حكم قضائي في الأثر الرجعي لحكم القضاء الدستوري

الأثر الرجعي لحكم القضاء الدستوري

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تشكلت محكمة البداءة في الكرادة بتاريخ 21/1/2014 برئاسة القاضي السيد سالم روضان الموسوي المأذون بالقضاء باسم الشعب وأصدرت قرارها الآتي:
المدعون/ د، ي واولاده
المدعى عليه/ وزير المالية ـ اضافة لوظيفته ـ
الاشخاص الثالثة /1 ـ ه ، ه ، ج
2ـ ك
القرار
لدعوى المدعين وللمرافعة الحضورية العلنية حيث ادعوا بان اللجنة القضائية في الرصافة /2 اصدرت قرار الحكم العدد ….. في 15/2/2007 الذي قضى بالحكم للمدعين بتعويض نقدي عن قيمة سهامهم في العقار المرقم …… وحيث ان حكم المادة (25) من قانون هيئة دعاوى الملكية اتى بمعيار جديد لاحتساب التعويض يقضي باعتماد قيمة العقار وقت الكشف الاخير لذلك يطلبون الحكم بالفرق ولغرض الرسم يقدر مبلغ التعويض بمقدار (300,000,000) ثلاثمائة مليون دينار والاحتفاظ بالمطالبة بما يقرره الخبراء في الزيادة وتحميل المدعى عليه الرسوم والمصاريف، وبعد المرافعة تقدم الاشخاص الثالثة بطلب دخولهم الى جانب المدعين للمطالبة بالفرق لأنهم كانوا طرفاً في الدعوى المنظورة من اللجنة القضائية وقرر قبول دخولهم الى جانب المدعين ثم اطلعت المحكمة على صورة قيد العقار كما اطلعت على اضبارة الدعوى في اللجنة القضائية العدد …… ولوحظ ان المدعين فيها هم الاشخاص الثالثة في هذه الدعوى ويطلبون التعويض عن العقار المرقم 450/1 البو شجاع وصدر القرار بمنحهم التعويض ثم اقيمت الدعوى لاحقا بطلب الفرق بالغبن الذي لحق بهم وأصدرت اللجنة القضائية قرارها العدد ……

في 3/7/2011 وقضت فيه بالفرق بين قيمة العقار وقت اقامة الدعوى ووقت الكشف الذي صدر بموجبه الحكم ثم اعيد القرار منقوضاً لوجود خطأ في الاحتساب وبعد ذلك ابطلت عريضة الدعوى ثم اقيمت مجددا امام هذه المحكمة وبعد الاستماع لوكلاء الطرفين والإطلاع على اللوائح القانونية المتبادلة بينهم اصدرت المحكمة قرارها المؤرخ في 23/7/2013 الذي قضى بإلزام المدعى عليه بتأديته للمدعين والأشخاص الثالثة بفرق الغبن عن احتساب قيمة العقار العائد لهم بموجب حكم المادة 25 من قانون هيئة دعاوى الملكية رقم (13) لسنة (2010 ) ثم اعيدت اضبارة الدعوى من محكمة التمييز الاتحادية مشفوعة بالقرار التمييزي العدد 4752-4753/مدنية عقار/2013 في 17/9/2013 الذي قضى بنقض قرار هذه المحكمة لأنها ترى عدم توفر الغبن في الدعوى ولأن المدعين والأشخاص الثالثة قد استحصلوا على التعويض المقدر من هيئة الخبراء وكان موضوعيا ومعتدلا وبعد دعوة الطرفين تلي قرار النقض التمييزي علنا وطلب وكيل المدعين الحكم لموكليه على وفق ما جاء بعريضة الدعوى وان عنصر الغبن متحقق فيها ثم طلب وكيل المدعى عليه اتباع القرار التمييزي ورد الدعوى لعدم وجود غبن فضلا عن تعطيل حكم المادة (25) من قانون هيئة دعاوى الملكية بموجب قرار المحكمة الاتحادية العليا لأنها مادة غير دستورية، ثم اوضح وكيل المدعين ان دعوى موكليه متوفرة على اسبابها القانونية عند اقامتها لان المادة (25)

من قانون هيئة دعاوى الملكية كانت نافذة وغير معطلة وتحقق لموكليه مركز قانوني تجاه المدعى عليه بموجب تلك المادة عند نفاذها ولا يؤثر في ذلك تعطيلها لاحقا، وتجد المحكمة ان الدعوى بعد نقض القرار الذي صدر بموجبها المؤرخ في 17/9/2013 عادت الى الحالة التي كانت عليها قبل اصدار الحكم وان قرار النقض كان موضوعيا يتعلق بعناصر الغبن ومدى توفره في الدعوى على وفق المادة (25) من قانون هيئة دعاوى الملكية وحينما صدر قرار النقض كانت المادة اعلاه فاعلة ونافذة الا ان تلك المادة تعطلت بموجب قرار المحكمة الاتحادية العليا العدد (114/اتحادية/2013 في 4/12/2013)

الذي قضى بعدم دستوريتها وان هذا القرار بات وملزم للجميع من تاريخ صدوره على وفق حكم المادة (94) من دستور عام 2005 وبذلك فان تلك المادة اصبحت بحال العدم وكأنها لم تكن ولا يجوز الاستناد اليها للمطالبة بحق كانت قد اقرته للمدعين لان الحق حتى يكون فاعلا ويتمتع بالحماية ومنها المطالبة القضائية ان يستند الى مصدر اما قانوني او تعاقدي او بموجب ارادة منفردة وبما ان ذلك الحق المطالب به محل بحث هذه الدعوى كان بموجب المادة (25) من قانون هيئة دعاوى الملكية وإنها عطلت لعدم دستوريتها فان ذلك الحق يعد فاقد لمشروعيته لانعدام مصدره الذي ينشئه ويحميه ولا يجوز للمدعين المطالبة بما كان مترتبا بموجبها وتكون الدعوى واجبة الرد من هذه الجهة ولا يجوز الخوض في مدى توفرها على عناصر الغبن من عدمه، اما عن دفع وكيل المدعين بان دعوى موكله اقيمت اثناء نفاذ وسريان تلك المادة وترتب لموكله مركز قانوني تجاه المدعى عليه وتعطيلها لاحقا لا ينعكس على دعوى موكله،

وهذا الدفع يمثل واحدة من جهات النظر الفقهية في فقه القانون والقضاء الدستوري اذ يرى بعض فقهاء الدستور ان الحكم بعدم الدستورية يكون نافذ من تاريخ صدوره ولا يسري على ما سبق لان حكمه حكم التعديل او الالغاء التشريعي ولا يسري بأثر رجعي إلا اذا نص على ذلك في صلبه وهؤلاء لهم اسبابهم منها ان استقرار المعاملات يوجب احترام المراكز القانونية التي ظهرت من جراء تطبيق تلك المادة المعطلة دستوريا عندما كانت نافذة وهذا الرأي له بعض التطبيقات القضائية منها قضاء المحكمة الادارية العليا في مصر بقرارها العدد رقم 8852 في 17/5/2003 الذي جاء فيه (الأثر الرجعى لحكم الدستورية يستثنى منه الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم)

وفي قرارات المحكمة الاتحادية العليا العراقية نلمس هذا الاتجاه عندما اقتصر حكمها على المستقبل ولا يسري على ما اتخذ من اجراء سابق لصدوره وعلى وفق قرارها العدد (11/اتحادية/2010 في 14/6/2010) الذي قضى بتعطيل الفقرة (ب) من المادة (1/ثالثا) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 المعدل الذي جاء فيه ( ان حكم الفقرة الفقرة (ب) من المادة (1/ثالثا) من القانون رقم 26 لسنة 2009 قانون تعديل قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 حكم غير دستوري ، عليه قررت المحكمة الحكم بعدم دستوريتها وبوجوب منح المكون الايزيدي عدد من المقاعد النيابية يتناسب مع عدد نفوسه في انتخابات مجلس النواب العراقي لدورته القادمة لعام 2014 ، وحسب الاحصاء السكاني الذي سوف يجري في العراق مستقبلاً) والقرار العدد 12/اتحادية/2010 في 14/6/2010 الذي قضى بعدم دستورية الفقرة (رابعاً) من المادة (3)

من القانون رقم 26 لسنة 2009 قانون تعديل قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 الذي يتعلق (بتوزيع المقاعد الشاغرة في مجلس النواب على ان لا يخل في عملية توزيعها لدورة مجلس النواب لعام 2010 بعدما جرى التصديق عليها من المحكمة الاتحادية) كما يوجد رأي فقهي اخر بأن الحكم بعدم الدستورية يسري بأثر رجعي لان طبيعة الحكم كاشفة وغير منشئه والقانون او المادة المعطلة دستورياً تكون بحكم العدم منذ صدورها لمخالفتها الدستور والمبادئ التي تضمنها ابتداءً وما دور حكم القضاء الدستوري إلا كاشفا لهذا العيب الدستوري وحيث انه كان باطلا فانه لا يرتب اثرا وكل ما ترتب عنه من مركز قانوني يكون باطلا على وفق القواعد العامة بان الباطل لا يرتب اثرا وما بني على الباطل كان باطلا ومثال ذلك في تطبيقات القضاء المصري قرار المحكمة الادارية العليا العدد (5462 في 20/2/2005)

الذي جاء فيه الاتي (قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية يكتسب حجية مطلقة في مواجهة الكافة بما فى ذلك أجهزة الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولا فصلا لا يقبل تأويلا ولا تعقيبا من أي جهة كانت ومن ثم فان المحكمة تتقيد بقضاء المحكمة الدستورية العليا المشار أليه وتعمل مقتضاه على وقائع الطعن الماثل باعتبار أن هذا القضاء يعد كاشفا عما بالنص التشريعي من عوار دستوري مما يودي ألي زواله وفقده قوة نفاذة منذ بدء العمل به)

وفي القضاء الدستوري العراقي تأكيد لهذا الاتجاه وعلى وفق ما جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا العدد 60/اتحادية/2009 في 12/7/2010 الذي قضى بالاتي (عدم دستورية القرار الصادر من رئيس النظام السابق رقم 67 في 31/7/2001 وإلغائه وإعادة الحال الى ما كانت عليه قطعة الارض موضوع الدعوى قبل اصدار القرار اعلاه) وهذا الحكم قد تضمن تطبيق لمبدأ ان الحكم كاشف عن بطلان القانون المطعون فيه ويعد باطلا كل تصرف تم بموجبه، وهذا التباين في وجهات النظر الفقهية وتطبيقات القضاء الدستوري له من المسوغات التي تحصن كل نظرية او وجهة نظر من النقد الموجه إليها ، اما عن موضوع هذه الدعوى فأن المحكمة تجد ان الحكم الدستوري هو حكم كاشف لعيبٍ اعترى النص المطعون فيه لأنه صدر على خلاف الدستور ويكون فيه عيب دستوري وكل قانون ما لم يكن على وفق مبادئ الدستور الذي يعد هو القانون الاسمى والذي يجب ان تتطابق مع احكامه مشروعية القوانين الصادرة في ظله او التي كانت صادرة وبقيت نافذة في ظل أحكامه، وبذلك فان الحكم بعدم دستورية المادة (25)

من قانون هيئة دعاوى الملكية وتعطيل حكمها هو بيان بمثابة اعلان عن عدم وجودها منذ تاريخ صدورها بتاريخ نشر قانون دعاوى الملكية رقم (13) لسنة 2010 في جريدة الوقائع العراقية بتاريخ 09/03/2010 والمراكز التي نشئت في فترة نفاذها تكون ملزمة بالمقدار الذي لا يتعارض مع الدستور اذا كانت تتعلق بترتيب حقوق ثابتة ومستقرة لان القول بغير ذلك يؤدي الى عدم استقرار المعاملات وفي تطبيقات القضاء الدستوري مقاربة لوجهة النظر القانونية تلك على وفق ما ذكر انفا إلا ان المدعين والأشخاص الثالثة لم يترتب لهم حق ثابت تجاه المدعى عليه وهو مصدر تكوين المركز القانوني لهم بمعنى ان حق التعويض عن فرق الغبن يكون ثابتا للمدعين والأشخاص الثالثة متى اصبح الحكم القضائي الذي قضى بذلك حكما باتا لا يجوز نقضه فيكون هذا الحكم هو مصدر الحق الذي ترتب لهم وخلق لهم مركزا قانونيا تجاه من قضى الحكم بإلزامه اما مجرد طلب المدعي بذلك الحق، حتى وان كان ضمن فترة نفاذ حكم المادة (25) من قانون هيئة دعاوى الملكية فانه لا يمثل حقا ثابتا للمدعين لأنه ما زال محل نزاع وخصومة والدعوى عند نظرها في جلسة يوم 19/1/2014 كانت ما زالت قائمة وفي هذا التاريخ حكم المادة (25)

دعاوى الملكية قد اصبحت بحكم العدم لتعطيلها دستورياً فيكون مصدر الحق الذي تمسك به المدعون والأشخاص الثالثة قد انتهى وان الطلب اضحى بغير ذي سند في القانون وتكون الدعوى واجبة الرد من جهة عدم توفرها على سند في القانون يمثل مصدرا لحق يطالب به المدعون والأشخاص الثالثة وليس لأنها غير متوفرة على عناصر الغبن لان هذا السبب يكون له حضور عندما يكون حق المطالبة بالغبن قائم بموجب نص في القانون النافذ وليس معطل لذلك فان قرار محكمة التمييز الاتحادية وان قضى بنقض قرار الحكم من جهة الموضوع إلا ان هذه المحكمة ترى ان الدعوى واجبة الرد من جهة انعدام الحق الذي يستند اليه المدعون والأشخاص الثالثة ومما تقدم وبالطلب قرر الحكم برد دعوى المدعين والأشخاص الثالثة من هذه الجهة وتحميلهم الرسوم والمصاريف وأتعاب محاماة لوكلاء المدعى عليه الموظفين الحقوقيين (ث، س) مبلغ مقداره (150,000) مائة وخمسون الف دينار استنادا لأحكام المواد 21 ، 25 اثبات 161 ، 163 ، 166 مرافعات 63 محاماة حكما حضوريا قابلا للتمييز وافهم علنا في 21/1/2014 .

القاضي
سالم روضان الموسوي

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.