حجية الحكم الصادر بانتهاء الدعوى صلحاً وطبيعته القانونية
الحكم بانتهاء الدعوى صلحاً ليس حكم قضائي بل عقد
إذا تصالح المتداعون، وحرروا محضراً للصلح فيما بينهم، وقدموه للمحكمة التي تنظر النزاع، وألحقته المحكمة بمحضر الجلسة، وقضت بانتهاء الدعوى صلحاً. فإن هذا الحكم لا يعد بمثابة حكم قضائي أصدره القاضي بسلطته القضائية، وإنما هو عقد فيما بين طرفيه وثقه القاضي بما لها من سلطة ولائية، أي هو مجرد عقد موثق بمعرفة القاضي وإن أخذ شكل الأحكام، ومن ثم فلا يجوز استئنافه لأنه ليس حكماً، كما أنه ليس له حجية الأمر المقضي به لكونه مجرد عقداً موثق بمعرفة القاضي، كما أنه لا يكون ملزماً إلا لطرفيه وخلفهم ويجوز طلب فسخه أو إبطاله أو بتزويره بدعوى مستقلة.
ومن المستقر عليه أن محضر الجلسة يعد بمثابة توثيق قضائي للصلح(1) أي أن ما يتضمنه محضر الجلسة هو عقد صلح قضائي(2) يستمد قوته القانونية من إرادة الأطراف ويستند في قوته التنفيذية إلى إرادة إثباته في محضر الجلسة ولا يعد حكماً أو أمراً من المحكمة(3) وإن كان يتخذ شكل الأحكام، ويترتب على هذا التكييف أن محضر الصلح يكون نافذاً فوراً، ولا يخضع لقواعد التنفيذ العادي المعجل للأحكام(4).
ولما كان محضر الصلح لا يعتبر حكماً ومن ثم لا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة بالنسبة للأحكام وإنما يجوز رفع دعوى أصلية بطلب بطلان الاتفاق عملاً بقواعد القانون المدني أو التجاري حسب الأحوال(5) كما يجوز الادعاء بتزويره(6).
ومن المقرر أيضاً أن الصلح المصدق عليه يكون قابلاً للفسخ كسائر العقود ويكون تفسيره طبقاً للقواعد المتبعة في تفسير العقود لا في تفسير الأحكام(7).
وعلى ذلك إذا كانت جهة حكومية طرفاً في عقد صلح أثبت محتواه في محضر الجلسة أمام المحكمة فإنه يعد سنداً تنفيذياً قبلها بالنسبة إلى الالتزامات التي تحملتها الجهة الحكومية بموجبه مما يخضع معه الموظف المختص الممتنع عن تنفيذه لحكم المادة 123/2 عقوبات إذا توافرت باقي شروط تطبيقها. (المرجع: بحث بعنوان “جريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام عمداً” – للمستشار/ زكريا مصيلحي عبد اللطيف – منشور بمجلة إدارة قضايا الحكومة – العدد الثالث – السنة الحادية والعشرون – يوليو/سبتمبر 1977 – صـ 25 : 26).
هذا، ومن المقرر في قضاء النقض أن: “المُقرر بنص المادة 103 من قانون المُرافعات أن للخصوم أن يطلبوا إلي المحكمة في أية حال تكون عليها الدعوى إثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة ويُوقع منهم أو من وكلائهم فإذا كانوا قد كتبوا ما اتفقوا عليه ألحق الاتفاق المكتوب بمحضر الجلسة وأُثبِتَ مُحتواه فيه ويكون لمحضر الجلسة في الحالين قوة السند التنفيذي، والمُقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد الصلح المُصدق عليه لا يخرج عن كونه عقداً يرد عليه ما يرد على سائر العقود وأن القاضي وهو يُصدق على الصُلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مُهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من الاتفاق”. (نقض مدني في الطعن رقم 2324 لسنة 52 قضائية – جلسة 1/3/1987).
وأن: “القاضي وهو يصدق على الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته إنما تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق ومن ثم فإن هذا الاتفاق لا يعدو أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه وإن كان يُعطىَ شكل الأحكام عند إثباته”. (نقض مدني في الطعن رقم 49 لسنة 9 قضائية – جلسة 9/5/1940. والطعن رقم 68 لسنة 19 قضائية – جلسة 19/4/1951. وفي الطعن رقم 899 لسنة 43 قضائية – جلسة 10/12/1981. وفي الطعن رقم 2195 لسنة 56 قضائية – جلسة 18/11/1990. والطعن رقم 49 لسنة 58 قضائية – جلسة 22/4/1990. وفي الطعن رقم 1789 لسنة 95 قضائية – جلسة 9/3/1994).
وأن: “المُقرر في قضاء هذه المحكمة أن القاضي وهو يُصدق على الصُلح بإلحاق ما كتبه الخصوم بحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه لا يفصل في خصومة بل تنحصر مُهمته بمُقتضى سلطته الولائية – (وليس بمُقتضى سلطته القضائية) – في إثبات ما اتفقوا عليه، وإن أُعطِىَ الاتفاق شكل الأحكام بيد أنه لا يحوز حجية الأمر المقضي فيه ويكون الطعن فيه بطرق الطعن المُقررة للأحكام غير جائز، وإنما تُرفع دعوى مُبتدأه ببطلانه طبقاً للقواعد العامة”. (نقض مدني في الطعن رقم 337 لسنة 55 قضائية – جلسة 28/2/1991. وفي الطعن رقم 331 لسنة 55 قضائية – جلسة 24/4/1991. وفي الطعن رقم 2541 لسنة 58 قضائية – جلسة 9/5/1990. وفي الطعن رقم 393 لسنة 52 قضائية – جلسة 9/5/1984. ونقض مدني جلسة 28/4/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 886. ونقض مدني جلسة 29/12/1983 مجموعة المكتب الفني – السنة 34 – صـ 1993).
(1) وجدي راغب – النظرية العامة للتنفيذ القضائي طبعة سنة 1973 ص 143 وأحمد أبو الوفا – نظرية الأحكام سنة 1957 ص 68-69 رقم 28 ومحمد على عرفة – التأمين والعقود الصغيرة سنة 1950 س 296 والسنهوري الجزء الخامس ص 524 رقم 355.
(2) وجدي راغب في مرجعه السابق ص 143 والسنهوري في مرجعه السابق ص 524 – 252 رقم 355.
(3) وجدي راغب في مرجعه السابق ص 143 رمزي سيف – قواعد تنفيذ الأحكام والعقود الرسمية طبعة سنة 1952 ص 86 بند 107 ومحمد على عرفة – التأمين والعقود الصغيرة طبعة 1950 ص 294 ونقض مدني 9/5/1940 بالمحاماة سنة 21 ص 221 رقم 106 ونقض مدني 19/4/1951 مجموعة المكتب الفني سنة 2 ص 721 رقم 115 والسنهوري في مرجعه السابق ص 525 رقم 355.
(4) وجدي راغب – مرجعه السابق ص 134.
(5) محمد على عرفة – التأمين والعقود الصغيرة طبعة سنة 1950 ص 294 والسنهوري الوسيط – الجزء الخامس ص 525 بند 355 واستئناف مختلط 18/5/1944 البلتان س 56 ص 151، واستئناف مصر 26/11/1935 المحاماة س 16 ص 495 رقم 215، واستئناف مصر 19/1/1933 المحاماة س 13 ص 1223 ومصر الابتدائية 19/1/1927 بالمحاماة س 7 ص 587 رقم 391 وأسيوط الابتدائية 31/12/1930 المحاماة س 11 ص 968 أحمد أبو الوفا نظرية الأحكام في قانون المرافعات طبعة 1957 ص 70 بند 28.
(6) أحمد أبو الوفا – مرجعه السابق ص 70 بند 28.
(7) السنهوري – مرجعه السابق ص 252 هامش 4 ونقض مدني 20/1/1949 مجموعة رسمية ص 50 رقم 76 واستئناف مصر 6/1/1920 واستئناف مصر 6/1/1920 مجموعة رسمية ص 21 ص 91 رقم 57.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً