جريمة النصب وتمييزها عن غيرها من الجرائم :
عرفت المادة الـ231 من قانون الجزاء الكويتي ان النصب هو : كل تدليس قصد به فاعله ايقاع شخص في غلط او ابقاءه في الغلط الذي كان واقعا فيه لحمله على تسليم مال في حيازته، وترتب عليه تسليم المال للفاعل او لغيره سواء كان التدليس بالقول او بالكتابة او بالاشارة.
فهو استيلاء على شيء مملوك للغير عن طريق الطرق الاحتيالية فيستخدم اساليب الغش والمخادعة التي تؤدي الى ايقاع شخص بالغلط يحمله على تسليمه مالا في حيازته.
وجريمة النصب جريمة مادية، وهي من جرائم السلوك المتعدد والحدث المتعدد وجريمة سلوك متعددة، لأنها سلوك نفسي يتمثل في الاحتيال على الغير وسلوك مادي يتمثل في التوصل الى الاستيلاء على مال الغير، اذ ينخدع بذلك الاحتيال، وعليه فالجاني بسلوكه الاول يخاطب ملكة الفكر والخيال والارادة لدى من يتلقى منه هذه المخاطبة بأن يسلم له مالا نظير مقابل مجز والمتمثل في ايجاد الجاني علاقة بينه وبين مال المجني عليه، والحدث الناتج من السلوك المتعدد للجاني حدث نفسي هو تولد الخديعة في نفس المجني عليه وانعقاد الارادة لديه نتيجة لهذه الخديعة على ان يسلم للجاني ما يطلبه من مال وحدث مادي هو ان يسلم المجني عليه ذلك المال فعلا الى الجاني فيستولي عليه هذا الأخير.
ويتميز النصب عن السرقة : بفرق واضح يتمثل في نوع الوسيلة التي يستخدمها الجاني في الاستيلاء على مال الغير، فبينما في السرقة ينتزع الجاني الشيء من حيازة صاحبه او حائزه من دون رضاه، فإنه في جريمة النصب يعمد الى خداع المجني عليه، وتضليله بوسائل الاحتيال على نحو يخلق لديه اعتقادا مخالفا للواقع يدفعه الى تسليم ماله الى الجاني برضاه.
فإذا كانت ارادة المجني عليه ارادة معيبة بسبب الذي اوقع فيه الجاني المجني عليه الا ان هذا التسليم الناقل للحيازة يحول دون توافر ركن الاختلاس في السرقة على الرغم من انه صادر عن غش وتدليس.
وفي كل من خيانة الأمانة والنصب : يسلم المجني عليه الشيء الى الجاني تسليما قانونيا، لكن طبيعة التسليم وأثره تختلف في كل من الجريمتين، فهو في جريمة خيانة الامانة تسليم ناشئ عن ارادة حرة، الا انه لا يؤدي الى غير نقل الحيازة الناقصة، اما في جريمة النصب فهو تسليم ناشئ عن إرادة معيبة تحت تأثير الغلط ويؤدي الى نقل الحيازة الكاملة للشيء.
والمصلحة المعتدى عليها في هذه الجريمة هي الثقة التي عهد بها المجني عليه الى الجاني والتي وردت على مال معين، فالعبرة ليست بمجرد الاعتداء على المال وانما في المساس بهذه الثقة التي تولدت عن احد عقود الامانة.
وقد رأى المشرع في الجزاء المدني انه ليس كافيا في هذه الحالة، لأن انتشار العبث بالائتمان الخاص امر يهدد العلاقات الخاصة ويقضي على روح التعامل بين الناس في ثقة واطمئنان.
يتألف الركن المادي في جريمة النصب : من فعل الاحتيال وذلك باستعمال وسيلة تدليسية مما ورد في نص المادة 231 جزاء، ونتيجة معاقب عليها هي فعل الاستيلاء على مال منقول مملوك للغير، وعلاقة سببية بين الاحتيال والاستيلاء.
ويتخذ الركن المعنوي للجريمة صورة القصد الجرمي، حيث تتجه ارادة الجاني الى الاستيلاء على مال الغير بهدف تملكه، وذلك باستعمال اسلوب من اساليب الخداع يوجهه نحو المجني عليه كي يوقعه في الغلط ويحمله على تسليم المال، فيأخذه منه بنية تملكه.
سالم أحمد شبكوه – جامعة الكويت
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً