حلقة نقاش عن قانون الموازنة العراقية الاتحادية لعام 2016
عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية حلقته النقاشة الشهرية في كربلاء تحت عنوان ( قانون الموازنة العراقية الاتحادية لـ 2016 بيانات وتوقعات) أدارها وقدمها مدير المركز الدكتور خالد العرداوي ، فذكر في بداية الحلقة الظرف العصيب الذي يمر به المجتمع العراقي اقتصاديا وامنيا وسياسيا ونوه بأن الاقتصاد له ارتباط مباشر بعصب الحياة وأساس نهضة الأمم، وتطرق الدكتور العرداوي إلى موضوع إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2016 وذكر انها جاءت في ظل ظروف اقتصادية قاسية يمر بها البلد ، ودعا صانع القرار السياسي العراقي الى أن يتحلى بالحكمة والشجاعة ليسمع أراء المختصين وأطروحاتهم حول الموازنة العراقية لعام 2016، ثم طلب من الباحثين الذين لديهم اوراق بحثية الى عرضها امام الحضور، فكانت الورقة الأولى تحمل عنوان (قراءة اقتصادية لقانون الموازنة العامة لعام 2016) للدكتور عامر عمران المعموري الذي بدأها بتساؤل وهو هل موازنة 2016 موازنة تقشفية ام موازنة وهمية ، بعد ذلك تطرق إلى التخطيط في وضع الموازنات العامة وذكر إن الأمر مرتبط باستخدام وتوجيه المال العام من اجل تنويع وديمومة هذا المال ، وان العراق يرتكز إلى مورد واحد في اقتصاده وفي إعداد موازنته وهو النفط ، وذكر إن العراق وغيره من الدول النفطية لم تستثمر أيام الوفرة المالية جراء النفط لذلك يعاني اقتصادها من التشوه دائما ، فهو يقوم على الاستهلاك المسرف الذي لا يتفاعل مع البنية الداخلية ، كون دورة الدخل مرتبطة بالخارج بسبب الاعتماد الشبه الكامل على الاستيراد الذي يتم تغطيته من خلال إيرادات النفط فقط ، وتطرق الباحث بعد ذلك إلى عدة نقاط عدها تشكل خطر وسبب في تدهور الاقتصاد العراقي وهي :-
اولا: الاقتصاد عرضة للازمات المالية العالمية وفق ما تقدم ويعاني من سوء إدارة المال العام فيه والفساد الإداري وسوء استخدام التخطيط فيه والاختلال، لذلك لابد من اعادة النظر بطريقة إعداد الموازنة لإعادة الارتباط بينها وبين النشاط الاقتصادي ، وذكر إن الموازنة أقرت لعام 2016 وهي مليئة بعدد من الملاحظات بعضها عامة وأخرى تفصيلية: أول هذه الملاحظات لا يوجد إصغاء من صاحب القرار للنقاط والملاحظات التي ذكرها الاقتصاديون قبل إقرارها ، ومنها أن الموازنة العامة تعد بطريقة تقليدية وهي طريقة البنود ولم تأخذ بالطرق الحديثة موازنة البرامج .
ثانيا: غياب الشفافية العامة في إعداد الموازنة بسبب غياب الحسابات الختامية وهذا الأمر تكرر كثيرا هنا حتى في موازنة 2016 ويرتبط بعدم وجود حسابات ختامية، اتساع الفجوة بين الواقع والتوقع مما يجعل من الصعب تطبيق التوقعات على ارض الواقع، والموازنة تقديرات وهناك فجوة بين التقديرات.
ثالثا: عدم تحديد الأهداف الاقتصادية بشكل كامل، إضافة إلى عدم تحديد أهمية ادوار كل من القطاع الزراعي، القطاع الصناعي ..
رابعا: لم يتم حسم المشاكل بين المركز والإقليم والتي تنعكس بشكل سلبي على الوضع المالي والاقتصادي في العراق ككل وهذا الأمر يعرض حتى حصة كردستان من الموازنة للخطر.
خامسا: الاتفاق على الاقتراض من صندوق النقد الدولي وانعكاساته على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلد في هذه الظروف وفي المستقبل. مع العلم إن الصندوق يتدخل في إعداد الموازنة وهو محط تساؤل ومحط غموض وخاصة في هوية التدخل.
سادسا: جولات التراخيص وضمان عدم إضرارها بالمصلحة العراقية فهي أصبحت تشكل خطرا على اقتصاد الدولة والموازنة ونفقات بعضها تصل إلى 20 دولار للبرميل الواحد وهنا لابد من اعادة النظر بهذه الجولات ولابد وان يتم الاتفاق بين الطرفين على سعر للاستخراج يخدم الطرفين.
سابعا: شركات الهاتف النقال التي يتسرب عن طريقها كميات كبيرة من الدولارات إلى الخارج والبعض منها لم تسدد ما في ذمتها ووفق شرط التعاقد معها مطلوب منها إن تستثمر 70% من إرباحها داخل العراق وهذا لم يحصل في الكثير من الأحيان.
وجاءت الورقة البحثية الثانية للأستاذ المساعد الدكتور فؤاد عبد المحسن الجبوري تحت عنوان ” قراءة في الموازنة العامة العراقية لعام 2016 ” فتطرق فيها إلى إعداد الموازنات في العراق ووضح أنها تتم بأخذ نفقات ثلاث سنوات سابقة وكذلك إيرادات ثلاث سنوات سابقة وتحدد نسبة الزيادة في الإيرادات النفطية ، وذكر إن إعداد الموازنة الأخيرة لم يدخل حتى في إعداد الموازنات التقليدية بل هي سياسية مائة بالمائة ، وتوقف عند موضوع الحسابات الختامية التي لا يمكن إعدادها قبل إعداد الموازنة ، وذكر إن هنالك فترة أشهر تعد فيها الحسابات الختامية وهي من 1/12/ من كل عام وترفع إلى وزارة المالية من جميع الوزارات وتنتهي في الشهر الثالث ، إما الموازنات فهي تعد وتنتهي في الشهر 11 من كل عام ، وتعد وتقر في شهر 11 من كل عام وخاصة موازنة عام 2016 ، وتناول أيضا في ورقته البحثية الإنفاق في عام 2015 وهو كان أفضل كما تشير وزارة المالية إلا إن موازنة 2016 كانت عصيبة ، وهنا كما يشير الجبوري لابد من معرفة كم انفق العراق في عام 2015 وكم هي حاجة البلد في الـ 2016 وذكر إن كل الموازنات أعدت وفق فائض أي إنها كانت تحتوي على فائض في كل عام ، وتحدث عن تخصيصات عام 2015 التي تحققت من إيرادات نفطية كان مجموعها 64 ترليون دينار الفائض منها كان 13 ترليون دينار لغاية 13/12 2015 وذكر إن المشكلة في موازنة 2015 إن ما انفق منها فعلا هو يعادل 59% . اما بالنسبة للموازنة العامة لعام 2016، ووفق المادة 1 ب من قانون الموازنة عد النفط بسقف سعري هو 45 دولار بينما هو ألان 30 دولار ، كذلك قدر متوسط معدل التصدير لكمية النفط المصدر هي3600 إما الواقع هو 4 مليون مليون برميل ، المادة الثانية ب من قانون الموازنة تنص أيضا على تخويل وزير المالية الاقتراض من الخارج لسد العجز الفعلي والى ألان لا يوجد عجز فعلي وبالرغم من تحقيق فائض في السنوات السابقة عد مقداره بـ 172 ترليون ديار من 2004 إلى 2015 والسؤال هنا حسب رأي الجبوري من أين يأتي العجز؟ ولماذا القروض من الخارج؟ لماذا لم يتم البحث عن هذه الأموال التي يفترض إن تكون موجودة في الموازنة وخزينة الدولة؟ ، إما باب الضرائب فعد الدكتور الجبوري أهميتها بالحيوية كونها من الإيرادات غير النفطية للدولة العراقية فمثلا خفضت الدولة ضرائب السيارات من 15% في موازنة 2015 إلى 5% في موازنة 2016 وخفت ضريبة السكائر والمشروبات الكحولية من 300% في موازنة 2015الى 100% ، وتطرق إلى حجم الزيادة في الإنفاق في موازنة 2016 والتي هي كما يلي: وزارة المالية ترليون دينار ، وزارة العدل 23 مليار ، وزارة التربية 63 مليار، وزارة الدفاع ترليون و14 مليار دينار ، وزارة الإسكان والأعمار 57 مليار ، وزارة الموارد المائية 33 مليار ، وزارة النفط 2 ترليون 675 مليار دينار ، رئاسة مجلس الوزراء 696 مليار دينار، ديوان الوقف الشيعي 10 مليار دينار ، الهيئة الوطنية للاستثمار 6 مليار دينار ، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية 9 مليار دينار ، وزارة النقل 66 مليار.
وبعد إكمال الدكتور فؤاد الجبوري ورقته البحثية فتح مدير الجلسة الحوار والنقاش مع السادة أصحاب الأوراق البحثية من قبل الحضور فكانت المداخلات بالشكل الآتي:
الشيخ مرتضى معاش أمين عام مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام تطرق في مداخلته إلى كيفية استثمار العقول الاقتصادية في دراسة الموارد المستنزفة داخل الموازنة وكيف يمكن اكتشافها ومن ثم ردمها؟ ، وهنا لابد من دراسة اقتصادية عميقة إلى الأبواب التي تلتهم موارد الموازنة ، وعرج أيضا على الأسباب التي لازالت مستمرة مثل الاعتماد على النفط ، وكذلك القوانين والبيروقراطية وعدم قدوم الأموال للداخل من الخارج ، والقوانين التي تمنع الاستثمار، وتساءل عن الضرائب ووصف زيادتها بالمساهمة في هجرة الأموال إلى الخارج أي لابد من دراسة هذا الامر ، ودعا الى التنوع في الإيرادات مثل الصناعة والزراعة والسياحة وأهميتهما في إنعاش ومعالجة الأزمة التي يمر بها العراق.
الدكتور حيدر حسين طعمه التدريسي من كلية الإدارة والاقتصاد – جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات طرح سؤال للباحثين وهو هل يتوقع الباحثون إن العراق سيتمكن من تجاوز الأزمة الاقتصادية التي يمر بها في ظل الأزمة المالية القائمة ؟.
الدكتور محمد ناجي من كلية الإدارة والاقتصاد تطرق إلى بعض الملاحظات منها : ذكر إنه في زمن النظام السابق كان العراق ينتج حوالي مليونين برميل من النفط والسعر كان يتراوح من 10 إلى 11 دولار للبرميل والبلد كان يسير في كافة مجالاته الاقتصادية دون أي أزمات اقتصادية ، إما ألان فان سعر البرميل وصل إلى أكثر من 145 دولار وحتى الوقت الحاضر الذي هو 30 دولار لكن المشكلة البلد في أزمة ، وتطرق إلى الفوائض في الموازنات السابقة وتساءل عن مصير تلك الفوائض من عام 2004 والى عام 2016 ودعا الحكومة إلى تطوير الواقع الزراعي وذكر إن العراق بلد زراعي أكثر من ما هو نفطي .
الدكتور عبد العباس فضيخ من كلية التربية / جامعة كربلاء تطرق إلى مفهوم الدولة وذكر إن لها شروط ووظائف وان تكون تنتج وان لم تستطع على ذلك فهي تفقد مفهومها وواقعها كدولة، وتحدث عن الإدارة والترتيب الذي يفقد في البلد وتطرق إلى فقدان خطط التنمية ، وتدخل صندوق النقد الدولي وعده من وسائل الضغط ، وبين أن التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص تم حله في سلطنة عمان بسنتين ، وأسعار النفط مرتبطة بجانبين جانب سياسي وجانب أخر وهو تكنولوجي .
الدكتور فاضل موسى التدريسي في جامعة كربلاء كلية الإدارة والاقتصاد، تطرق إلى الموازنة وذكر أنها بعيدة عن الواقع وتناول كذلك حصة الإقليم في الموازنة وهي 17 % وذكر إن هذه الحصة لم تقابلها أي مشاركة من الإقليم في المساعدة على تعضيد الموارد الاقتصادية للعراق، إما الجانب الأخر الذي تطرق إليه هو الأموال العراقية المجمدة وكذلك الأموال المسروقة وحددها بـ 200 مليار دولار وقال اين ذهبت؟ ولماذا لا تتجرأ الحكومة على المطالبة باستردادها ومحاسبة السراق؟
أخيرا، وبعد انتهاء المداخلات وكذلك الإجابات عليها من قبل الباحثين ختم الدكتور العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية الجلسة بشكر الباحثين على أوراقهم البحثية وعلى ما قدموه من أفكار وأراء حول الاقتصاد والموازنة العراقية في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها العراق، وكذلك شكر الحضور من باحثين ومختصين اقتصاديين وأكاديميين على تفاعلهم مع موضوع الحلقة النقاشية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً