الطعن 985 لسنة 31 ق جلسة 12 / 2 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 36 ص 132 جلسة 12 من فبراير سنة 1962
برياسة السيد المستشار محمد عطية اسماعيل، وحضور السادة المستشارين: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان.
———–
(36)
الطعن رقم 985 لسنة 31 القضائية
أسباب الإباحة. “الدفاع الشرعي”. حكم “تسبيبه”.
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو نفيها. من سلطة قاضى الموضوع. شرط ذلك: أن يكون استدلاله سليما.
مثال: لفساد الاستدلال في نفى تلك الحالة. قول الحكم إن المتهم ذهب إلى مكان الحادث مسلحا. علة ذلك: مجرد حمل السلاح لا يستلزم حتما أن المتهم كان منتويا الاعتداء.
من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع فيها بلا معقب عليها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليما يؤدى إلى ما انتهى إليه.
فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في نفى حالة الدفاع الشرعي التي تمسك بها المتهمان في دفاعهما على ما قرره من أنهما حضرا إلى مكان الحادث مسلحين واستدل بذلك على أن كلا منهما ذهب مهاجما وليس مدافعا، فإن الحكم يكون مشوبا بفساد الاستدلال لأن مجرد حضور المتهم إلى مكان الحادث حاملا سلاحا لا يستلزم القول بأنه كان منتويا الاعتداء لا الدفاع.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين وآخرين بأنهم: المتهمان الأول “الطاعن الأول” والثاني – أولا – شرعا في قتل المتهم الثالث “الطاعن الثاني” عمدا بأن أطلقا عليه عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو تدارك المجنى عليه بالعلاج. ثانيا – أحرزا سلاحين ناريين من الأسلحة المششخنة الموصوفة بالمحضر بدون ترخيص. ثالثا – أحرزا ذخيرة وطلقات دون أن يكون مرخصا لهما في حيازة السلاح أو إحرازه. والمتهم الثالث “الطاعن الثاني” – أولا – شرع في قتل المتهم الأول عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من طبنجة كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المصاب بالعلاج. ثانيا – أحرز سلاحا ناريا مششخنا “طبنجة” بدون ترخيص. ثالثا – أحرز ذخيرة “طلقات” دون أن يكون مرخصا له في حيازة السلاح أو إحرازه. والمتهم الرابع – أولا – حاز سلاحا ناريا من الأسلحة المششخنة “الطبنجة المضبوطة” والموصوفة بالمحضر بدون ترخيص. ثانيا – حاز ذخيرة وطلقات دون أن يكون مرخصا له في حيازة السلاح أو إحرازه. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 – 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند ب من القسم الأول من الجدول 3 الملحق. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهم الثاني وبمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة لباقي المتهمين والمادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهم الرابع بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث بالسجن مدة ثلاث سنين وبمعاقبة المتهم الرابع بالحبس لمدة ستة شهور مع الشغل ومصادرة السلاح المضبوط وببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه. فطعن المتهمان الأول والثالث المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ.
المحكمة
… وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في البيان والفساد في الاستدلال، ذلك أن كلا منهما دفع التهمة المسندة إليه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه فأطرح الحكم هذا الدفاع بقوله إن الدفاع عن النفس لا يقبل ممن يحضر إلى مكان الحادث مسلحا ابتداء بالسلاح الناري لأن تسلحه هذا يقطع بأنه جاء مهاجما وهو الأمر الذى ينتفى معه وجود حالة الدفاع الشرعي. وهذا الذى قاله الحكم لا يصلح ردا، ذلك أنه لا يمكن افتراض أن كل شخص يقصد إلى مكان الحادث حاملا سلاحا أنه قد انتوى استعمال هذا السلاح في مهاجمة الغير.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعنان في هذا الوجه من أسباب طعنيهما بقوله “إن الدفاع عن كل من هذين المتهمين “الطاعنين” ادعى أن موكله كان في حالة دفاع عن النفس ولا يقبل هذا ممن يحضر إلى محل الحادث مسلحا ابتداء بالسلاح الناري لأن تسلحه هذا يقطع بأنه جاء مهاجما الأمر الذى ينتفى معه وجود حالة الدفاع الشرعي …” لما كان ما تقدم، وكان يبين منه أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد في نفى حالة الدفاع الشرعي التي تمسك بها الطاعنان في دفاعهما على ما قرره من أنهما حضرا إلى مكان الحادث مسلحين واستدل بذلك على أن كلا منهما ذهب مهاجما وليس مدافعا، وهو استدلال غير سائغ ذلك لأن مجرد حضور المتهم إلى مكان الحادث حاملا سلاحا لا يستلزم حتما القول بأنه كان منتويا الاعتداء لا الدفاع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب عليها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم استدلالا سليما يؤدى منطقيا إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان ما وقع فيه الحكم المطعون فيه من فساد الاستدلال على نفى قيام حالة الدفاع الشرعي قد حال دون تحقيق محكمة الموضوع لما دفع به الطاعنان من قيام تلك الحالة الأمر الذى جعل الحكم مشوبا أيضا بالقصور مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة، وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة من كل من الطاعنين.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً