الجنسية المصرية هى هوية المصريين جميعا أينما وجدوا سواء داخل مصر أو خارجها، فهم يتمتعون بجميع الحقوق والواجبات كأبناء لهذا الوطن لا فرق بينهم من ناحية الجنس أو اللون أو المعتقد ، فالجميع سواء لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ، ولكن متى تسقط الجنسية المصرية عن حاملها ؟ ومن له حق إسقاطها ؟ ففى الأسبوع الماضى أصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء قرارا بأسقاط الجنسية المصرية عن أحد المصريين المقيمين بالخارج لارتباطه بإحدى الهيئات الأجنبية التى تعمل على تقويض النظام الاجتماعى والاقتصادى للدولة ، ومن ثم فهل تسقط الجنسية عن أخرين بقرار أدارى لإضرارهم بمصالح البلاد ، وهل يكون إسقاطها بقرار إدارى أم قضائى؟.
ينص الدستور المصرى فى مادته السادسة على أن الجنسية حق لمن يولد لأب مصرى أو أم مصرية، والاعتراف به ومنحه أوراقا تثبت بياناته الشخصية، فهو حق يكفله القانون وينظمه ويحدد شروط اكتساب الجنسية، ولكن هناك شروطا نظمها القانون لإسقاط الجنسية المصرية أو سحبها طبقا لأحكام القانون رقم ” 26 ” لسنة – 1975 –.
إن هذه القضية تكتسب أهمية خاصة فى الوقت الحالى نظرا لما تمر به البلاد من ظروف وما يحاك ضدها من مؤامرات خارجية وداخلية، وما يرتكب فى حقها من جرائم،القاسم المشترك فيها جميعا مواطنون مصريون، ومطالبة البعض باسقاط الجنسية عن هؤلاء المواطنين، مع التأكيد على أن مفهوم الجنسية يقوم فى الأصل على فكرة الولاء للدولة، فهى رابطة أصيلة بين الدولة والفرد، وفكرة ولاء المواطن للدولة هى التى تميز رابطة الجنسية عن غيرها من الروابط القانونية، بالطابع السياسى لتلك الرابطة، والدولة هى التى تحدد من خلال تشريعاتها الوطنية الأسس والمعايير التى يتعين تطبيقها لتحديد من يعتبر متمتعا بجنسيتها أو خارجا عنها، حيث أن حق الفرد فى التعايش والإقامة فى أقليم دولة ما منوط بإنتمائه لجنسية تلك الدولة حتى تكفل لكل فرد التمتع بالحقوق والواجبات كفرد يعيش فى مجتمع دولى بهوية معترف بها.
حالات سحب الجنسية
والتنظيم القانونى للجنسية المصرية بدأ بأول تشريع صدر فى الدولة العثمانية عام 1869حيث خضعت مصر لهذا التشريع بإعتبارها ولاية عثمانية فى ذلك الوقت، فصدر أول مرسوم بقانون الجنسية المصرية فى 26 مايو 1926 ثم لحقت به عدة تشريعات أخرى، وأخيرا التشريع الحالى رقم – 26 – لسنة 1975 والمعدل بقانون رقم 154 لسنة 2004، وقد حددت المادة الأولى منه من هم المصريون قبل تاريخ صدور ذلك القانون، واشترطت وجوب استمرار الشخص بالجنسية المصرية حتى تاريخ العمل بهذا القانون، ثم قررت شرطا مانعا من الاستفادة بأحكامها وهو أنه لا يستفيد من جميع أحكام هذه المادة «الصهيونيون» ثم حددت المادة الثانية منه من يكون مصريا بعد صدور ذلك القانون وعالجت الأحكام التالية لها الأحكام الخاصة بمنح واكتساب الجنسية المصرية وآثار زوال الجنسية المصرية عن المصرى لتجنسه بجنسية دولة أخرى، ونص القانون الحالى على حالات سحب الجنسية فى المادة – 15- وحالات إسقاط الجنسية المصرية فى المادة – 16 – حيث تنص المادة -15 – على أنه ” يجوز بقرار من مجلس الوزراء سحب الجنسية المصرية من كل من اكتسبها بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة خلال السنوات العشر التالية لاكتسابها، كما يجوز سحبها من كل من اكتسبها بالتجنس أو بالزواج وذلك خلال السنوات الخمس التالية لاكتسابها، فى الأحوال التى نص عليها القانون وهى ” إذا حكم عليه فى مصر بعقوبة مقيدة للحرية، أو إذا حكم عليه قضائيا فى جريمة من الجرائم “المضرة بأمن الدولة ” وكذلك إذا إنقطع عن الإقامة فى مصر سنتين متتاليتين وذلك بدون عذر مقبول، وفى جميع هذه الحالات يكون القرار من مجلس الوزراء مجتمع وليس من رئيس الوزراء بمفرده ،وهذا ينطبق على حالات التجنس بسبب الزواج أو أسباب أخرى وليس على المصريين الأصلاء.
