إعادة نشر بواسطة محاماة نت
هَبْ أيها القارئ، أن الحَدَثَ “س” (ذكر) البالغ من العمر 13 سنة واقَعَ الحَدَثَ “ص” (أنثى) البالغة من العمر 12 سنة برضا متبادل بينهما نتيجة علاقة آثمة ..
وقد نصّت المادة 354 من قانون العقوبات الاتحادي على قرينة قانونية قاطعة بقولها: “… كما يُعتبر الإكراه قائمًا إذا كان عمر المجني عليه أقل من أربعة عشر عامًا وقت ارتكاب الجريمة”
مُعْتَبِرَةً الإكراهَ قائمًـــــا في كل وجميع الحالات التي يقلّ فيها سن المجني عليه عن أربعة عشر عامًا ..
وباعتبار الإكراه قائمًا بسبب مانع السنّ الذي جعله المُشرّع محل الاعتبار الوحيد في هذا الفرض ..
فالأمر سيّان أمام هذه القرينة القانونية إذًا، إذا ما كانت إرادة المهتوك عرضه الذي يبلغ من العمر دون أربعة عشر عامًا انصرفتْ واتجهتْ نحو قبول الفِعْل أو رفضه.. فالقرينة القانونية أعدمت إرادة الحَدَثِ في هذه الحالة ..
وباعتبار أنه لا يُمكن القول بأن الجريمة في حقيقتها هي هتك العرض بالرضــــا .. لأن المواقَعَةَ المتمثلة بالإيلاج تخرج الواقعة من هذا الوصف..
تثورُ المُشكلة الآتية: مَن مِن “س” و”ص” المتهمُ ؟ ومَن المجني عليه؟ وما هو التكييف الصحيح للتهمة؟ وما هي العقوبة (وفقـًـا لقانون الجانحين والمشرّدين كما أحالت إليه المادة رقم 63 من قانون العقوبات الاتحادي) ؟ هل نحنُ أمام قصور تشريعيّ يتوجّب على المشرّع تداركه؟
هل نكون بصدد جريمة مواقعة أنثى بالإكراه المُعاقب عليها بالإعدام ؟ هب أن “ص” أغْوَت “س” .. فكيف يكون الوجه الصحيح ؟
أما “ثانيًا”، نعم يوجد فرق في العمر، ولكن لا يوجد فرق في جنس المجني عليه، سواءً أكان ذكرًا أم أنثى، فإذا كان عمر المجني عليه أقــــلّ من 14 عامًا، فيكون تكييف الواقعة أنها جريمة هتك العرض بالإكراه، والمعنى، أن رضا المجني عليه وإنْ كان موجودًا، فإنه غير مُعْـتَـبَـر بحقّ الجاني، ويُعاقب كما لو كان المجني عليه غير راضٍ عمّا ألمّ به.
وبالنسبة للبند “ثالثًا”، فلم يتبيّن لي وجود .
أما “رابعًا” و”خامسًا”، فجوابهما معًا، التنازل الذي يُـحْدِث أثرًا بالدعوى الجزائية، لا بدّ أن يكون له سندٌ من القانون، كالمادة رقم 20 مكررًا من قانون الإجراءات الجزائية والمادة 401 فقرة 3 من قانون العقوبات الاتحادي، وتسري على جرائم الشيكات، والضرب الخفيف، وخيانة الأمانة، وعدم دفع المستحقّ عن أجرة سيارة أو غرفة فندقية أو الطعام أو الشراب، وحيازة مال ضائع بقصد تملّكه، وكذلك جرائم الشكوى، كالسب والقذف، والسرقة والاحتيال بين الأصول وفروعهم، وعدم تسليم الصغير لمن له الحقّ في طلبه، وغيرها من الجرائم. ويترتب على هذا التنازل أن تنقضي الدعوى الجزائية، أي، لا تملك الدولة ممثلة بالسلطة القضائية أن تعاقب الجاني عن الواقعة المنسوبة إليه.
بالنسبة لوقائع هتك العرض، سواءً أكان بالرضا أو بالإكراه، لو حدث التنازل، فإن النيابة العامة تملك رفع الدعوى إلى المحكمة، وعلى المحكمة أن تقضي بالإدانة إذا توفرت الأدلة الكافية التي لها معينها في الأوراق، ولا يؤثر التنازل في شيء، وقد يكون سببًا من أسباب تخفيف العقوبة، ولا معقّب على القاضي إذا ما التفت عن التنازل، إذْ ليس واجبًا عليه، بل يقع في مُطلق سلطته التقديرية.
ولكن، للنيابة العامة، أن تحفظ الأوراق لعدم الأهمية إنْ هي رأت ذلك، ولا معقب على النيابة العامة إذا ما التفتت عن ذلك، لأن الحقّ العام غالب، إلا إذا رأت مصلحة أجدر بالحماية بعدم تقديم المتهم للمحاكمة ووجود التنازل.
كون المجني عليها اقل من 14 عاما ً فإن المشرع قد أقام قرينة انعدام الرضا لدى المجني عليه التي لا يمكن اثبات عكسها بأي طريقة من الطرق ، وشأن القاصر في ذلك شأن استغلال ذوي الاحتياجات العقلية او الجسدية الذي افترض المشرع انعدام رضاه في الجرائم الجنسية الواقعة عليه خروجا ً على مبدأ الحرية الجنسية الذي اعتمدته غالبية التشريعات الجزائية الحديثة ، فالخطورة الاجرامية الموجبة للتشديد إلى جانب ترسيخ قرينة انعدام رضاء المجني عليه القاصر هي مقصد المشرع في هذه النصوص .
اترك تعليقاً