حجية التوقيع الالكتروني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
إذا كان قانون الإثبات قد أكد على أن الكتابة لا تعد دليلا كاملا في الإثبات إلا إذا كانت موقعة، فنستخلص من هذا الأمر أن المشرع قد اعتبر التوقيع هو العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي.
ولما كانت الثورة المعلوماتية قد أثرت بشكل قوي في خلق طبيعة أخرى للعقود وهى تلك العقود التي تبرم عبر وسائل الاتصال الحديثة الأمر الذي كان وراء ظهور ما يعرف بالتوقيع الالكتروني الذي يتماشى مع طبيعة المعاملات التجارية والتي تتم بين أطراف متعددة بعيدين عن بعضهم البعض بمسافات قد تتعدى الأميال.
إلا أن السؤال الذي يجب أن يثار هناك هو هل يمكن اعتبار التوقيع الالكتروني بمثابة التوقيع التقليدي، أو يعد بديلاً قانونياً؟
وللإجابة عن هذا التساؤل يجب بداية أن نعرف أن المقصود بالتوقيع الالكتروني هو كل إشارات أو رموز أو حروف مرخص بها من الجهة المختصة باعتماد التوقيع ومرتبطة ارتباطا وثيقا بالتصرف القانوني تسمح بتحديد شخص صاحبها وتحديد هويته.
أو بعبارة أخرى هو مجموعة الإجراءات التقنية التي تسمح بتحديد شخصية من صدرت عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبته.
لما كان التوقيع التقليدي يؤدي دورا ثلاثي الأبعاد من حيث أنه وسيلة لتحقيق شخصية الموقع وتعبيرا عن إرادته في الالتزام بمضمون الورقة ودليلا على الحضور المادي لحظة التصرف منه أو ممن ينوب عنه. إلا أن التوقيع الالكتروني يناط به تحقيق وظائف خمس، هي تمييز الشخص صاحب التوقيع، وتحديد هوية القائم بالتوقيع، والتعبير عن إرادة الشخص في القبول بالعمل القانوني، والاستيثاق من مضمون المحرر وتأمينه من التعديل.
فإذا استطعنا استيعاب الشرائط الخمسة السابقة بنصوص قانونية واضحة كل ذلك يمكن أن يمنح المستند الالكتروني صفة المحرر وبالتالي يصبح حجة في الإثبات. ولما كان المحرر الالكتروني منفصلا عن شخص صاحبه ويوجد ضمن وسيط الكتروني فلا يستبعد تزويره أو التلاعب فيه الأمر الذي يحتاج منا إيجاد طريقة أو ضابط يحمي هذه المحررات الالكترونية من عبث التزوير.حتى يمكن للتوقيع الالكتروني أن يقوم بالدور التقليدي الذي تقوم به المحررات الورقية.
وذلك من خلال تدخل المشرع بنصوص قانونية للاعتراف بالمحرر الالكتروني كدليل إثبات كامل مع ضرورة تضمين ذلك شروطا يتطلبها هذا التوقيع مثل ارتباطه بالموقع دون غيره مع سيطرة الموقع دون غيره على الوسيط الالكتروني ليسمح لنا بإمكانية الكشف عن أي تعديل أو تبديل في بيانات المحرر الالكتروني أو التوقيع الالكتروني.
مع التأكيد على أن شهادة التصديق الالكتروني التي تصدر من الجهة المرخص لها بالتصدي لا بد من وجودها لتأكيد صحة توقيع ذوى الشأن على المحرر الالكتروني، مع إعطاء صفة السرية لهذه المعلومات ووضع جزاء جنائي رادع لمن يخالف ذلك.
(3)القيمة القانونية لعقد نقل التكنولوجيا في ضوء ظهور صيغة جديدة للتعاملات التجارية :
لما كان العالم قد هجر الصورة التقليدية للتجارة المتمثلة في نقل البضائع والمنتجات وأضحى الاهتمام متزايدا بنقل القيمة الاقتصادية بين الدول في صورة الخدمات أو رؤوس الأموال أو بمعنى أدق التكنولوجيا المتطورة عبر الانترنت في ظل العلاقات الاقتصادية.
الأمر الذي ظهر بجلاء في الحاجة الماسة الى تقنين عقد نقل التكنولوجيا وتعديل الساري منه لما له من دور فعال في التنمية الاقتصادية فضلا عن انه يلعب دورا متعاظما في الحياة التجارية على الصعيدين المحلى والعالمي، اذ انه يعد أداة التعاون التي تسمح باستثمار القدرات عالميا ومحليا وهذا الاستحداث وليد تقدم تكنولوجي لم يدركه المشرع من قبل.
ونظرا لما للتكنولوجيا من أهمية بالغة في العمليات الإنتاجية ونظرا لما يعتري عمليات نقل التكنولوجيا على المستوى المحلى والعالمي من مشاكل قانونية بسبب تضارب مصالح أطراف هذه العمليات واختلال موازين القوى بينهما، ولما لهذه العمليات من تأثير متبادل وبشكل مباشر على الاقتصاد القومي. الأمر الذي دعا المشرع إلى تقنين هذه العقود حماية للمصالح الوطنية ومحاولة تعديل بعض النصوص التي أثبتت التجربة العملية قصورها.
مع ضرورة الأخذ في الاعتبار أن عقد نقل التكنولوجيا لا تسري عليه القواعد التي يتضمنها التنظيم القانوني الخاص به والتعديلات التي يجب السعي لإصدارها بل تسري عليه أيضاً القواعد العامة للعقد فيما لم يرد بشأنه قاعدة خاصة، وعلى ذلك فان التنظيم الخاص بعقد نقل التكنولوجيا بطبيعته تنظيما جزئيا يسري إلى جانب القواعد العامة للعقد.
وعلى ذلك فإن الأمر لن يقتصر هنا على إعادة صياغة القانون الخاص بهذا العقد بل سيتطلب الأمر مراجعة بعض النصوص القانونية في القانون المدني التي سيتم الرجوع إليها في بعض الأحيان والتي تحتاج الى تعديل يتناسب مع طبيعة هذه المعاملات الجديدة.
(3)القيمة العملية والقانونية لاستخدام نظام الأرشيف الالكتروني:
لما كنا قد أسلفنا القول بأهمية وضرورة إعطاء المحررات الالكترونية حجية في الإثبات شأنها في ذلك شأن الكتابة على دعامة ورقية بضوابط قانونية نصت عليها بعض القوانين مثل القانون الفرنسي والمصري وذلك بضرورة أن تحرر وتحفظ في ظروف من طبيعتها ضمان سلامتها واهم هذه الضمانات لسلامة المحررات الالكترونية هي إمكانية كشف أي تعديل أو تبديل في بيانات المحرر الالكتروني أو التوقيع الالكتروني، وهذا الأمر يتطلب ناحية فنية وتقنية تعد وتجهز تسمح بكشف هذا التعديل أو التبديل ان حدث أو وجد، بالإضافة إلى شهادة التصديق الالكتروني لمضاهاتها بأصل هذه الشهادة.
وعلى ذلك فإنه لكي يتمتع المحرر والتوقيع الالكتروني بالحجية في الإثبات لابد أن يرتبط ارتباطا بمقدار ما فيه من أمان ودقة تعطي الثقة للمتعاملين به، ويلزم لتحقيق ذلك:
1) ان يتم كتابة المحرر الالكتروني والتوقيع عليه باستخدام دعائم أو وسائل ونظم من شأنها ان تحافظ على صحته وتضمن سلامته، وقد يتم ذلك على سبيل المثال لا الحصر باستخدام تقنية شفرة المفتاحين العام والخاص بمنظومة تسمح لكل شخص طبيعي أو معنوي بان يكون لديه مفتاحان متفردان احدهما عام متاح الكترونيا والثاني خاص يحتفظ به الشخص ويكون على درجة من السرية الفائقة الأمان.
2) الاستعانة بسلطة التصديق الالكتروني وشهادات التصديق التي تصدرها، وهذه السلطة ونعني بها كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بخدمات متعلقة بالتوقيع الالكتروني ويصدر شهادات التصديق الالكتروني بناء على ترخيص من السلطة المختصة التي هي في الأساس جهة محايدة، ومن خلالها يستطيع أي طرف الاتصال بها وإعطاءها المفتاح العام الذي يملكه فتقوم بالتأكد من هوية الموقع ومن صحة توقيعه وذلك عن طريق مطابقة بيانات المفتاح العام مع البيانات التي لديها وترسل شهادة تصديق الكترونية تفيد ذلك لمن يطلبها.
3) استخدام الأرشيف الالكتروني :
اجمع علماء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأن الوسيلة المثلى والفعالة التي يمكن بها كشف أي تعديل أو تبديل في بيانات المحرر الالكتروني والتوقيع الالكتروني مهما طال الزمن هو استخدام الأرشيف الالكتروني لحفظ البيانات الالكترونية بصفة مستمرة طوال مدة محددة بما يضمن صحتها ويحافظ على سلامتها.
ويتم ذلك دائما بحفظ البيانات عادة على وسائط مادية أو دعامات الكترونية موثوق فيها تضمن ثباتها دون تغير طوال المدة المحددة للحفظ ومنها الأقراص المدمجة أو الأقراص الضوئية أو الذاكرة الالكترونية أو أي وسيط آخر مماثل.
إلا انه يجب مراعاة الحفاظ على سلامة الدعامة الالكترونية التي تحمل التوقيع الالكتروني والبيانات سواء كانت هذه البيانات محملة على (الأقراص الصلبة) في الحاسب الآلي أو محملة على برامج الحاسب الآلي. ولتحقيق ذلك يجب على سلطة التصديق الالكتروني أن تعد أرشيفا الكترونيا تحفظ فيه كل الوثاق والبيانات الالكترونية الملزمة بحفظها طوال المدة التي يحددها القانون للهيئة المختصة بالترخيص.
شريطة الا تقل مدة الحفظ عن المدة المحددة لتقادم التصرف القانوني الذي يتضمنه المحرر الالكتروني، مع اعطاء القاضي السلطة التقديرية في تقدير مدى صحة البيانات المحفوظة الكترونيا على ضوء ملابسات الدعوى وظروفها.
كما يجب أن يعطى الحق للقاضي سلطة الأمر على جهة التوثيق إن تقدم له الوثائق عند طلبها في صدد دعوى منظورة إن رأى القاضي ضرورة لذلك. وبذلك نضمن أن تتوافر في المستندات الشروط المطلوبة لإعطائها الحجية القانونية في الإثبات.
مؤسس مجموعة الوصل الدولية
محامون ومستشارون قانونيون
اترك تعليقاً