ماهي التدابير التي اتخذتها المملكة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة؟
تحظر أنظمة المملكة التعذيب بجميع أشكاله، حيث تضمنت المادة (2) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/2) وتاريخ 22/1/1435هـ الموافق 26/11/2013م حظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنوياً، وحظر تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة، وتضمنت المادة (36) من النظام وجوب معاملة الموقوف بما يحفظ كرامته وعدم جواز إيذائه جسدياً أو معنوياً، ونصت المادة (102) من النظام على أنه “يجب أن يكون الاستجواب في حالة لا تأثير فيها على إرادة المتهم في إبداء أقواله، ولا يجوز تحليفه ولا استعمال وسائل الإكراه ضده..”. كما تضمنت المادة (2) من المرسوم الملكي رقم (43) وتاريخ 29/11/1377ه الموافق 17/06/1958م المعاقبة على استغلال النفوذ الوظيفي أو إساءة استخدام السلطة في إجراءات الدعاوى الجزائية، أو الافتئات [انتهاك] على حقوق الإنسان، أو إسـاءة المعاملـة أو الإكـراه باسـم الوظيفة كالتعـذيب أو القـسوة. وقد تضمنت المادة (28) من نظام السجن والتوقيف الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/31 وتاريخ 21/06/1398ه الموافق 29/5/1978م عدم جواز الاعتداء على المسجونين أو الموقوفين بأي نوع من أنواع الاعتداء، واتخاذ إجراءات التأديب ضد الموظفين العسكريين والمدنيين الذين يمارسون أي عدوان على مسجونين أو موقوفين.
وتتولى هيئة التحقيق والادعاء العام (النيابة العامة) الرقابة على السجون ودور التوقيف، حيث يقوم المختصون بالهيئة – تنفيذاً لأحكام المواد (40،39،38) من نظام الإجراءات الجزائية – بزيارات دورية للسجون، وتلقي شكاوى المسجونين والموقوفين، واتخاذ الإجراءات النظامية إزاء ما يثبت من مخالفات، وقد تم إنشاء (121) دائرة لهذا الغرض على مستوى المملكة، إذْ تتولى هذه الدوائر تفعيل الضمانات التي نص عليها نظام الإجراءات الجزائية.
كما تقوم هيئة حقوق الإنسان بزيارات مستمرة للسجون، ودور التوقيف، ودور الملاحظة، دون إذن من جهة الاختصاص، وقد رصدت خلال تلك الزيارات العديد من الملاحظات المتعلقة بالسجون، وبأوضاع بعض السجناء والموقوفين التي تمت معالجتها من قبل الجهات المختصة وبمتابعةٍ من الهيئة، وقد أنشأت وزارة الداخلية مكاتب دائمة داخل عدد من سجونها لهيئة التحقيق والادعاء العام، وهيئة حقوق الإنسان، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، يستقبل العاملون فيها شكاوى السجناء والموقوفين، ويعملون على معالجتها بشكل عاجل ومباشر، كما تم وضع أجهزة مراقبة تلفازية داخل غرف التحقيق لمزيدٍ من الاطمئنان على سلامة إجراءات التحقيق، وينتظر قريباً اعتماد تعديل نظام السجن والتوقيف وفقاً لأنظمة المملكة والتزاماتها بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان ذات العلاقة.
وفيما يتعلق بتعويض ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة، فيكفل نظام الإجراءات الجزائية للمجني عليه أو محاميه أو ورثته الحق في رفع الدعوى الجزائية كما ورد في مادته (16). ويجوز للمتضرر من الجريمة أن يطالب بحقه الخاص في مرحلة التحقيق، وينضم للإجراءات كمدعٍ بالحق الخاص؛ حيث تضمنت المادة (69) الإجراءات الجزائية أن لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يدعي بحقه الخاص في أثناء التحقيق في الدعوى، ويفصل المحقق في مدى قبول هذا الادعاء خلال ثلاثة أيام من تاريخ تقديم هذا الادعاء له. ولمن رُفِضَ طلبه أن يعترض على هذا القرار لدى رئيس الدائرة التي يتبعها المحقق خلال أسبوع من تاريخ إبلاغه بالقرار، ويكون قرار رئيس الدائرة نهائياًّ في مرحلة التحقيق. أما في حالة قبول الطلب، فإن للمتضرر الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق. كما يكفل النظام للمتضرر من الجريمة المطالبة بحقه الخاص أثناء مرحلة المحاكمة كما نصت عليه المادة (147) من النظام ذاته. وتضمن النظام – أيضاً -أن كل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة له الحق في طلب التعويض بحسب المادة (215)، كما تضمن في مادته (207) أن كل حكم صادر بعدم الإدانة -بناء على طلب إعادة النظر -يجب أن يتضمن تعويضاً معنوياً ومادياً للمحكوم عليه لما أصابه من ضرر إذا طلب ذلك.
وتختص المحاكم الإدارية بنظر دعاوى التعويض المرفوعة على الجهات الحكومية، حيث قضت الفقرة (ج) من المادة (الثالثة عشرة) من نظام ديوان المظالم باختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في دعاوى التعويض التي يقدمها ذوو الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة. كما أن لديوان المظالم وفقاً لنظامه إصدار أحكام التعويض عن جرائم التعذيب المتهم فيها موظفون رسميون بموجب المرسوم الملكي رقم (43) لعام 1377هـ الموافق 1958م وذلك وفقاً للمادة (الثالثة) منه، والتي تنص على أنه: “فضلاً عن العقوبات المذكورة في المادة السابقة، يحكم على من تثبت إدانته بالتعويض المناسب لمن أصابه ضرر …”.
كما نص نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله في مادته (25) على أنه ” يحق لمن أصابه ضرر من المتهمين أو المحكوم عليهم في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام – نتيجة إطالة مدة توقيفه، أو سجنه أكثر من المدة المقررة، أو نحو ذلك – أن يتقدم إلى وزير الداخلية أو نائبه بطلب التعويض قبل التقدم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، وتنظر في الطلب لجنة تسوية تشكل لهذا الغرض بقرار من الوزير لا يقل أعضاؤها عن ثلاثة يكون من بينهم مستشار شرعي، ومستشار نظامي، وتصدر قرارات اللجنة بالأغلبية خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب. وللمتضرر كامل الحرية في قبول قرار التعويض الصادر عن اللجنة أو رفضه ورفع دعوى تعويض أمام المحكمة الجزائية المتخصصة للنظر في دعواه والحكم فيها.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً