القانون الكويتي أنصف المرأة .. رغم الثغرات
أجرت اللقاء : د. نورة ناصر المليفي
في الأسابيع الماضية قمنا بثلاث زيارات إلى أروقة المحاكم، لنلقي الضوء على عدد من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها المرأة الكويتية، وأهمها أن هناك نساء بلا مأوى، وأخريات بلا نفقة، وفئة ثالثة طالبت بحقها في الطلاق.
وقد نالت هذه الحلقات اهتمام القانونيين، ومنهم المحامي عبدالعزيز الرفاعي، الذي أكد بدوره أن المرأة الكويتية نالت حقوقها الاجتماعية، وأن القانون أنصفها وإن كانت هناك بعض الثغرات. التقيناه وكانت هذه التوضيحات:
بدأ المحامي عبد العزيز الرفاعي حديثه عن النساء اللواتي من دون مأوى فقال عن هذه القضية الشائكة:
ـ من أكثر المشاكل التي تواجه المرأة بعد الطلاق هي كيفية تدبير المسكن الذي تقيم فيه بعد الطلاق، ذلك أن المطلقة بانتهاء عدتها شرعاً تصبح أجنبية عن الزوج ولا يجوز لها أن تقيم معه في مسكن واحد، وليس أمامها من خيار إلا أن تترك منزل الزوجية وتعود الى منزل أهلها هي وأولادها وتكون حملاً ثقيلاً على أسرتها، أو أن تستأجر مسكنا (مسكن حضانة) لها ولأبنائها وذلك في حالة عدم امتلاكها لمسكن تقيم فيه أو مخصص لسكناها.
أما بالنسبة إلى موقف المشرع الكويتي بشأن مسكن الحضانة، فتنص المادة 198 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي، على انه يجب على من يلزم بنفقة المحضون أجرة مسكن حضانته إلا إذا كانت الحاضنة تملك مسكناً تقيم فيه أو مخصص لسكناها.
ويستفاد من النص: أن حق الحاضنة (الأم) في الإقامة في مسكن الحضانة مرتبط بحضانتها لأبنائها، فإذا زالت عنها الحضانة أو سقطت فليس لها الحق في الإقامة مع أبنائها.
والاسوأ من ذلك الزوجة التي ليس لديها أبناء حيث تواجه مصيرها المؤلم في تدبير إقامتها بنفسها.
• ما المعيار الذي يتحدد به مستوى مسكن الحضانة؟
– من المقرر أن معيار صلاحية المسكن (مسكن الحضانة) للسكن يجب أن يقاس بالشروط الواجب توافرها في مسكن الطاعة أو مسكن الزوجية، ويجب أن يكون المسكن المخصص لسكن الصغير على نحو ملائم للمستوى الاجتماعي لوالده.
وتقدير أجرة ذلك المسكن تقدر بحسب حال الأب يسراً وعسراً، ويعد ذلك من أمور الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
ويلاحظ أيضاً أن أجر مسكن الحضانة يختلف عن أجر مسكن الزوجية، وذلك أن أجر مسكن الزوجية واجب على الزوج، حتى ان كانت الزوجة تملك مسكناً بخلاف أجر مسكن الحضانة فإن الزوج لا يلزم منه شيء إذا كانت الحاضنة تملك سكناً تقيم فيه أو مخصص لسكناها.
• ماذا عن سقوط حقها في المسكن الحكومي؟
– أهم ما يؤثر على حقوق المرأة بعد الطلاق هو سقوط حقها في المسكن الحكومي المخصص لها ولزوجها أثناء قيام العلاقة الزوجية.
فإذا طلقت الزوجة استبعدت من قرار التخصيص المقرر لها من الرعاية السكانية وحل محلها من يتزوجها زوجها، و تستأثر الزوجة الأخرى بنصيب هذه الزوجة التي طلقت، لكنها تظل محتفظة بالسكن الحكومي مادامت حاضنة الى ان تنتهي حضانتها. ولكن لا يسقط قرار التخصيص اذا طلقت مادام زوجها لم يتزوج، فاذا تزوج من طلقها يسقط عنها هذا التخصيص.
كما أن القدر المخصص للزوجة أثناء قيام الزوجية يتأثر بزواج زوجها بزوجات أخريات يشاركن الزوجة الأولى في القدر المخصص لها.
نساء بلا نفقة بعد الطلاق
وحول ما أثير في تحقيق نساء بلا نفقة، جاء رد المحامي عبد العزيز الرفاعي مقنعا، وقد أكد من خلاله أن للمطلقة الحق في نفقة العدة والمتعة فقال:
– إذا طلقت الزوجة سقط حقها في النفقة بمجرد الطلاق وليس لها من الحقوق من قبل زوجها إلا:
1- نفقة عدة لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء عدة الزوجة شرعاً تؤدى إليها جملة واحدة والحامل حتى تضع حملها وهذا ما أقرته المادة 162 من قانون الأحوال الشخصية التي تقضي: تجب النفقة للمعتدة من طلاق أو فسخ أو من دخول في زواج فاسد أو بشبهة.
كما أقرت المادة 163 من ذات القانون: تعتبر نفقة العدة ديناً في ذمة الرجل من تاريخ وجوبها ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء وتراعى في فرضها حالتي اليسر والعسر.
2- نفقة متعة تستحق المطلقة نفقة متعة لمدة سنة من تاريخ انتهاء العدة شرعاً تؤدى إلى الزوجة على أقساط شهرية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك وهذا ما أقرته المادة 165 من قانون الأحوال الشخصية الكويتي التي تقضي إذا انحل الزواج الصحيح بعد الدخول تستحق الزوجة – سوى نفقة عدتها – متعة بما لا تجاوز نفقة سنة حسب حال الزوج تؤدى إليها على أقساط شهرية – أثر انتهاء عدتها ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك في المقدار أو الأداء.
وعلة فرض نفقة العدة:
وهي جبر خاطر المطلقة من وقوع الطلاق وليس سد حاجات المطلقة من الطعام والكسوة مما يوجب القضاء بها جملة واحدة بما يعود به النفع على المطلقة أفضل من فرضها على أقساط شهرية وذلك للحد من تسرع الرجال في وقوع الطلاق.
أما بالنسبة لنفقة الأولاد:
فالأصل أن نفقة الابن تستحق في ماله إذا كان له مال – فإن لم يكن للابن أموال وجبت نفقته على أبيه.
وتشمل نفقة الأبناء الطعام والكسوة وأجر مسكنه الذي يعد من عناصر نفقة الولد على أبيه عملا بالمادة 198 من قانون الأحوال الشخصية.
أما مصروفات العلاج للصغير وتعليمه، فإنها وان كانت واجبة على أبيه إلا أنها لا تدخل ضمن عناصر نفقته، وإنما يتعين المطالبة بها استقلالاً وتقديم الدليل عليها. ويقدرها القاضي بحسب حال يسار الأب من دون التقيد بالمستندات المقدمة بهذا الخصوص. فإذا كانت الدولة توفر العلاج والتعليم المجاني سقط عن الأب الالتزام بسداد أي مقابل مادي لتلك العناصر.
• ما شروط نفقة الأبناء؟
– يشترط لنفقة الأبناء:
1- أن يكون الأب موسراً.. فإذا كان الأب معسرا والأم موسرة وجب عليها نفقة أبنائها وتكون هذه النفقة ديناً على الأب يحق لها الرجوع على الأب بما أنفقته إلى أن يسر.. وإذا كان الأب غائباً وليس لديه مال يمكن استيفاء النفقة منه وجب على الزوجة نفقة أولادها العاجزين عن الكسب وهذا ما أقرته المادة 2.2، 2.3 من قانون الأحوال الشخصية.
حيث تقضي المادة 2.2: يجب على الأب الموسر وان علا نفقة ولده الفقير العاجز عن الكسب وإن نزل حتى يستغني.
كما تقضي المادة 2.3: إذا كان الأب معسراً والأم موسرة تجب عليها نفقة ولدها وتكون دينا على الأب ترجع به عليه إذا أيسر وكذلك إذا كان الأب غائباً ولا يمكن استيفاء النفقة منه.
2- أن يكون الابن عاجزاً عن الكسب .. فإذا كان الابن عاجزا عن الكسب إلا أنه ليس فقيراً وإنما ذا مال سقط استحقاقه للنفقة على أبيه ومن ثم يشترط لاستحقاق النفقة الفقر والعجز عن الكسب.
وبالنسبة لأجرة السائق: عبر المشرع في المادة 75 من قانون الأحوال الشخصية على أن تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن وما يتبع ذلك من تطييب وخدمة وغيرهما حسب العرف.
ويلاحظ أن النص لم يضع تعريفاً جامعاً لجميع أنواع النفقة مانعاً من دخول أنواع أخرى في نطاقه وإنما اقتصر على ذكر بعض أنواعها وهي الغذاء والكسوة والسكن ومصاريف العلاج وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر باعتبارها أهم أنواع النفقة والدليل على ذلك أنه أضاف في نهاية النص ما يقضي به العرف.
وقد جرى العرف داخل دولة الكويت على وجود سيارة متى دعت الحاجة إليها مادام يسار الزوج يسمح ومتسع لذلك وكل ذلك يخضع لتقدير قاضي الموضوع بما له من سلطة في فهم واقع الدعوى.
يطلبن طلاقهن
وحول ما ورد في التحقيق كويتيات يطلبن طلاقهن، جاء الرد من المحامي الرفاعي مؤيدا لما ذكرناه، وأضاف عليه نقاطا عدة، وقد أكد في بداية حديثه أنه يحق للمرأة أن تطلب طلاقها فقال:
– يحق للزوجة أن تطلب الطلاق إذا تضررت من بقاء الحياة الزوجية في الحالات الآتية:
عدم الإنفاق:
إذا امتنع الزوج الحاضر عن الإنفاق على زوجته وليس له مال ظاهر ولم يثبت إعساره، فلزوجته طلب الطلاق، ويطلقها القاضي إذا ثبت ذلك. ويحق للزوج أن يتوقى حكم الطلاق بدفع النفقة المستحقة لزوجته من تاريخ رفع الدعوى.
لكن إذا كان الزوج غائباً في مكان معلوم وليس له مال ظاهر أمهله القاضي مدة لا تقل عن شهر ولا تجاوز ثلاثة أشهر مضافاً إليها مواعيد المسافة المقررة للمسافة وفق قانون المرافعات ليؤدي النفقة المذكورة فإذا امتنع عن الإنفاق طلقها القاضي.
وإذا كان الزوج غائباً في مكان مجهول أو مفقود وليس له مال ظاهر طلقها القاضي بلا إمهال.
ويلاحــظ أن طلاق القاضي في هذه الحالة يكون طلاقاً رجعياً، يحق للزوج مراجعة زوجته خلال فترة العدة إذا أوفى الزوجة بنفقته.
وإذا تكرر رفع مثل هذه الدعوى من الزوجة لعدم الإنفاق لأكثر من مرتين أصبح طلاق القاضي بائناً.
الطلاق للضرر
الطلاق للضرر هو حق لكل من الزوجين قبل الآخر برفع الأمر إلى القضاء بطلب التطليق بسبب إضرار الآخر به قولاً أو فعلاً بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما. ويلاحظ:
1- أن هذا الحق مكفول لكلا الطرفين الزوج والزوجة قبل الآخر.
2- أنه يجوز طلب الطلاق للضرر سواء قبل الدخول أو بعده.
3- أنه يشترط للضرر الموجب للتطليق استحالة العشرة بين الزوجين وهو معيار موضوعي يقدره القاضي من ظروف وملابسات الدعوى.
4- يكفي تحقق الضرر مرة واحدة كسبب موجب للتطليق.
5- يتحقق الضرر الموجب للتطليق سواء كان ايجابيا أو سلبيا والإيجابي هو ما يصدر من قول أو فعل والسلبي يتمثل في النفور والبغض الشديد.
• ما إجراءات التطليق للضرر؟
– أولا: يجب على المحكمة أن تبذل وسعها للإصلاح بين الزوجين فإذا تعذر الإصلاح عينت حكمين للتوفيق أو التفريق.
ثانيا: يجب على الحكمين أن يتعرفا على أسباب الشقاق وأن يبذلا جهدهما للإصلاح بين الزوجين.
ثالثا: إذا عجز الحكمين عن الإصلاح فهناك عدة فروض:
1- إما أن تكون الإساءة من الزوج فإذا كانت الزوجة هي طالبة التطليق اقترح الحكمان التفريق مع حق الزوجة في جميع حقوقها المترتبة على الزواج والطلاق وإذا كان الزوج هو طالب الطلاق قضى برفض الدعوى.
2- إذا كانت الإساءة من الزوجة اقترح التفريق مع سقوط جميع حقوق الزوجة المالية المترتبة على الزواج والطلاق ووجب عليه رد المهر الذي قبضه.
3- إذا كانت الإساءة مشتركة اقترح التفريق دون عوض أو بعوض يتناسب مع الإساءة.
4- إذا لم يعرف المسيء من الزوجين وكانت الزوجة هي الطالبة قضى برفض الدعوى وان كان كل منهما يطلب التطليق اقترح التفريق من دون عوض.
5- اذا اختلف الحكمان في تحديد من هو المسيء من الزوجين ضمت إليها المحكمة حكماً ثالثاً ويكون ثبوت الضرر بالأكثرية واذا تفرقت آراؤهم حكمت المحكمة في الدعوى بالإجراءات المعتادة.
التفريق للغيبة أو الحبس
الطلاق للغيبة هو ترك الزوج زوجته والإقامة في بلد آخر بلا عذر لمدة أكثر من سنة وهذا ما أقرته المادة 136 من قانون الأحوال الشخصية.
• ما شروط التفريق للغيبة؟
– يشترط للتفريق للغيبة:
1- أن يغيب الزوج عن زوجته والسفر إلى بلد آخر فإذا ترك الزوج زوجته وظل في بلده اعتبر ذلك هجرا وليس غيبة.
2- أن يمتد غياب الزوج لمدة سنة أو أكثر.
3- أن تكون غيبة الزوج بلا عذر مقبول.
4- أن تتضرر الزوجة من غياب زوجها عنها.
أما التفريق للحبس:
فقد أقرته المادة 138 من قانون الأحوال الشخصية بقولها إذا حبس الزوج تنفيذا لحكم نهائي بعقوبة مقيدة للحرية مدة ثلاث سنوات فأكثر جاز لزوجته أن تطلب التطليق عليه بعد مضي سنة من حبسه ولو كان له مال تستطيع الإنفاق منه.
ويشترط لحصول الطلاق:
1- أن يكون الزوج قد حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية.
2- أن يكون حكم الحبس نهائيا.
3- أن تكون العقوبة ثلاث سنوات أو اكثر.
4- أن ترفع الزوجة الدعوى بعد مضي سنة من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة.
خلاصة ذلك: هل يتم الطلاق أم لا؟
القضاء لا يحابي أحداً على أحد ولا يسعى للهدم ولكنه يسعى للاصلاح، فإن كان الإصلاح في استمرار الحياة الزوجية عزف القضاء عن الطلاق، وان كان صلاح الزوجين في التفريق قضت المحكمة بالطلاق، وحافظت على حقوق كلا الزوجين قبل الآخر، وذلك كله موكل لقاضي الموضوع بما له من سلطة مطلقة في تقيم واقع الدعوى سعياً إلى الصالح العام للمجتمع.
جريدة القبس – الاربعاء 26 نوفمبر 2008 ,28 ذوالقعدة 1429 , العدد 12750
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً