«حق الارتفاق»
يوسف الفراج
التزمت في هذه الزاوية بأن أورد بعض المصطلحات المشهورة في المحاكم أو كتابات العدل وأشير إلى مدلولها وأهم أحكامها لإفادة القارئ وبالذات غير المتخصص بالمراد من هذه المفردات حين ورودها في وثائق المحاكم أو كتابات العدل أو حين ترد في المرافعات, ومن هذه المصطلحات: «حق الارتفاق» فهو من المصطلحات العقارية التي يكثر تردادها كثيرا وتنشأ بخصوصه العديد من الدعاوى وبالذات في المناطق الزراعية.
وقد ورد بخصوصه قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي برقم 171 (9/18) باسم : «حقوق الارتفاق وتطبيقاته المعاصرة في الأملاك المشتركة» بتاريخ 21/11/1428هـ, ولأهميته فسأورد نصه مع حذف ما لا يؤثر في مضمونه, فقد قرر المجمع بعد اطلاعه على البحوث الواردة إليه بخصوص موضوع حقوق الارتفاق وتطبيقاته المعاصرة في الأملاك المشتركة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ما يأتي: أن حقوق الارتفاق هي كل ما ثبت لعقارٍ ما على عقارٍ آخرٍ من الأمور المنتفع بها، مما يقبل الاشتراك, وبهذا فإن أنواع الارتفاقات متعددة ومتجددة، ومما ذكره الفقهاء قديماً -حق الشرب: وهو نوبة الانتفاع بالماء لسقيا الزرع والحيوانات، أو لإجراء الماء من عقار إلى آخر.
وحق المسيل: هو إسالة الماء الفائض عن الحاجة أو غير الصالح من الأرض المرتفعة إلى الأرض المرتفق بها، أو مروراً بها إلى مصرف عام, وحق المرور: هو ما يثبت لأرض من حق، في المرور إليها على أرض أخرى مجاورة لها, وحق التعلي أو العلو: هو حق الجزء الأعلى من البناء الذي يتكون من بناءين، أو من أبنية متعددة مترادفة فوق بعضها، في أن يعلو ويستقر على البناء الأسفل منه، والمملوك لغيره.
وقد قرر المجمع أن حقوق الارتفاق تنشأ بالأسباب التالية: – إذن المالك في الأموال الخاصة، إما بطريق المعاوضة، أو التبرع- أو: الضرورة, أو: إحياء الموات, أو :الجوار والأملاك المشترك, كما يمكن أن تحدث أسبابُ تنشئ حقوق ارتفاق حديثة تكون معتبرة شرعاً ما لم تخالف نصوص الشريعة وقواعدها العامة، مثل تمديد أسلاك الكهرباء وأقنية وأنابيب الصرف الصحي, وقد أشار القرار إلى بعض الأحكام المهمة, وهي: أن القاعدة الكلية لحقوق الارتفاق أن الأصل في المنافع الحل، وفي المضار التحريم. وأما المياه الخاصة المحرزة فلا تستحق إلا عند الضرورة، وبثمن المثل؛ وأن حق الارتفاق بالشرب أو بالإجراء وبالمسيل ثابت للعقار والمزارع ونحوها بما يقتضيه جريان العرف والعادة,
ومن ذلك: الارتفاق بإجراء الأنابيب بغرض تشغيل المصانع والمعامل أو الصرف الصحي، مقيداً ذلك كله بعدم الإضرار؛ وأن حق التعلي ثابت لصاحبه وله التصرف فيه بعوض ودونه بحسب ما تقتضيه الأحكام المنظمة له, ومما استقر العرف المعاصر على جعله من حقوق الارتفاق إمرار وسائل الخدمات العامة، كوسائل الاتصال، والكهرباء، والماء، والغاز، والصرف الصحي، والتكييف المركزي.
وأن مواقف السيارات إذا كانت مواقف خاصة كالبنايات والأسواق والمحال التجارية تتبع العين التي أُبيح الوقوف من أجلها, انتهى النقل عن القرار.
وقد ورد النص على حق الارتفاق في نظام التسجيل العيني للعقار الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/6 بتاريخ 11/2/1423هـ, فقد جاء فيه تعريف حق الارتفاق بأنه: حق عيني عقاري يحد من منفعة عقار لمصلحة عقار غيره يملكه شخص آخر. وسيكون لي عودة – إن شاء الله – للتعليق على بعض ما ورد في قرار المجمع من أنواع حق الارتفاق كحق التعلي ونحوه.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً