع الطماطم ولا ترخص بيع المساويك في الشوارع ولا ترخص في تلقي الركبان لشراء وبيع السيارات للسعودي أو غير السعودي للاستثمار في النشاطات السابقة .
كما أن السعودي الذي يمكّن العامل من العمل لحسابه الخاص لا يعد جريمة تستر لأن العمل مهنة ويطبق بحقه العقوبات الواردة في نظام العمل حيث نصت المادة (39) فقرة (2) لا يجوز لصاحب العمل أن يترك عامله يعمل لحسابه الخاص، كما لا يجوز للعامل أن يعمل لحسابه الخاص
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً