حالات انقضاء التزام المدين دون الوفاء به في القانون العماني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
في قانون المعاملات المدنية العماني- كحالة من حالات انقضاء التزام المدين دون الوفاء به.
وذلك من حيث مفهومه، وشروط تحققه ومحله وأخيرا الآثار التي يرتبها هذا الإبراء… فكما هو معلوم أن مصادر الالتزام متنوعة تتمثل في العقد والإرادة المنفردة والعمل غير المشروع (الفعل الضار) والإثراء بلا سبب (الفعل النافع) ونص القانون،
ولهذا متى ما نشأ هذا الالتزام ثبت للدائن حقه، وتعين على المدين الوفاء به… thلإلتزام ينقضي في الأصل بالوفاء أو ما يقوم مقام الوفاء وهذا هو الطريق الطبيعي المألوف… ولكنه قد ينقضي دون الوفاء به أي دون حصول الدائن على حقه ولا ما يعادله،
ويكون ذلك في حالات ثلاث من هذه الحالات: “الإبراء من الالتزام” فمن حيث مفهوم الإبراء هو عبارة عن نزول الدائن عن حقه قبل المدين دون مقابل، وبالتالي فهو في الحقيقة تصرف قانوني بموجبه يتنازل الدائن عن حقه فيما يشغل ذمة المدين مما يعني انقضاء الالتزام
وقد نصت على ذلك المادة (335) من قانون المعاملات المدنية “ينقضي الالتزام إذا أبرأ الدائن مدينه مختارا، ويتم الإبراء متى ما وصل الى علم المدين”… لكن ما يجب ملاحظته أن الإبراء لا ينتج أي أثر الا إذا اتصل بعلم المدين…
ولذلك إذا أراد هذا الأخير رد الإبراء وجب عليه أن يقوم بالرد بمجرد علمه به… ومن هنا يتبين لنا طبيعة الإبراء في قانون المعاملات المدنية العماني بأنه تصرف قانوني صادر من جانب واحد وبالتالي ليس تصرفا ملزما للجانبين ولا عقدا من العقود فهو تصرف على سبيل التبرع
وهذا ما جاءت به المادة (336) من القانون “لا يتوقف الإبراء على قبول المدين لكنه يرد وأن مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته.” كما أن الإبراء من الدين لا يشترط فيه شكل خاص… لأنه يعتبر هبة غير مباشرة.
وبالتالي لا يشترط فيه الرسمية حتى ولو وقع على التزام مصدره عقد شكلي وسواء أكانت هذه الشكلية ملزمة بحكم القانون أو متفقا عليها من المتعاقدين… وهذا وإن كان لا يشترط في الإبراء شكل خاص فإن ذلك لا يمنع من أن المدين الذي يدعى أن دائنه أبرأه من الدين يقع عليه عبء الإثبات… و
عندها يسري عليه القواعد العامة في الإثبات… كما أن الإرادة التي تصدر من الدائن لإبراء مدينه، يجب أن تصدر من دائن ذي أهلية كاملة.
أهلية التبرع- وبالتالي لا يجوز للقاصر ولا للمحجوز عليه إبراء المدين من الدين لأن أهلية التبرع غير متوافرة فيهما، كما أنه لا يجوز للولي ولا للوصي ولا للقيم إبراء مدين الصغير أو المحجور من الدين، لأنهم بطبيعة الحال لا يملكون ولاية التبرع في مال محجورهم حتى ولو كان بأمر المحكمة وإذا حصل مثل هذا يكون الإبراء عندها باطلا. وفوق هذه الشروط، يجب أن تكون إرادة الدائن خالية من العيوب بحيث لا يشوبها غلط أو تدليس أو إكراه أو إستغلال
والا كان مثل الإبراء قابلا للبطلان، ولعل أهم هذه الشروط أن يكون إبراء الدائن لدين قائم، فلا يصح الإبراء لدين متوقع… وهذا ما عبرت عنه المادة (337) من قانون المعاملات المدنية، “لا يصح الإبراء الا من دين قائم” وذلك إتساقا مع العقل والمنطق…
أما من حيث محل الإبراء فهو يتمثل في الإلتزام الذي يبرأ الدائن المدين منه… وعادة ما يكون مبلغا من النقود فيصح الإبراء من الديون وكذلك من الديات ومن الحقوق الأخرى التي تشغل ذمة المدين… ولكن قد يتجاوز الإبراء ليكون إبراء الكفيل من الكفالة… ولهذا فإنه وطبقا للقواعد العامة في القانون فإنه يشترط في محل الإبراء ما يشترط في محل الإلتزام.
فيجب أن يكون معينا أو قابلا للتعيين، كما أنه يشترط أن يكون موجودا وممكنا. أما عن الآثار التي يرتبها تحقق الإبراء.
فهو يعتبر سببا من أسباب انقضاء الالتزام فإذا أبرأ الدائن مدينه من الدين الذي يشغل ذمته، فقد انقضى هذا الدين بالإبراء حاله حال انقضاء الدين بالوفاء وفوق ذلك تنقضي مع الدين ما كان يكفله من تأمينات كرهن أو امتياز أو كفالة…
وهنا قد يثور تساؤلا ترى من المناسب الإجابة عليه. وهو في حالة قيام الدائن بإبراء ذمة أحد المدينين المتضامنين فهل تبعا لذلك تبرأ ذمة المدينين الباقين…؟.
في هذه الحالة لا تبرأ ذمة المدينين الآخرين، لأن الدائن قصر إبراء ذمة أحدهم دون الباقين، ولهذا فإن الدائن أن يطالب بقية المدينين… وذلك بعد استنزال حصة المدين الذي برئت ذمته… هذه قراءة سريعة في “الإبراء من الإلتزام” كحالة من حالات انقضاء الالتزام دون الوفاء به… لمزيد من الإيضاح يمكن للقارئ الرجوع إلى قانون المعاملات المدنية العماني والقوانين ذات الصلة.
سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
اترك تعليقاً