فوارق اجتماعية وثقافية وراء ارتفاع نسبة الطلاق في مجتمعنا
تحدثت المحامية بالتمييز والدستورية العليا نضال الحميدان عن المرأة والقانون والأحوال الشخصية الكويتي رقم 51 لسنة 1984 وذلك في اليوم الثالث للدورة الثالثة التي تنظمها الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة حول تعزيز دور البرلمانيات الكويتيات ـ المرأة والعمل السياسيِ
قالت الحميدان: جاء في المادة التاسعة من دستور الكويت ان ‘الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها ويقوي أواصرها ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة’، ومن ابرز التشريعات والقوانين التي تحكم حياة الأسرة قانون الأحوال الشخصية الذي يعتبر خطوة مهمة تكتمل النهضة التشريعية بأهم أركانها، ففي السابق تطبق أحكام مذهب الإمام مالك فقط على قضايا الأحوال، مما يوجد في المسألة الواحدة من آراء متعددة في الفقه المالكي من غير ترجيح بين هذه الآراء، فجاءت أهمية قانون الأحكام كضرورة وتيسير على القضاء وتوحيد الأحكام وللمراكز القانونية للأشخاص، والشريعة الاسلامية لم تجبرنا وتلزمنا بالأخذ بمذهب معين، انما أمرتنا ان نطبق أحكام الشرع الاسلامي على أساس القرآن الكريم والسنة النبوية وآراء فقهاء السلف والخلف من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الفقهية والمجتهدين، فجاء قانون الأحوال الشخصية مستمدا أحكامه من جميع المذاهب الاسلامية باختلاف مشاربها، وجاء بحلول لمشكلات الأسرة وقضى على بعض الشكاوى التي كانت ترد من جراء تطبيق المذهب المالكي فقط، ويشتمل القانون على مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين من زواج وطلاق ووقف ووصية وميراثِ
دور الزواج في دعم الأسرة
وأضافت: أكرم الله المرأة وجعلها والرجل امامة في العبادة والثواب والجزاء سواء، ورفع عن المرأة الحرج والاثم فيما لا يناسب تكوينها الخلقي والنفسي، وحفظ الاسلام للمرأة حقوقها منذ ان تلدها أمها الى ان تموت فرعى حقها طفلة وفتاة وزوجة وأما وصان حقوقها في جميع المراحل، وأوجب على الرجل ان يرعى ابنته ويكفل لها الحياة الكريمة، ويستمر بالانفاق عليها حتى تتزوج وجعل لها نصيبا مفروضا من تركة والديها اذا ماتا أو من ترثه من قرابتها وعصبتها، ورعاها صبية على أبواب الزواج فجعل لها حق اختيار زوجها بكرا أو ثيبا بشرط البلوغ والعقل فقط، وقرن الاسلام البر اليها والرفق بها بعبادته وهي أم وجاءت الأحاديث النبوية تؤكد حق الأم فريضة الاحسان اليها ومصاحبتها بالمعروفِ
وجاء الزواج من أجل تحصين النفس البشرية والتوالد والتكاثر، فحث الاسلام على الزواج لما له من غايات سامية ويقوي دعائم الأمة والالتزام بما شرعه الله من حسن الاختيار والمعاشرة وقيام كل من الزوجين بواجبه يعطي للزوج دوره الفريد في اقامة مجتمع انساني صحيح البنيةِ وقد شرعت الخطبة حتى تكون مرحلة أولية تقيم الزواج على دعائم وأسس قوية وثابتةِ والخطبة ليست وعدا نظريا، فهو وعد بالزواج، لذا يجوز لكل منهما النظر الى الآخر، ولا تجوز الخلوة بالمخطوبة ولا معاشرتها الا من خلال عقد زواج صحيح والخطبة ليست شرطا لعقد الزواج، وبزواجها تنتهي الخطبةِ وقد يترتب على العدول عن الخطبة ضرر يلحقه أحد طرفيه ماديا أو أدبيا، وقرر الفقهاء ان لكل من طرفي الخطبة حق العدول في أي وقت لأنها مجرد وعد بالزواج وليس أكثر، وفي المطالبة بالتعويض شبه اكراه على الزواج يتنافى مع ما يجب ان يكون عليه عقد الزواج من رضا الطرفينِ
ولفتت الى ان قانون الأحوال الشخصية لم يشمل جميع أحكام الأحوال الشخصية، ولكنه يشمل أحكام الزواج وما يتعلق به وقد استثنى هذا القانون من التطبيق الطوائف والفئات التي لها أحكامها الخاصة مثل الطائفة الجعفرية التي يطبق في شأنها مذهب الامام جعفر الصادق، وقد عرف القانون الكويتي الزواج في المادة الأولى منه على ان ‘الزواج عقد بين رجل وامرأة، تحل له شرعا، غايته السكن والاحصان وقوة الأمة’، فبين القانون حكم الايجاب والقبول في المادة الثامنة ‘ينعقد الزواج بايجاب ولي الزوجة وقبول من الزوج أو من يقوم مقامه’، وعليه فان القانون اعتبر أركان الزواج بايجاب يصدر من ولي الزوجة، وثانيا قبول من الزوج بصورة لفظية على صيغة الماضي كالقول: زوجتك موكلتي فيقول القابل: قبلت أو رضيت، والزواج ينعقد كقاعدة عامة بكل صيغة تدل على الزواج بالكتابة والرسول والاشارة والأصل انه اذا كان العاقدان حاضرين في مجلس العقد تكون الصيغة بالعبارة لأنها أقوى دلالة ولا يجوز ان يكون الايجاب بالكتابة بأن يرسل كتابا بالايجاب يقرأ على الشهودِ ومن شروط الزواج أربعة بالترتيب شروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ وشروط اللزومِ
حقوق وواجبات
واذا ما عقد الزواج الصحيح ترتبت عليه حقوق للزوجة والزوج وحقوق مشتركة بينهما، وقسم القانون الكويتي الحقوق الى المهر، وجهاز ومتاع البيت، ونفقة الزوجة والمسكن والطاعةِ وأخذ القانون الكويتي ان اعداد البيت على الزوج لوجوب النفقة عليه والمهر ليس عوضا عن الجهاز والمتاع، انما ملك خالص للزوجة وليس الجهاز حقا على المرأة فاذا أحضرت الجهاز فهي متبرعة به، ولا يجوز للزوج ان يستعملها من دون اذنها والمراد بالمتاع كل ما يحضره الزوجان أو أحدهما بعد الدخول، مما يلزم استعماله في بيت الزوجية، كما نظم المشرع الكويتي موضوع نفقة الزوجة بما تحتاج اليه من طعام وكسوة ومسكن وفرش وخدمة وسبب نفقة الزوجة على زوجها هو عقد الزواج الذي جعلها مقصورة عليه، واحتباسها لحقه ومنفعته ومستعدة لطاعته والنفقة واجبة للزوجة بلا فرق كونها غنية أو فقيرة، فليس على الزوجة ان تنفق على نفسها من مالها مهما كانت موسرة وتدخل النفقة بجانب ما ذكرالتطبيب لأن الزوجة من ركائزها الرحمة، فيجب على الزوج الانفاق على التطبيب اذا فرضت، وبذلك ألزمه القانون ولم يترك الأمر لاختيار الزوج وتقدر النفقة بحسب حال الزوج يسرا أو عسرا مهما كانت حال الزوجة من الغنى والفقرِ وقد وضع القانون الكويتي مدة أقلها سنة لتعديل النفقة المطلوبة في حال تغيرت ظروف الزوج وأسعار البلد، فاذا امتنع غدت النفقة في ذمة الزوج والمشرع الكويتي لم يطلق المطالبة بالنفقة المتجمدة عن مدة سابقة فعلى الزوجة ان تطالب بحقها أولا بأول ولا تتأخر أكثر من سنتينِ
والمسكن الشرعي يدخل احيانا ضمن النفقة تتوافر فيه شروطه في ان يكون ملائما لحال الزوج المالية ومستقلا لا يشاركها فيه احد حتى من أهل الزوج أو أولاده من زوجة أخرى، الا اذا كان ولده من غيرها صغيرا غير مميز، وان يكون المسكن مشتملا جميع المستلزمات الانسانية وفي مكان أمينِ ومن حقوق الزوج على زوجته قرارها في بيت الزوجة فلا تخرج منه الا بإذنه ما دام لا يوجد مسوغ شرعي للخروج، فمن خرجت بغير مسوغ تعتبر انها نشزت عن طاعته وسقط حقها في النفقة مدة النشوز، والنشوز لا يثبت الا بحكم قضائيِ
الطلاق والحضانة
وتطرقت الحميدان الى موضوع الطلاق لأهميته وارتباطه بنصوص متعددة من قانون الأحوال الشخصية كالنفقة والحصانة والولاية على النفس وغيرهاِ وأشارت الى ان قضية الطلاق متفاقمة في مجتمعنا حيث ان الفارق الثقافي والاجتماعي يعتبر سببا رئيسيا للانفصال، وعدم استمرارية الحياة الزوجة فكان على المشرع اضافة مثل هذا المعيار الثقافي والاجتماعي، وذلك لأن ديمومة الحياة تستمد من اعتبارات متعددة كالتوازن بين طرفي العلاقة والمقصود فيه الانسجام والتوافق الفكري والمستوى الاجتماعي المتقارب فلا تكون هناك فجوة كبيرة بين طرفي العلاقة حتى لا يفقد الزوجان لغة التفاهم والتحاور والانسجام النفسيِ كما تحدثت عن الحضانة التي تعني ضم الولد وتربيته، ومن له الحق في الحضانة ويثبت حق الحضانة للرجال والنساء على ما هو أنفع للمحضون وأصلح، الا ان النساء بها أليق لأنهن أبصر وأقوم على حفظ الصغار من الرجال لزيادة شفقتهم وملازمتهن للبيوت وأجمع الفقهاء على ان الأم اذا كانت قد توفرت لها أهلية الحضانة تكون أحسن بامساك الولد وتربيته من الأب ومن غيره حال قيام الزوجية، وحال انقضائها ولأن الأم أقرب الى وليدها وليس للأب مثل شفقتها لا يتولى الحضانة بنفسه، انما يدفعه الى امرأته أو أجنبية وأمه أولى من امرأة أبيه الأجنبية ومن أجنبيةِ
واذا لم توجد الأم أو لم تكن أهلا للحضانة انتقل حق الحضانة الى من يليها من النساء بترتيب لمستحقيها كالتالي:
حق الحضانة للأم، ثم لأمها، ثم الخالة، ثم خالة الأم، ثم عمة الأم، ثم الجدة للأب، ثم الأب، ثم الأخت، ثم العمة، ثم عمة الأب، ثم خالة الأب، ثم بنت الأخ، ثم بنت الأخت، بتقديم الشقيق، ثم الأم، ثم الأب من الجميعِ اذا لم يوجد مستحق للحضانة من هؤلاء انتقل الحق من الحضانة الى الوصي المختار، ثم الجد العاصب، ثم الجد الرحمي، ثم ابن الأخ، ثم العم، ثم ابنة بتقديم الشقيق، ثم الأم ثم الأبِ اذا تساوى المستحقون للحضانة اختار القاضي الأصلح منهم للمحضونِ وجاءت المادة 196 ‘أحق الرؤية للأبوين وللأجداد فقط وليس للحاضن ان يمنع احد هؤلاء من رؤية المحضونِ في حالة المنع وعدم الرغبة يعين القاضي موعدا دوريا ومكانا مناسبا لرؤية الولد يتمكن فيه بقية أهله من رؤيتهِ
نصوص تحتاج إلى تعديل
قالت الحميدان ان القانون تحتاج بعض نصوصه الى تعديل لملائمة الأوضاع المستجدة وأهمها نشر الوعي القانوني الصحيح لكل من الرجل والمرأة لمعرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه بعضهم البعض واتجاه ابنائهم ومجتمعهم يعود بالنفع الكثير للأسرة الكويتية، وذلك لإيماننا بان قضية الوعي القانوني تهم الجنسين وليست مقتصرة على النساء من دون الرجالِ
اضافة مادة في قانون الأحوال الشخصية خاصة باعلان الزوجةِ
اضافة مادة هدفها بث الوعي القانوني لدى الطلبة ضمن منهج وزارة التربيةِ
اعطاء دورات عن فن التعامل من قضايا مهمة للمقبلين على الزواج والمتزوجينِ
وجود سجل خاص بأسماء المحكمين لقضايا الأحوال الشخصيةِ
النظر في وضع المرأة بالمذهب الجعفري بالتيسير والتخفيف من القيود الواقعة على عاتق المرأةِ
تفعيل دور مختار المنطقة بالنسبة الى قضايا الرؤية وسجل المحكمين المقترح اعدادهِ
اضافة المعيار الثقافي والاجتماعي للمادة 35 من قانون الأحوال الشخصية الكويتيِ
الأخذ بعين الاعتبار القيود الزمنية والشكلية والنفسية والأخلاقيةِ
تطوير ودعم مكتب الاستشارات الأسرية الموجود حاليا بقصر العدل، ووجهت تحية لكل من يعطي للأسرة ضمانات ليقيها من الانهيار ويعطيها مزيدا من القوة والديمومة لبناء المجتمع الكويتيِ
كتبت حنان الزايد
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً