حكم هام لمحكمة النقض المصرية في جريمتي قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد واحراز سلاح أبيض دون مسوغ
الطعن 13309 لسنة 88 ق جلسة 2 / 12 / 2019
باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة الجنائية
دائرة الاثنين ( أ )
ــــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة برئاسة القاضـي / مصطـــفى محـــمد نائـــب رئــيس المحكمـة
وعضويــة القضـــاة / نادي عبد المعتمد أبو القــاسم ، هشام الشافعــــي
حسيــن النخـــلاوي و إبراهيــم فـؤاد
نـواب رئيـس المحكمــة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض / أحمد عبد المجيد.
وأمين السر / خالد عمر.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 5 من ربيع الآخر سنة 1441 هـ الموافق 2 من ديسمبر سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 13309 لسنة 88 القضائية .
المرفوع مـن
……..
……..
…….. ” الطـــــــــــــــــــاعــــــــــــنين “
المرفوع مـن
……..
……..
…….. ” الطــــــــاعــــــــــــنين “
ضـــــــــــــــد
النيـــابـــــــة العـــــــــــامــــــــة ” المطعون ضدها “
” الوقائـع “
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضيـة الجناية رقم 31114 لسنة 2015 قسم بولاق الدكرور ( المقيدة برقم 11251 لسنة 2015 كلي جنوب الجيزة ).
بوصف أنهم في يوم 17 من أكتوبر سنة 2017 بدائرة قسم بولاق الدكرور ـــــ محافظة الجيزة .
ـــ المتهمان الأول والثاني :ـــ قتلا المجني عليه / …….. ( زوج المتهمة الثالثة ) عمداً مع سبق الإصرار والترصد لخلافاته العائلية مع المتهم الأول استعرت نيرانها بتلاسنه باعوجاج سلوك شقيقته ( المتهمة الثالثة ) بعلاقتها الآثمة مع المتهم الثاني ولاستئثار الأخير بها ليستطردا ما بينهما من علاقة عاشر فيها بعضهما معاشرة الأزواج ، وتهديد المجني عليه لذويه بعدما كشف عنه السوء فتلاقت بواعثهما فوقر في نفسيهما الخلاص منه بعدما قضت الثالثة منهما واستحكمت إرادتهما فاستحصفوا قتله واتخذوا طريق الشيطان سبيلاً وأعطيا لوسواسه لجام سوقه فرسما مخططاً إجرامياً وأعدا وسيلة جريمتهما أسلحة وأدوات ( سكينتين ، قفازات طبية ، وشاحي رقبة ) وأقدما على تنفيذها بعدما جرى التنسيق بينهما والمتهمة الثالثة وهيأت لهما مسرح الواقعة ــــــ مسكن الزوجية ـــــ فتوجها صوبه ضاربين بخمور النسوة على وجهيهما متوارين بإحدى غرفه متربصين قدومه لتنفيذ ما انتوياه ولما حضر وقريبه على حين غرة فساء وجهاهما وانهالا عليه بطعنات قاسية بمواضع متفرقة من جسده منتويين إزهاق روحه محدثين به الإصابات التي أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أردته قتيلاً ولاذا بالفرار من مسرح الواقعة خشية افتضاح أمرهما وتحت قناع المكر بعدما وقفا على أمر وفاته تظاهروا بالحزن والأسى على فراقه على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــ المتهمة الثالثة :ـــ اشتركت بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني على ارتكاب الجريمة آنفة البيان بعدما رمت إلى إزهاق روحه وعقدت مخططها ونفاذاً لذلك استجلبت إرادتهما ودفعتهما لتحقيق ما رمت إليه وشحذت همتهما بتحقير المجنى عليه من شأن الأول وبأوقات المتعة مع المتهم الثاني ورسموا مخططاً إجرامياً وأنفذت دورها بتمهيدها لمسرح الواقعة ــــــ مسكن الزوجية ـــــــ وأمدتهما بمفتاح المسكن فتحققت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة .
ـــ المتهمان الأول والثاني : أحرزا سلاحين أبيضين ” سكينتين ” دون مسوغ من الضرورة المهنية استخدماهما في إحداث إصابات المجني عليه التي أودت بحياته .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى مدنياً ….. المحامي وكيلاً عن شقيقي المجني عليه قبل المتهمين بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكــــــورة قررت بجلسة 8 من نوفمبر سنة 2017 بإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة 7 من فبراير سنة 2018 للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 40/1 أولاً ، ثانياً و ثالثاً ، 41 ، 230 ، 231 ، 232 ، 235 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25 مكرراً /1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 6 من الجدول الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات والمادتين 309 / 2 ، 320 من قانون الإجراءات الجنائية ، بمعاقبة كل من / … ، و … و … بالإعدام شنقاً لما أسند إليهم وبمصادرة المضبوطات وألزمتهم المصروفات الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة وأبقت الفصل في مصروفاتها .
فطعن المحكوم عليه … في هذا الحكم بطريق النقض في 11 من فبراير سنة 2018 ، كما طعن المحكوم عليه … في هذا الحكم بطريق النقض في 12 من فبراير سنة 2018 ، كما طعنت المحكوم عليها … في هذا الحكم بطريق النقض في 18 من فبراير سنة 2018.
وأودعــــت مذكرتان بأسباب الطعن عن المحكوم عليهما الأول والثالثة ، الأولى في 29 من مارس سنة 2018 ، والثانية في 7 من أبريل سنة 2018 موقع عليهما من … المحامي ، وأودعت مذكرة عن المحكوم عليه الثاني في 7 من أبريل سنة 2018 موقع عليها من… المحامي.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تـلاه السيد القاضي المقـرر والمرافعـة والمداولة قانوناً.
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم :ـــ
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن الأول … والثالثة … ينعيان على الحكم المطعون فيه من خلال تقريري الأسباب أنه إذ دان الأول بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ ، ودان الثانية بجريمة الاشتراك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مع الطاعنين الأول والثاني في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه شابه الغموض والإبهام ، ولم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها والظروف التي وقعت فيها ولم يبين مؤدى إقرار الطاعنين الأول والثاني بالتحقيقات وبمحضر جلسة تجديد الحبس ومؤدى تقرير الصفة التشريحية اكتفاءً بنتيجته ، وخلا من بيان نص القانون الذى حكم بموجبه ، ودلل على توافر نية القتل في حقهما بما يخالف الثابت بالأوراق إذ أورد في أسبابه أن المتهمة الثالثة قد اتفقت مع المتهمين الآخرين على ترك منزل الزوجية لتفسح لهما المجال للانفراد بالمجنى عليه وأنها أعطت مفتاح الشقة محل الجريمة للمتهم الأول وهو ما لا أصل له بالأوراق ، وعول في إدانتهما على تحريات المباحث دون أن يورد مصدر تلك التحريات ورد بما لا يصلح رداً على الدفع بعدم جديتها ، كما أنه عول في إدانة المتهمة الثالثة على هذه التحريات وأقوال مجريها النقيب محمد سعيد الجوهري وهى لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً على ارتكاب الجريمة ، كما دفعا ببطلان القبض على المتهمين لمخالفته لنص المادة 127 من قانون الإجراءات الجنائية ، وببطلان اعتراف المتهمين الأول والثاني بالتحقيقات لوقوعه نتيجة إكراه مادي ومعنوي بيد أن المحكمة ردت على هذين الدفعين برد قاصر غير سائغ ، وأخيراً فقد تولى محامٍ واحد الدفـــــاع عن المتهميـــــن رغــــم تعارض مصلحتهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
كما ينعى الطاعن الثاني … أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح أبيض دون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه خلا من بيان نص القانون الذى حكم بموجبه ، وعول في إدانته على اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وعلى اعتراف المتهم الأول بمحضر تجديد الحبس دون بيان مؤداه ، ودلل على توافر نية القتل بما لا أصل له بالأوراق ولا تسانده أقوال الشهود ، واتخذ من التحريات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام في حقه دون أن يورد مصدر تلك التحريات ، فضلاً عن أن الحكم رد على الدفع بعدم جديتها بما لا يصلح رداً ، كما أن ما جاء باعتراف المتهمين الأول والثاني ليس فيه ما يشير إلى أن المتهمة الثالثة قد اتفقت معهما على ترك منزل المجنى عليه لتفسح لهما المجال للانفراد به ، كما أنه من غير المتصور عقلاً ومنطقاً أن تبقى المضبوطات في مقلب القمامة لمدة أكثر من يوم مما يؤكد عدم معقولية تصوير الواقعة ، ورد بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان القبض على المتهمين ، كما أن واحداً تولى الدفاع عن المتهمين الأول والثالثة رغم تعارض مصلحتهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بقوله : ” أنه وإثر خلافات عائلية بين المتهمة الثالثة … وبين زوجها المجني عليه … بسبب اعوجاج سلوك زوجته وارتباطها بعلاقة آثمة بالمتهم الثاني … وعندما علم الزوج بأمر هذه العلاقة أخبر أسرتها فاستشاط غيظاً المتهم الأول … شقيق المتهمة الثالثة من هذا ولكون المجنى عليه كان يعامله باحتقار ولم يمنحه أجره عن أعمال الدهانات التي قام بها بشقة المتهم الأول كما أهان والده ، ففكر في الانتقام من المجني عليه وقد تلاقت إرادته مع إرادة المتهم الثاني الذى أراد أيضاً الانتقام منه لتصفوا له الأحوال مع المتهمة الثالثة وتستمر علاقتهما المحرمة ولكون المجني عليه قد هدده بإلحاق الأذى به وبأفراد أسرته وكان وراء شحذ هذه العزائم لدى المتهمين الأول والثاني وتحريكها نحو قتل المجني عليه المتهمة الثالثة التي راحت تحرضهم بعبارات ترددها للمتهم الأول وشقيقها وراحت تشحذ عزيمتهما مستغلة في ذلك الضغينة بين شقيقها المتهم الأول والمجنى عليه ورغبة عشيقها في الاستئثار بها لتستمر في النهم من هذه العلاقة المحرمة وقد اندفع المتهمان الأول والثاني نحو تحقيق هدفها وامتثالاً لتحريضها فخططا وتقابلا وتلاقت إرادتهما على قتل المجني عليه وأعدا لذلك سكينتين ووشاحي رقبة لكى يكون كل منهما ملثماً وقت ارتكاب الواقعة وانتهى الاتفاق أن يكون مكان التنفيذ مسكن المجني عليه وقد اتفقت معهما المتهمة الثالثة بأن تترك لهما مسكن الزوجية في اليوم المحدد وبعد أن اشترى المتهم الثاني قفازات طبية لإخفاء بصماتهما وذهب المتهمان الأول والثاني إلى مسكن المجني عليه ودلفا بداخله واختبئا لمدة ساعة حتى حضر المجني عليه برفقة قريبه … وتركه ودخل غرفة نومه وقام المتهمان بالإجهاز عليه طعناً بالسكين التي معهما فطعناه طعنات متوالية وفى أماكن متفرقة من جسده قاصدين إزهاق روحه والمجنى عليه يجرى أمامهما وهو يصيح خارج من طرقة شقته وهما خلفه للحاق به ليتحقق لهما ما أرادا وآنذاك هرع الضيف … نحو صوت المجنى عليه وخلفه المتهمان ملثمين ممسكاً كل منهما سكيناً مخضبةً بالدماء ويرتديان قفازات طبية بأيديهما والمجني عليه خرجت أمعاؤه أمامه وسقط أمامه ، ثم قام المتهم الثاني بفتح باب الشقة وتمكن من الهرب وحال نزولهما على السلم عثرا على كرتونة قاما بوضع السكينتين والقفازات ووشاحي الرقبة المستخدمين في الحادث بداخلها وقاما بالتخلص منها بإحدى مقالب القمامة وانصرف المتهم الثاني هرباً وذهب المتهم الأول إلى شارع التحرير وقام بالاتصال بشقيقته المتهمة الثالثة وأخبرها أنه ينتظرها ، وقام ضيف المجنى عليه بمحاولة إسعافه عن طريق الاتصال بشقيق الأخير ويدعى … وأخبره بالواقعة فحضر شقيقه وقاما بنقل المجنى عليه إلى المستشفى وهناك فارق الحياة وعقب علم المتهمة الثالثة من شقيقة المجنى عليه بمقتله ذهبت لمقابلة المتهم الأول بشارع التحرير حيث كان ينتظرها لتذهب معه إلى المستشفى التي بها زوجها المجنى عليه وكأنها لا تعلم بأمر مقتله ومن فعل ذلك وطلبت من نجل شقيقتها المدعو … أن يذهب لمنزل الزوجية ومسرح الجريمة ليحضر لها مبلغاً مالياً كانت تخبئه هناك وطلبت منه أن يخفي قميصاً خاصاً بالمتهم الأول شقيقها كان يوجد بالشقة من الأيام التي كان يعمل بها الأخير ” نقاشاً ” بالشقة وطلبت منه إزاحة قطعة خشب كانت توضع على شباك دورة المياه الخاصة بالشقة لتظهر الواقعة على أنها واقعة سرقة ولتبعد الشبهة عن شقيقها المتهم الأول وقد امتثل ابن شقيقتها لطلبها وفعل ذلك وآنذاك ساورته الشكوك أن خالته المتهمة الثالثة وخاله المتهم الأول وأيضاً المتهم الثاني وراء مقتل المجنى عليه لأنه قبيل الواقعة بشهرين قرر له المتهم الأول أنه متضايق من المجني عليه لما قاله عن شقيقته وأنها على علاقة بالمتهم الثاني وقرر له آنذاك أنه يريد الانتقام منه وقد زادت هذه الشكوك عندما وجد دراجته النارية التي كان يستقلها المتهم الأول يوم الحادث بكراج بجوار مسكن المجني عليه وقد تركها المتهم ولم يذهب إلى أخذها إلا في اليوم الثاني وهو ما دعا أيضاً حارس الكراج إلى الشك في المتهم الأول أنه وراء مقتل المجني عليه عندما علم أن الأخير هاجمه شخصان البارحة ولقى مصرعه وأن الدراجة النارية باتت تلك الليلة بالكراج ولم يأتِ المتهم فيأخذها كما ساورت الشكوك شقيق المجني عليه المدعو … من أن تكون زوجة القتيل وراء مقتله للخلافات التي بينهما بسبب شك شقيقه المجنى عليه في سلوكها ولكون المتهمة الثالثة عند ذهابها إلى المستشفى لم يظهر عليها الحزن كأي زوجة قُتِل زوجها وسؤالها عن ميراث زوجها وفور تلقي النقيب محمد سعيد الجوهري معاون مباحث قسم بولاق الدكرور بلاغاً بالواقعة قام بإجراء التحريات السرية حول الواقعة وقد توصلت إلى صحة الواقعة وعقب ضبط المتهمين أقر المتهمان الأول والثاني بارتكابهما للواقعة بتحريض من المتهمة الثالثة وأرشداه عن مكان التخلص من الكرتونة التي بها أدوات الجريمة وتم ضبطها وقد أقر المتهمان الأول والثاني بتحقيقات النيابة العامة بارتكابهما الواقعة . ” وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى المحكوم عليهما أدلة استقاها من أقوال الشهود … ، … ، … و … ، وما جاء بالتحريات السرية التي أجراها النقيب محمد سعيد الجوهري معاون مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه … ، وما ثبت من تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية ، ومن إقرار المتهمين الأول والثاني بالتحقيقات باقترافهم واقعة قتل المجني عليه وإقرار المتهم الأول بجلسة تجديد حبسه بتاريخ 1/11/2015 باقترافه للواقعة ، ومن تعرف المدعو … على المتهم الأول إبان عرضه عليه ، ومن ضبط السلاحين الأبيضين المستخدمين في الواقعة ” سكينتين ” بإرشاد المتهمين وكذا الأدوات” قفازين طبيين ووشاحي رقبة ” . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليهما بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافــــــة العناصـــــر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليهما بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم ــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـــــ كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه لدى تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لأدلة الثبوت أورد مضمون اعتراف المتهمين الأول والثاني مرتداً إلى أقوالهما بتحقيقات النيابة العامة وإقرار المتهم الأول بجلسة تجديد حبسه بتاريخ 1/11/2015 باقترافهما للواقعة ، فإن في ذلك ما يكفي بياناً له ويحقق مراد الشارع في شأن بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ما دامت المحكمة قد اطمأنت إليه واقتنعت به وله مأخذه الصحيح من الأوراق ، فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصّل من تقرير الصفة التشريحية : ” أـــ وجود إصابات بالمجنى عليه المذكور عبارة عن أحد عشر جرحاً بمقدمة ويسار ويمين البطن وجرح بالإبط الأيسر وجرح