الـتـشـهــير.. جـريـمــة
أكد خبراء على تجريم القانون لعمليات «التشهير» التي قد يتعرض لها البعض، من خلال إساءة بعض الجهات لهم أو الحد من قدرهم بما يشوه من صورتهم أمام العامة ويقلل من وضعهم، مضيفين أن الحديث من غير دلائل قانونية على شخص ما يجرمه القانون.
وأوضحوا خلال استطلاع رأي لـ الوطن أن إعلانات قطع العلاقة أو التخلي عن موظف بجهة ما لها قواعد محددة وأغلبها تخص مقيمين لأن القانون حدد ذلك كما حدد طريقة لنشر الإعلان ولكن في بعض الحالات قد تكون تلك الإعلانات بها نوع من التشهير بالشخص لدى وضع صورته واسمه كاملاً والحالة الوظيفية إذ يوحي للقراء المتلقين بأن ثمة جرما ارتكبه هذا الشخص.
وأكدوا أن عقوبة التشهير تصل للحبس والغرامة التي تفرض على المشهر، مطالبين الجهات بعدم التشهير بأي مواطن أو مواطنة في وسائل الإعلام إلا إذا قام بفعل يجرمه القانون وثبت حدوثه وأقرت بذلك المحكمة المختصة.
وأشاروا إلى أن المجتمع القطري مجتمع محافظ ولا يجوز أن يتم الخوض وانتهاك حرمة أي شخص كان لأن القانون يجرم ذلك بالإضافة إلى أن عاداتنا وتقاليدنا المحافظة لابد أن تكون معروفة للجميع، لافتين إلى أن هناك إجراءات تتخذها أي مؤسسة للإعلان عن إنهاء خدمات أي شخص ولكن دون الإساءة لشخصه أو التقليل منه ونشر صورته.
هذا وكانت إحدى الجهات المالية قد نشرت إعلانا عن قطع علاقتها بإحدى المواطنات التي كانت تشغل منصبا قياديا بها وقاموا بنشر صورتها والاسم كاملا واستغلالها لمنصبها السابق وهو ما اعتبره العديد من المغردين على مواقع التواصل عملية تشهير بتلك الموظفة.
وأكدوا عبر مواقع التواصل أن ما قامت به تلك المؤسسة مرفوض حيث إنه جعل الأفراد تلك المواطنة مدانة على الرغم من عدم إدانتها من القضاء، موضحين أن المجتمع القطري له عادات وتقاليد لابد من الحفاظ عليها ومن أهمها حرمة الحياة الشخصية.
«إجراءات قانونية»
في البداية قالت المحامية سعيدة كاش إن القانون منع أي شخص كان أو مؤسسة من التشهير بأي فرد أو الإساءة له، مؤكدة أن قانون العقوبات حدد إجراءات يتخذها أي فرد ضد الجهة التي قامت بالتشهير به بأي طريقة.
وأوضحت كاش أن عقوبة التشهير لا تقل عن عقوبة السب والقذف وأن كلتا الجريمتين تخوض في الحياة الشخصية للأفراد وأن القانون كان حازما في التعامل مع هذه المشاكل وخاصة أن المجتمع القطري محافظ ولا يجوز القيام بالتشهير بأي شخص أو نشر صورته في وسائل الإعلام والحديث عنه دون وجه حق.
وأكدت كاش أن القانون جرم نشر كل ما ينافي الأخلاق أو يتضمن خدشاً للآداب العامة، أو يمس كرامة الأشخاص أو حرياتهم الشخصية، وكذلك جرم كل ما من شأنه التحريض على ارتكاب الجرائم أو إثارة البغضاء أو بث روح الشقاق بين أفراد المجتمع وكذلك كل ما من شأنه إلحاق الضرر بسمعة شخص أو بثروته أو باسمه التجاري أو بقصد التشهير به أو إرغامه على دفع مال أو تقديم منفعة للغير أو حرمانه من مباشرة عمله.
وقالت كاش إن هناك إعلانات قطع العلاقة بها نوع من التشهير وإن لم تحمل أي عبارة فيها أي إساءة أو تشهير ولم تكن سوى مجرد إعلان قطع علاقة وتقول حين نرى إعلاناً مماثلاً لن نفكّر إلا أن هذا الشخص ارتكب شيئا حتى أعلن عن قطع العلاقة معه بهذا الشكل، وقد لا ألجأ كجهة أخرى مثلاً إلى توظيفه أو التعامل معه بعد رؤية إعلان مماثل عنه. وتشير إلى أنه في بلدان أخرى، تختلف هذه الإجراءات، وإذا ما رأى موظف سابق إعلاناً مماثلاً مع ذكر اسمه ووضع صورته في الصحف، له أن يتقدم برفع قضية تشهير بحقّه.
ولفتت المحامية إلى أن أي جهة تتحدث عن شخص ما سواء بالإيجاب أو السلب لابد أن يكون الكلام ذلك بدلائل موثقة أو بعد حكم محكمة ما لأن القاعدة القانونية تقول الأحكام عنوان للحقيقة ونحن في قطر نمتلك قضاء عادلا يسعى لجلب الحقوق لكل شخص ولذلك إذا أخطأ شخص ما فعلينا أن نأخذ حقوقنا بالطرق القانونية وليس التشهير والتجريح به.
