بحث قيم عن جريمة امتناع الطبيب عن تقديم المعاجة من الجهة القانونية
الاســـم :صهيب يحيى الشرمان .
الموضوع : جريمة الامتناع (امتناع الطبيب )
جامعة الزرقاء / كلية الحقوق
الـمـقـدمـــة :
إن الناظر في تعاليم الإسلام و المتأمل فيها يوقن حقاً بأنه منهاج حياه متكاملة ، فهو لم يدع جانباً من جوانب الحياة ولا طوراً من أطوار الإنسان إلا و رسم فيه المنهج الأمثل حيث حثت الشريعة الإسلامية الغراء على التماسك بين أفراد المجتمع و تكافلهم و يظهر ذلك جلياً في قوله صلى الله عليه و سلم : ” مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى”، وذلك يستدعي تقديم العون و المساعدة للشخص المحتاج له سواء أكان ذلك نتيجة لكارثة حلت به أو كان مجنيا عليه في جريمة حيث أنها تستند إلى مبدأ رئيسي و هو مبدأ التضامن الاجتماعي بين أفراد المجتمع . و من ناحيةٌ أخرى توافق المشرع الأردني مع الشريعة الإسلامية في نص المادة {474} من قانون العقوبات و التي نصت على :(يعاقب بالحبس حتى شهر واحد و بالغرامة حتى خمسة دنانير كل شخص سواء أكان من أصحاب المهن أم من أهل الفن أم لا يمتنع بدون عذر عن الإغاثة أو إجراء عمل أو خدمة عند حصول حادث أو غرق أو فيضان أو حريق أو أية غائلة أخرى أو عند قطع الطريق أو السلب أو الجرم المشهود أو الاستنجاد ا و عند تنفيذ الأحكام القضائية ) ،و بالتالي يجب على كل شخص القيام بواجبات المنوطه به بموجب هذا النص القانوني ، حيث اوجب على كل شخص في حالة طلبت الإغاثة منه أو حتى دون طلب أو أي حالة تستوجب المساعدة إن يبادر لها و يقدم العون لمن يحتاجه سواء أكانت هذه المساعدة مقدمه للشخص بناء على جريمة وقعت عليه أو كارثة حلت به على أن يكون من يقدمها قادراً على تقديم هذه المساعدة ، أما إذا امتنع عن ذلك فيعتبر مرتكباً لجريمة الامتناع عن تقديم المساعدة ،مما يستوجب إيقاع العقوبة المقررة لها وفقا للمادة المذكورة . ومن صور الامتناع عن المساعدة هي امتناع الطبيب عن تقديم العلاج ألازم للمريض و بالنظر إلى مهنة الطب نجد أن على الطبيب واجب قانوني و مهني و أدبي و إنساني تجاه المرضى و المجتمع الذي يعيش فيه فهي تفرضه عليه أصول و مقتضيات مهنيه فلا يجوز للطبيب الذي يعمل في مستشفى حكومي أو خاص أو في عيادته الخاص أن يرفض أو يمتنع عن علاج احد المرضى الذي ينبغي علاجهم فإسعاف المريض أمراً واجباً عند جمهور الفقهاء و من حق المريض إجبار الطبيب على إسعافه بالدواء ألازم . و من هذا المنطلق أصبحت جريمة امتناع الطبيب عن تقديم المعالجة من ابرز مشكلات وقتنا هذا و التي تمس حياة الأفراد دون وجود أسباب كافيه أو مقبولة تبرر هذا الامتناع لذا عالجها المشرع الأردني .
المبحث الاول اركان و شروط جريمة امتناع الطبيب
يعرف البعض جريمة امتناع الطبيب عن تقديم المعالجة بأنها ، ” تلك الجريمة التي يمتنع فيها الطبيب بإرادته عن تقديم المساعدة الطبية للمريض حال كونه في حاجة إلى هذه المساعدة بناء على نص في القانون أو اتفاق بينه وبين المريض ” ([1]). كما ان جريمة الامتناع عن تقديم المعالجة او المساعدة للاشخاص لا بد لها من اركان و شروط تقوم عليها فاذا ما تحققت هذه الاركان اضافة الى الشروط على ارض الواقع فانها تستوجب ايقاع العقوبة المقررة لها وفقا لاحكام القانون ، وبناءً على ذلك سأقسم هذا المبحث الى مطلبين في المطلب الاول نعالج اركان جريمة امتناع الطبيب ، وفي المطلب الثاني نبحث شروط قيام هذه الجريمة ، و على النحو الاتي :
المطلب الأول أركان جريمة امتناع الطبيب
قام المشرع الأردني و جرم كل من امتنع عن تقديم المساعدة لاي شخص يحتاج لهذه المساعدة وقد استند في ذلك الى القانون الجنائي الفرنسي الذي يجرم الامتناع في حال وجود خطر على حياة الانسان ، حيث نصت المادة (474) من قانون العقوبات الأردني على أنه “يعاقب بالحبس حتى شهر واحد وبالغرامة حتى خمسة دنانير كل شخص سواء أكان من أصحاب المهن أو من أهل الفن أم لا , يمتنع بدون عذر عن الإغاثة أو إجراء عمل أو خدمة عند حصول حادث أو غرق أو فيضان أو حريق أو أية غائلة أخرى أو عند قطع الطريق أو السلب أو الجرم المشهود أو الاستنجاد أو عند تنفيذ الأحكام القضائية”. و بالرجوع لما سبق ذكره نجد أن قانون العقوبات الاردني كان من القوانين المتطورة من خلال معاقبته على هذا النوع من الجرائم في حالة الخطر او حدوث كارثة سواء كانت بفعل إنسان أو بفعل الطبيعة. كما يتبين لنا مما سبق أن جريمة الامتناع عن المساعدة هي جريمة عمدية يتطلب المشرع لقيامها توافر ركنين أحدهما مادي والآخر معنوي لذا سوف اتناول هذا المطلب من خلال فرعين , الأول : الركن المادي في جريمة امتناع الطبيب , و الثاني : الركن المعنوي في جريمة امتناع الطبيب .
الفرع الأول
الركن المادي في جريمة إمتناع الطبيب فيما يتعلق بالركن المادي لهذه الجريمة فقد اشترط بعض المشرعين و من بينهم المشرع الاردني توفر سلوك الامتناع اضافة الى عناصر الجريمة ، فقد نص المشرع الاردني في المادة (474) من قانون العقوبات بقوله : “…. عند حصول حادث أو غرق أو فيضان أو حريق أو أية كارثة….” وهذا الشرط يتطلب تدخلاً مباشراً من قبل المساعد – وهو الطبيب – وعليه فما على المجني عليه أو غيره إلا إثبات جدية هذا الخطر وأهمية التدخل الطبي في مثل هذا الوضع ([2]) ، فوجود الطبيب أمام خطر حال حقيقي ثابت يتطلب منه التدخل المباشر يعني أن يسأل جزائياً إذا لم يحرك ساكناً أمام هذا الوضع سواء اكانت الحالة من ضمن اختصاصه ام خارج عنها فبمجرد امتناعه مع قدرته على المساعدة يجعله مسؤولا عن ذلك جزائياً ([3]) . بالتالي نجد انها تتمثل الصورة السلبية لهذة الجريمة في الحالة التي يمتنع فيها الشخص العادي سواء اكان طبيبا ام لا عن القيام بالمساعدة المطلوبة منه والتي توخاها المشرع ، حيث يقوم هذا الشخص بارتكاب سلوكا سلبيا مجردا يمتنع من خلاله عن تقديم المساعدة ، وذلك بقول المادة (474) “…..يمتنع بدون عذر عن الاغاثة او اجراء عمل او خدمة…..”. و عليه يقوم الركن المادي بالصورة السلبية لجريمة الامتناع عن تقديم المساعدة اي من خلال عدم الفعل وحسب ما تضمنته المادة (474) من قانون العقوبات ، فكل شخص توافرت حوله ظروف الحاجة الى تقديم المساعدة و امتنع عمدا عن القيام بهذا الواجب القانوني الذي القاه المشرع عليه للقيام به ، فانه يعتبر مرتكبا لجريمة الامتناع عن تقديم المساعدة . فهذه الجريمة هي من الجرائم التي لا يستلزم لقيامها نتيجة اجرامية بل تتكون من الاحجام بحد ذاته ، فالركن المادي هنا يتمثل باحجام الممتنع المجرد دون ما حاجة الى احداث نتيجة اجرامية ، فنجد ان النص التجريمي هنا يكتفي بواقعة الامتناع ذاتها ، حيث يعتبرها جريمة تامة دون الاشارة الى أي نتيجة اجرامية .
الفرع الثاني
الركن المعنوي في جريمة امتناع الطبيب إن جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة كجريمة قصدية لا يتطلب ركنها المعنوي سوى القصد العام القائم على العلم و الإرادة فلا يتطلب أي قصد خاص لدى الجاني([4]). و هذا أمر طبيعي فالقانون لا يعاقب على جريمة الامتناع عن مساعدة شخص في خطر إلا إذا ارتكبت عمداً بمعنى أن يعلم الشخص بالخطر ثم يمتنع إرادياً عن تقديم المساعدة و ليس من الضروري توافر القصد الخاص (سوء نية) في جانب الممتنع و إنما يكفي الامتناع الإرادي أي توافر القصد العام بمعنى أن يعلم المتهم شخصياً بوجود شخص في خطر يتطلب تقديم مساعدة مباشرة وضرورية لإنقاذه ولكنه يمتنع عن مساعدته([5]). ولما كان من المستقر عليه في الفقه والقضاء أن عناصر القصد العام هي العلم والإرادة : أولاً : العلم :العنصر الاول من عناصرالقصد الجنائي في جريمة الامتناع حيث يتطلب المشرع علم الشخص بوجود خطر حال و حقيقي ، و العلم بالخطر قد يكون مباشراً أو غير مباشر , و في رأي القوانين التي سبقتنا في تجريم الامتناع و المعاقبة عليه انه يكفي تأكد الممتنع بنفسه من وجود خطر يقتضي ضرورة التدخل إلا أنه يمتنع عن التدخل او المساعدة , فمثلا امتناع الطبيب عن تقديم المساعدة إلى امرأة في حالة ولادة بالرغم من علمه بخطورة حالتها و حالة الجنين ، او ان طبيبا تم استدعائه لإنقاذ شاب إلا أنه رفض تقديم المساعدة له أو الاستعلام عن حالته فيما اذا كانت خطيرة ام لا . و أما بالنسبة للغلط والجهل في تقدير الخطر فالأصل أنه لا ينفي ركن العلم في جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر ولكن إذا كان الغلط في تقدير الخطر يجعله لا يبدو في مجمله خطراً و كان الممتنع لا يدرك هذه الخطورة و لم يقدم المساعدة فإن ذلك ينفي ركن العلم كما ينفي المسؤولية ([6]). وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية في إحدى القضايا بأن المتهم لم يقدم المساعدة بسبب اعتقاده بأن الشخص مخمور وليس مصاباً بجرح خطر، كما حكمت محكمة Angres ببراءة والدين رفضا عرض طفلهما على الطبيب لاعتقادهما وجهلهما بخطورة حالته([7]). ثانياً : عنصر الإرادة : العنصر الثاني من عناصر القصد الجنائي في جريمة الامتناع عن المساعدة هو إرادة الامتناع عن تقديم المساعدة , فنادراً ما يكون التعبير عن عدم المساعدة منطوياً على إرادة صريحة , و في الغالب تستظهر هذه الإرادة من ظروف و ملابسات كل واقعة و سلوك الشخص الممتنع , فحُكِم بأن الهروب و النكول عن تقديم المساعدة في حالة الخطر أظهر دليل على إرادة عدم الرغبة بالمساعدة و كذلك أيضاً الامتناع عن طلب المساعدة ممن هو قادر على تقديم المساعدة و تقدير ذلك كله مرجعه لظروف و وقت طلب المساعدة ، و المعيار في تقدير ذلك هو معيار الرجل العادي في نفس ظروف الحالة التي وجد فيها الممتنع فإذا ثبت تقصير أو خروج عن السلوك و التصرف المعتاد في مثل هذه الحالات يعد مرتكباً لخطأ جنائي يعاقب عليه القانون([8]). أما في حال كان وقوع القوة القاهرة على العامة و لم يكن هنالك مجال للمساعدة فلا مكان لجريمة الامتناع اذا ما كانت القوة القاهرة ذاتها هي الحائلة دون المساعدة حيث أنها قد تمنع من يريد تقديم المساعدة من ذلك . و من الناحية الفقهية يرى البعض أن التصرفات التي يقوم بها الممتنع معتقداً انها قد تساعد المستغيث وقت وقوع الخطر لا أثر لها في نفي القصد الجنائي ، كقيام الممتنع بالدعاء لشخص اخر على وشك الغرق و هو قادر على مساعدته او طلب المساعدة له ، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض الفرنسية بمعاقبة راهب في امتناعه عن تقديم المساعدة إذ اكتفى بإجراء الصلاة على طفل مريض مع والديه بالرغم أنه كان باستطاعته مساعدته او طلب المساعدة من طبيب ليجري له الاسعافات الاولية او العلاج الطبي.
المطلب الثاني شروط قيام جريمة إمتناع الطبيب
حتى نتحدث عن وجود جريمة إمتناع طبيب عن تقديم المعالجة و المساعدة لا بد أن يتوافر فيها مجموعة من الشروط اللازمة حتى تقوم هذه الجريمه وهي: اولا: ان يكون هناك شخص في خطر . ثانياً: ان يكون الامتناع صادر عن اراده حره. ثالثا: ان يكون باكان الممتنع تقديم المساعدة دون خطر عليه. *اولا: ان يكون هناك شخص في خطر : إن الوضع الذي يستدعي تقديم المساعدة هو أن يكون هنالك شخص ما بحاجة للمساعدة او المعالجة ، و يكون الشخص بحاجة للمساعدة عندما يحيط به الخطر و لا يستطيع النجاة منه الا من خلال مساعدة غيره ([9]) و الذي عبر عنه المشرع الأردني في المادة (474) بقولها “…… عند حصول حادث أو غرق أو فيضان أو حريق أو أية غائلة أخرى أو عند قطع الطريق أو السلب أو الجرم المشهود أو الاستنجاد أو عند تنفيذ الأحكام القضائية “. ويشترط في الخطر أن يكون حالاً ومستمراً ويستدعي من الفرد تدخلاً عاجلاً لتقديم المساعدة اللازمة سواء أكان هذا الخطر في بدايته أو أنه حادث فعلا و بناءاً على ذلك إذا كان هناك خطر يهدد حياة إنسان أو قد يؤدي إلى إصابته بضرر جسيم فإن الشخص الذي يمتنع عن تقديم المساعدة له في هذه الحالة يكون مرتكباً لجريمة الإمتناع عن تقديم المساعدة مما يستوجب إيقاع العقوبة المقررة لهذه الجريمة عليه ، أما إذا لم يكن هذا الخطر حالاً مما قد لا يؤدي إلى الموت أو إلى أي مضاعفات اخرى فإن ذلك ينفي شرط أساسي من شروط قيام الجريمة . * ثانيا: ان يكون الامتناع صادر عن ارادة حرة : حتى يعاقب الممتنع على جريمة الامتناع عن المساعدة يجب ان يكون امتناعه اراديا ، أي ان تتجه ارادة الممتنع الى ارتكاب سلوك الامتناع ، حيث يتم ذلك عن طريق علم الممتنع بالخطر او بالجريمة التي ارتكبت ضد المجني عليه وعلى الرغم من هذا العلم فان الشخص يمتنع عن تقديم المساعدة المطلوبة . لذلك فقد اعتبر امتناعه عمديا نتيجة لوعيه وارادة امتناعه وهو مدرك لما يحيط بالشخص من خطر وبما سوف يتولد عنه ، و بناءا على ذلك يكون الامتناع اراديا حتى ولو لم يكن الممتنع قد قصد الاضرار بالغير ، الا ان هذه الارادة تنتفي في الاحوال التي يوجد بها ما يؤثر على تلك الارادة ، كالاكراه او القوة القاهرة او الضروف الطارئة و غيرها من الامور التي قد تضيِق من ارادة الفرد . * ثالثا:ان يكون بامكان الممتنع تقديم المساعدة دون خطر عليه : إن تقديم المساعدة و الإغاثة لا تفرض على أي فرد و لا يشترط أن يقوم بها بنفسه فقد يشاهد الشخص شخصاً اخر يغرق و هو لا يستطيع السباحة ، بالتالي نجد أن القوانين فرضت طلبها من الشخص القادر على تقديمها حيث أنه لا تكليف بمستحيل . إلا أن تقديم المساعدة لا يشترط فيها أن يقوم بها الفرد بنفسه وبمساعدته شخصياً و إنما قد يطلبها من غيره ، و بذات الوقت هذا لا يعني أن الأمر متروك لتقدير الفرد بين أن يقدم المساعدة بنفسه أو عن طريق طلبها من اخر بل عليه أن يقدم الوسيلة الأكثر نفعا وحسب ظروف الواقعة . فاذا ما شاهد سائق أن هناك شخص على حافة الطريق يلتقط بانفاسة الاخيرة نتيجة نزف دموي فلا يجوز ان يتركه اذا لم يستطع انقاذه وعليه ان يطلب له المساعدة من الغير ، أما اذا شاهد شخص اخر على وشك الغرق و هو لا يعرف أو لا يستطيع السباحة و لم يكن هناك ما يلقيه له لانقاذه فانه يستطيع في هذه الحالة أن يطلبها له من الاخرين ([10]).
فلا يجوز أن يتذرع السائق (المذكور في المثال السابق) لتبرير إمتناعه عن نقل المصاب إلى المستشفى بوجود وسائط نقل اخرى او مراكز عامة للاسعاف ، فالقانون يفرض على من يقع عليه هذا الالتزام أن يؤديه و لا نرى أن هذا الالزام فوق الاستطاعة ، أما إذا كان الشخص غير قادر على تقديم المساعدة بنفسه وطلبها من الغير فلا يسأل ، و كذلك الحال بالنسبة لأصحاب المهن و خاصة الأطباء فإذا ما رأى حالة تستدعي المساعدة و كان قادراً على ذلك فيكون واجباً عليه تقديمها و خاصة إذا كانت الحالة ضمن اختصاصه ، و من الجدير بالذكر أنه وفقاً لنص القانون لا يلتزم الطبيب بتقديم المساعدة للمريض إلا إذا انتفى الخطر الواقع على نفسه أو على الغير فلا يلزم الشخص إذا كان لا يعرف السباحة بإلقاء نفسه في الماء لإنقاذ غريق أما إذا كان في مقدوره ذلك فإنه يعد مرتكباً لجريمة الامتناع , و لكي لا يكون الشخص مرتكباً لهذه الجريمة يتوجب عليه أن يطلب مساعدته من الغير، وذلك بنص المادة (474) حيث أقامت المسؤولية على الممتنع بدون عذر مشروع ، أما بالنسبة لحالة الخطر على الممتنع فهي عذر مشروع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
المبحث الثاني
المطلب الاول مسؤولية الطبيب الممتنع عن المعالجة
من خلال دراستنا نجد أن جريمة امتناع الطبيب عن العلاج لم تنص عليها التشريعات بشكل خاص وإنما نصت على جريمة الامتناع عن المساعدة او المعالجة في حالة الخطر كما ورد في نص المادة (474) من قانون العقوبات الأردني بشكل عام ونجد أن هذه المادة تعاقب على الامتناع المجرد حيث أنها لا تشترط حدوث النتيجة لتقوم المسؤولية و يشترط أيضا لإقامة المسؤولية على الممتنع عن المساعدة أن يكون طالب المساعدة في حالة خطر و أن يكون هناك واجب قانوني على الممتنع لدفع الضرر عن طالب المساعدة و أيضاً يشترط لإقامة المسؤولية على الممتنع انتفاء الخطر الواقع على نفسه أو على الغير. كما توصلنا أيضاً إلى أن الطبيب الممتنع عن المعالجة يعاقب على مجرد الامتناع بالإضافة الى أنه يسأل عن النتيجة على أساس العمد إذا توافر لدى الطبيب الممتنع القصد الجنائي و توافرت علاقة السببية بين الامتناع و النتيجة و قد يسأل عن النتيجة على أساس الخطأ غير العمدي إذا كان امتناعه عن اتخاذ الاحتياطات اللازمة التي يدعو إليها واجب الحيطة و الحذر و نجد أن كثيراً من الأحكام القضائية قضت بمسؤولية الطبيب الممتنع عن المعالجة .
المطلب الثاني عقوبة الطبيب الممتنع عن المعالجة
* اولا: على اساس القتل العمد:
ان الطبيب الذي يمتنع عن معالجة المريض و كان عليه التزام قانوني أو تعاقدي بمعالجة المريض بأن يكون هذا المريض تحت عنايته و امتنع عن تنفيذ الالتزام الملقى على عاتقه مع قدرته على تنفيذه و أدى بامتناعه هذا إلى وفاة المريض و ثبت في حقه توافر القصد الجنائي فيعد قاتلاً له و يعاقب بعقوبة القتل العمد حسب نص المادة (328\1) من قانون العقوبات الاردني (يعاقب بالاعدام على القتل قصدا اذا ارتكب مع سبق الاصرار و يقال له القتل العمد) . و القتل بدافع الشفقة من قبل الطبيب عادة ما يكون مقترناً بظرف سبق الإصرار لأنه يتم بطبيعة الحال بعد كثير من التفكير و التحضير و الروية في إنهاء حياة هذا المريض عن طريق الفعل أو الترك ، وعليه فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة . * ثانيا: على اساس القتل الخطأ : إذا امتنع الطبيب عن علاج المريض و ترتب على ذلك وفاة هذا المريض و توفرت علاقة السببية بين الامتناع و الوفاة و لم يثبت في حق الطبيب توافر القصد الجنائي و ثبت في حقه صور القتل الخطأ كالإهمال أو مخالفة القوانين أو القرارات و الأنظمة أثناء قيامه بالعمل فإن الطبيب يعاقب بعقوبة القتل الخطأ . و هكذا يتضح أن الطبيب يسأل عن كل إهمال في عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة التي يدعو إليها واجب الحيطة و الحذر فإذا أدى إهمال الطبيب إلى وفاة المريض و توافرت علاقة السببية بين هذا الإهمال و الوفاة فإنه يعاقب بعقوبة القتل الخطأ كما نصت عليها المادة (343) من قانون العقوبات الأردني (من سبب موت احد عن اهمال او قلة احتراز او عن عدم مراعاة القوانين و الانظمة عوقب الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات) . بالإضافة إلى العقوبات التأديبية التي يعاقب بها الطبيب بموجب قانون نقابة الأطباء الأردنية و التي نصت عليها المادة(55) منه والتي تبدأ بالتنبيه وتنتهي بالمنع النهائي من ممارسة المهنة و شطب اسم الطبيب من السجل بعد إدانته بالجرم من المحاكم المختصة .
اترك تعليقاً