جزاء المسؤولية التقصيرية للإدارة – القانون العراقي
المحامية: منال داود العكيدي
اذا تحققت المسؤولية التقصيرية للادارة التي تتكون من فعل ضار يصدر من الادارة ينتج عنه ضرر للغير فيكون جزاؤها التعويض ، ويكون هدف التعويض هو جبر الضرر الواقع نتيجة تحقق مسؤولية الادارة سواء كانت المسؤولية قائمة على اساس الخطا ام على اساس المخاطر او تحمل التبعة . وتعد دعوى الضرر ضمانة مهمة للافراد الا انها من الناحية العملية قد تفقد جدواها اذا ما لجأت الادارة الى المماطلة في تنفيذ الحكم الصادر بالتعويض او امتنعت عن تنفيذه كليا .
ويتمثل التعويض الذي تقوم الادارة بتنفيذه نتيجة من حيث الاصل بحكم قضائي نهائي بالتعويض النقدي اما التعويض العيني الذي يقتضي الاجبار على اداء امر معين فلا مجال له في المسؤولية الادارية ، اذ لا يستطيع القاضي اصدار اوامر او نواهي الى الادارة نظرا لاستقلال القضاء عن الادارة على خلاف الوضع في نظام القانون الموحد باستثناء حالة اعمال تعدي الادارة التي تبناها القانون الفرنسي حيث يستطيع القضاء الاعتيادي ان يحكم بالتعويض العيني وان يصدر امرا الى الادارة بالقيام بعمل معين كالرد او الهدم او ايقاف الاعمال او الامتناع عن عمل معين كعدم التعرض . ويشمل الحكم بالتعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب . ونظرا لتاخر صدور الحكم كثيرا لمدة قد تتعرض فيها العملة النقدية الى انخفاض كبير في قيمتها رسميا او فعليا وهذا من شانه ان يحمل المضرور اعباء اضافية لا دخل له فيها لذا فان تحديد التعويض يكون في وقت صدور الحكم به .
وتثير مسألة تحديد التعويض بعض الاشكالات لاسيما في مجال الوظيفة العامة ومنها قاعدة العمل الفعلي التي تبناها مجلس الدولة الفرنسي الذي استقر حتى عام 1933 الى ان الموظف المفصول بسبب عمل غير مشروع الذي حكم بالغاء قرار فصله يثبت له الحق في اقتضاء راتبه عن المدة التي كان فيها بعيدا عن وظيفته وبصدور حكم ديبرل في نيسان من عام 1933 قرر المجلس مبدأ التعويض عن تلك المدة بدلا من اقتضاء الراتب لان الراتب هو مقابل العمل الفعلي لذا فلا يؤدى للموظف المحكوم له راتبا وانما يجبر ضرره عن طريق التعويض .
وعند تقدير التعويض تراعي الادارة وتحت رقابة القضاء اعتبارات عديدة مثل الضرر الذي لحق بشؤون حياته كاضطراره الى تغيير السكن والمصاريف التي انفقت في سبيل ذلك وما لحق سمعته من تشويه وكذلك المدة التي قضاها باحثا عن عمل جديد وعدم وجود دخل خلال تلك المدة ، وكذلك الفرق بين مرتبه في الوظيفة المفصول منها ومرتبه الثاني ونسبة الخطا المنسوب اليه والخطا المنسوب الى الادارة .
وقد سار مجلس الدولة المصري على ذات الخطى والذي بنظره اتجاه يتسم بالمرونة وينطوي على قدر من العدالة ، حيث قضت المحكمة الادارية العليا في مصر في حكمها الصادر بتاريخ 13 / كانون الثاني من عام 1962 ( ان الغاء قرار الفصل يجعل الرابطة الوظيفية لاتزال قائمة بين الادارة والموظف بكل اثارها ومن هذه الاثار حقه في المرتب الا ان هذا الحق لايعود اليه تلقائيا بعودة الرابطة بعد انفصالها بل يخضع لاعتبارات اخرى اهمها ان هذا الحق يقابله واجب هو اداؤه العمل وقد حيل بينه وبين ادائه بالفصل ..ومن ثم فان المحكمة ازاء ذلك تقدر له تعويضا جزافيا ..) .
اما القضاء الاداري في العراق فلم يتبنً قاعدة العمل الفعلي فقد ذهب مجلس الانضباط العام في مجلس شورى الدولة الى انه اذا الغي الامر الصادر بعد الموظف مستقيلا فعندئذ يستحق راتبه عن المدة التي تغيب فيها عن الوظيفة نتيجة امر الاستقالة الذي منعه من الدوام في وظيفته.
اترك تعليقاً