وأكدت أنه مع انفتاح المجتمع القطري وتزايد أعداد المقيمين الذين جاؤوا إلى قطر ظهرت لنا جرائم جديدة ومستحدثة على المجتمع ولذلك فإننا بحاجة لتحديث بعض القوانين لمواجهة تلك الجرائم والحد منها وكذلك تعليم الوافدين الجدد العادات والتقاليد القطرية وذلك في إطار جهود الحفاظ على هويتنا التي نعتز بها.
«العقوبات المناسبة»
وفي سياق مواز قال المحامي عبدالرحمن الجفيري إن قانون العقوبات وضع القواعد الخاصة والعقوبات التي تواجه جنح التشهير وأوجد العقوبات المناسبة التي تصل للسجن والغرامة المالية. وأضاف الجفيري إن التقليل من قيمة شخص ما والاحتقار والإساءة للحياة الشخصية غير مقبول سواء على المستوى الاجتماعي أو القانوني، مؤكدا أن أي جهة لا يحق لها نشر صورة أي فرد والحديث عن ذلك الشخص بما يجرح فيه، مؤكدا أن جرائم التشهير يتم عرضها على محكمة الجنح وهي التي تفرض القرارات المناسبة إذا ثبت أن أي جهة أساءت لشخص ما.
وقال الجفيري إن المجتمع القطري مجتمع محافظ ولدينا العادات والتقاليد التي نحترمها ونحافظ عليها وإن أي جرائم مستحدثة دخيلة على مجتمعنا، لافتا إلى أنه خلال السنوات الماضية لم نسمع عن قيام جهة ما بالإساءة لأي شخص بنشر صورته واسمه وصفته.
وعن إعلانات انتفاء الصفة قال إن هناك طرقا محددة لتلك الإعلانات وأغلبها تخص مقيمين لأن القانون حدد ذلك كما حدد طريقة لنشر الإعلان ولكن في بعض الحالات قد تكون تلك الإعلانات بها نوع من التشهير بالشخص لدى وضع صورته واسمه كاملين والحالة الوظيفية إذ يوحي للقراء المتلقين بأن ثمة جرما ارتكبه هذا الشخص.
ويرى الجفيري أنه حتى لو كان ثمة جرم فللقانون آليات تنفيذه بحيث لا تقتص الجهة لنفسها من الموظف، وإنما تتقدّم برفع دعوى قانونية على الموظف ليحدّد القضاء الحكم، وبالتالي نوع العقاب في حال إثبات التهمة. ومع إثباتها وإصدار الحكم فليس هناك ضرورة للقيام بالإعلان في الصحف، فمجرد القيام بتبليغ الأطراف المعنية يعتبر من الإجراءات المتبعة والأقل ضرراً على الشخص بذاته.
«لا خلاف قانونيا»
من جانبه قال أحمد السبيعي المحامي إنه من الناحية القانونية فثمة مادة قانونية تسمح بإعلانات قطع العلاقة في حال كانت طبيعة عمل الموظف في الشركة تتعلق بتعاملات تجارية مالية أو لها علاقة بوثائق وأوراق رسمية حتى تخلي مسؤوليتها أمام العملاء، في حين أن إعلان قطع العلاقة قد يتخطى لمرحلة التشهير إذا تم نشر الصورة للشخص والإساءة لشخصه.
وأوضح السبيعي أن الإعلان عن قطع العلاقة بالموظف الذي له علاقة بتعاملات خارجية ومالية للشركة مسموح به، وبالتالي ثمة توضيح عن طبيعة العمل، أما الذي لا علاقة له كموظف بهذه التعاملات فمن غير المسموح به الإعلان عن قطع العلاقة، وفي كلتا الحالتين يمنع استخدام عبارات حكم أو تشهير، لأنها ليست من اختصاص الأطراف، وهي من اختصاص القضاء وحده لدى إصدار حكم بحق أحد الأشخاص، بناء على قضية تمت دراستها والتحقيق فيها وإثبات التهم الموجهة وما إلى هنالك.
وقال السبيعي إن المجتمع القطري له عادات وتقاليد ولذلك يتم النظر على أنها إعلانات تشهيرية وخاصة إذا تم وضع الصورة، حتى لو لم يتم ذكر ما يسيء للموظف المذكور، ولذلك يرى البعض في هذه الإعلانات حتى وإن جاءت بشكل رسمي ولا تحتوي على عبارات تشهيرية، تشهيراً بحدّ ذاتها.
من جانبه قال خبير قانوني رفض ذكر اسمه إن الشؤون القانونية في بعض الجهات قد تعمد إلى نشر إعلان مماثل كإجراء احترازي يكفله القانون، ويسمح باتخاذه، طالما أن الإعلان لا يذكر أي شيء سوى قطع العلاقة ورفع مسؤولية الشركة عن استمرار أطراف في التعامل مع الشخص المذكور بصفته السابقة في الشركة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً