عبء الاثبات
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ومحمد عبد الرحمن سلامة وسعيد أحمد محمد حسين برغلى وأحمد عبد العزيز ابو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجـــــراءات
فى يوم الأحد الموافق 23/3/1997 أودع الأستاذ توفيق محمد حواش المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2664 لسنة 43 ق.ع ى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 4198 لسنة 44 ق بجلسة 28/1/1997 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بأحقية الطاعن فى التمتع بالجنسية المصرية كمصرى أصيل مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن مراحل التقاضى. وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بتمتع الطاعن بالجنسية المصرية الأصلية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/2/1999 وبجلسة 17/5/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلستها على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمـــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4198 لسنة 44 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 11/4/1990 طلب فى ختامها الحكم بإلغاء قرار مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بعدم اعتباره مصرى الجنسية والقضاء بتمتعه بهذه الجنسية ومنحه شهادة الجنسية وجواز سفر مصرى، وقال شرحاً لدعواه أنه ولد بمصر فى تاريخ 14/1/1951 لأب ولد بمصر عام 1878 كان يعمل فراناً وظل متمتعاً بالجنسية المصرية إلى أن دعته الحاجة إلى التماس المعونة التى كانت تصرف للفلسطينيين فأدعى على غير الحقيقة أنه فلسطينى الجنسية فى الستينات بعد أن عجز عن العمل لكبر سنه ونتيجة لذلك عومل بالجنسية الفلسطينية هو وأولاده ومنهم المدعى الذى حصل على وثيقة سفر فلسطينية وعندما أراد المدعى إثبات تمتعه بالجنسية المصرية رفضت الجهة الإدارية الاستجابة له رغم تقدمه بشهادة ميلاده الرسمية وعقد واجه والده الرسمى بناحية مركز بنها فى 5/9/1918 من فاطمة سالم حسنين، وشهادة ميلاد شقيقه سالم بمصر فى 10/2/1923، وكشف رسمى من مصلحة الضرائب العقارية مؤرخ 24/1/1984 باسم والده عن المدة من 1926 تى 1949، يفيد وجود مصالح مستقرة له بالبلاد بناحية الزيتون بالقاهرة وشهادة ميلاد شقيقه محمد ثابت بها أن من مواليد القاهرة فى 25/1/1927 وأنه مصرى الجنسية، وعقد بيع رسمى باسم والده مؤرخ 13/11/1926 اشترى والده بمقتضاه أرض فضاء بناحية الزيتون واصل إنذار شفعه مؤرخ 19/4/1927 ثابت به اسم والده،
وعقود بيع تواريخها 2/2/1927، 17/5/1927، 23/8/1930 صادرة من والده، وشهادة وفاة والده عام 1983 عن عمر بلغ (105) سنة بناحية المطرية بوصفه مصرى الجنسية، وأضاف المدعى أن والده كان يقيم بمصر خلال المدة من 1914 حتى 1929 وهى المدة التى اشترطتها جهة الإدارة وإلا فكيف يرتبط مع أسرة بنسب وزواج سنة 1918 ثم يصبح شيخاً لناحية الزيتون بالقاهرة مالم يكن من أهل البلاد وعلى علم بأهل وسكان منطقة الزيتون. وإذا كان عقد زواجه عام 1918 فلا مبرر لتشكيك فى إقامته بمصر عام 1914 حتى ولو لم يقدم أوراقاً رسمية كوكيل على إقامته فى مصر خلال هذه الفترة، بعد أن عجز عن الحصول على شهادة ميلاد والده ويعتبر من أهل البلاد الأصليين أو على الأقل من العثمانيين الذين يقيمون فى مصر منذ أمد بعيد.
وبجلسة 28/1/1997 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية يشترط لاعتبار الشخص مصرى الجنسية شرطان الأول أن يكون من الرعايا العثمانيين والثانى أن يقيم عادة فى مصر خلال المدة من الخامس من نوفمبر سنة 1914 حتى العاشر من مارس سنة 1929 وبالنسبة للشرط الثانى والخاص بإقامة والد المدعى المدة من 5/11/1914 حتى 10/3/1929 فأن المستندات التى تقدم بها المدعى لا تكفى لإثبات هذه الإقامة ذلك أنه بالنسبة إلى عقد زواج والد المدعى من والدته فى الخامس من سبتمبر سنة 1918 لا يمكن التعويل عليه أو الاحتجاج به لإثبات أن والد المدعى مصرى الجنسية لأنه لم يعد أصلاً لذل كما لا يجوز الاستناد إلى عقد الزواج لإثبات إقامة والد المدعى بمصر توصلاً للحكم له بثبوت الجنسية المصرية لأنه كان يعامل فى البلاد بوصفه فلسطينى الجنسية وله ملف إقامة بمصر حيث كان يعامل على هذا الأساس، كما لا يجوز الاعتداد بأى من عقود البيع المؤرخة 13/11/1926، 2/2/1927، 17/5/1927، 23/8/1930، أو إنذار الشفعة المؤرخ 19/4/1927 لأنها لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية، وبالنسبة لشهادة ميلاد شقيق المدعى بأنها ليست أصل شهادة الميلاد أو مستخرج رسمى منها، وإنما صورة قيد ميلاد صدرت فى 31/5/1985، وتضمنت أن سالم إبراهيم رضوان من مواليد 10/2/1923 وأن والده مصرى الجنسية، ورغم عدم كفايتها لإثبات إقامة والد المدعى فإن تاريخها يقف عند 10/2/1923 ولا يمتد إلى 15/11/1914.
وأضافت المحكمة أنه فضلاً عما تقدم فالثابت من الإطلاع على ملف إقامة المدعى رقم 216-22-930 وملف إقامة والده إبراهيم رضوان سالم أبو غرارة رقم 11-216-40176 أن والد المدعى فلسطينى الجنسية ولد برفح فلسطين عام 1889 ورخص له بالإقامة المؤقتة فى مصر وجددت إقامتها بها عام 1965 وعام 1968 وعومل هو وأولاده باعتبارهم من الجنسية الفلسطينية وظلت تجدد إقامتهم بهذا الوصف منذ ذلك التاريخ، فقد تقدم والد المدعى بعدة طلبات إلى مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية لتجديد إقامته، وهذه الطلبات مؤرخة 4/5/1965، 2/11/1967، 19/3/1968، 17/1/1970، 14/7/1971 وأوضح فى هذه الطلبات أنه فلسطينى الجنسية وله إقامة مؤقتة بمصر وأنه ولد فى رفع عام 1889 وتقدم بطلبات أخرى لتجديد الإقامة بتاريخ 25/2/1971 وبتاريخ 23/10/1974 وبمناسبة تخلفه عن تجديد إقامة بمصر فقد أجرى معه تحقيق بتاريخ 27/7/1976 واقر بمحضر التحقيق أنه فلسطينى الجنسية ورقم إقامته بمصر هو 21091، وتقرر إعفاء والد المدعى من النتائج المترتبة على تخلفه عن تجديد الإقامة فى مواعيدها نظراً لكبر سنه، وبتاريخ 12/5/1980 تقدم بطلب للحصول على وثيقة سفر جديدة وبين فى طلبه أنه فلسطينى الجنسية كما قدم شقيق المدعى (عبد المنعم) فى 10/2/1968 طلباً إلى المصلحة المذكورة لتجديد إقامته وذكر فيه أنه فلسطينى الجنسية وأنه تاريخ ميلاده هو 23/2/1929 وأنه ولد بمصر ونظراً إلى أنه قد ورد فى شهادة ميلاده هو وأولاده أن جنسية الأب مصرى رغم أنه فلسطينى لذلك تم توجيه مكاتبات إلى مصلحة الأحوال المدنية المصرية لتصحيح جنسية الأب إلى فلسطينى الجنسية وتم هذا التصحيح فى 9/4/168.
وأن المستفاد مما تقدم – كما ذهبت المحكمة – إلى أن والد المدعى ظل يعامل طوال مدة إقامته بمصر على أنه فلسطينى الجنسية ولم يعامل هو وشقيق المدعى (عبد المنعم) بوصفهما مصريان الجنسية مطلقا، وإنما كانا يعاملان بوصفهما من الجنسية الفلسطينية ولذلك فقد كان لكل منهما ملف للإقامة وطالما الأمر كذلك فإن جنسية والد المدعى الثانية له هى الجنسية الفلسطينية ولم تثبت له الجنسية المصرية لعدم استيفائه الشروط اللازمة لثبوت هذه الجنسية وبالتالى فإن الجنسية المصرية لا تثبت للمدعى، وبهذه المثابة فأن الدعوى الماثلة تكون مجردة من سندها القانونى خليقة بالرفض.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للواقع والقانون وللثابت من الأوراق على النحو التالى:-
أولاً: الأوراق المقدمة من الطاعن لم تجحدها جهة الإدارة وفى ذات الوقت لم تقدم ما يخالفها إلا بعد عام 1969 حين قدمت مذكرة تضمنت أن والد الطاعن يحمل وثيقة سفر فلسطينية مؤرخة 25/12/1969 وبطاقة إقامة باعتباره فلسطينى عام 1989 من مواليد خان يونس عام 1919 وأنه سبق وتقدم بطلب قرر فيه أنه فلسطينى الجنسية وله ملف إقامة ثابت وتقدم بطلب للحصول على وثيقة سفر فلسطينية عام 1970 وكذا فى عام 1992 الأمر الذى يبين معه أن الأوراق الرسمية التى تقدم بها الطاعن لم تجحد ولم يطعن عليها بأى طعن ينال من حجيتها، فضلاً عن أن المستند الصادر عن الإدارة المصرية هى الأول بالترجيح عن تلك الصادرة من جهات غير مصرية، فكيف يقال أن شهادة ميلاد الطاعن وأخوته وعقد زواج أبيه من أمه والكشوف الرسمية من مصلحة الضرائب بمعاملاته كلها لا تثمر فى إثبات إقامته أو نسبه أو جنسيته وتكون وثيقة السفر الفلسطينية هى الأصدق فى الإثبات.
ثانياً: وإذا كان والد الطاعن ليس هناك ما يقطع بيقين أنه مصرى، فأنه فى ذات الوقت ليس هناك ما يقطع بأنه فلسطينى، وأن الشك لابد أن يفسر لصالح طالب الجنسية عدلاً بحسبان أن إقامته بالبلاد قائمة وأنه وأخوته مولودون بمصر، الأمر الذى يرجح فى حقه الجنسية المصرية الأكثر من تلك الفلسطينية أى أن الواقع يؤيد حقه.
ثالثاً: أن الحالة الظاهرة تؤكد مصرية الطاعن لتوافر عناصرها من اسم وشهرة ومعاملة، فالمذكور له بطاقة عائلية وشهادة ميلاد ووالده متزوج فى مصر عام 1918 والأوراق الرسمية دالة على إقامته وشافعة أن لم تكن قد أعدت أصلاً لإثبات أصالته المصرية وخاصة وأن أباه كان شيخاً للزيتون، فضلاً عن إقامته هو وأسرته المدة الطويلة وفقاً لتعاملاته الموثقة بأوراق رسمية كلها مؤكدة وتظاهر حالته بأنه مصرى أصيل خاصة وأن المادة (4/5) من قانون الجنسية الحالى رقم 26 لسنة 1675 تمنح الجنسية المصرية لكل أجنبى جعل إقامته العادية فى مصر لمدة عشر سنوات متتالية على الأقل سابقة على تقديم طلب التجنس.
رابعاً: الجنسية مستمدة مباشرة من القانون دون نظر إلى ما يدعيه أى طرف فضلاً عن أنها ليست من إطلاقات الحكومة، وفى هذا المقام قررت محكمة النقض أن الجنسية بمقتضى قانون الجنسية مقررة بحكم القانون متى توافرت شروطها وليست أمراً متعلقاً بالسيادة وهذا فضلاً عن حالة الطاعن أكرم وأفضل من اللقيط والتى يمكن ثبوت الجنسية المصرية له.
خامساً: ولما كانت الجنسية حالة قانونية تثبت مباشرة من القانون ومستمدة منه، فإن إقرار الطاعن جدلاً بأنه غير مصرى أو فلسطينى لا تجرده من مصريته، طالما كانت هذه الجنسية مستمدة من القانون وليس سبب إقراره أو إنكاره، الأمر الذى يبين منه أن الواقع والمستندات يعطيان الطاعن الحق فى الجنسية المصرية.
ومن حيث أن المادة (6) من الدستور تنص على أن “الجنسية المصرية ينظمها القانون، وقد بدأ التنظيم القانونى للجنسية المصرية منذ سنة 1926 بالمرسوم بقانون الصادر فى 26/5/1926 بعد أن أصبح لمصر الحق فى تنظيم جنسيتها نتيجة لاستقلالها عن الدولة العثمانية واستمر العمل به حتى صدر المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 المنظم للجنسية المصرية، ثم تلاه القانون رقم 160 لسنة 1950 الذى بقى نافذاً حتى صدور القانون رقم 391 لسنة 1956 وبعد الوحدة مع سوريا صدر القانون رقم 82 لسنة 1958 وتلاه بعد الانفصال القانون رقم 26 لسنة 1975.
ومن حيث أنه قد استقرت الأحكام والدساتير المتعاقبة منذ دستور 1923 حتى دستور 1971 والقوانين المنظمة للجنسية المصرية حتى القانون النافذ رقم 26 لسنة 1975 على أن الجنسية المصرية مركز قانونى يتحقق فى المواطن المصرى بواقع ميلاده أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقاً للشروط وللمدد التى حددها القانون وهى فى حالة التجنس مركز يستمده الفرد من القانون وليس ثمة تقدير لأحد أو السلطة فى إسباغ وصف المصرى على من تتوفر فيه الشروط التى استلزمها المشرع للتمتع بالجنسية المصرية ولا تملك الجهة الإدارة المختصة تقديراً فى إصباغ صفته المصرية على شخص أو حرمانه من هذه الصفة على خلاف حكم القانون وما صحته فى هذا الشأن. ويقع عبء إثبات الجنسية المصرية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها، ولا يكفى فى إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بجنسيتها ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية مادامت هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية فالمرد فى النهاية إلى أحكام قانون الجنسية الواجب التطبيق الذى تحدد أحكامه الاشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامه.
ومن حيث أن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 فى شأن الجنسية المصرية على أن “يعتبر داخلاً فى الجنسية المصرية بحكم القانون: أولاً. . . . . ثانياً. . . . . . ثالثاً: من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة فى القطر المصرى فى 5 نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ نشر هذا القانون، ثم نصت المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 على أن المصريون هم 1) . . . . 2). . . .. 3). . . . . . 4) . . . . . . 5) الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ 10 مارس سنة 1929 سواء أكانوا بالغين أم قصر”. كما قضت المادة الأولى من القانون رقم 390 لسنة 1956 بأن المصريون هم أولاً: المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن. “وقضت المادة الأولى من القانون الحالى رقم 26 لسنة 1975 على ان “المصريون هم أولاً: المتوطنون فى مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون”.
ومن حيث أن المستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع المصرى قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف فاعتبر الرعايا العثمانيين من المصريين إذا توافر فى حقهم شرط الإقامة المعتادة خلال الفترة من 5 نوفمبر سنة 1914 حتى 10 مارس 1929 وقد أكدت جميع القوانين الصادرة فى هذا الشأن حق هذه الطائفة فى التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت فى حقهم الشروط المشار إليها بأن كانوا مقيمين فى الأراضى المصرية المدة المشار إليها هم أو أصولهم.
ومن حيث أنه يتعين لثبوت الجنسية المصرية للطاعن أن يثبت أولاً إقامة والده فى مصر المدة من 5 نوفمبر سنة 1914 حتى 10 مارس 1929 ويكتسبها الطاعن تبعاً لوالده، ولما كان الثابت من ملف إقامة والد الطاعن “إبراهيم رضوان سالم أبو غراره” رقم 11-216-40176 وملف إقامة الطاعن رقم 216-22-930 أنه ولد برفح فلسطين عام 1889 وعومل باعتباره فلسطينى الجنسية وظلت تجدد إقامته فى مصر بهذا الوصف فقد تقدم أولها بتاريخ 4/5/1965 وأخرها فى 23/10/1974 أوضح فيها أنه فلسطينى الجنسية وله إقامة مؤقته فى مصر وأنه ولد برفح عام 1889 وإذ تخلف تجديد إقامته بمصر أجرى تحقيق معه بتاريخ 27/8/1976 أقر فيه والد الطاعن أنه فلسطينى الجنسية ورقم إقامته بمصر هو 21091 وتقرر نظراً لكبر سنه إعفاؤه من النتائج المترتبة على تخلفه عن تجديد الإقامة، وبتاريخ 12/5/1980 تقدم بطلب للحصول على وثيقة سفر جديدة وأوضح فى طلبه أن وثيقة السفر السابقة رقمها 4314 انتهت صلاحيتها فى 25/5/1977 وأنه فلسطينى الجنسية،
ومن ثم فإن والد الطاعن ظل يعامل طوال مدة إقامته بمصر على أنه فلسطينى الجنسية، ولا يغير من ذلك ما قدمه الطاعن من وثيقة زواج والده فى سبتمبر 1918 أو عقود البيع المقدمة منها والمؤرخة ما بين 13/11/1926 حتى 23/8/1930 أو إنذار الشفعة المؤرخ 19/4/1927، وصورة طبق الأصل من الحكم المرفوع من بعض الأشخاص ومنهم والد الطاعن ضد شخص آخر للمطالبة بتعويض عن بعض الأضرار والصادر بجلسة 3/1/1914 من محكمة العريش الجزئية فكلها لا تصلح أساساً لإثبات الجنسية فضلاً عن تصورها فى ثبوت الإقامة المستمرة من 5/11/1914 حتى 10/3/1929 وعلى ما تقدم فأنه لم يثبت الطاعن إقامة والده بمصر المدة المشار إليها ومن ثم لا يكتسب الطاعن الجنسية المصرية بالتبعية لوالده، كما لا يمكن للطاعن اكتساب هذه الجنسية بحكم إقامته فى مصر بالنظر إلى إقامته فى مصر على أساس أنه فلسطينى الجنسية، وبالنسبة لشقيقه عبد المنعم فقد طلب بتاريخ 10/2/168 إلى مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية تجديد إقامته وذكر فى الطلب أنه فلسطينى الجنسية وأن تاريخ ميلاده هو 23/2/1929 وأنه ولد فى مصر ونظراً إلى أنه قد ورد فى شهادة ميلاده هو وأولاده أن جنسية الأب مصرى رغم أنه فلسطينى وتم تصحيح جنسية الأب إلى فلسطينى الجنسية فى 9/4/1968، وعلى ما تقدم فأن الطاعن لم يقدم ما يثبت إقامة والده بمصر المدة من 5/11/1914 حتى 10/3/1929 ولا بإقامته هو بمصر ومن ثم لا تتوافر فى شأنه شروط ثبوت الجنسية المصرية، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
اترك تعليقاً