بحث و دراسة حول حد الزنا فى التشريع الجنائى الاسلامى مقارنتا مع القانون المصري

بحث و دراسة حول حد الزنا فى التشريع الجنائى الاسلامى مقارنتا مع القانون المصري

إن مما لا شك فيه أن جريمة الزنا من أبشع وأفظع الجرائم شرعاً وقانوناً فهى محرمة شرعاً ومن الكبائر التى نهى الله عنها فى القرآن والسنة وقد أجمعت المذاهب الفقهية على تحريم الزنا وذلك لما فى الزنا من بشاعة وفساد تضر الفرد فى دينه ودنياه وتنشر الفساد والإنحلال فى المجتمع فهى جريمة محرمة بكل المقاييس وقد أعد الله لمرتكبيها عقوبات دنيوية وأخروية ردعاً وزجراً لفاعلها وليتعظ من تحدثه نفسه أن يقدم عليها والزنا أيضاً مجرم قانوناً ولكن بكل أسف نلاحظ أنه ليس مجرم بكل الأحوال كما سنعرف فيما بعد وهناك فرق كبير بين عقوبة الزنا فى الشرع والقانون وللوقوف على ذلك بالتفصيل كان هذا البحث والذى سنعرض من خلاله بإذن الله ونوضح الفرق بين الزنا وحكمه ، وعقوبته ، وإثباته ، وتطبيق حده فى الشرع وفى القانون الوضعى

وستسيـــر خطـــة البحــث كالتالـــى :-

المبحث الأول :- وسنبين فيه تعريف الزنا فى الشرع وفى القانون والفرق بين التعريفين المبحث الثانى :- سنبين فيه الحكم الشرعى للزنا والأدلة على ذلك والحكم القانونى والفرق بينهماالمبحث الثالث :- وفيه بيان لعقوبة الزنا الشرعية ومراحل تدرجها والشبهات التى أثيرت حولها ثم بيان العقوبة القانونية والفرق بين العقوبتينالمبحث الرابع :- وفيه بيان لكيفية إثبات الزنا فى الشرع وطرق إثباته فى القانون والفرق بينهما المبحث الخامس:- ونتعرف من خلاله على كيفية إقامة حد الزنا فى الشرع وعلى كيفية تطبيق العقوبة فى القانون والفرق بينهما

المبحـــث الأول تعريـــف الزنـــــا :-

تمهيـد المعنـى اللغـوي للزّنـا:

كلمة زنا: مشتقة من فعل زنا، زنوا أي ضاق، لغة الهمزوزنى عليه تزنية أي ضيق، ووعاء زني أيضيق. وزنى يزني بمعنى فجر، وزانى مزاناة وزناء بمعناه نسبه إلى الزنا وهو إبن زنا

وجاء في المبسوط للسرخسي :

أن الزنا لغة مأخوذة من الزناء وهو الضيقالزنّة: التهمة. وزنى وزناء: أتى المرأة بغير عقد شرعي. ويقال زنى بالمرأة فهو زانٍ، والجمع زناة. وهي زانية والجمع زوان.وأزناه: حمله على الزنا ونسبه إليه، والزنّاء: كثير الزناوالزنا يمدّ ويقصر. زنى الرجل يزني زنىً مقصور، وزناء ممدود.وزانى مزاناة وزنّى وزناء، ففي لغة أهل الحجاز مقصور، وقد يمدّ في لغة أهل نجد.ومنه قول الشاعر : أما الزناء فلست قاربه والمال بيني وبين الخمر نصفان
والمرأة تزاني مزاناة وزناء: أي تباغي.

ومنه قول الفرزدق : أبا حاضرٍ من يزن يُعرف زناؤه ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكّرا

ومثلـه للجعــدى : كانت فريضة ما تقـــول كما كـان الزنــاء فريضـــة الرجـــم.

المطلب الأول تعريف الزنا فى المذاهب الإسلامية :-

ذهب فقهاء الشريعة الإسلامية تقريبا مذهبا موحدا في تعريف هذه الجريمة ومنذلك نستعرض آراءهم كمــــا يلـــى :-*

المذهـب الحنفـى :-

 ” الزنا هو اسم للوطء الحرام منقبل المرأة الحية في حالة الاختيار، في دار العدل ممن التزم أحكام الإسلام، العاريعن حقيقة الملك وعن شبهته، ومن حد الملك وعن حقيقة النكاح وشبهته ”
كماعرفه ابن الهمام الحنفي على أنه :” إدخال المكلف الطائع قدر حشفته قبل مشتهاة حالا أوماضيا بلا ملك أو شبهة ، أو تمكينه من ذلك أو تمكينها ، ليصدق على ما لو كانمستلقيا فقعدت على ذكره فتركها حتى أدخلته، فانهما يحدان في هذه الصورة و ليسالموجود منه سوى التمكين.”

المذهـب الشافعـى : –

ويعرفه الشيرازي : الزنا هو وطء رجل من أهل دارالإسلام امرأة محرمة عليه من غير عقد ولا شبهة عقد ولاملك ، وهو مختار عالم بالتحريم وجاء فى مغنى المحتاج للشبينى: أنه إيلاج الذكر بفرج محرم بعينه خال عن الشبهة يوجب الحد ودبر ذكر أو أنثى كقبل

المذهـب المالكـى :-

الزنا هو وطء مكلف فرج امرأة لاملك له فيهتعمدا ويعرفه ابـن رشـد: بأنه: “كل وطء وقع على غير نكاح صحيح ولا شبهة ولا ملك يمين

المذهـب الحنبلـي:-

” الزنا هو وطء امرأة من قبلها حراما لا شبهة لهفي وطئها فهو زان، ويجب عليـه الحد إذ أكملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونهزنا لأنه وطء في فرج امرأة فلا ملك له فيها ولا شبهـة ملك، فكان زناوجاء فى الكافى لإبن قدامـة: ( هو الوطء فى الفرج لا يملكه وأدناه أن تغيب الحشفة فى الفرج وسواء كان الفرج قبل أو دبر لأن الدبر فرج مقصود فتعلق الحد بالإيلاج فيه كالقبل )

المذهـب الظاهـري :-

الزنا هو وطء من لا يحل النظر إلى مجردها، مع العلم بالتحريم. أوهـــو وطء محرمة العين

المذهــب الزيــدى :-

الزنا هو إيلاج فرج فى فرج حى محرم قبل أو دبر بلا شبهة

الشيعــة الامامية :-

فالزنى عندهمإيلاج الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة بغيبوبة الحشفة قبلاأو دبراالتعقيب على تعريفات المذاهب :-

يتبين من التعاريف السالفة :-

أن كل المذاهب الإسلامية متفقة على تعريفالزنا الذي هو تغييب الذكر في احد الفرجين في غير عقد ولا شبهة عقد فإذا لم يتمتغييب الحشفة فانه في حالة كهذه لا نوجد أمام جريمة زنا .

وإذا كانت المذاهب الثلاث :-

المالكية والحنابلة والشافعية يعتبرون الوطء سواء في القبل أو الدبر زنا , فان الأحناف يقولون بغير ذلك ويعرفون الزنا بأنه هو الوطء في القبل دون الدبر .

وبصفة عامة فان كل المذاهب :-

اتفقت على ضرورة وجود عنصرين لقيام الزنا
وهماالوطء الحرام والتعمد, واختلفت في عناصر أخرى كاعتباره من جرائم الحدود للنص القرآني الصريح الذي ورد فيه
والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائةجلدة

المطلب الثانــى تعريف الزنا فى القانــون :-

لم يضع القانون الوضعيتعريفا للزنا، وإنما حدده القانون بعبارات وصيغ مختلفة. فالقانون المصري مثلا :-

شأنه شأن القانون الجزائري في تنظيمه الحالي لأحكام جريمة الزنا في قانون العقوبات، قداستسقى فكرته في التجريم، وفي وضع الغالب من شروطه وإجراءاته وأدلته من المواد من 336 إلى 369 من قانون العقوبات الفرنسى قبل تعديله وعلى هذه النصوص تمكن أنتقرر أن محل الحماية الجنائية في هذه الجريمة ليس حماية الفضيلة في ذاتها كما فيالشريعة الإسلامية ، وإنما المحافظة على حق كل طرفي الرابطة الزوجية وصيانة نظامالأسرة، ولذلك نجد للزنا في قانون العقوبات المصري والفرنسي والجزائري مثلا معنى اصطلاحيا وتكاد القوانين المعاصرة :-

تجمع على إعتبار الزنا فعلا إجراميا ينبغيدفعه بأسلوب ردع عقابي، بإستثناء القانون الانجليزي الذي يعتبر الزنا خطيئة اخلاقيةومدنية فقط تجيز طلب التطليق والتعويض على أساس أن العقاب لن يردع من لم يتردد فيالإقدام على فعل تحول دونه إعتبارات دينية وإجتماعية أقوى من العقابوقدعرف بعض فقهاء القانون :-

الزنا، بأنه:” إرتكاب الوطء غير المشروع من شخص متزوج معامرأة برضاها حالة قيام الزوجية فعلا أو حكما
كما عرفه أيضا (موران ) علىأنه : ” الزنا هو تدنيس فراش الزوجية وإنتهاك حرمتها بتمام الوطء
وجاء في الموسوعة الكبيرة الفرنسية ” بورداس “BORDAS على أن الزناهو علاقة جنسية لشخص متزوج خارج إطار الزواج. ويميز بين نوعين من الزنا: زنا بسيطADULTERE SIMPLE وهو الزنا الذي يرتكبه الشخص المتزوج مع شخص غير متزوج. وزنا ثنائي ADULTERE DOUBLE ، وهو زنا يرتكبه شخص متزوج مع شخص متزوج

المطلب الثالـث الفرق بين التعريف الشرعى والتعريف القانونى والتعقيب على ذلك :-

خلاصة ما تقدم فى المطلبين السابقين يمكننا القول :-

بأن التعاريف المعطاةلجريمة الزنا في القانون وهو يقرر المسؤولية الجنائية لم ينظر إلى مجرد الوطء شأنالشريعة الإسلامية انما نظرإلى تدنيس فراش الزوجية أما غير المتزوجين فقد أهملهمولم يتعرض لهم بالعقاب باعتبار أن زناهم لا يؤثر في العائل، وإن كان يمس قواعدالأخلاق كالفعل الفاضح العلني مثلا، على أن غير المتزوج إذا ما زنى بامرأة متزوجةفلا يعاقب باعتباره زانيا وإنما باعتباره شريكا لإمرأة زانية

أما فقهـاءالشريعــة :-

فإنهم متفقون على أن الزنا يقصد به وطء في قبل امرأة من غير ملك أو شبهةسواء كان ذلك من محصن أو غير محصن وهذه نقطة الخلاف الرئيسية بين القانون والشريعة .

ومن الملاحظ فى الفرق بين التعريفين :-

أن الشريعة الإسلامية على الزنا باعتباره ماسًا بكيان الجماعة وسلامتها، إذ أنه اعتداء شديد على نظام الأسرة، والأسرة هى الأساس الذى تقوم عليه الجماعة، ولأن فى إباحة الزنا إشاعة للفاحشة وهذا يؤدى إلى هدم الأسرة ثم إلى فساد المجتمع وانحلاله، والشريعة تحرص أشد الحرص على بقاء الجماعة متماسكة قوية.
أما العقوبة فى القوانين الوضعية فأساسها أن الزنا من الأمور الشخصية التى تمس علاقات الأفراد ولا تمس صالح الجماعة، فى معنى للعقوبة عليه ما دام عن تراضٍ إلا إذا كان أحد الطرفين زوجًا ففى هذه الحالة يعاقب على الفعل صيانة لحرمة الزوجية.

ومما لا شك فيه أن الواقع يشهد للشريعة :

ولعل ما حدث فى أوربا والبلاد الغربية عامة يؤيد نظرية الشريعة، فقد تحللت الجماعات الأوربية وتصدعت وحدتهم وذهب ريحها وما لذلك من سبب إلا شيوع الفاحشة والفساد الخلقى والإباحية التى لا تعرف حدًا تنتهى إليه، وما أشاع الفاحشة وأفسد الأخلاق ونشر الإباحية إلا إباحة الزنا وترك الأفراد لشهواتهم واعتبار الزنا من الأمور الشخصية التى لا تمس صالح الجماعة.
ولعل أشد ما تواجهه البلاد غير الإسلامية اليوم من أزمات اجتماعيه وسياسية يرجع إلى إباحة الزنا، فقد قل النسل فى بعض الدول قلة ظاهرة تنذر بفناء هذه الدول أو توقف نموها، وترجع قلة النسل أولا وأخيرًا إلى امتناع الكثيرين عن الزواج، وإلى العقم الذى انتشر بين الأزواج.
ولا يمتنع الرجل عن الزواج إلا لأنه يستطيع أن ينال من المرأة ما يشاء فى غير حاجة إلى الزواج، ولأنه لا يثق فى أن المرأة ستكون له وحده بعد الزواج، وقد اعتاد أن يجدها مشاعًا بينه وبين الغير قبل الزواج.والمرأة التى كانت أمنيتها الأولى الزواج، ووظيفتها التى خلقت من أجلها إدارة البيت وتربية الأولاد، هذه المرأة أصبحت فى كثير من الأحوال تنفر من الزواج ولا ترضى أن تستأسر لرجل تنال ما عنده، بينما هى تستطيع أن تنال ما عند عشرات الرجال دون أن تثقل نفسها بالقيود والأغلال.
وقد أدى شيوع الزنا إلى مقاومة الحمل من جهة وانتشار الأمراض السرية من جهة أخرى، وإذا كانت مقاومة الحمل تؤدى فى كثير من الأحوال إلى عقم النساء، فإن انتشار الأمراض السرية يؤدى فى الغالب إلى عقم الرجال والنساء على السواء.
وكانت المرأة تعيش فى كنف الرجل فى ظل الزواج، فلما أضرب الرجال عن الزواج كان لابد للمرأة من أن تعيش، فاضطرت إلى مزاحمة الرجل فى ميدان العمل لتنال قوتها، فأدى هذا إلى تفشى البطالة وشيوع المبادئ الهدامة وألقى بشعوب أوربا فى بحر لجى يزخر بالفوضى والاضطراب.
ويستطيع الإنسان أن يرتب على هذه المفاسد الاجتماعية نتائجها الخطيرة دون أن يخطئ الحساب، ولو تدبر هذه النتائج القائلون بأن الزنا علاقة شخصية لعلموا أن الزنا من أخطر الجرائم الاجتماعية، وأن مصلحة الجماعة تقتضى تحريمه فى كل الصور، والمعاقبة عليه أشد العقاب، وعلى هذا الأساس حرمت الشريعة الإسلامية الزنا لتتجنب الوصول إلى تلك النتائج المخيفة، وقررت أشد العقوبات للزناة حتى أنها اعتبرت من يزنى بعد إحصانه غير صالح للبقاء لأنه مثل سئ وليس للمثل السئ فى الشريعة حق البقاء.
ولقد كانت البلاد الإسلامية على العموم أكثر البلاد إقبالا على الزواج وبعدًا عن الإباحية، ولكن إباحة الزنا فيها على الطريقة الأوربية نقل إليها نفس الأمراض التى يشكو منها المجتمع الأوربى، فقد أصبح الرجال يعرضون عن الزواج لأنهم ينالون حاجتهم من المرأة دون زواج، وبدأت المرأة لا تهتم بالاتصال بالرجل كزوج لأنها تستطيع أن تتصل به كما تشاء من غير طريق الزواج، وقد صحب الإعراض عن الزواج قلة النسل والعقم وتفشى الأمراض السرية، وبدأ النساء يتطلعن إلى مساواتهن بالرجال، ويزاحمنهم فى شتى الأعمال، وانحط مستوى الأخلاق والآداب العامة، وغاض الحياء من الوجوه والنفوس، ولا علاج لهذا كله إلا بالرجوع إلى الشريعة الإسلامية وتطبيق أحكامها ونبذ القوانين الوضعية والمبادئ الواهية التى تقوم عليها. فسبحــان مــــن فى تشريعه الهدى والنور لأنه تشريع الحكيم الخبير العالم بأحوال خلقه وما يصلح شؤنهم سبحانه وتعالى فالحمـــد للــــه علــــى نعـمـــة الإســـــــــلام وكفـــــى بهــــا نعمـــــة ومنــــــة

المبحث الثانى حكم إرتكاب الزنا :-

المطلب الأول الحكم الشرعى للزنا والأدلة على ذلك :-

إن الزنــا مـن أعظـــم المحرمــات والكبائــر التـى نهــى اللـه عنهــا وقد
تواتــرت نصــوص الكتــاب والسنــة والإجمــــاع علــــى ذلــك

أولاً :- الأدلـــة مــن القــرآن الكريــم

قال تعالـــى :
وَلاَتَــقْـرَبُـوا الــزِنـــَا إِنٌَـــهُ كَـــانَ فَـــاحِشَـةً وَسَـاءَسَبِيلا َ الإسـراء ( 32 )

قال تعالـــى :
الــزَانِـيَةُ وَالــزَانِيْفَــاجْلــِدُوا كُلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَــا مِائَــةَ جَلــْدَةٍ وَلاَتَـأْخُــذْكُمْ بِــهِمَـا رَأْفَــةً فِيْ دِينِ الله ِإنْ كـنُْــتُمْتــُؤُمِنُونَ بِاللهِ وَاليَــوْمِ الآخِرِ، وَلْيَــشْهَدْ عَـذَابــَهُمــَاطــَائِفَةً مِنِ الُمؤْمِــنِيَن. الزَانِي لاَيـَنْكِحُ إِلاَ زَانِيَةًأَوْمُشْرِكَةً ، وَالزَانِــيَةُ لاَيَنْكِحُـــهَا إِلاَ زَانٍ أَوْ مُشْرِكْ ،وَحُـرِمَ ذَلِكَ عَلَى الُمؤْمِــنِيْنَ ” النـــور ( 2 )

قال تعالـــى :
: ” وَالَِذِينَ لاَيـــَدْعُــونَ مَعَ اللهِ إِلَهًــا آخَرَ وَلاَيَــقْتُــلُونَالنَـفْسَ التِي حَرَمَ اللهَ إِلاَ بِـالُحَقِ وَلاَيــَزْنــُوَن وَمَنْ يَفْعَلْذَلِكَ يَلْقَ أثَــامََا ”
الفرقـان ( 68 )

ثانيــاًً :- الأدلـة مـن السنـة النبويـة

ثبت عن رسول الله : ( صلى الله عليه وسلم )
( أنه قال : لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ) ( متفق عليه )
وقال ( صلى الله عليه وسلم )
( إذا زنا العبد خرج منه الإيمان فكان كالظلة على رأسه ثم إذا أقلع رجع إليه الإيمان )
( رواه أبو داود والترمزى والبيهقى )
وقال ( صلى الله عليه وسلم )
( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم :
شيخ زان
وملك كذاب
عائل مستكبر ) ( رواه مسلــــــــم )

وعن ابن مسعود ( رضى الله عنه قال )
قلـت يا رسول الله أى الذنب أعظم عند الله تعالى ؟ قال : ( أن تجعل لله نداً وهو خلقك ) فقلت إن ذلك لعظيم ، ثم أى ؟ قال : ( أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك ) قلت ثم أى ؟ قال : ( أن تزنى بحليلة جارك )

من هذه الأدلة السابقة :-
*****************
يتضح لنا حرمة إرتكاب الزنا وأنه من الكبائر المهلكة التى توعد الله لمرتكبيها عقاباً أليماً فى الدنيا والآخرة سواءا كانا متزوجين أو غير ذلك:
فاذا كانا متزوجين فانهما يرجمان بالحجاره الي أن يموتا,واذا كانا غير متزوجين فيجلدان مائه جلده ويغربان عاما عن البلاد.

ثالثـا :- مــن المذاهــب

أجمعت المذاهب الفقهيه قاطبه علي تحريم الزنا وأنه من الكبائر المحرمه والمنهي عنها شرعا.

المطلـب الثانـى : أضــرار ومفاســد الزنــا:

خص الله سبحانه وتعالى حد الزنا من بين الحدودبخصائص:
أحدهــــــا :-

القتل فيه بأشنع القتلات وحيث خففه جمع فيه بين العقوبةعلى البدن بالجلد ، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة

الثانــــى :-

أنه نهي عباده أنتأخذهم بالزناة رأفة في دينه ؛ بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم ، فإنه سبحانه منرأفته بهم شرع هذه العقوبة ؛ فهو أرحم منكم بهم ، ولم تمنعه رحمته من أمره بهذهالعقوبة ؛ فلا يمنعكم أنتم ما يقوم بقلوبكم من الرأفة من إقامة أمره

بيـان لمفاسـد الزنـــا والخيانــة :-

الزنا يجمع خلال الشر كلها من :-

1- قلة الدين ، وذهاب الورع ، وفساد المروءة ، وقلة الغيرة ، ووأد الفضيلة

2ـ يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة

3ـ سواد الوجه وظلمته ، وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو للناظرين

4ـ ظلمــة القلـــب ، وطمــــس نــوره وذهاب بصيرتــــه

5ـ الفقر اللازم لمرتكبيه ، وفي أثر يقول الله تعالى : ( أنا الله مهلك الطغاة، ومفقر الزناة )

6ـ أنه يذهب حرمة فاعله ، ويسقطه من عين ربه وأعين عباده ،ويسلب صاحب اسم البر، والعفيف ،
والعدل ، ويعطيه اسم الفاجر ، والفاسق ، والزاني ،والخائن
7ـ الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني ، وهي نظير الوحشة التي تعلووجهه؛ فالعفيف على وجهه
حلاوة ، وفي قلبه أنس ، ومن جالسه استأنس به ، والزانيبالعكس من ذلك تماماً

8ـ أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة ،ولا يأمنه أحد على حرمته وأولاده
9ـ ومن أضراره الرائحة التي تفوح من الزاين ،يشمها كل ذي قلب سليم ، تفوح من فيه ، ومن جسده
10ـ ضيقة الصدر وحرجه ؛ فإنالزناة يعاملون بضد قصودهم ؛ فإن من طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله
عاقبه اللهبنقيض قصده ؛ فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ، ولم يجعل الله معصيته سبباً إلىخير قط

11ـ الزاني يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبةفي جنات عدن

12ـ الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين ، وكسب الحرام ،وظلم الخلق ، وإضاعة الأهل والعيال
وربما قاد إلى سفك الدم الحرام ، وربما استعانعليه بالسحر والشرك وهو يدري أو لا يدري ؛ فهذه
المعصية لا تتم إلا بأنواع منالمعاصي قبلها ومعها ، ويتولد عنها أنواع أخرى من المعاصي بعدها ؛
فهي محفوفة بجندمن المعاصي قبلها وجند من المعاصي بعدها ، وهي أجلب شيء لشر الدنيا والآخرة ،
وأمنعشيء لخير الدنيا والآخرة

13ـ الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عاراً لا يقفعندها ، بل يتعداها إلى أسرتها ؛ حيث تدخل العار على
أهلها، وزوجها ، وأقاربها ،وتنكس به رؤوسهم بين الخلائق

14ـ أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعلق منالعار الذي ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى ؛ إلا إن
التوبة من الكفر على صدق القاذفتذهب رجسه شرعاً ، وتغسل عاره عادة ، ولا تبقي له في قلوب
الناس حطة تنزل به عنرتبة أمثاله ممن ولدوا في الإسلام، بخلاف الزنا ؛ فإن التوبة من ارتكاب فاحشته
وإن طهرت صاحبها تطهيراً ، ورفعت عنه المؤاخذة بها في الآخرة ـ يبقى لها أثر فيالنفوس ، ينقص
بقدره عن منزلة أمثاله ممن ثبت لهم العفاف من أول نشأتهموانظرإلى المرأة ينسب إليها الزنا كيف يتجنب
الأزواج نكاحها وإن ظهرت توبتها ؛ مراعاةللوصمة التي أُلصقت بعرضها سالفاً ، ويرغبون أن ينكحوا
المشركة إذا أسلمت رغبتهم فينكاح الناشئة في الإسلام

15ـ إذا حملـت المـرأة من الزنـا ، فقتلت ولدها جمعت بينالزنا والقتل ، وإذا حملته على الزوج أدخلت على
أهلها وأهلــه أجنبياً ليــس منهــم ،فورثهم ورآهم وخلا بهم ، وانتسب إليهم وهو ليس منهم إلى
غير ذلك من مفاسد زناها

16ـ أن الزنا جناية على الولد ؛ فإن الزاني يبذر نطفته على وجه يجعل النسمةالمخلقة منها مقطوعة عن النسب
إلى الآباء ، والنسب معدود من الروابط الداعية إلىالتعاون والتعاضد؛ فكان الزنا سبباً لوجود الولد عارياً
من العواطف التي تربطهبأدنى قربى يأخذون بساعده إذا زلت به فعله، ويتقوى به اعتصابهم عند الحاجة إليه
كذلك فيه جناية عليه ، وتعريض به ؛ لأنه يعيش وضيعاً في الأمة ، مدحوراً من كل جانب؛ فإن الناس
يستخفون بولد الزنا ، وتنكره طبائعهم ، ولا يرون له من الهيئةالاجتماعية اعتباراً ؛ فما ذنب هذا المسكين ؟
وأي قلــب يحتمــل أن يتسبــب فــي هـذاالمصيـــر؟!

17ـ زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد والتلف

18ـ الزنا يهيج العداوات ، ويزكي نار الانتقام بين أهل المرأة وبين الزاني ،ذلك أن الغيرة التي طبع عليها
الإنسان على محارمه تملأ صدره عند مزاحمته علىموطوءته ، فيكون ذلك مظنة لوقوع المقاتلات وانتشار
المحاربات ؛ لما يجلبه هتكالحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى ، ولو بلغ الرجل أن
امرأته أوإحدى محارمــه قتلــت كان أسهـل عليه من أن يبلغه أنها زنتقال سعد بن عبادة ـ ـ ((
لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح )) فبلغ ذلك رسول الله فقال : (( أتعجبون من غيرة
سعد ! والله لأنا أغير منه ، والله أغير مني ؛ ومن أجل غيرةالله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )) [

19ـ للزناأثر على محارم الزاني ، فشعور محارمه بتعاطيه هذه الفاحشة يسقط جانباً من مهابتهن ـكما مر ـ
ويسهل عليهن بذل أعراضهن ـ إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجاً من تربية دينيةصادقة بخلاف من ينكر
الزنا ويتجنبه ، ولا يرضاه لغيره ؛ فإن هذه السيرة تكسبه مهابةفي قلوب محارمه ، وتساعده على أن يكون
بيته طاهراً عفيفاً

20ـ للزنا أضرارجسيمة على الصحة يصعب علاجها والسيطرة عليها ، بل ربما أودت بحياة الزاني ، كالإيدز،
والهربس ، والزهري ، والسيلان ، ونحوها

21ـ الزنا سبب لدمار الأمة ؛ فقد جرتسنة الله في خلقه أنه عند ظهور الزنا يغضب الله ـ عز وجل ـ ويشتد
غضبه ، فلا بد أنيؤثر غضبه في الأرض عقوبة
قال ابن مسعود ـ ـ : (( ما ظهر الربا والزنا في قريةإلا أذن الله بإهلاكه ))

المطلــب الثالــث :- الحكم القانوني للزنا

من القوانيــن الوضعية :-

من ترى أن الزنا يعتبر منموجبات الحرية وهو لا يعد جريمة إلا إذا اقترن بعنف فليس كل وطء محرم
أو مواقعة زنا .

ومن القوانيــن :-

من يقصر الزنا علي المواقعة التيتحصل من المتزوجين فقط ولا تعتبر ما يقع من مطلقة أو أعزب زنا
ولا عقاب عليالمواقعة إلا في حالة اخذ المجني عليها بالعنف أو إذا كان الرضا بالمواقعة معيباًبان
كانت المجني عليها اقل من ثمانية عشر عاما ًويكيف الجرم بأنه جنحة بسيطة تستوجبالحبس والغرامة.

القانون المصرى :-

لا يعرف الزنا للمرأهغير المتزوجه ولا للرجل الغيرمتزوج الا اذا كانا شركاء لمتزوجين فى الزنا

فالقانون يشترط :-

لكى تنطبق نصوصه ان تقع الجريمه من امرأه متزوجه او من رجل متزوج وفرق بينالرجل والمرأه
من ناحيه مكان الجريمه فالمرأه المتزوجه تعاقب على الزنا اذا ارتكبتهفى اى مكان سواء فى منزل
الزوجيه او فى غيره اما الرجل فالقانون يشترط ان تكونالجريمه وقعت منه فى منزل الزوجيه ومنزل
الزوجيه هنا ليس معناه فقط المنزل الذىيقيم فيه الزوج مع زوجته بل هو كل منزل اتجذه الزوج لنفسه
منزلا حتى لو لم تعلكالزوجه به اى ان مصطلح منزل الزوجيه فى قانون العقوبات ذو معنى يتسع ليشمل
كل مكاناتخذه الزوج محلا لاقامته كان يستأجر شقه ويخفيها عن زوجته فان القانون يعتبرها هنامنزلا
للزوجيه وقد نحت القوانين الوضعية الغربية ومن نقلعنها من بعض البلدان الإسلامية منحى أباح الزنا في
صور معينة ولم يرتبوا علية أيعقاب باعتباره من الأمور الخاصة التي لأتمس مصالح المجتمع واعتبروا
التراضي بهمانعاً للعقاب عليه ، وحصره في صور أخرى مما أدي إلي تفكك الأسرة وانتشار أبناءالزنا
وإحجام الناس عن الزواج لأنهم يستطيعون قضاء وتفريغ شهواتهم بعيداً عن مؤسسةالأسرة.

وإذا كانت معظم القوانين :-

تعاقب على جريمة الزنا، فإن القلـــة منها لا تعاقب عليه ومن بينها – كما سبق ذكره – القانون الإنجليزي ، ففي رأيهم أن العقاب على الزنا لا يجدي ، إذ لا فائدة منعقاب شخص لا تروعه مبادئ الأخلاق
فضلا عما في العقاب من إثارة فضيحة ينجم عنهاضرر بالعائلة أبلغ من الضرر الذي يصيب بالمجتمع، وأنه أعطى للزوج وحده الحق فيتحريك الدعوى
فإن العقاب يترتب على مزاجه وحده وأن الجزاء الطبيعي هو الطلاق أوالفرقة بينما توسطت القوانين الأخرى، فعاقبت على الزنا إذا حصل من شخص متزوج،لأن فيه إنتهاك لحرمة الزوجية، ولا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناء على شكوىمن المجني عليه، وله التنازل عن هذه الشكوى في أي وقت ورغم ذلك
فجريمةالزنا ليست جريمة شخصية، بل هي جريمة كغيرها من الجرائم التي تمس المجتمع ، لمافيها من إخلال لواجبات الزوجية التي تعد من قوام الأسرة، ولما كانت هذه الجريمة تضربمصلحة أفراد العائلة، فقد رأى القانون أن يترك للعائلة حق تحريك الدعوى العمومية. وقد أخذت غالبية القوانين بمبدأ الوسطية بين الإتجاهين السابقين. فلم تعاقب على كلوطء في غير حلال وإنما قصرت العقاب على الفعل الذي يحصل من شخص متزوج على إعتبار أنفيه إنتهاك لحرمة الزوجية. أما المذهب القائل بعدم العقاب على الزنا والإكتفاءبالطلاق أو الفرقة ، فيؤخذ عليه أنه يعتبر الطلاق علاجا فعالا للزنا مع أن الطلاقهو إحدى نتائج الجريمة .

شارك المقالة

1 تعليق

  1. حسن العادلى

    18 سبتمبر، 2016 at 1:05 م

    ابحاث قيمه ربنا ينفعا بها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.