جريمة الزنا في القانون السوري
بقلم المحامي محمد عماد الصفرة
جريمة الزنا (الخيانة الزوجية) في القانون السوري
محاماة نت – اعادة نشر وعرض
– الزنا آفة خطيرة ومرض مروع إذا تفشى في أمة قضى عليها واختلطت الأنساب فيها وانتشرت الرذيلة في طباعها وعمت الفاحشة في المجتمع لذلك كان هذا الفعل محرماً من الناحيتين القانونية والشرعية إلا أنه يلاحظ من خلال قراءة النصوص المتعلقة بجرم الزنا أن مفهوم هذا الفعل قانوناً يختلف عن مفهومه من الناحية الشرعية وفق مبادئ الشريعة الإسلامية وسنذكر بعضاً من نقاط الاختلاف هذه :
– إن الشارع الإسلامي اعتبر كل وطئ محرم زنى سواء وقع من متزوج أو غير متزوج ولو تم الفعل بالرضا وذلك على خلاف المفهوم القانوني لهذه الجريمة حيث يقصر قانونا ارتكاب هذه الجريمة على المتزوجين فقط و أما غير المتزوج فلا يرتكب هذه الجريمة إلا كشريك مع فاعل أصلي متزوج
– إن القانون السوري قد فرق بين زنا الزوج وزنا الزوجة وذلك على عكس ما جاء في أحكام الشريعة الإسلامية التي لم تفرق زنا الزوج عن زنا الزوجة إلا في حالة ما إذا كان محصنين أم غير محصنين
– القانون لم يشترط أدلة خاصة على الزنا بل ترك الأمر للقواعد العامة و هذا بعكس ما ورد في أحكام الشريعة الإسلامية حيث لا وجود للزنا إلا بوجود أربع شهود يرون الواقعة ولا يجوز الاستنتاج أو التفكير أو الاستنباط
– العقوبة في الشريعة الإسلامية للزوج المحصن هي الرجم ولا تقبل العفو أو الاستبدال باعتبارها حقاً لله تعالى على خلاف المفهوم القانوني الذي جعل دعوى الزنى بيد الزوج أو الزوجة وخول الزوج وقف تنفيذ الحكم الذي يصدر بإدانة زوجته إذا رضي باستئناف الحياة معها
كما يلاحظ أن القانون السوري قد فرق بالنسبة لهذا الجرم بين زنا الزوج وزنا الزوجة في عدة نقاط :
– في العقوبة حيث تعاقب الزوجة الزانية بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين بينما يعاقب الزوج الزاني بالحبس من شهر إلى سنة
– في العقاب على الشريك فشريك الزوجة الزانية يعاقب بذات عقوبة الزانية فيما إذا كان متزوجاً أما إذا لم يكن متزوجاً فالحبس من شهر إلى سنة (وهي ذات عقوبة الزوج الزاني )بينما لم يفرق في عقوبة شريكة الزوج الزاني بالنسبة لذلك
– اشترط القانون لفرض العقاب على الزوج الزاني أن يكون الفعل قد تم في منزل الزوجية حصراً بينما لم يشترط ذلك في عقاب الزوجة الزانية وتعاقب بأي مكان كان اقترفت فيه هذا الفعل
– اعتبر المشرع السوري العقاب في هذه الجريمة حق للزوج حيث يمكنه وقف تنفيذ العقوبة التي حكم بها على زوجته الزانية إذا قبل باستئناف الحياة الزوجية معها
ولهذه الجريمة أركان خاصة بها وهي :
1- وهو وحصول وطء غير مشروع : فالجرم يقوم على فعل هو الالتحام مع أنثى في المكان الطبيعي من المرأة وعلى ذلك لا يعتبر زنا مجرد الخلوة بين رجل وامرأة متزوجة إذا لم تصطحب هذه الخلوة بوطء كما لا تعد من قبيل الزنا الأعمال المخلة بالحياء التي تأتيها المرأة على نفسها أو الصلات غير الطبيعة التي تأتيها مع امرأة أخرى كما لا يعد وطئاً الفتاة البكر المتزوجة التي تمتنع على زوجها وتجتمع مع صديق لها ليقوم بفض بكارتها بغير عضوه التناسلي كما لا يعتبر زنا مجرد تمكين المرأة الرجل من ضمها وتقبيلها ولمس عورتها دون الحصول الجماع فالجرم لا يقع إلا بالجماع والفعل الجنسي الذي فيه إرضاء كاملاً لشهوة الرجل
2- أن يحدث هذا الفعل أثناء قيام الزوجية : يشترط قيام الزوجية كركن أساسي لجريمة الزنا فلا يعتبر الجريمة واقعة إذا كان الزوج فاسداً أو باطلاً و أن للزوجة وشريكها أن يدفعا التهمة ببطلان عقد الزواج . والسبب في اشتراط ذلك هو أن القانون اعتبر هذا الجرم إخلال جسيم بعقد الزواج المبرم بين الزوج وزوجته والغاية من العقاب عليه هي لصون هذه العلاقة المقدسة بين الزوجين والممتثلة بالزواج الصحيح
– ويلاحظ أنه إذا دفعت الزوجة أو شريكها تهمة الزنا بأنها مطلقة أو أنها غير متزوجة أو أن زواجها باطل أو فاسد وجب على المحكمة أن توقف النظر في الدعوى حتى يفصل في مسألة الزواج والطلاق من الجهة المختصة بالحكم في الأحوال الشخصية
3- القصد الجنائي وهو إرادة الجاني بارتكاب هذا الفعل مع العلم بتوافر أركان الجريمة
ويضاف إلى هذه الأركان ركن آخر خاص بجريمة زنا الزوج وهو وجود ركن رابع هو حصول الزنا منه في منزل الزوجية
– وأخيراً فيما يتعلق بأدلة إثبات هذا الجرم فالقانون لم يشترط أدلة خاصة على زنا الزوجة بل ترك الأمر للقواعد العامة حيث أنه لا يشترط في الأدلة على الزنا أن تكون مؤدية مباشرة إلى ثبوت الزنا بل للمحاكم أن تستعين بالعقل و المنطق لتستخلص من وقائع الدعوى وأدلتها ما يمكن الاطمئنان إليه للتجريم بهذا الجرم حيث لا يشترط لثبوت الجرم مشاهدة الزوجة في حالة زنا بل يمكن استنتاج ذلك من خلال الوقائع والأمور التي تؤدي إلى ذلك باستخدام العقل والمنطق والاستنتاج السليم وذلك يعود إلى قناعة القاضي الجزائي و أما ما اشترطته المادة 473 من أدلة إثبات فينحصر في جرم الزنا بالرجل الشريك دون الزوجة وتبقى قواعد الإثبات على إطلاقها بحق الزوجة
وفي النهاية لا بد من الوقوف على أهمية هذا الجرم للتحذير من خطورته و أثره على المجتمع وعلى العلاقة الزوجية التي هدف المشرع لحمايتها وصيانتها بتجريمه على هذا الفعل
بقلم المحامي محمد عماد الصفرة
اترك تعليقاً