حكم للمحكمة الدستورية : عدم بيان النص الدستوري المدعي بمخالفته
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
المحكمة الدستورية
بالجلسة المنعقدة علناً بالمحكمة بتاريخ 17 من جمادى الأولى 1430هـ الموافق 12 من مايو 2009م
برئاسة السيد المستشار/ راشد عبد المحسن الحماد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ يوسف غنام الرشيد
وفيصل عبد العزيز المرشد وراشد يعقوب الشراح
وصالح مبارك الحريتي
وحضور السيد/ صفوت المفتي أحمد أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي:
في القضية المحالة من محكمة الاستئناف رقم (264) لسنة 2008م تجاري/ 3:
المرفوعة من: فالح حسن محمد حمد العجمي.
ضد:
1- بنك التسليف والادخار.
2- مدير عام المؤسسة العامة للرعاية السكنية بصفته.
المقيدة في سجل المحكمة الدستورية برقم (52) لسنة 2008 “دستوري”.
الوقائع
حيث إن حاصل الوقائع – حسبما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم (428) لسنة 2007 تجاري مدني كلي حكومة/ 12 بطلب الحكم بندب إدارة الخبراء بوزارة العدل لتعهد لأحد خبرائها المختصين بالاطلاع على ملف الدعوى، وما به من مستندات لبيان قيمة القرض المستحق له، وسنده وما تم صرفه منه، والمبلغ المتبقي المستحق له في ذمة المطعون ضده الأول، وإلزام الأخير بأن يؤدي له ما يسفر عنه التقرير من باقي قيمة القرض المستحق، وبالتعويض الذي تقدره المحكمة عما أصابه من أضرار مادية وأدبية.
وبياناً لذلك قال إنه تقدم بطلب للمؤسسة التي يمثلها المطعون ضده الثاني للحصول على الرعاية السكنية وفقاً لأحكام القانون رقم (47) لسنة 1993، وتم تخصيص قسيمة حكومية له بمنطقة جنوب الجهراء بموجب كتاب المؤسسة الصادر بتاريخ 11/12/2004، إلا أنه فوجئ بأن المطعون ضده الأول خصص له قرضاًَ لبناء هذه القسيمة الحكومية مقداره (46635 د. ك) مستنداً في ذلك إلى أن مبلغ القرض تم تحديده وفقاً للائحة البنك، في حين أن المادة (28) من قانون الرعاية السكنية رقم (47) لسنة 1993 قدرت قيمة القرض الذي يمنح لبناء سكن أو شرائه بمبلغ سبعين ألف دينار، وما تضمنته اللائحة يتعلق بحالات أخرى هي الخاصة بزيادة الانتفاع بالمباني والتوسعة والتعلية والإصلاح والترميم، فيكون تطبيقها عليه مخالفاً للقانون. وقد تسبب ذلك في إلحاق ضرر به يتمثل في عدم تمكنه من بناء المسكن لعدم كفاية مبلغ القرض المقدم له وعدم مساواته بغيره من المستحقين، الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى بطلباته سالفة البيان.
ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بجلسة 17/12/2007 برفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بالاستئناف رقم (264) لسنة 2008 تجاري/ 3، ودفع الحاضر عنه أمام محكمة الاستئناف بعدم دستورية لائحة بنك التسليف والادخار، وبجلسة 21/9/2008 قضت المحكمة بوقف نظر الاستئناف، وإحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية اللائحة المشار إليها “فيما تضمنته من تحديد القرض في حالات بذاتها بمبلغ أقل من سبعين ألف دينار بالمخالفة لنص المادة (28) من القانون رقم (47) لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية، وذات المخالفة أصابت قراري مدير عام البنك رقم (404) و (154) لسنة 1994.”.
هذا وقد ورد ملف الدعوى إلى إدارة كتاب هذه المحكمة، وتم قيده في سجلها برقم (52) لسنة 2008 “دستوري”، وجرى إخطار ذوي الشأن بذلك. وأودع الطاعن مذكرة طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية المادة (31) من لائحة بنك التسليف والادخار وقرار مدير البنك رقم (404) من لائحة بنك التسليف والادخار وقرار مدير البنك رقم (404) لسنة 1994.
وقد عين لنظر الدعوى أمام هذه المحكمة جلسة 26/4/2009 حيث نظرتها على الوجه المبين بمحضرها، وقدمت إدارة الفتوى والتشريع مذكرة بدفاع الحكومة طلبت في ختامها الحكم: أصلياً: بعدم قبول الدعوى الدستورية لعدم اتصالها بالمحكمة الدستورية وفقاً للقواعد والإجراءات المحددة قانوناً، واحتياطياً: بعدم اختصاص المحكمة بنظرها، وعلى سبيل الاحتياط الكلي برفضها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
حيث إنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن ولايتها في الرقابة القضائية على دستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى طبقاً للأوضاع الإجرائية الخاصة بنظام التداعي أمامها، ومن خلال الوسائل التي حددتها المادة الرابعة من قانون إنشاء هذه المحكمة رقم (14) لسنة 1973، ومن بينها الإحالة من إحدى المحاكم بناء على دفع يبديه أحد الخصوم في قضية مطروحة عليها بعدم دستورية نصوص تشريعية يكون الفصل في دستوريتها لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، تقدر المحكمة جديته من وجهة نظر أولية قوامها ظاهر الأمر المطاعن الدستورية الموجهة إلى تلك المنصوص، كما أنه من المقرر أيضاً أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها جديته، وهو بما يتعين لزوماً أن يكون الحكم الصادر بالإحالة إلى هذه المحكمة مستجمعاً للبيانات الجوهرية التي تنبئ عن تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع، متضمناً لحكم تعريفاً بالمسألة الدستورية بما ينفي التجهيل بها، موضحاً النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعي بمخالفته، والأوجه التي تقوم عليها هذه المخالفة على نحو تكشف معه هذه البيانات بذاتها عن ماهية المسألة الدستورية التي يعرض أمر الفصل فيها على هذه المحكمة، وتحديد نطاقها، وإلا كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة لعدم اتصالها بالمحكمة وفقاً للأوضاع الإجرائية المقررة قانوناً.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد استندت في حكمها الصادر بالإحالة إلى هذه المحكمة للفصل في مدى دستورية لائحة بنك التسليف والادخار إلى أن ما تضمنته هذه اللائحة من تحديد القرض في حالات بذاتها بمبلغ أقل من سبعين ألف دينار قد جاء مخالفاً لنص المادة (28) من القانون رقم (47) لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية، وأن ذات المخالفة قد أصابت قراري مدير عام البنك رقم (154) و (404) لسنة 1994، وهو ما يعد نعياً على اللائحة المشار إليها بمخالفتها القانون ولا يكشف بذاته عن عيب دستوري فيها، وكان الحكم لم يضمن قضاءه بالإحالة أي بيان عن النص الدستوري المدعي بمخالفته وأوجه المخالفة الدستورية، فإن حكم الإحالة إلى هذه المحكمة يكون – والحال كذلك – قد جاء قاصراً عن تحديد المسألة الدستورية الأمر الذي لا تتوافر معه مقومات قبول الدعوى الدستورية، ويتعين من ثم القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بعدم قبول الدعوى.
أمين سر الجلسةرئيس المحكمة
اترك تعليقاً