الحق والحج
بسم الله. يطمع الحاج بالأجر، ويطمح إلى الفوز، وعيناه ترقبان بِرَّ الله حجه، بعدما قرأ حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قال فيه: قال صلى الله عليه وسلم: “الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ” متفق عليه.
ولا يخفى على الحاج أن درجة البر يتجاذبها معنيان، إحداها وسيلة والأخرى نتيجة، فأما الوسيلة فتعني أن الحج المبرور هو ما لا يخالطه شيء من الآثام، وأما النتيجة فتعني: أن المبرور ذاك المتقبل والغافر للذنوب.
فالنتيجة مرهونة بسلامة الوسيلة، وقد تأكد هذا المعنى بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الآخر الذي قال فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) متفق عليه.
ولا أرتاب ولا أحتار في رغبة كل حاج مسلم، يقصد البيت العتيق والمشاعر المقدسة متكبدا العناء والتعب، للوصول إلى الهدف الأسمى والغاية العظمى من الحج، ألا وهو البر.
ولكن هل يمكن أن يحج المرء بلا رفث وبلا خطأ وبلا مشادة كلامية وبلا ردة فعل في ظل الزحام وتقصير بعض حملات الحج وبعض المطوفين وبعض الوكلاء وبعض الزمازمة وبعض المنظمين وغيرهم؟!
الجواب:
نعم، تستطيع أخي الحاج أن تحج بلا إساءة ولا رد لإساءة وبلا تأنيب وعتاب ولا اعتداء ولا رد لاعتداء، إذا علمت بأن حقك محفوظ لك أن تأخذه وتسترده بلا انفعال وإساءة وإبطال حجك أو نقصان أجره، وأبيّنه لك بالتفصيل التالي:
إذا قصّرت حملة الحج المرخصة في توفير أكلك وشربك ومسكنك، ولم تكن قد وفرت لك ما تعاقدت معها، فهنا تكون الحملة قد خالفت المادة الرابعة عشرة من نظام خدمة حجاج الداخل التي نصت: (يعد المرخص له مسؤولاً أمام الجهات المختصة عن تقديم جميع الخدمات المطلوبة للحجاج المسجلين لديه وفق ما تحدده اللائحة التنفيذية لهذا النظام، والوفاء بالالتزامات وفقا للعقود المتفق عليها، وتوفير ما يساعدهم على أداء نسكهم بيسر وسهولة) فلا تنفعل وتسئ لأحد من مشرفي الحملة، فقط توجه إلى اللجنة الإدارية في وزارة الحج والعمرة لتنظر في شكواك والبت في موضوعك، ولديها سلطة إعادة الحق بل وعقوبة الحملة المخالفة، نصت المادة التاسعة عشرة من النظام أعلاه على: (1- تكون بقرار من وزير الحج لجنة أو أكثر –بحسب الحاجة- من ثلاثة أعضاء من وزارة الداخلية ووزارة الحج ووزارة التجارة متخصصين في النواحي الشرعية والقانونية لا تقل مراتبهم عن الثامنة، للنظر في مخالفات المرخص لهم لأحكام هذا النظام وعدم وفائهم بالتزاماتهم تجاه الحجاج المتعاقدين معهم والتحقيق فيها، ورد قيمة الخدمات التي لم يؤدوها أو ما قد يترتب عليها من مساس بأداء مناسك إلى الحجاج، وتقرير العقوبات المناسبة على المخالفين، ويصدق وزير الحج على قرارات اللجنة).
إذا وقعت ضحية نصب واحتيال بمن استحصل مبالغ منك، لغرض مساعدتك في الحج دون أن يقدم لك الخدمة، فعليك التوجه إلى المحكمة التابعة للقضاء العام لاسترداد مبالغك وتعزير المحتال، ولا تنسى بينتك، فاصطحبها معك إلى المحكمة، قالت المادة الثانية والعشرون من النظام أعلاه: (4- تحال القضايا والشكاوى ضد من يقوم بتحصيل مبالغ من راغبي الحج بقصد الاحتيال والنصب دون تقديم الخدمة لهم إلى المحكمة الشرعية المختصة للنظر في تعزيره واسترداد تلك المبالغ وردها إلى أصحابها)
إذا اعتدى عليك شخص في الحج بالسرقة والنشل أو باللفظ أو الفعل فعليك التوجه إلى: أقرب مركز شرطة لضبط الواقعة والقبض على المخطئ، وهي بدورها ستقوم بالرفع إلى فرع هيئة التحقيق والادعاء العام ثم إلى المحكمة للحكم بالتعزير واسترداد حقك، وكل هذه الإجراءات ستكون في المشاعر التي تتواجد فيها أنت أيها الحاج، فلا تبتئس ولا تغضب، فحقك محفوظ بإذن الله.
وأختم حديثي بالقول: تذكر أيها الحاج قول الله سبحانه: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) كيف وقد كان العفو في أعظم مكان بأعظم زمان في أعظم فعل! فإن لم تستطع فلا أقل من استرداد حقك بما ذكرناه دون رفث أو فسوق، تقبل الله حجكم.
وصلوا على النبي المختار
د. تركي بن عبدالله الطيار
محام وقاض سابق
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً