تسليم مشغولات وتعويض
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
******************
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 28/6/ 2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح و يحيى خضرى نوبى محمد و د. محمد ماجد محمود أحمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس
سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 7592 لسنة 46 القضائية عليا
المقـــــام من
رؤوف عبد الرحمن عبد الظاهر
ضــــــــد
1- وزير التموين والتجارة الداخلية بصفته الرئيس الأعلى
لمصلحة دمغ المصوغات والموازين
2- وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ”
في الدعوى رقم 9059 لسنة 49 ق بجلسة 16/4/2000
——————————————————————
الإجــــــــــراءات
———————–
في يوم الأربعاء الموافق 14/6/2000 أودع الأستاذ / جلال سعد سليمان المحامى نائباً عن الأستاذ / كمال مصطفى حشيش المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإداريــة العليــا, تقريراً بالطعن قيد بجدولها العمومى تحت رقم 7592 لسنة 46 ق. عليا, فــي الحكـــم الصــادر مـن محكمــة القضـــاء الإداري ” دائرة العقود الإدارية والتعويضـات ” فـي الدعـوى رقـــم 9059 لسنــة 49 ق. بجلسة 16/4/2000 والقاضى منطوقه: ” بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لطلبى رد المضبوطات بالمحضــر المحـــرر بتاريــخ 17/9/1991 ورد المبالغ المحصلة عنها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 18265 لسنة 1991 – مدنى كلى جنوب القاهرة, وبرفض طلب التعويض وألزمت المدعى المصروفات “.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم – بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء:
أصلياً: بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن مبلغ مائة ألف جنيها كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية.
احتياطياً: 1- تسليم الطاعن المشغولات الذهبية موضوع الطعن والمبينة بتقرير مصلحة الدمغة والموازين.
2- رد مبلغ اثنين وسبعون ألف وستمائة وثلاثة وستون جنيهاً وستمائة مليم والمسددة لمصلحة الجمارك مع إلزامهما بالمصاريف.
و قد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً, ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/7/2002 وبجلسة 3/3/2003 قـررت تلك الدائــرة إحالـــة الطعـــن إلى المحكمــة الإداريــة العليــا ( الدائــرة الأولــى – موضـوع ) وحددت لنظره أمامها جلسة 15/3/2003,وتداولت نظره بهذه الجلسة علي النحو الثابت بمحضرها وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/6/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء في شهر .
وبجلسة اليوم, صدر الحكم, وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمـــــــــــــــــــة
*******************
بعد الاطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن الطاعن أقام دعواه بداءة أمام محكمة الأمور المستعجلة بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 28/2/1995 وقيدت بجدولها تحت رقم 1319 لسنة 1995 مستعجل القاهرة – مختصماً المطعون ضده الأول بصفته بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف البيع بالمزاد العلنى والمحدد لـه شهر مارس 1995 وذلك للمشغولات الذهبية المملوكة لـه لحين الفصل فى الدعوى رقم 87 لسنة 1995 مستعجل القاهرة مع إلزام المدعى عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل الطليق من الكفالة على سند من القول أنه فوجئ بمجموعة من مندوبى مكافحة التهرب الجمركى بمصاحبة مندوبى دمغ المصوغات والموازين بتفتيش محل خان الخليلى للمصوغات الذى يعمل مديراً له, وقامت تلك اللجنة بجرد جميع محتويات المحل و ادعت أن هناك كمية من المشغولات الذهبية وقدرها 618 جرام ليس عليها دمغة واعتبرتها اللجنة الجمركية أنها مشغولات مستوردة وتعتبر مهربة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم الأخرى وقام بتسديد التعويضات التى قررتها اللجنة الجمركية رغم أنه حاول توضيح أن كافة المشغولات الذهبية المتحفظ عليها هى مشغولات مصرية الصنع ومدموغة تمغة مصرية ولكن دون جدوى مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 87 لسنة 1995 مستعجل القاهرة لمعاينة المشغولات الذهبية وإثبات حالتها إلا أنه فوجئ بتحديد شهر مارس 1995 لبيع المشغولات الذهبية المملوكة له بالمزاد العلنى.
وبجلسة 29/7/1995 قضت محكمة الأمور المستعجلة فى القضية رقم 1319/95 مستعجل القاهرة فى مادة مستعجلة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها لمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة – وأبقت الفصل فى المصروفات – ونفاذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى وقيدت بجدولها برقم 9059 لسنة 49ق. وتداولت نظرها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث أودع وكيل المدعى بجلسة 24/1/1999 صحيفة معلنة قانوناً بتاريخ 23/1/1999 اختصم فيها وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك طالباً الحكم:
أولاً: بإلزام المطعون ضده الأول بصفته تسليمه المشغولات الذهبية موضوع الدعوى والمبينة تفصيلاً بتقرير مصلحة الدمغة والموازين مع إلزامه بأن يؤدى لـه مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء مسلك وتعسف المطعون ضده الأول.
ثانياً: إلزام المطعون ضده الثانى بصفته برد المبالغ المحصلة دون وجه حق والبالغ قيمتها اثنين وسبعون ألف وستمائة وثلاثة وستون جنيهاً وستمائة مليم والمحصلة بمعرفة مصلحة الجمارك تأسيساً على أن المشغولات الذهبية غير مدموغة بالدمغة المصرية – وذلك على خلاف الحقيقة – وثابت ذلك بتقرير مصلحة الدمغة والموازين بعد فحص المشغولات وإيداع تقريرها المرفق بالأوراق, مع إلزام المطعون ضدهما متضامنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 16/4/2000م أصدرت محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها – بعد استعراض نص المادة 101 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 – على أساس اتحاد الدعوى الماثلة والدعوى رقم 18265 / 91 مدنى كلى جنوب القاهرة – فى الخصوم والموضوع والسبب ومن ثم فإنه إعمالاً لنص المادة 101 سالفة الذكر فإنه لا يجوز إعادة طرح النزاع مرة أخرى بعد سابقة الفصل فيه بحكم حائز لقوة الأمر المقضى به ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للطلبات المشار إليها لسابقة الفصل فيها.
كما أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب التعويض – والذى لم يكن معروضاً على محكمة جنوب القاهرة فى الدعوى رقم 18265 لسنة 91 المشار إليها سلفاً – على أن الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 18265 لسنة 91 مدنى كلى جنوب القاهرة – والذى تأيد استئنافياً انتفاء خطأ جهة الإدارة فيما اتخذته من إجراءات قبل المدعى , فإن المطالبة بالتعويض, تضحى بغير سند.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه , كما صدر مشوباً بالفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ومخالفاً للحقيقة والواقع للأسباب الآتية:
(1) أن المحكمة استندت إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 18265/1991 فى رفض طلب التعويض بالرغم من أن هذه الدعوى لم تشمله وهو ما قررته المحكمة فى حيثيات حكمها, فيكون حكمها الطعين قد جاء مخالفاً لنص المادة الثانية من قانون الإثبات وجاء متناقضاً فيما سرده ومع ما انتهى إليه.
(2) أن الحكم الطعين استند فى رفض طلب التعويض على أسباب مضطربة أوقعته فى فساد الاستدلال وأخلى مسئولية الجهة الإدارية, فجنح جنوحاً أوقعه فى القصور فيما قرره على خلاف أوراق الدعوى والتفت عن فحص وتمحيص المستندات, وكذلك ما سطره تقرير مفوض الدولة, وخاصة أنه قد ورد بتقرير الجهة الإدارية ذاتها ما يدل على الخطأ الفادح وإساءة استخدام سلطتها من خلال استيلائها على المشغولات الذهبية للمحل الذى يعمل به الطاعن مديراً وإكراه الطاعن على التوقيع على محضر صلح والالتفات عن طلباته المتكررة لتشكيل لجنة لمعاينة تلك المشغولات وفحصها لأنها مدموغة بالدمغة المصرية, كما أن اللجنة المشكلة فى مصلحة الدمغة والموازين كان لها رأى مخالف للحكم الطعين ويشهد على خطأ الجهة الإدارية, لذا فإن طلب التعويض فى محله.
(3) استند الحكم المطعون فيه بقضائه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 18265 لسنة 1991 رغم عدم توافر شروط تطبيق نص المادة 101 من قانون الإثبات تأسيساً على أن الدعوى المستشهد بها تختلف فى موضوعها عن موضوع الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين, حيث إن طلباته فى الدعوى الأولى هى طلب ندب خبير فى حين أن طلباته فى الدعوى الثانية هى وقف بيع المشغولات الذهبية بالمزاد العلنى وإلغاء القرار المتقدم الذى جاء على خلاف المشروعية.
ومن حيث إن مقطع النزاع الماثل ينحصر فى بيان ما إذا كان موضوع الدعوى محل الحكم القضائى السابق الحائز لقوة الأمر المقضى يختلف عن موضوع الدعوى محل الطعن الماثل أم مختلفاً.
ومن حيث إن المادة 101 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية تنص على أنه : ” الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق , ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية, ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً.
وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
ومن حيث إن مفاد هذا النص – طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – أن ثمة شروطاً يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضى, وهذه الشروط كما يبين من المقارنة بين صدر النص وعجزه تنقسم إلى قسمين: قسم يتعلق بالحكم : حيث يشترط لاعتبار الحكم حائزاً حجية الأمر المقضى أن تتوافر فيه الشروط الآتية :
أولاً : أن يكون صادراً من جهة قضائية ومفهوم الجهة القضائية ليس قاصراً على المحاكم فحسب وإنما يدخل فى مدلولها أى جهة لها ولاية القضاء بمقتضى القانون.
ثانيا: أن يكون لهذه الجهة ولاية فى إصدار الحكم بموجب سلطتها أو وظيفتها القضائية لا سلطتها أو وظيفتها الولائية.
ثالثاً : أن يكون الحكم قطعياً أى يكون قد فصل فى موضوع النزاع سواء فى جملته أو فى جزء منه أو فى مسألة متفرعة عنه فصلاً حاسماً لا رجوع فيه من جانب الجهة التى أصدرته, وذلك بعد أن تكون قد تناولت موضوع النزاع أو المسألة التى أصدرت فيها حكمها بالموازنة بين حجج الخصوم وأوجه دفاعهم ورجحت كفة أحد طرفى الخصومة على الآخر بحيث يمكن القول أن هذا الحكم قد فصل فى موضوع النزاع أو حسمه حسماً باتاً لا رجوع لـه فيه, وذلك دون إخلال بحق الخصوم فى الطعن على الحكم بالطرق المقررة قانوناً, على أن يكون التمسك بالحجية فى منطوق الحكم لا فى أسبابه إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب.
والقسم الثانى: يتعلق بالحق المدعى به فيشترط فيه الآتى:
أولاً: أن يكون هناك اتحاد فى الخصوم :
ويقصد بهذا الشرط اتحاد الخصوم بصفاتهم وليس بأشخاصهم, حيث إن حجية الأحكام قاصرة على طرفى الخصومة فيها حقيقة أو حكماً دون أن تتغير صفات الذين كان النزاع قائماً بينهم ففصلت فيه المحكمة لصالح أيهما.
ثانياً: أن يكون هناك اتحاد فى المحل:
والمقصود بوحـدة المحل أو الموضوع هو الحق الذى يطالب الخصم القضاء لـه به أو المصلحة التى يستهدفها من وراء رفع دعواه, وعلى ذلك تتحقق وحدة المحل فى كلتا الدعويين إذا كان موضوع الدعوى الأولى الذى حسمه الحكم السابق هو نفسه موضوع الدعوى الثانية المطروحة على المحكمة أى يجب أن تكون المسألة المقضى فيها هى الأساس المشترك فى الدعويين.
ثالثاً: أن يكون هناك اتحاد فى السبب :
والمقصود بسبب الدعوى هو المصدر القانونى للحق المدعى به فقد يكون عقداً أو إرادة منفردة أو فعلاً غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصاً فى القانون.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أحد الدفوع الشكلية الجوهرية التى تتصل اتصالاً وثيقاً بمبدأ حجية الأحكام القضائية ويقترن بأحد طرق الإثبات وهو ” القرائن ” ويسمى بقرينة الأمر المقضى المنصوص عليها فى المادة 101/1 من قانون الإثبات سالف الذكر, حيث اعتبر المشرع حجية الأمر المقضى قرينة قانونية قاطعة مؤداها مطابقة الحقيقة القضائية للحقيقة الواقعية إلا أن مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع فى ذات المسألة المقضى فيها أن يكون الحكم قد فصل فى النزاع المطروح بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية بعد أن تناقش فيه الطرفان, واستقرت حقيقته بينهما بهذا الحكم استقراراً مانعاً من إعادة طرحه من جديد فى أى دعوى تالية محلها أى حقوق متفرعة من هذه المسألة المشتركة بين الدعويين أو مترتبة عليها, والبت فيه بحكم ثان, وعلى ذلك متى حاز الحكم قوة الأمر المقضى فإنه يكون حجة فيما فصل فيه من مسائل ويعتبر عنواناً للحقيقة فقوة الأمر المقضى للحكم تسمو على قواعد النظام العام, ومن ثم لا يجوز نقض هذه الحجية بدعوى مبتدأة إتقاء لتعارض الأحكام وتأييد المنازعات, وهى اعتبارات تتعلق بالنظام العام, وبالتالى فإن هذا الدفع متعلق بالنظام العام , وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها متى كانت مقوماته متوافرة, ويجوز للخصم أن يتمسك بهذا الدفع ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق أنه بتاريخ 17/9/1991 قامت لجنة مشّكلة من مندوبى مكافحة التهرب الجمركى ومفتشين من مصلحة دمغ المصوغات والموازين بالقيام بعملية مشتركة تمثلت فى تفتيش محل مصوغات عدلى محمد مراد وقد أسفـر هـذا التفتيـش فـى ظـل تواجـد مديــر هــذا المحل / رؤوف عبد الرحمن عبد الظاهر ( الطاعن ) عن وجود كمية من المشغولات الذهبية المستوردة بدون دمغة حكومية وغير مسدد عنها الضرائب والرسوم الجمركية بلغ وزنها 618.2 جراماً كما تم ضبط فازات مستوردة وتم تحرير محضر ضبط ضد المذكور أقر فيه أنه حصل على هذه البضاعة من بعض الأفراد القادمين إلى القاهرة عند خروجهم من المطار, وليس لديه أية مستندات تفيد سداد الضرائب الجمركية وأنه يقبل التصالح مع مصلحة الضرائب عن تلك البضائع.
وبتاريخ 2/10/1991 تقدم الطاعن بطلب تصالح مع مصلحة الجمارك وأنه مستعد لسداد جميع مستحقات الدولة لإثبات حسن نيته.
وعرض طلبه المذكور على لجنة التصالح المشّكلة بالقرار الوزارى رقم 39 لسنة 1984 وقدرت إجمالى قيمة الضرائب والرسوم وقيمة التعويضات والغرامات المستحقة بمبلغ 72663.66 جنيه وقام الطاعن بسداد هذا المبلغ لحساب مصلحة الجمارك, بالإضافة إلى مصادرة المصوغات الذهبية المضبوطة.
وأحيل الطاعن إلى النيابة العامة بناء على محضر الضبط المؤرخ 17/9/1991 فأحالته للمحاكمة الجنائية فى قضية النيابة العمومية رقم 225 لسنة 92 أمام محكمة الجرائم المالية حيث أسندت إليه أنه فى يوم 17/9/1991م بدائرة قسم الجمالية :
(1) هرب البضائع الأجنبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق تهرباً من سداد الرسوم الجمركية المستحقة وذلك بقصد الاتجار.
(2) استورد البضائع سالفة الذكر دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطات المختصة, وبجلسة 22/2/1993 حكمت المحكمة المذكورة غيابياً :
أولاً: بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن التهمة الأولى.
ثانياً: بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى, وإحالتها للنيابة العامة فى ذلك الشق لاتخاذ شئونها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 18265 لسنة 1991 مدنى كلى جنوب القاهرة – أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بموجب صحيفة أودعها قلم كتابها بتاريخ 7/12/1991 م مختصماً كلاً من : (1) وزير التموين والتجارة الداخلية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة دمغ المصوغات والموازين. (2) وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك – طالباً الحكم :
أولاً: بصفة مستعجلة : بعدم فتح حرز المشغولات الذهبية أو التصرف فيها.
ثانياً: أصلياً: رد جميع المبالغ التى حُصلت من المدعى بمعرفة مصلحة الجمارك وكذلك برد مشمول حرز المضبوطات باعتبارها غير مستوردة.
واحتياطياً: ندب خبير لفحص الإحراز لبيان ما إذا كانت محلية أو مستوردة وفحص فواتير الشراء.
وبجلسة 29/4/1993 حكمت المحكمة المذكورة:
أولاً : بصفة مستعجلة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطلب الأول.
ثانياً: برفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات.
وطعن الطاعن على الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف المقيد بجدولها العمومـى تحـت رقــم 8870 لسنــة 110ق, وبجلســة 29/6/1994 قضـت تلك المحكمة: ( بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف, وإلزام المستأنف المصروفات).
ولم يتم الطعن فى الحكم بالنقض حسبما ثبت من الشهادة الصادرة من قلم جدول محكمة النقض والمقيدة برقم 7033 لسنة 64 ق بتاريخ 19/9/1964, ثم أقام الطاعن الدعوى رقم 9059 لسنة 49ق – موضوع الطعن الماثل – السابق سرد واقعاتها.
ومن حيث إن الثابت من مقارنة الدعويين – السابقة – برقم 18265 لسنة 1991 – مدنى كلى جنوب القاهرة – الصادر فيها حكم حائز قوة الأمر المقضى – والدعوى الراهنة رقم 9059 لسنة 49ق يتضح أن ثمة اتحاداً فى الخصوم, إذ أن كلاً من الدعويين مرفوع من الطاعن ضد المطعون ضدهما وثمة اتحاداً فى المحل إذ أن الحق المطالب به فى كل من الدعويين واحد وهو رد المشغولات الذهبية التى تم ضبطها بموجب محضر الضبط المؤرخ فى 17/9/1991, ورد المبالغ المحصلة منه بمعرفة مصلحة الجمارك عن تلك المضبوطات, واتحاداً فى السبب وهو فى الدعويين عدم مشروعية ما اتخذته جهة الإدارة من إجراءات قبل الطاعن.
ومن حيث إنه بذلك يكون قد اكتملت شروط التمسك بحجية الأمر المقضى بالنسبة للحكم الصادر فى الدعوى رقم 18265 لسنة 1991 سالف الذكر من اتحاد الخصوم فى المحل والسبب ويكون من غير الجائز العودة إلى المنازعة من جديد فى شأن الطلبات المشار إليها سلفاً فى الدعوى الراهنة لسابقة الفصل فيها فى الدعوى السابقة إعمالاً لنص المادة 101 من قانون الإثبات آنف الذكر.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك ما ورد فى تقرير الطعن من أن طلباته فى الدعوى الأولى كانت ندب خبير, فى حين أن طلباته فى الدعوى الثانية وقف بيع المشغولات الذهبية بالمزاد العلنى وإلغاء هذا القرار – ذلك أن الثابت أنه أثناء تداول الدعوى أمام محكمـة القضـــاء الإدارى أودع وكيــل المدعــى ( الطاعن ) صحيفـة معلنة قانوناً فى 23/1/1999 اختصم فيها وزير المالية واختتمها بطلب الحكم :-
أولاً: بإلزام المطعون ضده الأول بصفته تسليمه المشغولات الذهبية موضوع الدعوى والمبينة تفصيلاً فى تقرير مصلحة الدمغة والموازين, مع إلزامه بأن يؤدى لـه مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من مسلك وتعسف المطعون ضده الأول.
ثانياً: إلزام المطعـون ضده الثانى برد المبالغ المحصلة منه دون وجه حق والبالغ قيمتهـا 72.663.600 والمحصلــة بمعرفــة مصلحــة الجمــارك, وبذلك يكــون المدعــى ( الطاعن ) قد عدل طلباته أمام محكمة القضاء الإدارى – وهى ذات الطلبات موضوع الدعوى رقم 18265 لسنة 1991م مدنى كلى جنوب القاهرة والتى كانت :
(1) عدم فتح حرز المشغولات الذهبية أو التصرف فيها .
(2) رد جميع المبالغ التى حُصلت من المدعى بمعرفة مصلحة الجمارك.
(3) رد مشمول حرز المضبوطات باعتبارها غير مستوردة.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بصفته بأن يؤدى لـه مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء مسلك وتعسف المطعون ضده المذكور, فإنه لما كان الثابت أن طلب التعويض المذكور لم يرد ضمن الطلبات محل الدعوى رقم 18265 لسنة 1991م مدنى كلى جنوب القاهرة, فإن الحكم الصادر فى هذه الدعوى لا يحوز فى هذا الخصوص حجية الأمر المقضى, وبهذه المثابة, فإنه لا يمثل قيداً على حرية محكمة أول درجة عند نظر هذا الطلب موضوعاً.
ومن حيث إنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن أساس مسئولية الإدارة هو وجود خطأ من جانبها , وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر, وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ فإن الثابت من الأوراق أن النزاع بين الطاعن وجهة الإدارة المطعون ضدها قد انتهى صلحاً, وبناء على هذا الصلح قام الطاعن بسداد جملة مبالغ التعويض المستحقة عليه نتيجة حيازته المشغولات الذهبية المنوه عنها سلفاً وفى مقابل ذلك انقضاء الدعوى العمومية فى جريمة التهريب المنسوبة إليه, ومن آثار هذا الصلح عدم رد البضائع المضبوطة فى الجريمة المشار إليها وحيث إن هذا التصالح ملزم لطرفيه ولا يجوز لأى طرف الرجوع عنه بإرادته المنفردة, وحيث إن حقيقة هذا الصلح وصحته وعدم بطلانه ومشروعية الإجراءات التى اتخذتها جهة الإدارة بشأنه قد حسمت واستقرت حقيقتها بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 18265 لسنة 1991 مدنى كلى جنوب القاهرة الحائز لقوة الأمر المقضى سالف الذكر, الأمر الذى ينتفى معه ركن الخطأ المستوجب لمسئولية الإدارة فى النزاع الماثل وبذلك ينهار أحد أركان المسئولية, ومن ثم يضحى طلب التعويض غير قائم على سند من القانون والواقع, جديراً بالرفض.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب بقضائه المنوه عنه سلفاً فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه على نحو ما استظهره للأسباب التى قام عليها وتتخذها هذه المحكمة أسباباً لحكمها ومن ثم يكون الطعن عليه على غير سند سليم من القانون الأمر الذى يتعين معه رفض الطعن مع إلزام الطاعن مصروفات الطعن عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
************
حكمت المحكمة
———————
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات .
سكرتير المحكمة رئـيس المحكمة
اترك تعليقاً