انتقائي براحة اليد اليسرى وجروح وخذية بمقدمة المرفق وخلفية كف اليدين اليمنى واليسرى ويسار العنق ب ــــ تلك الجروح ذات طبيعة طعنية وقطعية حيوية حديثة حدثت من أجسام صلبة ذات حافة مدببة ج ـــ جواز حدوث الإصابات وفق التصوير والتاريخ المعطيين بالأوراق ومن مثل السلاحين المضبوطين بإرشاد المتهمين د – تعزى الوفاة إلى الإصابات الطعنية بيسار الصدر وما أحدثته من تهتك بنسيج الرئة اليسرى وكذلك الإصابات الطعنية بالبطن وما أحدثته من تهتك بالأمعاء والإثنى عشر وبعض الأوردة والشرايين بالبطن وما نتج عن ذلك من نزيف دموي غزير بالتجويف الصدري والبطن مما أدى إلى صدمة نزفية غير مرتجعة أدت إلى الوفاة ، وباقي الإصابات القطعية بالظهر والبطن لم تكن في حد ذاتها مميتة ولكنها ساهمت في إضعاف قوة المجني عليه لسهولة الإجهاز عليه ” . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بالنسبة لتقرير الصفة التشريحية يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ولا ينال من سلامته عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه ، فإن منعى الطاعنين الأول والثالثة على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وأفصح عن أخذه بها ـــــ خلافاً لما يزعمه الطاعنان ـــــ فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم في بيان نية القتل له معينه الصحيح مما شهد به ضابط الواقعة بالتحقيقات ولم يَحِد الحكم عن نص ما أنبأت به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عنه قالة الخطأ في الإسناد في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وكان تقدير جدية تلك التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الضابط النقيب محمد سعيد الجوهري على النحو الذى شهد به وسطره الحكم في مدوناته من قيام المتهمين الثلاثة بالاتفاق فيما بينهم على قتل المجنى عليه وأُوكل أمر التنفيذ للمتهمين الأول والثاني اللذين رسما خطة التنفيذ بعدما مهدت لهما المتهمة الثالثة مسرح الواقعة وأمدتهما بمفتاح المسكن وبضبطهم أقر له المتهمان الأول والثاني بذلك الاتفاق ، ولم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد من التحريات وإنما إلى ما ورد بأقوال الضابط في شأنها ، وهو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، ويضحى ما يثيرونه فى هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض على الطاعنين وأطرحه فى قوله : ” وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المهتمين لمخالفته نص المادة 127 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية ، ولما كان الثابت أن ضبط المتهمين تم بمعرفة النقيب محمد سعيد الجوهري معاون مباحث قسم بولاق الدكرور وتحرر عن ذلك المحضر المؤرخ 23/10/2015 الساعة العاشرة مساء وكان ضبطهم وإحضارهم تم بناء على الأمر الصادر من النيابة العامة بأن قام الضابط سالف الذكر بعمل عدة أكمنة على أماكن تردد المتهمين وتمكن من ضبطهم ولم تشر الأوراق أن ضبطهم جاء مخالفاً للأمر الصادر له بذلك ، وبالفرض الجدلي أن الضابط قام بضبط أي من المتهمين خارج النطاق المكاني لدائرة اختصاصه استناداً إلى وقوع الجريمة في دائرة اختصاصه فإن هذا الاختصاص يمتد بحكم الضرورة التي اقتضته إلى تتبع مرتكبيها خارج تلك الدائرة ، ولما كان دفاع المتهمين في هذا الشأن قولاً مرسلاً عارياً عن الدليل وليس في الأوراق ما يظاهره ، ومن ثم يكون دفع المتهمين في هذا الشأن غير سديد . ” وكان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً في الرد على دفاع الطاعنين وصحيحاً في القانون ، ذلك أن مؤدى نص المادتين 126 ، 199 من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة – عندما تباشر التحقيق – أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، ولما كان الحكم قد سوغ القبض على الطاعنين – نفاذاً لهذا الأمر – من مأمور الضبط القضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى وقوع الجريمة في دائرة اختصاصه وامتداد هذا الاختصاص إلى تتبع مرتكبيها خارج تلك الدائرة بحكم الضرورة التي اقتضته وهو رد صحيح وسائغ ، كما أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفــــــــع الطاعنين الأول والثاني ببطلان اعترافهما لصدوره تحـــــــت تأثير الإكراه وأطرحه بقوله : ” وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف المنسوب صدوره عن المتهم الأول والثاني لأنه كان وليد إكراه مادي ومعنوي ، ولما كان الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وفي الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره وفى أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك ، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لأنه انتزع منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع . لما كان ذلك ، وكان مما أثاره دفاع المتهمين الأول والثاني ما إن مثلا أمام النيابة العامة للتحقيق في 24/10/2015 أخبر وكيل النيابة المحقق مع كل منهما أن النيابة العامة هي التي تقوم بالتحقيق وتم مناظرة كل منهما على حدة ولم يجد وكيل النيابة المحقق بأي منهما إصابات ظاهرة توحى بتعرضه للتعذيب وقد أدليا في التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابهما للجريمة وخطوات اتفاقهم على ارتكابها وكيفية تنفيذها ، وانهى كل منهما أقواله بأن هذا الاعتراف لم يكن وليد إكراه من أحد ، كما أنهما هما من أرشدا ضابط الواقعة عن مكان تخلصهما من السلاح الأبيض ” السكينتين ” والقفازين الطبيين ووشاحي الرقبة المستخدمين في الواقعة وردد المتهم الأول هذا الاعتراف بجلسة تجديد حبسه بتاريخ 1/11/2015 ، ولما كان اعترافهما جاء على نحو يتفق مع ما أوردته الأدلة الفنية ، ومن ثم فإن المحكمة يطمئن وجدانها إلى أن اعتراف المتهمين الأول والثاني بالتحقيقات قد صدر منهما عن إرادة حرة طواعيةً واختياراً وخلت مما يشوبها من إكراه مادي أو معنوي وجاءت صادقة ومطابقة للحقيقة والواقع وتتخذ منها المحكمة دليلاً في حق المتهمين إذ جاء دفعهما في هذا الشأن قولاً مرسلاً عارياً عن الدليل وليس في الأوراق ما يظاهره ، ويكون دفع المتهمين في هذا الشأن غير سديد .” وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن الإكراه المبطل للاعتراف سائغاً في تفنيده واطراحه ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتُزِع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها مادامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ـــــ وهو الحال في الدعوى ـــــ فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الأستاذ … المحامي تولى الدفاع عن الطاعنين الأول والثالثة ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محامٍ واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة مادامت ظروف الواقع لا تؤدى إلى القول بوجود تعارض حقيقي بين مصالحهم ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن المحكوم عليها الثالثة اشتركت مع الأول والثاني في ارتكاب الجريمة المسندة إليهم بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة ، كما أنه لم يكن مؤدى شهادة من شهد منهما على الآخر نفى الاتهام عن نفسه ، وكان القضاء بإدانة أحدهما ـــــ كما يستفاد من أسباب الحكم ـــــ لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المُخِل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة في خصوص هذه الدعوى أن يتولى الدفاع عن المحكوم عليهما محامٍ واحد ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحامٍ خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع مادام لم يبده بالفعل ، ومن ثم تكون مظنة الإخلال بحق الدفاع منتفية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ـــــ كما هو الحال في الدعوى الراهنة ـــــ وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، ذلك أن الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ما تقدم فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً : عن عرض النيابة العامة للقضية بالنسبة للمحكوم عليهما بالإعدام … و …:-
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد ـــــ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـــــ لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها ـــــ دون أن تتقيد بالرأي الذى ضمنته النيابة بمذكرتها ـــــ ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطروح الصادر بإعدام المحكوم عليهما قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دانهما بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وتقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية ومن إقرار المتهمين بالتحقيقات باقترافهم واقعة قتل المجنى عليه وإقرار المتهم الأول بجلسة تجديد حبسه بتاريخ 1/11/2015 ومن تعرف المدعو … على المتهم الأول إبان عرضه عليه ، ومن ضبط السلاحين الأبيضين المستخدمين في الواقعة ” سكينتين ” بإرشاد المتهمين وكذا الأدوات ” قفازين طبيين ووشاحي رقبة ” وكلها مردودة إلى أصولها الثابتة في الأوراق على ما يبين من المفردات وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان الحكم المطروح قد استظهر نية القتل بقوله : ” فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عمَّا يضمره في نفسه . لما كان ذلك ، وكانت نية القتل قد توافرت لدى المتهمين من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى وأدلتها ، إذ الثابت أنه على إثر خلافات عائلية بين المتهمة الثالثة وبين زوجها المجني عليه سببها شكوك ساورت الأخير بسبب اعوجاج سلوك زوجته وارتباطها بعلاقة آثمة بالمتهم الثاني ، وبعد أن أخبر ذويها بهذه العلاقة أوغلت المتهمة الثالثة صدر شقيقها المتهم الأول وحرضته على قتله ، كما حرضت عشيقها المتهم الثاني على ذلك ليخلص لها بمفردها لتتلذذ بهذه العلاقة المحرمة ، وقد اتفقت معهما على أن تترك لهما منزل الزوجية لتفسح لهما المجال للانفراد بالمجني عليه وقتله وأمدتهما بمفتاح المسكن ، ونفاذاً لهذا المخطط الإجرامي أوكلت فيه المتهمة الثالثة أمر التنفيذ إلى المتهمين الأول والثاني وبالفعل أعدا أداة الجريمة سكينتين وتلثما بوشاحي رقبة ولبسا في أيديهما قفازات طبية حتى لا يتركا بمكان الواقعة آثار لهما ودلفا إلى مسكن المجني عليه وعند دخوله مسكنه أجهزا عليه بعدة طعنات متوالية وفي أماكن متفرقة من جسده منها ما هو قاتل بطبيعته وبلا شفقة أو رحمة ولم يردعهما صراخ المجني عليه أو عدوه من أمامهما ، إذ لحقا به إلى الصالة ليكملا الإجهاز عليه حتى تيقنا من أنه فارق الحياة إلا أنهما فوجئا بوجود شخص كان في ضيافة المجني عليه وهو الشاهد الثالث فخشيا من افتضاح أمرهما ولاذا بالفرار بعد أن تركا المجني عليه وقد خرجت أمعاؤه وسقط غارقاً في دمائه وفارق الحياة متأثراً بجراحه وطعناته فور نقله إلى المستشفى ، فكان للمتهمين ما أرادوا وهو إزهاق روح المجني عليه ، الأمر الذي يؤكد توافر نية القتل لدى المتهمين جميعاً .” ولما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عمّا يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم المعروض ـــــ على السياق المتقدم ـــــ يكفي لاستظهار نية القتل ، فإنه يكون فقد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد استظهر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أوردها تفصيلاً عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته من واقع ذلك التقرير من أن وفاة المجني عليه تعزى إلى الإصابات الطعنية بيسار الصدر وما أحدثته من تهتك بنسيج الرئة اليسرى ، وكذلك الإصابات الطعنية بالبطن وما أحدثته من تهتك بالأمعاء والإثنى عشر وبعض الأوردة والشرايين بالبطن ، وما نتج عن ذلك من نزيف دموي غزير بالتجويف الصدري والبطن مما أدى إلى صدمة نزفية غير مرتجعه أدت إلى الوفاة ، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة وإنما هي تستفاد من قائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بقوله ” … ولما كان الثابت للمحكمة أن المتهمين الثلاثة قد تلاقت إرادتهم على قتل المجني عليه وأخذوا فترة من الزمن قرابة الشهرين لتدبير خطة الخلاص منه وبعد تفكير وهدوء وروية خلصوا إلى خطة التخلص من المجني عليه بأن اتفقت معهما المتهمة الثالثة بأن تمدهما بمفتاح المسكن وتفسح لهما مسرح الجريمة خالياً لينفردا بالمجني عليه وجهز المتهم الثاني أدوات الجريمة وهي عبارة عن سكينتين وقفازات طبية ووشاحي رقبة ، وبعد أن اتفق مع شقيقها المتهم الأول على أن يكون مكان التنفيذ مسكن المجني عليه ، كما اتفقا على ميعاد التنفيذ وهو يوم 16/10/2015 حيث تقابلا واستقلا دراجة نارية يقودها المتهم الأول مروراً من أمام الحانوت الخاص بالمجني عليه للتأكد من تواجده به ودلفا للمسكن بواسطة المفتاح المتحصل عليه من المتهمة الثالثة واختبئا به حتى حضر المجني عليه فانهالا عليه طعناً بكل قسوة ووحشية قاصدين إزهاق روحه ، فكان لهم ما أرادوا جميعاً مما يقطع بتوافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين الثلاثة كما هو معرف به في القانون . ” فإن ما ساقه الحكم على النحو السالف يتفق وصحيح القانون ويتحقق به معنى سبق الاصرار. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص قيام ظرف الترصد في قوله ” … وكان الثابت من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمين الأول والثاني أنهما كانا يتربصان للمجني عليه بمسكنه مختبئين في الطرقة المؤدية لغرفة نومه في انتظار قدومه بعد المرور عليه من أمام حانوته وتأكدهما من وجوده وخلو مسكنه إذ ذهبت زوجته وهي المتهمة الثالثة طرف أهلها لتفسح لهما المجال لتنفيذ مخططهم الإجرامي بقتل المجني عليه وهما يعلمان أنه سوف يأتي فور إغلاق حانوته وأنه سوف يكون بمفرده لينالا منه وما إن دلف المجني عليه مسكنه انهالا عليه طعناً بأماكن متفرقة من جسده قاصدين إزهاق روحه ، وقد تفاجئا أنه يرافقه الشاهد الثالث وعقب ذلك فرا هاربين فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وهو ما تستخلص منه المحكمة توافر ظرف الترصد في حق المتهمين الأول والثاني كما هو معرف به في القانون . ” وهو استخلاص له مأخذه الصحيح من الأوراق ويتوافر به قيام هذا الظرف الذي يكفي لتحققه مجرد تربص الجاني للمجني عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت من مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالاعتداء عليه ، دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد باستخفاء أو بغير استخفاء ، هذا إلى أن حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الإصرار وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر . لمــا كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد بين واقعــة الدعــوى بما تتــوافر به كــافة العنــاصر القانونيــة للجريمــة التي دان المحكوم عليهما بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنهــا أن تؤدى إلى ما رتبــه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمــة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهوريــة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقــه أو في تأويــله وصدر من محكمة مشكــلة وفقاً للقانون ، ولها ولايــة الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعــة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم أو يصح أن يستفيد منه المحكوم عليهما على ما نصت عليه المادة الخامســة من قانون العقوبــات فيتعيــن لذلــك مع قبــول عرض النيــابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما … و ….
ثــالثــاً :ــــ وحيث إنه من المقرر وكما قالت المحكمة الدستوريــة العليــا ” أن تقدير العقوبة من خلال تقريرها يتعلق بعوامل موضوعيــة تتصل بالجريمة ذاتهــا وبعنــاصر شخصيــة تعود لمرتكبــها ، بما مؤداه قيــام علاقة حتميــة بين سلطة القاضي في تقدير العقوبة وتناسبها مع الجريمــة ، وأكدت المحكمة هذا المعنــى في قولها أن إيقــاع جزاء في غير ضرورة ـــــ بصورة مجردة ـــــ يجر ألوانــاً من المعاناة تخالطها آلام تفتقــر إلى مبرراتها ، واستخلصت المحكمة أن مناط مشروعيــة العقوبــة أن يباشر كل قاضــى سلطته في مجــال التدرج بها وتجزئتها من منظور موضوعي يتعلق بها وبمرتكبــها . ” ويردف الفقــه : ” فإنه لمن العبث ألا تتوافر الرقابــة الجديــة على هذا المنطق ـــــ منطــق القاضي في تقدير العقــوبة ـــــ فيجب أن تزاول محكمة النقض رقابتها على ضوء ما تستبيــنه من مدونات الحكم المطعون فيه ، فواقــع الأمــر أن تقدير الجزاء الجنائي لا يجوز اعتبــاره مجرد مســألة موضوعـــية يجب تركهــا لمطلق تقدير قاضــى الموضوع ، طــالما أن القــانون قد أراد تحديده تحقيقــاً لغــاية معيـــنة لضبــط هذا التقرير ، فمما لا شك أن رقــابة محكمة النقض على حســن اختيــار الجزاء الجنائي ــــ بوصفه الحل النهائــي ـــــ يضمن نوعيــن من الاستقرار في تحديد ضوابط الحكــم بهــذا الجزاء ويقضــي على الفوضى التقديرية في اختيــار العقوبات التقليديــة والتدابيــر العقــابية ، ويكــفل حســن رقابة محكمة النقض على المنطق القضائي . ” ويضيف الفقــه ـــــ وبحق ـــــ ” إن اختيــار الجزاء الجنائي مسـألة قانونيــة وإن خالطها التقدير . ” وفى هذا المعنــى أوصى المؤتمــر الدولي السابع لقانون العقوبـــات بأنه : ” لا يجوز أن تعتبـــر سلطة القاضي في التقدير مجرد سلطة تحكميــة ، ويجب أن تمارس في نطاق قانوني وفقاً للمبادئ العامة للقانون . ” فلا مراء أن البحــث في شخصيــة المتهم السابق على الحكم هو الإجــراء الذى يجب على القاضي اتبــاعه للوصول إلى تقديــر سليـــم لمدى خطــورته الإجراميــة حتى يستند إليها في تقدير الجــزاء الجنائي ، وأن ثبــوت الوقائع المكونــة لها أو عدم ثبوتهــا مسألة موضوعيــة بلا جدال تستقل به محكمة الموضوع في التقديــر ، أما إضفــاء الخطورة على هذه الوقائع أو لا فهي عمليــة تكييـف قانونيــة لتلك الوقائع التي يتثبت القاضي من توافرها ، فمقتضــى أن القانون يرتب آثاراً قانونيــة على توافر الخطورة الإجراميــة أن يعتــبر وصف شخصيــة المجرم بالخطورة عمليــة قانونيــة لا تترخص فيها محكمــــة الموضوع سلطة تقدير مطلقــة وتزاول محكمة النقض رقابتها وفقاً لما تستقر على الأخذ به من معايير علميــة أو طبــقاً للضوابط القانونيــة التي يحددها المشرع لكــى يمارس القاضي وفقاً لها سلطته في تقديــر الخطورة أم لا . لما كان ذلك ، فإنه إدراكــاً من محكمة النقض لخطورة تخليها عن الرقابة على المنطق القضائي في اختيـار الجزاء الجنائي فقد سطرته قولاً وعمــلاً في العديد من أحكامهـا سائلة قاضي الموضوع حسـاباً عن مدى سلامة تقديره للعقوبة حيــن قالت : ” إن الثــابت من مدونات الحكم المطعون فيــه والمفردات ترادف الوقائع التي اقترفها المحكوم عليهم مكونــة حلقــات متشابكــة ومتماثــلة في مشروع إجرامي واحد وفى إطار ظروف وملابســات واحدة ، فباتت المغايرة بين مصــائر من أوقعت عليهم محكمة الموضوع عقوبة الإعدام وبين من نزلت بالنسبة لهم عن هذه العقوبة إلى عقوبة السجن المؤبد وكذا بين من أوقعت عليهم عقوبة السجن المؤبد وبين من نزلت بالنسبة لهم عن هذه العقوبة إلى السجن المشدد أمر تتأذى منه العدالة وتأباه أشد الإبـــاء ـــــ وانتهت إلى تصحيح تلك العقــوبات ــــــ بالقول أنه لذات الظروف التي رأتها محكمة الموضوع مبرراً لاستعمال المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة لبعض من الطاعنين ، فإن هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ تُعمــل كذلك هذه المادة في حق آخرين ، كما اضطردت أحكــام هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ على استعمال المادة 17 من قانون العقوبات في جرائم حيــازة وإحراز الأسلحة والذخــائر بعد أن قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريــة النص الناهي عن استعمالها ـــــ وذلك دون أن تنقض وتعيــد الدعــوى إلى محكمة الموضوع ـــــ كما وأن قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض ذاته قد رخص لها بموجب المــادة 39 منه أن تصحح الحكم إذا كان مبنيــاً على مخالفة للقانون أو على خطأ في تطبيقــه أو في تأويلـــه ـــــ دون أن تعيده إلى محكمة الموضوع ـــــ تاركاً لها أمر تقدير العقوبة تختار بين حديها دون إلزام بقدر محدد ، بل واستعملت معه المحكمة أيضاً المادة 17 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الشارع قد قضى في المادة 41 من قانون العقوبات أن : ” من اشترك في جريمــة فعليــه عقوبتها إلا ما استثنــى قانوناً بنص خاص . ” وعنى بهذه القاعدة إلزام القاضي أن يطبق على الشريك النص الخاص بالجريمة التي اشترك فيها وأن يوقع عليه العقوبة المقررة في هذا النص غير أنه استثنى من ذلك حالات منها ما تقرره المادة 235 من قانون العقوبات في قولها : ” المشاركون في القتــل الذى يستوجب الحكم على فاعــله بالإعدام يعاقبــون بالإعدام أو بالسجن المــؤبد مستمداً حكمها من الشريــعة ، فعقــوبة الجريمــة الإعـــدام ، ولكن ليست هذه العقوبــة وحدها هي التي توقع على الشريك ، وإنما يستطيع القاضي أن يحكم عليه ـــــ دون التجــاء إلى الظروف المخففـة ـــــ بالسجن المؤبد وبذلك تكون للشريك عقوبة أقل من العقوبة المقررة للجريمة ،
وعلة هذا التخفيف كون عقــوبة الإعـدام عقوبة ذات حد واحد ، فقدر المشرع أنها قد تكون قاسيــة على شريك كان دوره في الجريمة محدوداً ، وقد أوضحــت محكمة النقض مراد الشارع في هذا الصدد بقولهــا : ” إن عقوبة السجن المشدد قد شُرعت على وجه الاستثناء للشريك في جريمة القتل المستوجب لعقوبة الإعـــدام وشرعتها لاعتبارات لصيــقة بنفس عقوبة الإعــدام وهى ألا تكون تلك العقوبة الفادحــة قضاءً محتماً على الشريك ” . ولذات العــلة أيضاً أقالت هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ شركــاء في جرائم قتل عقوبتها الإعدام من عقوبة الإعدام المقضي بها عليهم وصححتها ـــــ بدون نقض ـــــ إلى السجن المؤبــد بعد أن أوّلت تعريف الحكم المطعون فيه بأسبابه للعقوبات التي قررها القانون للشريك بالقول أنه قد تكون رغبــة من الحكم في الأخذ بالتخفيف وأخطأ في المنطوق . لما كان ذلك ، فإنه ولحــاقاً بما سلف بيانه مما قررته ـــــ وبحق ـــــ هذه المحكمة ـــــ محكمة النقض ـــــ من إعمال رقابتها على التقدير الجزائي وتبعاً له وسيراً على دربــه ، فإنه وبالنظــر إلى ظروف الواقعــة ومن واقع مفردات الدعــوى من جِد محدوديــة دور الطاعنة الثالثة ـــــ الشريكــة ـــــ ومن عظم حاجة صغارها إليها بعد فقد أبيهم ، وبعد أن قالت محكمة الموضوع ـــــ وبحق ـــــ كلمتها في ثبوت صحــة إسناد التهمة إليها أن تقضى بتعديل العقوبة المقضي بها عليها في الحدود التي تسمح بها المادة 235 من قانون العقوبات بجعلها السجن المـــؤبد بدلاً من عقوبة الإعــدام المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :ــــ أولا : بقبول طعن المحكوم عليهم وعرض النيابة شكلًا.
ثانياً : وفى الموضوع بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما ….. و ….. وبتعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنة الثالثة …… بإلغاء عقوبة الإعدام المقضي بها عليها ومعاقبتها بالسجن المؤبد ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً