حظر سفر الأطفال إلا بموافقة ولي النفس
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
طالب قانونيون بتطبيق حلول مجتمعية وقانونية، تعالج إشكالية حظر سفر الأطفال، خصوصاً الرضّع، بصحبة أمهاتهم إلى الخارج، وشرطها موافقة ولي النفس، لاسيما مع مماطلة ورفض كثير من الآباء إعطاء الموافقة الخطية لمطلقاتهم، التي نص عليها القانون للسماح بسفر المحضون إلى الخارج.
وأكدوا أهمية تسريع إجراءات التنفيذ في المحاكم للرد على طلب الأم الحاضنة، الراغبة في السفر مع أطفالها إلى الخارج، وتفعيل دور لجان التوجيه الأسري في ترسيخ التفاهم بين المطلّقين لتحقيق مصلحة أطفالهما.
واقترحوا قصر تطبيق «حظر سفر الأطفال إلا بموافقة ولي النفس» على غير المواطنات، ووضع ضمانات للتأكد من عودة الأطفال بعد سفرهم.
وتواجه أمهات مطلّقات حاضنات، إشكالية بسبب عدم قدرتهن على اصطحاب أطفالهن في رحلة سفر للنزهة أو لزيارة دولهن – إذا كانت الأم أجنبية – أو أي دولة أخرى، بسبب اشتراط القانون حصولهن على موافقة خطية من ولي الطفل، الأمر الذي يتعذر تحققه بسبب تعنت آباء ورفضهم، أو مماطلتهم في إعطاء الموافقة الخطية لهن على ذلك.
مصلحة المحضون
ونظرت محاكم في الدولة قضايا أقامتها أمهات، طالبن فيها بالسماح لهن باصطحاب أبنائهن معهن في السفر، بعد رفض آباء أطفالهن السماح لهن بذلك.
وفي قضية نظرتها إحدى المحاكم، طلبت أم السماح لها بالسفر للخارج بصحبة طفلها الرضيع، الذي تبلغ سنّه أقل من عامين، لأداء العمرة، برفقة والديها، ومن ثم إلى المملكة المتحدة، لقضاء شؤون معينة، ثم إعادته له. وأبدت استعدادها لتقديم كفالة أو ضمان لحين عودتها،لافتة إلى أن والد الطفل المحضون رفض سفر طفله معها خارج الدولة، وتعذّر على «التوجيه الأسري» الصلح بينهما.
ورفضت المحكمة طلبها استناداً إلى قانون الأحوال الشخصية الذي ينص على أنه «لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة، إلا بموافقة وليّ النفس خطياً، وإذا امتنع الوليّ عن ذلك يرفع الأمر إلى القاضي».
وفي قضية ثانية، أقامت أم أجنبية تظلّماً أمام المحكمة على سند من أن زوجها حصل من قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة على أمر على عريضة بمنعها وابنها الطفل الرضيع، البالغ ستة أشهر، من السفر، لوجود خلافات زوجية بينهما، طالبة إلغاء الأمر، وهو ما أيدته المحكمة، مؤكدة أن «حرية السفر والتنقل مكفولة لكل شخص بموجب دستور الدولة، ولا مانع يمنع الحاضنة وقت سفرها من حضانة الصغير متى كان المحضون محتاجاً لحضانتها، مثل الطفل الرضيع».
وأكدت في الحيثيات أن «الطفل المحضون في سن الرضاعة، ولا غنى له في هذه السن عن رعاية أمه، وأن مصلحته تكون في مصاحبتها، وأن انتقالها إلى بلدها، الذي هو في الوقت ذاته بلد الأب، لا يحول بين هذا الأخير وبين متابعة شؤون الصغير ومطالعة أحواله. وإذا تقاعس الأب عن إصدار الموافقة الخطية بسفر المحضون مع أمه تعسفاً، إضراراً بها وبالطفل، وبما لا يتفق مع مصلحة هذا الصغير المعتبرة شرعاً، فإن الحكم الذي قضى بمنع سفره بصحبة أمه يكون معيباً بمخالفة الشرع والقانون».
وفي قضية ثالثة، أقام أب دعوى ضد مطلقته، يطلب انتقالها مع طفله، البالغ ست سنوات، إلى بلده. كما يطلب، في حال رفضها، إسقاط حضانتها.
إجراءات تستغرق وقتاً
وأكد المحامي علي محمد بن تميم، أهمية مراجعة المادة التي تنص على «أنه لا يجوز للحاضن السفر بالمحضون خارج الدولة إلا بموافقة ولي النفس خطياً، وإذا امتنع الولي عن ذلك يرفع الأمر إلى القاضي».
وذكر أن هناك أمهات مواطنات ومقيمات يعانين، بسبب هذه المادة القانونية، عدم قدرتهن على اصطحاب أطفالهن للخارج سواء للسياحة أو العلاج أو الدراسة أو غيرها، مشيراً إلى أن ولي النفس غالباً ما يمتنع عن إعطاء الموافقة على سفر المحضون مع أمه أو منحها جواز سفره، الأمر الذي يدفع الحاضن إلى التقدم بطلب إلى المحكمة.
ولفت إلى أن إجراءات التنفيذ والتقاضي في مثل هذه الأمور، تستغرق وقتاً طويلاً، خصوصاً أن الأب يماطل ويرفض الحضور، ويتهرب من استلام إعلان المحكمة، إلى أن يتخذ القاضي قراره بالفصل في طلب الأم الحاضنة سفر أبنائها معها، سواء بالموافقة أو عدم الموافقة.
وطالب بن تميم بالسرعة في تطبيق إجراءات التنفيذ في طلبات الحاضنات الراغبات في السفر مع أطفالهن، وإلزامهن بضمان عودة الأبناء من خلال تقديم تذاكر السفر وفواتير السفر التي توضح ميعاد السفر والعودة، خلال فترة زمنية محددة.
وقال: «أقترح إعادة صياغة المادة القانونية الخاصة بحظر سفر الأطفال مع أمهاتهم، بقصر تطبيقها على غير المواطنات»، معتبراً أن «الشمولية في غير محلها، وإذا كان الأمر يتعلق بخشية الأب هروب الأم بأطفاله وعدم عودتهم، فهو أمر غير واقعي بالنسبة للأم المواطنة، التي حتماً ستعود إلى الدولة».
ورأى بن تميم أن مشكلة رفض سفر المحضون مع أمه، تدخل في باب المكايدة بين المطلقين، داعياً الأبوين إلى تقديم مصلحة المحضون على مصلحتهما الشخصية، والعمل والتفاهم معاً على توفير الرعاية الكاملة لأطفالهما.
الانتقام المتبادل
من جهته، أكد المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، أهمية تفعيل دور لجان التوجيه الأسري في تعزيز الحوار والتفاهم بين المطلقين في النزاعات المتبادلة حول الأطفال، ومنها إشكالية حظر سفر المحضون مع الحاضنة إلى الخارج إلا بموافقة ولي النفس، إذ يعاند كثير من الآباء ويتعنت في إعطاء الموافقة الخطية لمطلقاتهم، بما يمنعهن من اصطحاب أطفالهن معهن أثناء السفر إلى الخارج، سواء بغرض النزهة أو غيرها.
ولفت الشريف إلى أن كثيراً من قضايا المطلقين في هذا الشأن، تدخل في إطار المكايدة والانتقام المتبادل، من دون اعتبار لمصلحة المحضون، خصوصاً إذا كان رضيعاً وتريد أمه أن تصطحبه معها للخارج، بينما يرفض الأب هذا الأمر.
«أخذ المشرع بحق الحاضنة الأم في الانتقال بالصغير إلى مكان آخر في الدولة، إذا كانت العبرة هي مصلحة الطفل فقط، ولم يكن في سفره ما يتعارض مع ذلك، ولم يشترط سوى الشروط التي تتحقق معها مصلحة الطفل، أي ألا يكون في السفر إخلال بتربيته، أو تعطيل لدراسته. كما اشترط ألا يكون القصد من الانتقال مجرد مضارة الأب بإبعاد الطفل عنه، ومن باب المضارة أن يكون اطلاعه على أحوال ابنه – بعد انتقاله – ما يكلفه نفقة أو مشقة غير معتادة».
«قانون الأحوال الشخصية وضع إطاراً قانونياً ينظم هذه المسألة، وألزم ولي المحضون، أباً كان أو غيره، أن يتعهده ويطّلع على أحواله، ولا يتأتى له ذلك إذا سافرت به الحاضنة إلى دولة أخرى. ولذلك، فقد نص على أنه لا يجوز للحاضنة السفر بالمحضون خارج الدولة، إلا بموافقة وليه. ولقطع المنازعة حول حصول الإذن أو عدمه، اشترطت المادة أن تكون الموافقة بشكل كتابي، فليس للحاضنة السفر بالمحضون والتذرع بأن الولي قد أذن لها شفاهة».
ولكن ما العمل إذا امتنع الولي عن إعطاء تلك الموافقة الكتابية؟ يقول الشريف إن «القضاء هو المرجع المخول بالفصل في هذه الناحية، لأن مثل هذه القضية تقتضي البحث في المبررات التي تطرحها الحاضنة للسفر به والموانع التي حملت الولي على الامتناع عن الموافقة الكتابية على السفر. وكما يتدخل القاضي في إعطاء الإذن بتزويج الفتاة الصالحة للزواج، إذا عضلها وليها، كذلك يتدخل في موضوع سفر المحضون مع حاضنته، إذا امتنع الولي عن الموافقة على ذلك تعنتاً أو مكايدة».
شروط سفر الحاضن
وتابع أن «النص في هذه المادة منع الحاضنة من السفر بالمحضون خارج الدولة مطلقاً، ولو كانت تريد السفر المؤقت الذي لا يقصد به الإقامة الدائمة، كسفر النزهة أو سفر المعالجة الطبية أو سفر الزيارة لقريب مثلاً. ومن باب أولى لابد من الإذن الكتابي حينما يكون سفر المحضون بقصد الإقامة به خارج الدولة».
ولفت إلى أنه جاء في نص المادة 150 أنه «لا يجوز للأم حال قيام الزوجية أو عدة الطلاق الرجعي أن تسافر بولدها أو تنقله من بيت الزوجية إلا بإذن أبيه الخطي، ويجوز للأم بعد البينونة أن تنتقل به إلى بلد آخر في الدولة، إذا لم يكن في هذا النقل إخلال بتربية الصغير، ولم يكن مضارة الأب وكان لا يكلفه في النقلة مطالعة أحوال المحضون مشقة أو نفقة غير عاديتين».
وشرح أن هذه المادة توضح أنه ليس للأم أن تسافر بولدها أو تنقله من بيت الزوجية إلا بإذن أبيه، كتابة، وهذا الحكم سنده أن الزوجة في حال قيام الزوجية أو عدة الطلاق الرجعي لا حق لها في الانتقال إلا بإذن زوجها.
ونصت الفقرة الثانية من المادة على أنه بعد البينونة يجوز للحاضنة أن تنقل المحضون إلى بلد آخر إذا لم يكن في النقل إخلال بتربية الصغير، ولم يكن مضارة للأب، ولا كلفة لمطالعة أحوال المحضون، مشقة أو نفقة غير عادية. ومذهب الحنفية في ذلك أنه يجوز للحاضنة أن تنقل الولد إذا كانت تنتقل إلى بلدها هي، وأن تكون قد تزوجت فيه. واشترطوا لهذا أن تكون البلدة قريبة بحيث يتمكن الأب في نهار واحد أن يطالع أحوال ابنه ويعود لمنزله. ومنعوا الانتقال بالولد من مدينة إلى قرية، ولو كانت قريبة، والمالكية لا يوافقون في الجملة على انتقال الحاضنة بالصغير، ولو أمه، إلا بشروط، ويسقطون حقها في الحضانة عند سفرها إن لم يكن رضيعاً، واشترطوا شروطاً في سفر الحاضن أو الحاضنة تسقط الحضانة إذا لم تتحقق في السفر من ناحية المسافة والأمن والغرض من السفر، والشافعية والحنابلة على نحو ذلك.
جنسية الحاضنة
وبدوره، طالب المستشار الأسري عيسى المسكري، بوضع ضوابط صارمة تحكم مسألة سفر الأبناء مع أمهاتهم إلى الخارج، بما يضمن عودتهم مرة أخرى إلى محل إقامة آبائهم، وبما لا يخلّ بحقوق أحدهما (الأم أو الأب )، سواء في ما يتعلق بالحضانة أو الرؤية أو الولاية، مشدداً على أن وجود علاقة قائمة على الاحترام والتقدير المتبادل بين الأبوين بعد الطلاق وقناعتهما بتقديم مصلحة المحضون على مصلحتهما الشخصية، هو المدخل الرئيس لحل هذه الإشكالية.
ولفت إلى أن كثيراً من النزاعات الأسرية التي تقع بعد الطلاق، تكون كيدية وانتقامية بين الزوجين، وينسحب ذلك إلى الاختلاف حول مدى حق الأم الحاضنة باصطحاب أبنائها معها في السفر للخارج، سواء لغرض النزهة أو علاج أحدهم أو غير ذلك، إذ قد يرفض آباء هذا الطلب انتقاماً أو مكايدة ضدها، أو خشية أن تكون لها مآرب أخرى، وهي الذهاب بلا عودة بالأبناء.
وأشار إلى أن بعض الحاضنات قد يحصلن على موافقة خطية من مطلقهن، بسفر الأبناء معهن إلى الخارج، لكن منهن اللاتي قد لا تعود مرة أخرى، خصوصاً إذا كانت تحمل جنسية غير جنسية الزوج، الذي يفاجأ لاحقاً بزواجها من آخر، ومن ثم ضياع حقه في الحضانة والرؤية.
ونبه إلى أهمية الأخذ في الاعتبار عند وضع الضوابط التنظيمية لهذه الإشكالية، التفرقة بين الحالات، فهناك الأم المواطنة التي قد تكون من عائلة الزوج، مثل ابنة العم أو الخال، ولها امتداد أسري داخل الدولة، مثل الأب والأم، بما يكون من المستحيل معه أن تغادر بأبنائها إلى الخارج بلا عودة.
وهناك الأم الأجنبية التي تكون من جنسية الأب نفسها، حيث إن مصيرهما العودة بالأبناء إلى دولتهما، وهناك الأم الأجنبية التي تختلف جنسيتها عن جنسية زوجها، وهذه تشكل الحالة الأصعب، التي قد يحدث فيها الخلل والضرر عند السماح لها بالسفر بالأطفال إلى دولتها، بسبب إمكان عدم عودتها مرة أخرى، سواء إلى محل إقامة الزوج أو دولته، بما يضيع معه حقه في رؤية أبنائه.
قانونيون أكدوا أهمية تسريع إجراءات التنفيذ للرد على طلب الأم الحاضنة.
أم تطلب السماح لها بالسفر للخارج بصحبة طفلها الرضيع لأداء العمرة.
أب يطلب انتقال مطلّقته وطفله إلى بلده.. وفي حال رفضها، إسقاط حضانتها.
المادة (151)
إذا كانت الحاضنة غير الأم، فليس لها أن تسافر بالولد، إلا بإذن خطي من وليّه.
ليس للولي – أباً كان أو غيره – أن يسافر بالولد في مدة الحضانة، إلا بإذن خطي ممّن تحضنه.
لا يجوز إسقاط حضانة الأم المبانة لمجرد انتقال الأب إلى غير البلد الذي تقيم فيه الحاضنة، إلا إذا كانت النقلة بقصد الاستقرار، ولم تكن مضارة للأم، وكانت المسافة بين البلدين تحول دون رؤية المحضون والعودة في اليوم نفسه بوسائل النقل العادية.
اترك تعليقاً