إسقاط الجنسية المصرية
أما المادة -16 – من نفس القانون تنص على ” أنه يجوز بقرار مسبب من مجلس الوزراء إسقاط الجنسية المصرية عن كل من يتمتع بها فى حالات، إذا حصل على جنسية أجنبية على خلاف المادة – 10 – من القانون أو قبل دخول الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية دون ترخيص سابق يصدر من وزير الدفاع، وأيضا إذا كانت إقامته فى الخارج وصدر حكم بإدانته فى جناية من الجنايات المضرة بأمن الدولة من جهة الخارج، أو إذا قبل المصرى بالخارج وظيفى لدى حكومة أجنبية أو أحدى الهيئات الأجنبية أو الدولية، وظل فيها رغم صدور أمر مسبب إليه من مجلس الوزراء بترك هذه الوظيفة التى تهدد المصالح العليا للبلاد، وذلك بعد سته أشهر من تاريخ إخطاره، وكذلك إذا كان مقيما فى الخارج وأنضم الى هيئة اجنبية من أغراضها تقويض النظام الاجتماعى أو الأقتصادى للدولة بالقوة أو بأية وسيلة من الوسائل غير المشروعة، وأيضا أذا عمل لمصلحة دولة أو حكومة أجنبية وهى فى حالة حرب مع مصر، وإذا كانت العلاقات الدبلوماسية قد قطعت معها، وكان من شأن ذلك الأضرار بمركز مصر الحربى أو الدبلوماسى أو الاقتصادى بأية مصلحة قومية أخرى، وأخيرا إذا أتصف فى أى وقت من الأوقات بالصهيونية.
إن هذه الحالات التى يجوز فيها إصدار قرار بإسقاط الجنسية عن حاملها، متى توافرت فى حقه أية حالة مما سبق، ويصدر القرار فى هذه الحالة من مجلس الوزراء، وهى جميعا تنطبق على المصرى الأصيل، كما أنها تنطبق على كل من أكتسب الجنسية المصرية بالتجنس أو الزواج أيضا، وذلك فى غير الحالات التى نصت عليها المادة -15- سالفة الذكر، ولكن الملاحظ فى هذا الصدد أن نص المادة -16 – سالف البيان ينال ويطول حالات عديدة من الكثيرين فى الداخل والخارج الا أن إعماله وتطبيق أحكامه يخضع لمطلق السلطة التقديرية للدولة ممثلة فى مجلس الوزراء، و يترتب على قرار سحب الجنسية فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة – 15- زوالها عن صاحبها وحده، على أنه يجوز أن يتضمن قرار السحب، سحبها كذلك عن من يكون قد أكتسبها معه بطريق التبعية كلهم أو بعضهم ، أما بالنسبة لأسقاط الجنسية كما ورد فى المادة –16- فيترتب عليه زوالها عن صاحبها وحده فقط.
بقلم المستشار : مجدي الجارحي
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً