يا أيها الموظف الحكومي.. كيف تلغي قراراً إدارياً؟
تعلم عزيزي الموظف بأن لك حقوقاً تجاه إدارتك، كما تعلم بأن عليك في المقابل التزامات تجاه إدارتك، ولكن هل تعرف صور حقوقك والتزاماتك؟ ثم هل تعرف كيف تطالب بحقوقك مطالبة صحيحة تسترد بها حقك؟
لا بد أن نفهم أن الحقوق ليست تلك التي يمليها المزاج والخاطر، أو ما يقوله الزميل والمسؤول، بل هي تلك التي وضعها المنظم بنصوص صريحة وضمنية، فلا مرجع يرجع إليه إلا ذاك النظام الذي وضّح الحق ووضعه، وفي هذا قامت وزارة الخدمة المدنية بتنزيل الأنظمة واللوائح المتعلقة بشؤون الموظف العمومي من حقوق وواجبات في موقعها الرسمي على الشبكة العنكبوتية، ولولا حرصي على عدم الخروج عن قانون المقالات الذي وضع مبدأ الاختصار لعددت تلك الصور، ولكن هي القوانين.. يجب أن نحترمها.
على أن هذا لا يعني عدم التحدث عمّا هو بعد معرفة صور الحقوق، ذلك أن صور حقوق الموظف المبثوثة في تلكم الأنظمة واللوائح قد تنتهك، فكيف يستردها الموظف بطريقة قانونية صحيحة؟
يجب أن لا يغيب أولاً عن ذهن الموظف فكرة ومبدأ (عدم الاستعداء)، فقيام الموظف بمجابهة ومصادمة إدارته بالدعاوى والشكاوى لا شك بأنه يرتب في غالب الحالات ضغينة لدى إدارته؛ وبالتالي تقوم الإدارة بالتركيز والدقيق والتفتيش عن زلات هذا الموظف، فإن وجدت منه خطأ قامت بالبحث عن أقسى العقوبات تجاهه انتقاماً وثأراً، وقد تستوقفني أخي القارئ هنا وتسألني فتقول: لماذا تنزعج الإدارة من تقديم الموظف للدعوى؟ أليس هو طالب حق؟!
الجواب: نعم هو طالب حق، وسبب انزعاج كثير من الإدارات ليس كونه يطلب حقاً بل لأنه تراه في موقف عداء لها، لا سيما وأن الثقافة الحقوقية ما زالت غائبة عند أغلب الناس؛ وبالتالي لا تنظر الإدارة للمطالِب بحقوقه على أنه يخاصم قرارها، بل تراه يخاصم شخصها.
وفي هذا السياق أذكر قضية شخص قام برفع دعوى ضد إدارته يطالب بإلغاء قرارها الإداري المتضمن نقله من مدينة إلى مدينة أخرى، وأثناء سريان الدعوى والترافع لدى القضاء الإداري قامت الجهة الإدارية بالتفتيش والتنقيب عن أخطاء هذا الموظف، فاستطاعت الحصول على ما يبرر فصل هذا الموظف، فقامت بفصله!
لا تتعجب، فهذا فكر إدارة واقع وملموس، فلا تهمل عقلك في التفكير بالعواقب.
أقول ما قلت لا أقصد الترهيب والتخويف، فهنا أستوقفك وأستمهلك بأن تجعل ما قلته لك جناحاً أيسرَ للطائر، ويبقى الآن الحديث عن الجناح الأيمن للطائر، فلا تأخذ جانباً من الحديث وتهمل الآخر فلا بد من سماعك للشطر الآخر.
وهذا الشطر الآخر أقول فيه: إذا علمت من نفسك إهمالاً وتفريطاً في عملك، وأنت تعلم بأن إدارتك تستطيع محاسبتك على ما فعلت إلا أنها تجاوزت وتغاضت عنك، فلتكن فطناً ولا ترفع دعوى أمام القضاء تطالب بالأدنى فيأتيك الأدهى، بل قم بملاطفة إدارتك باسترداد حقك باللين، أما إذا كنت موظفاً ملتزماً بواجباتك والتزاماتك وقامت الإدارة بانتهاك حقوق لا ترتضيها، فعليك القيام بالآتي:
1- قابل مديرك واستفسر منه عن سبب قيامهم بإهمالهم أو سلبهم لحقك، فهو إما أن يعطيك جواباً مقنعاً ترتضيه وتقبل به، وإما أن يظهر منه ما يبين ظلمهم لك، فإن تبين لك الظلم منهم، فانتقل معي للنقطة الثانية.
2- اكتب تظلّما إلى الجهة التي تعمل بها. وهذا التظلم هو عبارة عن خطاب موجه إلى رئيس الجهة التي تعمل بها وأهم ما يكتب فيه: (اسمك – ورقم سجلك المدني- ومكان عملك- ومسمى وظيفتك- ومضمون المشكلة- وما هو طلبك- ومنصب الموجه له الخطاب- وتذيله بتوقيعك)، ثم تقوم بتوريده لدى الاتصالات الإدارية في الجهة التي تعمل بها، وتأخذ رقم الوارد وتاريخه، فإن قبلت الجهة الإدارية تظلمك وصححت خطأها فالحمد لله، وإن لم تصحح خطأها وأصرّت على صحة موقفها وقرارها فانتقل معي للنقطة التالية.
3- ترفع دعوى لدى القضاء الإداري خلال المدة النظامية لرفع الدعوى، تذكر فيها باختصار القرار الذي اتخذته الإدارة بحقك، سواء أكان القرار قولاً، أو فعلاً، أو امتناعاً، ثم تذكر العيب الذي حصل بالقرار، ثم تذكر الطلب الذي تريد أن يقوم به القاضي تجاه هذا القرار (إلغاء القرار)، ولا بد أن تتنبه إلى أن خصمك في مسائل إلغاء القرارات الإدارية هو القرار ذاته وليس شخص مصدر القرار؛ وعليه فقم بالتركيز على مدى توفر عيوب إلغاء القرار الإداري الخمسة، فإن توفر واحد منها ففرصتك بإلغاء القرار كبيرة، وإن لم يتوفر عيب منها ففرصتك بالنجاح في قضيتك ضئيلة.
وأختم حديثي بالقول: عالج مشكلتك مع إدارتك بذكاء وقانون.
وصلوا على النبي المختار
د. تركي بن عبدالله الطيار
محامٍ وقاضٍ سابق
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً